استخدامات التكنولوجيا الحديثة “الانترنت ” ما لها وما عليها .. د.فتحي حسين

د.فتحي حسين: تخصص إعلام وصحفي بوكالة الاهرام

تعتبر وسائل التكنولوجيا الحديثة لاسيما الانترنت عالم كبير ليس له حدود , فقد جاءت شبكة الانترنت لكي تشكل عالماً افتراضياً جديداً يفتح الباب واسعاً على مصراعيه للأفراد والجماعات والهيئات والكيانات والتنظيمات بمختلف أنواعها لتتنفس نسمات حرية غير مسبوقة من جانب، وإسماع صوتها للآخرين من جانب آخر، وذلك عبر مواقع عدد من الصحف الافتراضية الجديدة والمواقع الإخبارية والمنتديات والقوائم البريدية والمواقع الشخصية لبعض السياسيين والمثقفين والادباء والاعلاميين ورجال الدين والأفراد العاديين سواء كانوا شباب او رجال او اطفال ..
كما دخلت شبكة الإنترنت بشكل مذهل في البيوت والمقاهي، وزاد عدد مستخدميها لدرجة تجعلنا نتوقف كثيرا من أجل إلقاء الضوء على أبعاد هذه الظاهرة والنظر إليها بموضوعية ولبحث آثارها الإيجابية والسلبية، وحسب ما جاء في دراسة هامة ل«كيمبرلي يونج» أستاذة علم النفس بجامعة بيتسبرغ في برادفورد بالولايات المتحدة الأميركية، فإن 6% من مستخدمي الإنترنت في العالم في عداد المدمنين، بالرغم من أن العلماء والخبراء اختلفوا في تعريف كلمة “إدمان” ففي حين لا يعتبرها البعض تنطبق إلا على مواد قد يتناولها الإنسان، ثم لا يقدر على الاستغناء عنها، إلا أن البعض الآخر يعتبر هذا المفهوم ضيقاً حيث يرون أن الإدمان هو عدم قدرة الإنسان على الاستغناء عن شيء ما , بصرف النظر عن هذا الشيء طالما استوفى بقية شروط الإدمان من حاجة إلى المزيد من هذا الشيء بشكل مستمر حتى يشبع حاجته حين يحرم منه.
كما أفادت نتائج الدراسات التي تمت بهذا المجال بأن أكثر مجالات استخدام المدمنين للإنترنت هي غرف الحوارات الحية “الشات”ومن خلال شبكات التواصل الاجتماعي كالفيس بوك – وسنتحدث عنها بالتفصيب تباعا – حيث يقوم الناس بالتعرف على أصدقاء جدد، ويقضون أوقاتاً طويلة في الثرثرة معهم عن الجنس، وقد يقوم الشخص بعمل علاقة غرامية عبر الأثير، وقد تستغرق تلك العلاقة شهوراً
وفي مجال آخر يسرف فيه المدمنون ألا وهو مواقع الجنس على الإنترنت التي تعرض الصور الفاضحة إضافة إلى ألعاب الإنترنت التي تماثل ألعاب الفيديو، ونوادي النقاش حيث يقوم كل نادٍ أو مجموعة بتبني قضية معينة أو هواية معينة، ويتم عمل مقالات وحوارات بين المشتركين حولها وتبقى عمليات البحث هي الأكثر إفادة للمستخدمين للتكنولوجيا الحديثة لاسيما الانترنت ، حيث يحتوي الإنترنت على كم هائل من المعلومات، وقد يستهوي ذلك نوعية معينة من العقول التي لا تشبع من الرغبة في الحصول على كل ما تقدر عليه من معلومات في مختلف مجالات الحياة
توفر الانترنت وسيلة للهروب من الواقع، والبحث عن طريقة لتحقيق حاجات نفسية وعاطفية غير مشبعة، وذلك عن طريق مقابلة الناس وتكوين علاقات اجتماعية وتبادل الآراء مع أناس جدد
كما أن مستخدم الانترنت يستطيع اخفاء بياناته الشخصية وردود فعله أثناء استخدامه للشبكة، وبالتالي يستغل بعض مستخدمي الإنترنت ـ خاصة الذين يحسون منهم بالوحدة وعدم الأمان في حياتهم الواقعية ـ تلك الميزة في التعبير عن أدق أسرارهم الشخصية ورغباتهم المدفونة ومشاعرهم المكبوتة مما يؤدي إلى توهم الحميمية والألفة وقد لاحظ الدكتور جون جروهول أستاذ علم النفس الأميركي إن إدمان الإنترنت عملية مرحلية، حيث إن المستخدمين الجدد عادة هم الأكثر استخدامًا وإسرافاً؛ بسبب انبهارهم بتلك الوسيلة.. ثم بعد فترة يحدث للمستخدم عملية خيبة أمل من الإنترنت فيحد من استخدامه له، ويلي ذلك عملية توازن الشخص لاستعماله الإنترنت. بيد أن بعض الناس تطول معهم المرحلة الأولى حيث لا يتخطاها إلا بعد وقت أطول مما يحتاج إليه أغلب الناس ومن سلبيات التكنولوجيا الحديثة خاصة الانترنت :أن مدمن الإنترنت يشعر بأنه في حالة قلق وتوتر حين يفصل الكمبيوتر عن الإنترنت، في حين يشعر بسعادة بالغة وراحة نفسية حين يعود إلى استخدامه، كما أنه في حالة ترقب دائم لفترة الاستخدام القادمة، ولا يشعر المدمن بالوقت حين يكون على الشبكة، وقد يتسبب إدمانه في مشاكل اجتماعية واقتصادية وعملية.
ويحتاج مدمن الإنترنت إلى فترات أطول وأطول من الاستخدام؛ ليشبع رغبته كما أن جميع محاولاته للإقلاع عن الإدمان تبوء بالفشل، وكثيرًا ما يستخدم مدمن الإنترنت هذه الوسيلة للهروب من مشكلاته الخاصة.


نشر منذ

في

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

اترك رد