توصيات مؤتمر التعليم العالي في الوطن العربي نحو التنافسية العالمية

إعداد: زكريا الغول
أوصى خبراء وباحثون تربويون بضرورة تطوير تصنيف عربي عالمي خاص بالجامعات العربية وحدها وفقا لمرتكزات عربية تحافظ على الهوية والخصوصية الثقافية ومنافسة للتصنيفات العالمية.
وشددوا في البيان الختامي لمؤتمر التعليم العالي في الوطن العربي نحو التنافسية العالمية الذي عقدته كليتا العلوم التربوية في الجامعتين الأردنية والزرقاء على أهمية التوجه نحو التصنيفات العالمية ضمن مشروع (500-5) خمس جامعات من أول خمسمائة جامعية بحلول عام 2020.
وطالبوا في البيان الختامي الذي أطلقه رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدكتور حسين الشرعة بإيجاد نموذج للتمويل الذاتي للجامعات يرتبط بجودة التعليم الجامعي والتأكيد على منح الاستقلال المالي والإداري للجامعات وتشجيع دعم الجامعات الحكومية من أجل تغطية تكلفة الطالب. وتحقيق الاستقلالية التنظيمية والمالية والأكاديمية للجامعات وإعطائها الحرية في تقرير نظام الحاكمية.
واقترح الشرعة في التوصيات اعتماد الأموال المخصصة للإنفاق في الجامعات وفقا لما هو معمول به في عدد من الجامعات العالمية.
وحث المشاركون على إنشاء هيئة وطنية مستقلة للبحث والتطوير والإبداع والابتكار إلى جانب تفعيل الشراكة بين القطاع الأكاديمي وقطاع الصناعة والأعمال من خلال تشجيع البحوث التطبيقية في التعليم العالي.
وأكدوا تعزيز مفاهيم الإبداع والتفكير الرياضي لدى طلبة مرحلة الطفولة المبكرة المتضمنة رياض الأطفال والصفوف الثلاثة الأولى وإعادة النظر في تطوير المناهج الدراسية في التعليم العالي بما ينسجم مع متطلبات سوق العمل ومعايير الجودة والاعتماد.
ودعا الخبراء الى ردم الفجوة الواسعة بين السياسات والممارسات الراهنة في التعليم العالي في الوطن العربي والى ضرورة تغيير دور المجالس الوطنية للتعليم العالي من الرقابة المباشرة (بالتعليمات والأنظمة) إلى المشاركة غير المباشرة من خلال الإشراف على السياسات العامة.
وجاء في البيان ضرورة تطوير الأنظمة والتعليمات ذات الصلة بمنظومة التعلم الإلكتروني لتوظيف المعرفة وتطوير البنى التحتية اللازمة لها.
وفيما يتعلق بالمكتبات طالب البيان بتطوير الإجراءات الفنية والخدمات المعلوماتية بين المكتبات العربية في ظل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطبيق معايير الجودة الشاملة في المكتبات ومراكز المعلومات من أجل زيادة فعالية الاتصال بين المستفيدين والمكتبة والحث على التعاون المخطط بينها.
وشددوا على ضرورة تطبيق مبادئ وأسس إدارة الجودة الشاملة في تحقيق الميزة التنافسية للمكتبات الجامعية من خلال خطط استراتيجية محكمة وتشجيع الجامعات العربية للمشاركة بالمشاريع الأوروبية مثل برامج إراسمس بلس خاصة المتعلقة بالموضوعات الإنسانية.
المؤتمرالذي استمر على مدار يومي الأربعاء والخميس ناقش ثمانية محاور هي: التنافسية، والتعلم الالكتروني، والحاكمية، واقتصاديات التعليم، والقيم الأكاديمية، والاعتماد وضمان الجودة، والمكتبات، بالإضافة إلى المناهج والتدريس في مختلف المراحل التعليمية.
وهدف المؤتمر الذي ناقش حال التعليم العالي في الوطن العربي وتحدياته في زهاء 75 ورقة علمية قدمها مجموعة من العلماء والخبراء التربويين من مختلف جامعات دول العالم العربي، إلى تنمية الحوار والتعاون بين مؤسسات التعليم العالي فيما يتعلق بخطط واستراتيجيات تطويره والتوصل إلى معايير فاعلة لإدارة برامج التعليم العالي في الدول العربية وبلورة تصور مقترح لبرامج الاعتماد وضمان الجودة والسياسات التربوية، وأفضل الممارسات المعاصرة في ضوء المعايير العالمية.
وناقشت جلسات اليوم 31 ورقة علمية ضمت الجلسة الأولى ثلاث جلسات متزامنة ناقشت أنموذجا مقترحا لسياسة قبول طلبة كليات العلوم التربوية وتقييم الثقافة التنظيمية لتطبيق TQM وأثر مشاركة الجامعات الأردنية في المشاريع الأوروبية على عملية ضبط الجودة في التعليم.
وبحث خبراء آخرون في جلسة متزامنة تطوير المناهج الجامعية كوسيلة لتحقيق التوافق ودرجة ممارسة كليات التربية لمعايير أخلاقيات العمل وانعكاسات استخدام نظام مودل فيما بحثوا أثر التدريس القائم على تكامل نصوص القرآن إلى جانب تقييم مقترح الإطار الوطني المرجعي لمعايير المناهج.
وتناولت المجموعة الثالثة القيادة الجامعية (القيادة الخادمة أنموذجا) وواقع التعليم الالكتروني تقويم الأداء التدريسي لأعضاء هيئة التدريس والمواءمة بين خريجي مؤسسات التعليم العالي الأردنية مقابل الصعوبات والتحديات التي تواجه الطلبة الجامعيين متخذين من طلبة جامعة القدس أنموذجا.
الجلسة الثانية ركزت في مجملها على جملة من القضايا الساخنة في المكتبات مثل الجودة والتنمية المستدامة حيث ضمت ثلاث مجموعات نقاشية بحثت الأولى أهمية تطبيق مبادئ إدارة الجودة الشاملة في المكتبات الجامعية ومدى الحاجة إلى تطوير مناهج تدريس علم المكتبات وضرورة استثمار رأس المال البشري فيها.
وسلطت الجلستان الثانية والثالثة الضوء على أثر التعليم العالي في تحقيق التنمية المستدامة وتحديات التمويل التي تواجهه الى جانب المعوقات التي تحول دون تطبيق معايير الاعتماد الاكاديمي المؤسسي.
وناقشت جلسات اليوم الاول 44 ورقة علمية من اصل 75 ورقة حيث ضمت الجلسة الاولى اربع جلسات متزامنة تداولت الاولى الحاكمية وواقع التخطيط الاستراتيجي ودرجة اعتماد الاداريين الأكاديميين والأنماط القيادية الممارسة لدى رؤساء الأقسام وتقديم مقترح للتمويل الذاتي وعرض جول درجة تطبيق الحاكمية في جامعة الزيتونة الأردنية من وجهة نظر أعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية العاملين فيها.
في الوقت الذي بحث فيه آخرون تقييم مقرر تعلم كيف تتعلم وحيثيات التعليم الفعال وجودة المناهج الدراسية وعرضوا لانموذج لتقويم أداء أعضاء الهيئة التدريسية (الجامعة الهاشمية مثالا). والى جانبهم ناقش مجموعة من الباحثين استخدام التعلم النقال وواقع التعليم الالكتروني في الكليات العلمية من جهة وعبر الشبكات الاجتماعية من جهة اخرى عارضين للجامعات الفلسطينية حالة دراسية.
وعرض مشاركون تزامنا مع زملائهم لخصائص أنظمة العلامات في الجامعات العشر الأوائل بالاضافة الى إدارة المعرفة في المؤسسات التعليمية كآلية لتحقيق الميزة التنافسية وتجربة الجامعات الجزائرية في التصنيفات العالمية.
الجلسة الثانية زخرت بالموضوعات وجاءت ايضا في اربع جلسات متزامنة ناقشت اولاها المنظومة القيمية وأخلاقيات العمل الجامعي ودور الجامعات الأردنية في تعزيز الحرية الأكاديمية ودرجة توافرها بالاضافة الى العلاقة بين السلامة النفسية للبيئة التعليمية واما ثانيها فبحث المشاركون فيها درجة الرضا الوظيفي عن المعايير العلمية لتمهين التعليم وحيثيات تقويم أداء الطالب المعلم الى جانب درجة استناد المؤسسات التعليمية الى معايير الجودة فيما قدموا مقترحا قائما على برنامج “الكورس لاب” وفق معايير السكورم لتطوير الممارسات التدريسية لدى عضو هيئه التدريس.
وتداول الباحثون في الجلسة الثالثة واقع المكتبات الجامعية والأطر التعاونية عربيا فيما بينها وادارة الجودة الشاملة والرضا الوظيفي لدى العاملين فيها الى جانب تطبيقات نظام التعريف بترددات الراديو. وناقشت الجلسة الرابعة فاعلية مخرجات برامج تعليم الخدمة الاجتماعية وفاعلية الصف المقلوب في تنمية التحصيل الدراسي وقضية التربية للمواطنة في القرن الواحد والعشرين، وقدم مشاركون برامج تعليمية وتدريبية مقترحة في تنمية الوعي والتعلم القائم على العمليات الرياضية.
وقال نائب رئيس الجامعة الاردنية لشؤون الكليات الانسانية رئيس فرع العقبة الدكتور موسى اللوزي في كلمة القاها ان التنافسية العالمية وثورة تكنولوجيا المعلومات فرضت على الجامعات تغيرات مهمة على الصعد كافة: الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والعلمية ما استوجب التزام الجامعات بالمعايير العالمية، ووضع سياسات فاعلة لإدارة برامجها التعليمية، وتعزيز مبدأ الحاكمية، وضمان الجودة وتطوير البحث العلمي، وتفعيل دور التعليم المهني والتقني في خدمة المجتمع وتلبية احتياجاته.
ودعا اللوزي الى ضرورة تقيم الواقع الاكاديمي والاداري في الجامعات لتعزيز الإيجابيات وتلافي السلبيات من خلال الإفادة من آخر المستجدات في التعليم العالي وتطبيقاته، واستشراف آفاقه المستقبلية، سعيا الى تنشئة أجيال قادرة على التعامل مع التطورات والمعارف العلمية، والبرامج الجامعية، والجهد البحثي للوصول إلى أعلى درجات التميز والرقي ضمن خطة استراتيجية من شأنها تعزيز القدرة التنافسية.
نائب رئيس جامعة الزرقاء الدكتورة نانسي هاكوز اكدت في كلمته القتها مندوبة عن الرئيس أن نجاح نظم التعليم العالي في الوطن العربي يعتمد على قدرتها على تخطي التحديات التي تواجهها وعلى قدرتها التنافسية في بيئة متغيرة وباستمرار، من خلال تقديم تعليم ذي جودة عالية، وإنتاج بحثي متميز، وخدمات راقية إلى مجتمعها المحلي والعربي، والاستثمار في مواردها البشرية، وأيضاً على قدرتها على التميز والريادة.
وقالت هاكوز ان غياب الجامعات العربية عن مشهد المنافسة العالمية في التصنيفات الدولية جاء نتيجة الظروف السياسية القاسية التي أطاحت بكثير من إنجازاتها وبكينوناتها، وهددت أساساتها، وغيرت صورتها الفردية والكلية، فباتت باهتة في كثير من جوانبها.
وأثنت هاكوز على ان تعقد الجامعتان الاردنية والزرقاء مؤتمرا يعد غاية في الاهمية لتصحيح مسيرة التعليم العالي في الوطن العربي ليكون ثمرة من ثمار مشاركة الجامعتين تجسيداً لاتفاقية التعاون الموقعة بينهما عام 2015، والتي تشكل جسراً للتعاون الدائم والمستمر.
من جانبة قال رئيس المؤتمر عميد كلية العلوم التربوية في الجامعة الاردنية الدكتور نايل الشرعة ان المؤتمر جاء استجابة لمتطلبات تربوية عصرية وتوجهات حداثية أحاطت بواقع التعليم العالي في الوطن العربي، في محاولةٍ جادة ومسؤولة لرصد تحديات مسيرة البحث العلمي و سبل رقيّه، و التعرف إلى أبرز المعوقات الجاثمة على روح الانطلاق والحلم العربي.
واضاف ان المؤتمر يحاول عِبر ما يقدمه المشاركون من طروحات وأبحاث رصينة فحصَ المُمَكنات التي من شأنها دفع المسار التعليمي العربي والارتقاء به، وحجز مكانٍ له في قمة المنجزات التعليمية على مستوى العالم؛ بغية تصحيح مسارات التعليم العالي العربي و توجيهه نحو الاتجاهات السليمة، والارتقاء به في ذات الوقت نحو مصاف الجامعات العالمية.
وعن محاور المؤتمر اكد الشرعة اهتمام القائمين عليه بالالتفات إلى القيم الأكاديمية وأخلاقيات البحث العلمي التي تعد محركاً رئيسياً ورافعة مهمة للمتعلمين والباحثين معاً، فالحرية والنزاهة والشفافية ثلاثية قِيَمية، وجودها حقٌ ونهجٌ سليم، أما غيابها فتقييد ونكوص. ولهذا كان التحديث جاريا على صعيد تقييمات أعضاء هيئة التدريس والطاقم الإداري وتقييم الجامعات والمعاهد من لدن المجتمع المحلي والخريجين، ومراعاة أسس الاعتماد التي يجب النظر إليها نظرة ثاقبة، وذلك لما نشهده من تزييف واستغلال بشع للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وهو ما طرح في محور سادس اهتم بضرورة المواءمة بين سوق العمل ومخرجات التعليم وسياسات القبول الجامعي. الى جانب المكتبات بوصفها مطبخ التعليم فضلا عن الوقوف على جودة التعليم ومعاييره.

نشر منذ

في

,

من طرف

الآراء

اترك رد