أخلاقيات وفقه التعليم والتدريب العسكري للشرطي

بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: د. وائل أحمد خليل صالح الكردي – د. أبا عقاب النور الدود

مدخل عام:
التدريب – عموماً – هو العملية التي يمكن بمقتضاها زيادة ميول ومهارات وقدارت المستخدم ، حيث أن التدريب يشمل تطوير المهارات والمعلومات علي أداء عمل معين وإنضاج الشخصية واهم من هذا كله يشمل إكساب الخبرة العملية(1). بهذا يمكن استنباط تعريف إجرائي للتدريب بكونه ليس عملية (تلقينية) بل هو عملية (تفاعلية) ويتم تحت إطار ضابط لحصر وتوجيه المجهود المبذول بغرض تحقيق قدرة مضافة للمتدرب بفعل ذاته لتكون طبعاً فيه وفطرة بعد التدريب وليس صنعة.
ويمكن على ضوء ذلك إيجاد ثمة فارق بين مفهوم (التعليم) ومفهوم (التدريب) على اعتبار أن التعليم هو إكساب المتعلم حصيلة من المعلومات والمعارف من مصدر خارجي بينما يتم التدريب باستخراج ما في داخل الذات بتنمية القدرة الباطنة لتظهر آثارها وأفعالها على أنشطة الانسان.
وبقول اخر أن الفرق الأساسي بين تعريف كلمتي التعليم والتدريب هو أن التدريب يركز على المواصفات المحددة التي يقوم الفرد بتطبيقها ، بينما يهدف التعليم إلى رفع مستوى الفرد الأكاديمي (2).
ويجيئ الربط بين التدريب والأخلاق من حيث أن الأخلاق هي معاملة انسانية تتألف من مجموعة من القيم values يتم فهمها بطريقة (النسق) system فيصبح النسق الأخلاقي Ethical system هو عبارة عن مبادئ محددة متسقة مع بعضها ويكمل بعضها بعضا في هيئة ترابط ولزوم منطقي logical form لرسم وتعيين السلوك الانساني القويم وصفيا (باعتماد ما هو قائم بالفعل من قيم فاضلة) ومعياريا (بفرض ما ينبغي أن يكون عليه الحال في ضبط السلوك وإرشاده).
5/ أي أن النسق الاخلاقي يتكون من شقين:
أ‌- شق بنائي / وهو تكوين وإحصاء منظومة القيم وترابطها منطقيا.
ب‌- شق تفاعلي / وهو تحويل منظومة القيم إلى قواعدRules ملزمة وموجهة للسلوك .
6/ إن أي نسق أخلاقي لا يمكن أن ينشأ إلا إذا كان صادرا عن مصدر للتشريع الاخلاقي – ويمكن تقسيم مصادر التشريع على نحو ما يلي :
أ‌- مصدر وضعي / وهو تعيين القيمة الاخلاقية من داخل ما يصطلح أو يتواضع عليه المجتمع ، أو الاعتماد فقط على سند الوقائع التجريبية أو ما يمكن فقط قياسه تجريبيا كأساس لتصور القيمة الاخلاقية . وفي كلتا الحاتين فليس هناك وفق هذا المصدر قوى عليا أو مبادئ مطلقة تشرع لما ينبغي أن يكون عليه السلوك الانساني في تعاملاته الاخلاقية. عليه، يكون الالتزام بالقواعد الاخلاقية مشروطا بما هو معلوم من نفعها للفرد وللمجتمع.
مصدر ديني / وهو إما أن يكون دينا وثنيا على نحو الديانات القديمة في الشرق أو الغرب ، وإما أن يكون دينا سماويا يهوديا أو مسيحيا أو اسلاما. والحال مع هذا المصدر أنه ينطلق من مسلمة مفادها أن القيم الأخلاقية تقوم على مبدأ (الواجب) ، فهي تنزل للإنسان على نحو كلي لايملك معها الا الالتزام بها والتقيد بأحكامها وأشراطها سواء علم أو جهل ما فيها من نفع أو حتى وإن أصابه من وراءها ما لا يرغب. والدين الإسلامي باعتباره المصدر الاساسي للتشريع الأخلاقي يتميز من بين جميع الأديان بالجمع بين مبدأ الإطلاق والتعميم للواجب الأخلاقي وبين السند العلمي التجريبي الداعم لقواعد الحل والتحريم ومكارم الأخلاق وإبراز جوانب المنفعة الخاصة والعامة. لذا كان دخول الأخلاق في مجال التدريب العسكري للشرطة على وجه التحديد من باب ما يسمى بالأخلاق العملية أو التطبيقية practical/ applied ethics والتي تنزيل منظومة الأخلاق كنظام أو نسق بشقيه البنائي والتفاعلي إلى حيز العلاقات الاجتماعية والتبادلية للمشتغلين بمهنة معينة وذلك بحسب طبيعة المواد الإنتاجية المشتركة وأنماط نقل المعلومات وإدارتها في حيز هذه المهنة (3). وما يعنينا هنا مهنة الشرطة التي هي من المهن ذات الخصوصية العالية التي بنيت بكاملها على قواعد وأسس أخلاقية بكونها – أي الشرطة – الوسيط المشارك لكل طوائف ومراتب المجتمع في إدارته لتعاملاته وحوائجه النفسية والمادية. لذا كان مما هو محقق تاريخيا وتجريبيا أن المصدر الديني الاسلامي هو المصدر الحتمي اللازم لاستنباط وضبط التشريع الأخلاقي لمجالات هذه المهنة والسبل المؤدية اليها والانتماء لها . عليه فإن ضبط التدريب لقوات الشرطة اخلاقيا وفقهياً – في جانب من أهم جوانبه وهو التدريب العسكري – لهو الحاكم المرشد في إجرائه وممارسته وهو مصدر السببية الوظيفية المنشئة له.

أولا/ القاعدة الأخلاقية العامة للتدريب العسكري:
التدريب العسكري – هو مجموعة القدرات المكتسبة أو المطورة بواسطة تهيئة بدنية معينة تتحقق من خلال اتخاذ عدد من التدابير الشاقة لمدى زمني معين بغرض الإنفاذ الوافي والسليم لأهداف وغايات المهنة العسكرية المتمثلة في رفع مستوى الاستعداد القتالي للقوات بجعلها قادرة على تنفيذ مهامها بكفاءة في مختلف الظروف. وتتمثل هذه التدابير في الخضوع للمعايشة الصعبة ضمن محيط بيئي معين وممارسة أنماط معينة من الحركات والأوضاع وتمارين القدرة العضلية واللياقة البدنية والتحمل والتوافق العقلي/الجسدي، ومن ثم اجتياز الاختبارات المقررة في ذلك (4). ومن هنا فإن الأعضاء الجدد كالطلاب العسكريين لا يلتزمون فقط بتعلم مهارات فنية ، بل عليهم أن يخضعوا لنظام دقيق من السلوك الاجتماعي الخاص بهذا المجتمع ، وعليهم أيضا أن يتعلموا أدوار ومظاهر السلوك التي تستلزمها الوظيفة التي يتحتم عليهم أن يؤدوها بغض النظر عن تفضيلهم إياها وأيا كانت طبيعة المكافآت والتقديرات التي تقدمها الحياة العسكرية لهم ، فالذي لا شك فيه أن الوظائف العسكرية شاقة وعنيفة وخطرة ، ولهذا يتطلب تمثيل الأدوار العسكرية دوافع إيجابية قوية حتى تؤدى الأعمال العسكرية بالسرعة المطلوبة .
ويقتضي التمثل في مرحلة التدريب الأولى أن يتكيف الفرد مع مجتمع وتنظيم إجتماعي يتسم بالخشونة والحد من الحرية الفردية وتبدأ عملية التكيف هذه ببعض الجهود التي تعمل على تخليص الطالب العسكري من السلوكيات والتصرفات التي كان يمارسها في مجتمعه المدني وتتعارض مع متطلبات النسق العسكري ، حيث يواجه الطالب المستجد مجموعات شاملة من الضوابط والقيود التي تفقده الحرية التي كان يتمتع بها في المجتمع المدني .

وليس أدل على التأصيل الفقهي لأهمية التدريب العسكري الميداني من احترام النبي للتدريب والمتدربين حين مر (صلى الله عليه وسلم) بموضع يتدرب فيه الصحابة على الرمي ، فنزع نعليه وقال :” روض من رياض الجنة ” (أخرجه الترمزي) .
ويمكن القول أن الهدف الأساسي من الخضوع لعملية التدريب العسكري الميداني – لاسيما في مرحلة ما يعرف بإعادة الصياغة للشخصية confinement – باعتباره شرطا لازما لاكتساب لقب (العسكري) هو امتلاك الحالة العقلية التي تمكنه من السيطرة على الخوف وتمكنه من اجتياز المخاطر والصعاب، وتجعله يتقبل المسؤولية ويتصرف بالطريقة المناسبة في حالات التهديد.
ولأجل هذا الغرض يتخلص مما وصفه الله تعالى بقوله ” أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ” (الزخرف 18)
إذن كل ما يتلقاه المتدرب العسكري في الميدان من تشكيلات وطوابير وأعمال بيادة وتمارين تربية بدنية ونظام محدد في القول والعمل (بما يعرف بالأدب العسكري) إنما ينبغي أن يقاس كنوع من قبيل التنمية البشرية التي تصاغ عليها الشخصية العسكرية بما يحقق الصفات الأخلاقية العسكرية الآتية :
1/ ما أجمع عليه علماء النفس والخبراء العسكريون بان الانضباط الذي يكون في غياب القائد وغياب الأوامر هو الانضباط الذي يجب أن يتحلى به العسكريين في العمليات العسكرية بصورتها الحديثة بحيث يصبح الانضباط العسكري طبعا وليس تكلفا ، وذلك حتى يكون من باب أولى تحقيق الانضباط العسكري في صياغة السلوك القيادي للشخصية العسكرية سواء في إصدار الأوامر والتعليمات والتوجيهات أو في إطاعتها وتنفيذها .
2/ لابد من احتواء التدريب العسكري الميداني على نوع من الصدمات القوية المستثيرة للطاقة الغضبية وتحفيز الشعور بها الى أقصى درجة – بما لا يخالف أصلا شرعيا أو قاعدة شرعية – بغرض تعويد النفس على ترويض هذه الطاقة والسيطرة عليها وإنفاذها على النحو المثمر في أداء الرسالة المطلوبة ، فهذه الصدمات يعبر عنها بالتحميل الشديد على البدن وخلق ظروف من الحواجز القاسية تنمي لدى الإنسان المتدرب أخذ نفسه بالشدة والتجرد من سيطرة الجسد عليها بنحو ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ نفسه بقيامه الليل حتى تتفطر قدماه وهو من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر . كذلك من مطلوبات هذه الصدمات التدريبية أن يكتشف الإنسان في مواجهتها ما به من قدرات وامكانات لم يكن ليكتشفها بغير ذلك وهذا بما يدعم خروجه من دائرة الانسان العادي في تكوينه الذي وصفه به الله تعالى بقوله “إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا” (المعارج 19-21) فهذا مما يقوي العزم لأن يصبح مؤمنا قويا بما يحب الله ويرضى ولا يجدي التدريب أو يدوم طولا ويمتد أثره إلا بعد اتخاذه الأسباب الإيمانية الأساسية الواردة في بقية الاية الكريمة من محافظة ومداومة على الصلاة والذكاة وحفظ الفروج ورعاية العهود والأمانات ، وهذا ما يحقق للرجل العسكري صفة الزلة للمؤمنين والعزة على الكافرين بقول الله تعالى ” أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين , يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم” (المائدة 54). كما أنه من شأنه أن يغرس فيه أحد أهم مقومات الجهاد وهو التجرد من هوى الذات وطاعة النفس والاستكبار بها ليكون المرجع في ذلك قول الله تعالى :” وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً” (الإسراء 37).
3/ إن التدريب على أنماط الخطوة العسكرية بطيئة ومعتادة وسريعة والدورانات بأشكالها والانتقال الحركي المفاجئ في تغيير المواجهات للتشكيل وانتظام حركات اليد مع القدم ووسط الجسم بصورة تلقائية في طوابير السيف والعلم من شأنه أن يلبي حاجة الجسم الصحيح إلى التوافق الجسدي المتكامل مع ترقية الملكة المنطقية العقلية وانتظامها بما يدعم ويعضد القدرة المهارية للمتدرب عسكريا على سرعة التصرف واتخاذ القرار السليم في مواجهة الاحوال الطارئة وفي الأوقات المناسبة. ولعلنا نجد في ذلك حكمة في استعمال الخطوة الشمال ابتداءً (للمارش) العسكري أي البدء في الحركة العسكرية بالرجل اليسرى وليس الرجل اليمني وتفسير ذلك أن الاساس في الحركة العسكرية هو اليد اليمنى وليس القدم فميزان الدفع الحركي يقوم على اليد اليمني وضبط امتدادها وحركتها. هذا اضافة إلى اداء التحية العسكرية في كل أحوالها وكذلك استخدام السلاح في حالة الفعل عندما يتم نقله من حالة السكون عند حمله في اليد اليسرى تلك الحالة التي تتطلب بالضرورة (المارش) بالرجل اليسرى.

4/ إن الظروف القاسية وحياة الشدة المتعمدة التي يوضع فيها المتدرب العسكري من أغراضها المهمة أن يقع في نفسه تقدير النعم الصغيرة التي يمر عليها الإنسان عرضا في حياته اليومية العادية فلا يؤدي شكرها بما ينبغي. فمثلا كلمة (مبروك) كلمة يستهلكها الإنسان مررا وتكرارا دون تقدير حقيقي لها في الظروف العادية ولكنها تصبح وساما عاليا وقيمة عظمى وشهادة كبرى تفيض من الإحساس بها الأعين لدى المتدرب العسكري عندما يقولها له القائد كمكافأة على أداءه وذلك بما يرفع من روحه المعنوية الدرجات القصوى. فهذا إذن منهج تدريبي لتعظيم صغائر النعم الإلهية والأصل أن يستمر هذا الأثر للتعظيم مع الإنسان بعد التدريب طوال فترة حياته ليحقق بذلك قول الله تعالى ” ولأن شكرتم لأزيدنكم ..” () على النحو الذي يحب الله ويرضى. أما الفائدة المهنية من ذلك فهي تقوية حاسة الانتباه السريع بصدد الأمور الدقيقة بما يدعم تنمية الحس الأمني العام لدى الشرطي.
هذه النتائج يمكن تحقيقها عبر أنماط مختلفة من وسائل التدريب تتكامل في مجملها لتصير أبعادا متعددة لنسق واحد.

ثانيا/ منهج التدريب العسكري:
1/ من حيث النظرية:
يقوم النظام التقليدي للتدريب العسكري على قاعدة الانضباط (5)، والانضباط هو الطاعة الآلية السريعة التي تحدث في شكل يمكن التنبؤ به من قبل جماعة معينة من الأشخاص بأمر ما يصعب مقاومته وتوجيه النقد إليه ، والعسكريون بشكل عام لديهم مفهوم عام عن الانضباط أنه يتحقق بالطاعة الآلية السريعة للأوامر حيث تقوم نظرية التدريب العسكري في مجملها على الانضباط الناتج عن الانصياع للجملة التي تستخدم بكثرة في التجمعات العسكرية وهي (نفذ الأمر إنك عسكرى) (5) سواء سمعها الرجل العسكري بصوته الداخلي أو ألقيت على مسمعه من قائد أعلى.
ويمكن أن نستدل على أهمية الطاعة الآلية السريعة للأوامر بما حدث في غزوة أحد بإصدار الرسول صلى الله عليه وسلم أوامره للمقاتلين بالبقاء في أماكنهم وعدم مغادرتها لجمع الغنائم – وهو أمر فيه هوى للنفس شديد – دون وقت في ذلك للشرح ألإقناعي بمبررات تلك الأوامر وكان أن حدث جراء مخلفتها إدارة الكرة عليهم من جيش الأعداء، فهذا موقف يحتاج إلى التزام مطلق بطاعة الأوامر بقدرة عالية على مجاهدة هوى النفس وإن لم يتوفر آنيا العلم بمغذى هذه الأوامر والحكمة من ورائها.
2/ من حيث المنهج:
أ- أن يوفر التدريب درجة عالية من المرونة وقوة التحمل الشديد نفسيا وجسديا لخلق الضابط القوي الأمين.
ب- أن يوفر التدريب القدرة على تجاوز رغبات الذات وهوى النفس, حيث أن الإستمرار في إطاعة متطلبات الجسد يميل بالإنسان إلى الركون نحو الراحة وطلب اللذة مما يكسر فيه حدة الشهامة وعلو الهمة ويصيبه بالخور ونفاذ الصبر من جهة، ويزيد من فرصة تكاثر الأمراض العضوية عليه من جهة أخرى. ومرجع ذلك جعل الرسول صلى الله عليه وسلم جهاد النفس هو الجهاد الأكبر، ومن ذلك أيضا ما قاله عليه الصلاة والسلام “حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره” (رواه البخاري ومسلم).
ج- أن ينمي التدريب الشعور الشخصي لدى الفرد بالمسؤولية تجاه كل الأفراد الآخرين الذين يشكلون القوة التي ينتمي إليها ويعمل معها – لاسيما في ميادين الجهاد والقتال والتضحية – ومن ذلك ما تم الاصطلاح عليه في العرف العسكري منذ أزمان طويلة “أن الشر يعم وأن الخير يخص” وقصد به أقصى درجات التكافل والترابط بين العسكريين بحيث يرقى الواحد منهم إلى التجرد الكامل عن التفكير في مصلحته الشخصية وإنما رعاية مصلحة المجموع حتى أنه قبل أن يأتي بمخالفة تستوجب الجزاء عليها يكون الوازع لديه في الامتناع عنها هو خشية تعميم الجزاء على سائر أفراد فصيلته أو سريته دون ما مخالفة اقترفوها. ولعل لهذا العرف ما يسنده ويشير إليه في الشرع الإسلامي ما سئل عنه الرسول صلى الله عليه وسلم ” — أنهلك وفينا الصالحون، قال نعم إذا كثر الخبث” (أخرجه مسلم). وفي المقابل فإن من أتى خيراً فلابد أن يخص بالتمييز والتحفيز والتكريم دون غيره لأن هذا هو مناط المنافسة وشحز الهمم.
هذا على أن يكون معيار نجاح فترة التدريب العسكري الأساسي ما يعقبه من نتائج وقيم مستفادة على نحو ما يلي (6):
ا. الارتياح والرضا والمحبة تجاه القائد.
ب.ارتفاع الروح المعنوية.
ج. الإخلاص للعمل والتفاني في إنجازه.
د. إيجاد الكفاءة العالية التي تزيد من الإنتاج والعمل من اجل تحقيق الأهداف.
ه. الحماس والاندفاع للواجب والعمل دون مراقبه.

ثالثا /آداب وأخلاق معلم التدريب العسكري:
(1) (يشمل مصطلح معلم التدريب ضابط الميدان وضابط صف الميدان)
إن الله جعل العلم نوراً يستضاء به في دروب الحياة ، فجعله فريضة، وألزم طالبه بأمور عديدة منها : احترام معلمة الذي ينير له دربه ، ويوضح له أمور دينه ودنياه ، ويكون له قدوة حسنة يقتدي بها ، ومن ثم ألزم المعلم أن يتحلى بالأخلاق الحسنة التي تليق به ، وتجعل له رهبه من غير خوف، فأمره بالتواضع ، والبعد عن العجب قال عليه الصلاة والسلام : ( كفى بالمرء جهلاً إذا أعجب برأيه ) لأن التواضع يقرب الناس إليك ، ويدنيهم منك ، عكس المعجب الذي ينفر من حوله الناس ، ولما له من نقص ينافي الفضل قال صلى الله عليه وسلم : “ثلاثٌ مهلكات: شُحّ مطاع، وهوىً متبع، وإعجاب المرء بنفسه” (أخرجه الطبراني) ثم أمره أن يكون عالماً بما يقول ، ولا عيب أن يجهل بعض العلم فإن سئل قال: لا أدري . روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن أي البقاع خير ؟ وأي البقاع شر ؟ فقال : لا أدري حتى أسئل جبريل .فمن قال لا أدري علم فدرى، وقال تعالى: ” نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ ” (يوسف76) وفسر معنى الآية الكريمة بأن مراتب معرفة العلوم تتدرج تصاعدياً حتى تنتهي إلى الله عز وجل ، والعلم بحر لا شاطئ له ، قال عيسى بن مريم عليهما السلام : ( يا صاحب العلم تعلم ما جهلت وعلم الجهال ما علمت ) وجاء في الذكر الحكيم: “إنما يخشى الله من عباده العلماء..” (فاطر28) فمن زهد فيه وقنع بما عنده كان للجهل أقرب ، وهو أفضل من العمل لمن جهل ، والعمل أفضل من العلم لمن علم ، فالعمل بالعلم من الواجبات التي يجب على المعلم حث النفس عليها والتحلي بها ، وفسر قتادة رحمة الله قوله تعالى: “وإنه لذو علم لما علمناه ..” (يوسف68) أي أنه عامل بما علم ، وجاء عنه عليه الصلاة والسلام: “ويل لأقماع القول، ويل للمصرين” (أخرجه أحمد) والمقصود بذلك من يسمع ويتعلم العلم ولا يعمل به ، فالعالم ذو فضل على الخلق حتى يوم البعث ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : “يبعث العالم والعابد فيقال للعابد: أدخل الجنة ، ويقال للعالم: اتند حتى تشفع للناس” ومن أخلاق المعلم أن لا يبخل بعلمه على أحد طلب منه أن يعلمه، قال تعالى: ” وإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ” (ال عمران 187) وقوله تعالى: ” إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ” (البقرة 159) وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: “من كتم علماً يحسنه. ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار” (أخرجه الشيخان) ومن علم أخاه المسلم فكأنما تصدق عليه روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “تصدقوا على أخيكم بعلم يرشده ، ورأي يسدده” وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: “تعلموا وعلموا فإن أجر العالم والمتعلم سواء . قيل، وما أجرهما؟ قال: مائة مغفرة، ومائة درجه في الجنة” (رواه الثعالبي) ومن علم علماً يبتغي به وجه الله كان له نفعان أولهما : ثواب الله تعالى، وثانيهما: زيادة العلم وإتقان الحفظ، فمن علم علمه تعلم علم غيره ، ومن الأخلاق التي يجب على المعلم التحلي بها نزاهة النفس ، والقناعة، وأن يقصد به وجه الله تعالى ” وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ” (البقرة 41).هذا مع الأخذ في الحسبان الرفق في التعليم ، وتسهيل السبل لطالبه، وإعانته على طلب العلم جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لعلي كرم الله وجهه: ” يا علي لأن يهدي الله بك رجلاً خير مما طلعت عليه الشمس” (أخرجه الطبراني) فالمعلم هو القدوة الحسنة لطلبته، ومجتمعه لذا وجب عليه التحلي بالصفات الحميدة، والأخلاق الكريمة .
(2) القواعد الأخلاقية والمهنية لمدرس علوم أعمال الميدان العسكري :
يرى البعض أن كل ما يحتاجه هو التفوق في أعمال الميدان التي يتم تعليمه ليكون الشخص معلم ميدان. بينما يرى البعض الآخر وجوب التحلي بالنظام والدقة ، والضبط والربط والطاعة ، ويصر آخرون على رأيهم بأن بعض الناس ولدوا لكي يكونوا معلمين سواء في الميدان أو القاعة أو غيرها.
ومشاعر العسكريين فيما يتعلق بالحكم على مميزات معلم الميدان الناجح أعمق وأصدق من مشاعرهم عند الحكم على أي مهنة أخرى، وهذا بالطبع يرجع إلى أن كل العسكريين يتتلمذون شهورا أو سنوات على أيدي معلمين يضيفون إليهم خبرات عديدة تغير من مجرى حياتهم الشخصية عبر الأيام.
والشخص الذي يعد نفسه ليكون معلم ميدان ناجح يهتم أكثر من غيره بمقتضيات النجاح في التعليم والتدريس، وقد يقوم باسترجاع كل المعلمين الذين اتصل بهم، ثم يحللهم بعناية وخاصة منهم من يعتبره ناجحا. وفي هذه المقارنة قد يجد الفرد فرقا كبيرا في شخصيات معلمي الميدان العسكري فبعضهم هادئ، وديع، ودافئ والبعض الآخر حاد. وأيا كانت الفروق بينهم فالاستنتاج الذي يجب أن ينتهي إليه الفرد هو انه لا يوجد نمط واحد تكون عليه شخصية المعلمين الناجحين، فالمعلمون الناجحون شخصيات متميزة لهم طرق متميزة في التدريب .
وأول أسباب النجاح في مهنة معلم الميدان العسكري – بكونه أنه يتعامل مع أكثر من فرد، ومع أكثر الأشياء تعقيدا وهي النفس البشرية – هو أن يكون قادرا على أن يؤثر في الآخرين بطريقة تحدث تغيرات مرغوب فيها في سلوكهم وشخصياتهم وطريقة حياتهم، ويجب ان يكون قادرا على تشجيع الطلبة المتدربين (المستجدين) على التفكر، والتصرف في اتخاذ القرارات الذكية الحكيمة ، فيوجه سلوكهم بكفاءة متزايدة نحو أهداف إيجابية بناءة، ويجعل منهم أعضاء قادرين على تحمل المسئولية. أن التدريب أصعب الفنون قاطبة، وهو في كماله المطلق قد يتضمن معرفة تامة بالوجود كله ، ومعرفة تامة بالطريقة المحددة التي يجب أن يسير عليها كل تطبيق ممكن.
أن معلمي الميدان العسكري اليوم أكثر من أي زمن مضى في حاجة إلى فهم الجو الثقافي الذي تتم فيه كل عمليات التربية والتعليم العسكري، وهو يحتاج أن يرى جوهرية التصنيع والتحضير والتعاونية والتخطيط الاقتصادي، والصحة النفسية، والهوة الثقافية، والتفكك الاجتماعي، ونمو الاتجاه العلمي نحو المشاكل وطرق حل المشكلات ، وسيكلوجية التفاوض، إلى آخر كل هذه الخصائص لمجتمع ما، تؤثر على الناس وأن يكون قادرا على فهم المشاكل الحديثة والظروف التاريخية التي يمر بها مجتمعه، وأن يتعرف على الطبيعة الراهنة لكثير من الشئون العسكرية، وأن يستخدم مصادر الماضي عندما يواجه مشاكل الحاضر .
وبعد تبويب الواجبات التي يقوم بها المعلمون درس الباحثون المهارات والقدرات ، والمعارف التي يتطلبها النجاح في القيام بهذه الواجبات ، وخلص الباحثون إلى وضع قائمة بالسمات منها الآتي القدرة على التكيف، المظهر الشخصي الجذاب، أتساع الميول إلى المجتمع المحلي والمهنة والتلاميذ، العناية والدقة، الاعتبار، التقدير، التعاطف، الذوق، وعدم الأنانية، التعاون، تفتح الذهن، الابتكار، سعة الخيال وقوة الحجة إضافة إلى التحصيل و الذكاء وحب الإطلاع (7) .
(3) الكفايات الشخصية الضرورية للمعلم التدريب العسكري: المعلم هو العنصر الفعّال في عملية التعليم، فبمقدار ما يحمل في رأسه من علم وفكر، وما يحمل في قلبه من إيمان برسالته، ومحبة للدارسين، وما أوتي من موهبة وخبرة في حسن طريقة التعلم يكون نجاحه وأثره فالمعلم هو الربان الذي يسخر براعته ومهارته في إيجاد التناسق والتفاعل الإيجابي بين العوامل التي تؤثر على سير السفينة نحو وجهتها بسهولة ويسر .
لا شك أن شخصية معلم العلوم العسكرية تلعب دوراً مهما في إيجاد المحبة والمودة بينه وبين الدارسين، ويمكن إحصاء بعض مقومات الشخصية الأساسية التي يجب أن تتوفر فيه (8):
1 – الإخلاص والتقوى:
الإخلاص والتقوى عاملان ضروريان لنجاح المعلم في أداء رسالته قال تعالى: ” الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ” (الملك 2).
وإحسان العمل لا يكون إلا بالإخلاص والتقوى. وشعور المعلم بأن ما يقوم به هو رسالة سامية يستحق عليها الأجر والثواب من الله تعالى يدفعه للعمل بفاعلية وكفاءة وإتقان امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم :” أن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه ” (أخرجه أبو يعلى والطبراني).
إن شعور الدارسين بإخلاص معلمهم وحرصه على مرضاة الله تعالى يغرس في نفوسهم شعوراً عميقاً بالمسئولية وتدفعه لأداء واجباتهم برغبة وبصورة مستمرة كما أنه يغرس في نفوسهم محبة معلمهم.
2- قوة الشخصية :
إن قوة الشخصية عامل مهم جداً في نجاح المعلم ، من خلال حديثه ونظراته إليهم ، ودون أن يلجأ إلى الصراخ أو رفع الصوت أو حمل العصا والتهديد والوعيد بل بما يملكه من قدرات قيادية وغزارة علم ومن ميزات الشخصية القوية الجاذبية التي نقصد بها أن يكون المعلم عسكريا (المقصود معلم الميدان) في طريقة مشيته وجلوسه وحديثه، يشير إلى ذلك قوله تعالى: ” أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ” (الملك 22)، وقوله تعالى: ” وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ..” (لقمان 19).
3- الذكاء
الذكاء من أهم الصفات التي يحتاج إليها المدرس كما يحتاج إلى العقل المرن وبعد النظر وتنويع الأساليب لأصناف الناس ، كما يحتاج إلى تفهم نفسيات المخاطبين وعقولهم وواقعهم ومستوياتهم الخلفية واتجاهاتهم .
فالمعلم في أي مرحلة من مراحل التعليم لابد أن يكون على مرتبة مقبولة من الذكاء ليتمكن من توصيل المعلومات لطلابه من أيسر السبل وأفضلها، وإن ذكائه كفيل بأن يبقى احترام طلابه له وتنقذه من كثير من المواقف المحرجة ويساعده على ترتيب المعلومات .
ومن مقومات الذكاء في أداء المعلم قدرته على الإبداع والتأمل في التعامل مع المعلومات، لأن دور المعلم يتعدى مجرد تقديم المعلومات وشرح المفاهيم إلى استنارة تفكير الدارسين نحو التأمل والتحليل والوقوف على مشارف حقائق وتفسيرات ونظرات جديدة.
4 — الحماس
من الخصائص الانفعالية اللازمة للمعلم قدرته على إظهار الحماس اللازم في عمله بدرجة إيجابية لتثير المتعلمين وتدفعهم نحو عملية التعلم والمشاركة فيها بفاعلية وحماس.
ومن علامات حماس المعلم أن يظهر اعتزازه بمهنته وأن يذكرها في المجالس بافتخار واعتزاز، أما المعلم الذي يخجل من مهنته ويتوارى من الناس حياءً وخجلاً ليس بمعلم ولا يمكن أن يحبه طلابه ، إن الشخص الذي يختار التعليم كمهنة ومستقبل يجب أن يتحمل مسؤولية احترام مهنته والارتباط بمثلها العليا .
تشير بعض الدلائل إلى أن مستوى حماس المعلم في أداء مهمته التعليمية يؤثر في فاعلية التعليم على نحو كبير وقد بينت بعض الدراسات وجود ارتباط ايجابي بين حماس المعلم ومستوى تحصيل طلابه ، كما بينت هذه الدراسات أن الطلاب أكثر استجابة نحو المعلمين المتحمسين ،والمواد التي تقدم على نحو حماس
5-الحلم والحزم :
قال تعالى: ” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِين ” (آل عمران 159).
توجيه رباني من الله عز وجل موجَّه إلى المعلم الأول محمد صلى الله عليه وسلم يبين له أن لينه ورحمته كانت سبباً في التفاف الصحابة من حوله وحبهم له ، وإنه لو كان فظاً وغليظ القلب لا نفضوا من حوله .
6- مبدأ القدوة الحسنه :
يجب أن يكون الضابط الأعلى أو ضابط الصف الأعلى قدوة حسنه لمن يلونه أن يسلك سلوكاً مشرفاَ وإلا يبيح لنفسه ما يمنع الآخرين منه لقول الله تعالى: ” أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ” (البقرة 44).
(4) الكفايات العلمية لمعلم التدريب العسكري:
إن مهنة التدريس والتعليم والتدريب من المهن التي تحتاج إلى ثقافة عامة واسعة، لتهذب روح المعلم، وتقوّم سلوكه وخلقه، وتنمي عقله وتنظمه، وتهذب ذوقه الفني وتكشف عما لديه من استعدادات فنية وقدرات إبداعية (9). ومن هنا كان لابد للمعلم من كفايات علمية حتى يكون على مستوى المهنة التي يضطلع بها ومن هذه الكفايات :

1- المعلم ذو ثقافة عامة واسعة :
كلما ازدادت ثقافة المعلم وسعة اطلاعه كلما كان أقدر على التعامل مع طلابه وتقديم المادة العلمية لهم، والمعلم ذو الثقافة العالمية يستطيع أن يجذب الطلاب إليه ويجعلهم يحبونه.
فلابد إذن من إلمام المعلم بالثقافة الواسعة، لأن وظيفة المعلم هي تقديم المتعلم لمجتمعه وتقديم المجتمع للمتعلم.
3- متعمق في مادته :
من الأمور البارزة التي تجذب المعلم إلى المتعلمين وتكسبه احترامهم غزارة المادة العلمية التي يمتلكها، فإذا أراد المعلم أن يمتلك قلوب تلاميذه لا بد أن يملك عقولهم بما يقدمه لهم من علم ومعرفة .
4- المعلم متواضع وموضوعي:
قال تعالى ” إنما يخشى الله من عباده العلماء ”
المعلم الحقيقي هو الذي يعرف قيمة العلم، ويعرف أنه مهماً تعلم وارتقى في علمه يبقى طالب علم ولا يمكن أن يغتر بعلمه، وبالتالي فإن المعلم المتواضع في علمه لا يتردد في أن يقول لا أدري إن كان لا يدري،
سئل العلامة ابن باديس رحمه الله عن مسألة فقهية، فأفتى فيها بغير المشهور، ولما تبيّن له الصواب رجع إليه ، ونبه على ذلك الخطأ وأورد الصواب في مجلة الشهاب ، وقد كان يكفيه أن يوضح تلك المسألة للسائل فحسب، وعلل صنيعه ذلك قائلاً :” أردت أن تكون لكم درساً في الرجوع إلى الحق وأضاف موضحاً : تركت لكم مثلاً أنه إذا كان الإنسان عالما يجب عليه أن يعيش للعلم ” .
5-المعلم مُبدع :
كلما كان المعلم مبدعاً ومبتكراً في طريقة تعامله مع طلابه كلما كان محبوباً لأن الروتين الدائم والرتابة في العمل يؤديان إلى الملل والسآمة والنفور، ومن هنا على المعلم أن يجدد دائماً في أساليبه وفي إعداد وسائله وفي طريقة تقويمه وفي طريقة تعامله مع طلابه وفي الأنشطة الميدانية التي يكلف بها طلابه وأن يعمل دائما على التجديد والابتكار.
6- الصدق في القول والعمل :
قال تعالى :”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ” (الصف 2-3).
من القضايا الهامة في حياة المعلم أن يكون صادقاً مع نفسه ومع طلابه ، وأن يلتزم بما يقول وأن يكون صادقاً فعلاً في هذا الأمر، فعندما يرى الطالب معلمه ملتزماً بما يقول ولا يناقض قوله فعله لا شك أن ذلك يدفعه إلى احترامه . أما إذا خالف المعلم قوله فعله فإنه سيخسر دينه أولاً، ثم يخسر ثقة طلابه واحترامهم له ثانياً .
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: “سمعت رسول الله يقول: يُؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار، فتندلق أقتاب بطنه، فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيجتمع إليه أهل النار، فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر فيقول بلى قد كنت آمرٌ بالمعروف ولا آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه ” (أخرجه الإمام احمد).
فمثل هذه السلوكيات تنزع الثقة بين المعلم والمتعلم ، والمتعلم الذي لا يثق بمعلمه لا يمكن أن يحبه .
قال الشاعر:
لا تنــه عن خــلق وتأتي بمثــله عــــار عليك إذا فعلت عظيــم
يا أيهـــــا الرجــل المعــلم غيــره هــــلا لنفسـك كان ذا التعليـــم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى كيمــــا يصــح به وأنت سقيم
ابدأ بنفســـك فانههــا عن غيّهـــا فإذا انتهت عنه فأنت حكيـم

7_ حسن المظهر:
المعلم محط أنظار الدارسين الذين تبقى عيونهم شاخصة إليه طوال الوقت الذي يقضيه بينهم ، ولذلك كان واجب المعلم أن يهتم بمظهره ولا ينسى نفسه لأن الدارسين يحترمون معلميهم ويحبونهم بغض النظر عن اختلاف أحجامهم أو أطوالهم وأعمارهم وذلك إذا توافرت فيهم سمات ومميزات معينة ، فمن خلال الهندام المتزن والملابس ونظافتها وترتيبها وتناسقها ومن خلال طريقة تصفيف الشعر والعنــــاية به، ومن خــــلال نبرات الصوت بين علوه وانخفاضه يقترب الدارس من المعلم ويلتفون حوله.
ويمكن الرجوع إلى في هذا الأمر قاعدة أخلاقية مفادها أن المظهر هو حق الآخرين عليك فيما تمتد أعينهم إليه منك . ويمكن أن يضاف على هذا في حالة الزي الرسمي للعسكري الشرطي أنه ليس للتجمل وراحة النفس وإنما دلالة لتميز مرتديه بالدور الوظيفي الكامل لمهنة الشرطة وبقد حاجة الوظيفة الشرطية إلى النظام والانضباط بقدر ما يكون الاهتمام بنظام الزي وعكسه بصورة واضحة لدلالة الواجب المهني لمرتديه.
8- الذوق العام :
على المعلم أن يلاحظ الروائح التي يمكن أن تنبعث منه لأن لها دور كبير وهام جداً في جذب الطلاب واحترامهم له أو نفورهم منه.
عن جابر رضي الله عنه قال :قال النبي : من أكل ثوماً أو بصلاً، فليعتزلنا ، أو فليعتزل مسجدنا” وفي رواية أخرى ” من أكل البصل والثوم ، والكرات ، فلا يقربن مسجدنا ،فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم” (أخرجه مسلم).
9- التفقه في الأحكام الشرعية:
وهي من أهم ما ينبغي على المعلم الإحاطة به ضبطاً لسلوكه هو أولا على المستوى الشخصي بما يحقق له صفة الأسوة الحسنة، وثانياً لتوجيه وإرشاد المتدربين على يديه ومرؤوسيه، وثالثاً بما يسمح له باتخاذ الحكم السليم والسريع فيما يواجه به من طوارئ دون خشية الوقوع في مخالفة شرعية. ومن الأمثلة المهمة لما يجب على المعلم معرفته بالضرورة من أحكام شرعية ما يمس المهنة بصورة مباشرة بنحو معرفة أوضاع الصلاة حال القتال أو العمليات ذات الاشتباك والالتحام المباشر، ومن ذلك ما عليه جمهور الفقهاء من اعتبار الخوف من المعتدي أو الظالم بغير حق عذراً من الأعذار المبيحة لترك صلاة الجمعة والجماعة، لأن الأمن من الظالم أو المعتدي بغير حق شرط فيهما، فكل من خاف على نفسه أو كان هذا حاله يُعذر في تخلفه عن الجمعة والجماعة، حتى يرفع الله هذه المحنة ويفرج هذا الكرب.
وكذلك الذي عليه كثير من الفقهاء- منهم الحنابلة وبعض الشافعية وهو رواية عند المالكية- هو جواز الجمع بسبب الخوف لحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال:” صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً ” زاد مسلم ” من غير خوف ولا سفر” ، فيدل على أن الجمع للخوف أولى.
والصلوات التي يشرع الجمع فيها للخائفين هي صلاة الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء فقط تقديما أي في وقت الأولى أو تأخيرا أي في وقت الثانية والأغلب الأعم وقوعه تقديماً.
في حال كون الجمع تقديماً لابد من مراعاة الشروط التالية:
الشرط الأول: البداءة بالأولى من الصلاتين: فيصلي الظهر أولا ثم العصر، وكذلك المغرب أولا ثم العشاء، لأن الوقت لها والثانية تبع لها والتابع لا يتقدم على متبوعه.
الثاني: نية الجمع: ومحلها الفاضل أول الصلاة الأولى ويجوز في أثنائها حتى التسليم منها.
الثالث: الموالاة بين الصلاتين: وهي ألا يفصل بينهما زمن طويل، أما الفصل اليسير فلا يضر، إذ من العسير التحرز منه، فإن أطال الفصل بينهما بطل الجمع، والمرجع في الفصل اليسير والطويل العرف.
الرابع : دوام خوفه حال افتتاح الأولى والفراغ منها وافتتاح الثانية، فإذا زال خوفه أثناء الصلاة الأولى، انقطع الجمع لزوال سببه، ولزمه تأخير الثانية إلى وقتها.
وبالنسبة للمجاهدين أنفسهم يمكنهم المحافظة على أداء الصلاة وهم في الميدان بدون حرج بحسب المقرر لدى فقهاء الشريعة من أن الخوف يؤثر في كيفية أداء الفرائض إذا صليت جماعةً، لتحتمل أموراً لم توجد عند الأمن، وصلاة الخوف هي : الصلاة المكتوبة يحضر وقتها والمسلمون في مقاتلة العدو أو في حراستهم للثغور، وهي مشروعة بالقرآن في قول الله تعالى: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً }(النساء : 102(.
فهذه الآية أصل في مشروعية صلاة الخوف، وخطاب النبي صلى الله عليه وسلم خطاب لأمته، ما لم يقم دليل على أنه مختص به دون أمته؛ لأن الله أمرنا باتباعه وتخصيصه بالخطاب لا يعني تخصيصه بالحكم، والسنة القولية شاهدة على مشروعيتها، كقوله صلى الله عليه وسلم : ” صلوا كما رأيتموني أصلي” وهو عام.
وكذلك السنة الفعلية، حيث صح أنه – صلى الله عليه وسلم – صلاها، وبإجماع الصحابة، فقد وردت آثار صحيحة عن جماعة من الصحابة – رضي الله عنهم – أنهم صلوها في مواطن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم بحضرة كبار من الصحابة، كما ورد ذلك عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أنه صلاها في حروبه بصفين وغيرها.
أما عن عدد ركعاتها: فالذي عليه جماهير الفقهاء وعامة الصحابة أنه لا ينتقص عدد ركعات الصلاة لأجل الخوف. قد اختلف الفقهاء في كيفية صلاة الخوف؛ لتعدد الروايات عن النبي الكريم في كيفيتها، كما اختلفوا في عددها: واحدة تحمل في وجه العدو، وفرقة ينحاز بها إلى حيث لا تبلغهم سهام العدو، فيفتتح بهم الصلاة، ويصلي بهم ركعة في الثنائية: الصبح والمقصورة، وركعتين في الثلاثية والرباعية، وإذا قام إلى الثانية في الثنائية، وإلى الثالثة في الثلاثية والرباعية خرج المقتدون عن متابعته، وأتموا الصلاة لأنفسهم، وذهبوا إلى وجه العدو، وتأتي الطائفة الحارسة، ويطيل الإمام إلى لحوقهم، فإذا لحقوه صلى بهم الركعة الثانية في الثائية، والثالثة في الثلاثية، والثالثة والرابعة في الرباعية من صلاته، فإذا جلس للتشهد قاموا وأتموا الصلاة، والإمام ينتظرهم، فإذا لحقوه سلم بهم.
وقال بعضهم: يسلم الإمام ولا ينتظرهم، فإذا سلم قضوا ما فاتهم من الصلاة من ركعة، أو ركعتين بفاتحة وسورة جهرًا في الجهرية. وإذا اشتد الخوف فمنعهم من صلاة الجماعة على الصفة المذكورة، ولم يمكن قسم الجماعة؛ لكثرة العدو أو شدته، ورجوا انكشافه قبل خروج الوقت الصلاة الأصلي، بحيث يدركون الصلاة فيه، أخروا استحباباً .
فإذا بقي من الوقت ما يسع الصلاة صلوا إيماءً، وإلا صلوا فرادى بقدر طاقتهم، ولو مشاة أو ركباناً، مستقبلي القبلة وغير مستقبليها،، فإن قدروا على الركوع والسجود فعلوا ذلك وإن لم يتمكنوا من الركوع والسجود أومئوا بهما، على أن يكون السجود أخفض من الركوع، ثم لا إعادة عليهم إذا أمنوا، لا في الوقت ولا بعده.
والأصل في ذلك قوله تعالى : {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ }(البقرة239). وقال ابن عمر – رضي الله عنهما – : « فإن كان خوف أشدّ من ذلك صلّوا رجالاً قياماً على أقدامهم ، أو ركباناً مستقبلي القبلة ، أو غير مستقبليها » متّفق عليه.
ولا يكره في الحالات السابقة ترك السنن الرواتب فيخير المصلي بين فعلها وتركها إلا الفجر والوتر فيفعلان لتأكدهما.
وحمل السلاح في صلاة الخوف مستحب، يكره تركه لمن لا عذر له من مرض، أو أذًى من مطر أو غيره احتياطاً لقوله تعالى : “وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ ” إلى أن قال جل شأنه: ” وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ “، أما إذا كان المصلي يتعرض للهلاك بترك السلاح وجب حمله، أو وضعه بين يده بحيث يسهل تناوله عند الحاجة.
رابعاً/آداب المتعلم:
وتقوم على المبادئ الأساسية التالية:
1.لإخلاص: فعلى المتعلم أن يطهر قلبه من الأدناس لِيَصْلُحَ لقبول العلم وحفظه ويقصد بتعلمه وجه الله عز وجل ، عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: “قال رسول الله: إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ” (أخرجه الشيخان) . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كـُلّه، ألا وهي القلب” (أخرجه البخاري).
فعلى طالب العلم أن يتوجه بإخلاص إلى الله عز وجل
2. أن يغتنم التحصيل وقت الفراغ والنشاط وحال القوة والشباب، وقلة الشاغل قبل عوارض البطالة، و ارتفاع المنزله وجاء في الخبر: مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش على الحجر ومثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء، وهذا باعتبار الغالب، وإلا فمن كبر لا ينبغي له أن يحجم عن الطلب فإن الفضل واسع والكرم وافر.
وإذا كان طلب العلم فريضة على كل مسلم ، فالعلم عبادة والعبادة لا تنتهي حيث يقول الله عز وجل :”وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ” (الحجر99).
3. أن يقطع المتعلم ما يقدر عليه من العلائق الشاغلة والعوائق المانعة عن تمام الطلب وكمال الاجتهاد (وهو في التدريب العسكري ما يلزم ضرورة في مرحلة إعادة صياغة الشخصية والتي يقصد بها أخراج الفرد من ثوب الشخصية المدنية وإدخاله في ثوب الشخصية العسكرية)، قال الشافعي رضي الله عنه: لا يطلب أحد هذا العلم بالملك وعز النفس فيفلح.
وينبغي أن يتحلى المتعلم بالحلم والصبر والأناة ، وأن يكون حريصا على العلم مواظبا عليه في جميع أوقاته ليلا ونهارا، حضرا وأسفارا، ولا يُذهـِبَ شَيئا من أوقاته في غير العلم إلا بقدر الضرورة لأكل ونوم قدرا لا بد منه .
5.أن ينظر لمعلمه بعين الاحترام والإجلال والإكرام، ويعتقد فيه الأهلية فإن ذلك ينفعه، وكان بعض السلف إذا توجه إلى شيخه تصدق بشيء وقال: اللهم استر عيب معلمي عني ولا تذهب بركة علمه مني، قال الشافعي : كنت أتصفح الورق بين يدي مالك رحمه الله صفحا رقيقا هيبة له لئلا يسمع وقعها . وقال الربيع : والله ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر هيبة له.
6. أن يَعِرفَ للمعلم حـَقّه ولا ينسى له فضله، ويعلم أن ذُلـّهُ لشيخه عـِز. وخُضوعِه له فَـخر ، والتشمير في خدمته شَرف ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تعلموا العلم وتعلموا للعلم السكينة والوقار وتواضعوا لمن تعلمون منه” (رواه الطبراني).
ويقال أن الشافعي رحمه الله عوتب على تواضعه للعلماء فقال :
أهين نفسي فهم يكرمونها ولن تكرم النفس التي لا تهينها
وعلى المتعلم أن يبجل معلمه في خطابه وجوابه، في غيبته وحضوره ولا يناديه عن بعد ، بل يقول: يا سيدي ويا أستاذي ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ذَلـَلـتُ طالبا ففزت مطلوبا .
وقال الشاعر :
فاصبر لدائك إن أهنت طبيبهُ واصبر لجهلك إن جفوت معلما
إن المعلم والطبيب كلاهمــــا لا ينـــصحان إذا لم يُكــــــرمــا

7. ومن الآداب التي ينبغي على المتعلم الالتزام بها كذلك أن لا يدخل على أستاذه في غير المجلس العام بغير إذنه ، وروي أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يجلس في طلب العلم على باب زيد بن ثابت رضي الله عنه وهو نائم ، فيقال له ألا نوقِظَه لك؟ فيقول لا. وكذلك كان السلف يفعلون. – ويستفاد ما نحو ذلك فيما يعرف (بالأدب العسكري) في مخاطبة ومعاملة من هم ذوي الرتب الأعلى ممن سبقت لهم الدراية بهذا العلم واستحقوا القيادة فيه على من هم دونهم بالأوامر المشروعة -.

(1) راجع:
محمد على رجب، الجوانب الأساسية فى التدريب العسكرى، مجلة كلية الملك خالد العسكرية، العدد68، 2002م.
(2) راجع:
محمد بن عبدالله الطويان، ترشيد التدريب العسكرى فى الكليات الأمنية، دورية البحوث الامنية، العدد الاول1995م.
(3) راجع:
Tore Nordenstam, Sudanese Ethics, The Scandinavian Institute of African Studies, 1968.
(4) راجع:
صلاح الفكى، دراسات فى وضع و تطوير المناهج فى كليات الشرطة، 1981م.
(5) راجع:
عصام صديق، تقويم العملية التدريبية – مؤتمر قطاع التدريب الثانى- (منشورة)، 1999م.
(6) راجع:
فتحى محمد عبدالغفور، تخطيط و تنظيم و تنفيذ التدريب بالقوات المسلحة، كلية الدفاع الوطنى السودان، 2001م.
(7) راجع:
محمد احمد محجوب، اعداد المدربين و المعلمين فى مؤسسات التدريب الشرطية فى ظل التطور التقنى -المؤتمر القطاعى الثالث إدارة التدريب – 2000م.
(8) راجع:
محمد على رجب، الجوانب الاساسية فى التدريب العسكرى، مجلة كلية الملك خالد العسكرية، العدد68، 2002م.
(9) راجع:
احمد حامد احمد ابو سن، أهمية القياس النفسى فى مراكز تدريب الشرطة، مجلة أبحاث و دراسات التدريب و المعلومات العدد الأول، 2007 م.


نشر منذ

في

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

اترك رد