جامعة دمشق: فن العمارة

بحضور حشد كبير من المهندسين المعماريين وأساتذة الجامعة والطلاب والمهتمين بفن العمارة ألقى المهندس المعماري الهولندي العالمي ريم كولهاس في الثاني والعشرين من تشرين الثاني محاضرة مفتوحة في قاعة رضا سعيد للمؤتمرات بجامعة دمشق عرض فيها رؤيته الخاصة حول العمارة كعلم وفن و قدم أمثلة عن أعماله ومؤلفاته وأبرز المشاريع والمباني التي صممها في أمريكا وأوربا وآسيا والعالم العربي.
وعبر المعماري الهولندي العالمي ريم كولهاس خلال محاضرته عن إعجابه الكبير بمدينة دمشق وغناها المعماري الذي يشكل تسلسلا زمنيا للحضارات التي تعاقبت عليه وقال: ماشعرت به في دمشق لم أشعر به في أي مدينة أخرى .. وأنتم محظوظون لرؤية هذه الأشكال المعمارية التي تعبر عن مرور حضارات عدة على بلادكم مشدداً على ضرورة المحافظة على البيئة المعمارية القديمة لدمشق بطريقة حساسة وعناية كبيرة واصفا إياها بالتحفة المعمارية التي يجب الحرص عليها والتعامل معها بشكل حذر لافتا إلى أهمية المواءمة بين الطرازين المعماريين القديم والحديث مع الحفاظ على خصوصية كل موقع وبناء قديم داعياً إلى ضرورة توخي الحذر بشأن إدخال بعض الحداثة المعمارية إلى مدينة دمشق التي تتعايش الأشكال المعمارية فيها مع بعضها بشكل جميل.
وعرض المعماري كولهاس مجموعة من الصور مأخوذة من أماكن مختلفة من دمشق تعكس بعض النماذج المعمارية القديمة والمخططات المعمارية لأبنية حديثة مبديا إعجابه بقسم منها الذي تقاطع في تصميمه مع نماذج لمشاريع مكتبات عالمية قام بوضعها لافتا في الوقت ذاته الأنظار إلى عدم الاهتمام الكافي بقسم آخر من المباني على الرغم مما تتميز به من عراقة.
وقال المعماري الهولندي العالمي إن وجودي في دمشق دليل على الاهتمام بالوطن العربي الذي يجب التحاور معه نظرا لما يتمتع به من حضارة جديرة بالتواصل وفهمه بطريقة أفضل مشيرا إلى أن زيارته الحالية هي الثانية إلى سورية حيث لم يتمكن في الزيارة الأولى من الاطلاع الكافي على معالم دمشق.
واستعرض المعماري كولهاس نماذج من التصاميم المعمارية التي نفذها في دول مختلفة من العالم والتي تعكس الحداثة في فن العمارة التي قال انها ليست فنا للأساتذة فقط وإنما هي لعبة طفولية وأفكار غير متنبأ بها ومن تلك التصاميم مكتبة في العاصمة الفرنسية ومبنى لإقامة حفلات موسيقية في مدينة تورتو بالبرتغال ومبنى سفارة هولندا في برلين ومبنى ترانسفورمر في عاصمة كوريا الجنوبية الذي صممه لصالح شركة برادا العالمية للازياء الراقية ومبنى التلفزيون الصيني الذي أنجزه بالتعاون مع 108 أساتذة عمارة صينيين إضافة إلى العديد من المشاريع في الوطن العربي مثل الإمارات العربية المتحدة وقطر وليبيا وتونس.
ورأى المعماري العالمي اللحظة الدولية الحالية لفن العمارة عبارة عن مجموعة من القضايا المعقدة التي صاغها أشخاص مهتمين بالعمارة خلال السنوات الخمس الماضية والتي تتطلب الجمع بين الهيكليات المختلفة ولكنها على الرغم من جمالها وروعتها ولكنها لا تمثل مستقبل العمارة لأنها تحتوي على عناصر غير مستدامة مع مرور الوقت مشيراً إلى وجود إلى وجود حضارات في مناطق كثيرة من العالم لها تاريخها لكنها تمثل نفسها بأقل طريقة مما هي عليه في الواقع بسبب اقتصاد السوق مشيرا إلى انه خلال ربع قرن مضى وصل اقتصاد السوق إلى كل مكان وأتاح للقطاع الخاص إمكانية العمل على عكس صورة الفرد بان يكون مختلفا ومتفرداً عن الآخرين معتبرا أن هذا الأمر محير له كمعماري مما يثير التوجس لأنه لم يعد مرتبطا بقيم المجتمع لافتا إلى صعوبة تلبية المتطلبات المعمارية الخاصة بقوى اقتصاد السوق وضرورة شرح وتوضيح التصاميم الجديدة وما تحمله من معاني وانعكاسات رغم صعوبة إرضاء أذواق الجميع .
وأشار المعماري كولهاس إلى أهمية التعاون بين المصممين المعماريين والجامعات نظرا لما يمكن أن يقدمه طلبة الجامعات من أفكار خلاقة في مجال التصميم والاستفادة منها في إحداث تغيير في تفكير الناس لجهة محبة الأشياء وجعل السياح يحبون ما هو قائم في أي بلد والحفاظ على ثقافته واحترام طرازه المعماري. مبينا انه على المعماري وضع تصميم وإحراز نتيجة غير متوقعة واستكشاف الأمور وعدم تكرار نفسه ومعرفة ما يريده وما سيخترعه.
واعتبر كولهاس أن النظريات المعمارية ليست صحيحة دائماً فهناك عوامل وظروف أخرى تتحكم في العمارة مثل اختلاف البيئات فلكل بيئة طريقتها في العيش والتفكير ولذا علينا أن نفكر في قضايا مختلفة بعيداً عن النمطية والتكرار وهي أمور تتداخل مع بعضها البعض وقد نتوصل من خلال بعض الأعمال إلى حلول خلاقة كما يتوجب علينا إشراك كل من حولنا في تصميم المباني.
وتركزت مداخلات وأسئلة الحضور حول فن العمارة وأهمية إدخال الحداثة في المناطق المعمارية القديمة وكيفية الحفاظ على التراث و التعامل مع السياق والمضمون المعماري.
يشار إلى أن كولهاس هو أحد رواد الحداثة المعمارية ، رئيس مكتب المعمار الحضري في هولندا ويعمل أستاذا في العمارة التطبيقية والتصميم الحضرى في جامعة هارفارد وهو متخصص بالعمارة الحديثة وقد أنجز العديد من المشاريع التى حظيت بإشادة كبيرة من النقاد بينها القصر الكبير في ليل بفرنسا واديوكيتوريوم وهو مبنى متعدد الوظائف لجامعة اوتريخت بهولندا وقاعتان للعرض في لاس فيغاس وكولهاس الحائز جائزة بريتزكر المعمارية لعام 2000.

شارك فى تأسيس مجلة فوليوم وصنفته التايمز في عام 2008 من بين أهم مئة شخصية مؤثرة في العالم .
حضر المحاضرة وزراء التعليم العالي والنقل والإسكان والتعمير والإدارة المحلية وشؤون رئاسة الجمهورية وامين فرع جامعة دمشق للحزب ومحافظ ريف دمشق وعدد من رؤساء الجامعات والسفير الهولندي بدمشق.

المصدر: جامعة دمشق


نشر منذ

في

من طرف

الآراء

اترك رد