د. أحمد عبد الباقي حسين: جامعة الزقازيق

ميز الله سبحانه وتعالى الانسان عن باقى المخلوقات بالعقل ؛ووظيفة العقل كما حددتها النصوص القرآنية هى التدبر فى الآيات المرئية والمقروءة والمسموعة واعمال الفكر فى كل امر يعرض للمسلم بداية من التوحيد الى ادق المسائل واصغرها ؛وذلك للوصول الى الحقيقة ومعرفة الصواب والخطأ والتمييز بين الخير والشر والحق والباطل.
ولتعدد هذه المهام والوظائف المتعلقة بالعقل وجدنا معان ومفاهيم عدة للعقل منها فى لغة العرب ان العقل مصدر عقل وهو الحجر ،والربط والمسك والملجأ والحصن والدية،ومنه رجل عاقل اى جامع لأمره والعاقل الذى يحبس نفسه ويردها عن هواها.
ومن تعريفات العقل من جهة الاصطلاح ما ذكره الراغب الاصفهانى:ان العقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ،ويقال للعلم الذى يستفيده الانسان بتلك القوة العقل.
وقد زخر القران بايات تتحدث عن فضيلة العلم والحث على تحصيله ،والاجتهاد فى اقتباسه وتعليمه منها قوله تعالى:(قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون)سورة المجادلة الاية 11
وقال تعالى :(وقل ربى زدنى علما)سورة طه الايه114 .
وعن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له .
وعن معاذ رضى الله عنه قال :تعلموا العلم فان تعلمه لله خشية ،وطلبه عبادة ،ومذاكرته تسبيح ،والبحث عنه جهاد،وتعليمه من لا يعلمه صدقة وبذله لاهله قربة.
ولما كان للعلم هذا الفضل وهذه المكانة لم يكن بمستغرب ان يكون اول ما نزل به الوحى من ايات(خمس)تتحدث عن قضية واحدة تقريبا الا وهى العلم.
قال تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)
وذلك مع ان الرسول صلى الله عليه وسلم ،والذى تنزل عليه القران أمى لا يقرأ ولا يكتب فكان واضحا ان هذه القضية هى مفتاح فهم هذا الدين ومفتاح هذه الدنيا ،بل وفهم الاخرة.
والى جانب قضية العلم ذكرت الايات وسيلته الكبرى ،التى ارتبط بها تاريخ العلم ومسيرته ،وانبثقت منها حركة التاليف والتعليم ونقل العلم من فرد الى فرد ومن امة الى امة ومن عصر الى عصر ،ويرجع اليه فضل ذيوعه فى العالم وانتشاره على اوسع نطاق .
فالعلم تارة يكون فى الاذهان وتارة يكون فى اللسان وتارة يكون فى الكتابة،ولكن وسيلة القراءة تعد الاشق والاصعب بين كل الوسائل ولكنها مع ذلك ارسخ من غيرها.
ونضيف الى ما سبق ان القران نزل فى امة كانت تتفاخر وتتبارى فى علم لسانها واحكام لغتها ونظم الاشعار وتأليف الخطب.
ونظرا لما تمتعت به تلك الوسيلة من مكانة لدى العرب والمسلمين وجدنا العديد من الكتابات فى مجال اداب المطلعة وشرايطها بشكل خاص واداب العالم والمتعلم بشكل عام.
والمطالعة عند عامة العلماء هى ملاحظة المرسوم لتحصيل المفهوم ،وبالتفصيل: ملاحظة الالفاظ المرسومة المعلومة الوضع للتوصل بها الى ما قصد بايرادها من بيان حقيقة او اثبات مطلب.
ومن اداب المطالعة وشرايطها:
-العناية بتحصيل الكتب بطريق الشراء والاستعارة ،فان استعار لم يبطىء به لئلا يفوت الانتفاع به على صاحبه،ولئلا يفتر عن تحصيل الفائدة من الكتاب،ومن الاقوال فى ذم الابطاء برد الكتب (ليس من افعال اهل الورع ولا من افعال الحكماء ان ياخذ سماع رجل وكتابه فيحبسه عنه ومن فعل ذلك فقد ظلم نفسه).
– ومن اداب المطالعة ان طالب العلم فى حاجة الى منهجية علمية فى المطالعة وتتمثل فى الابتعاد عن التشويش الفكرى ,فاذا بدا بمطالعة كتاب لابد ان يكمله,ويجعل لكل كتاب يطالعه دفترا ويضع فيه اسم الكتاب ويبدا الصفحة الاولى بكتابة التاريخ ويكتب بدات القراءة الساعة كذا لليوم الفلانى من الشهر الفلانى من العام الفلانى وهكذا مع باقى الصفحات .
ويقسم الدفتر الى ثلاثة اقسام :القسم الاول للزوائد النادرة التى استفادها من الكتاب والقسم الثانى يختص بما فهمه من الكتاب مما ليس فيه وهو ما يسمى قراءة ما بين السطور,والقسم الثالث للاشكالات التى تعرض له من اخطاء ,سواء اكانت مطبعية ام اخطاء المؤلف نفسه وبعضها من عدم فهم القارىء نفسه.
-عندما يشرع القارىء فى المطالعة فلينظر فى الكتاب من اوله الى اخره نظرا اجماليا على وجه يستوعب به فى ذهنه جملة المعنى ،ثم يلاحظ الامور المتعلقة بالخيال بتدقيق النظر والاستبصار فيها.
-ومن اداب المطالعة المهمة ان يتحرى القارىء الابتعاد عن الحفظ دون فهم المعانى المرادة منها ؛لانها تورث البلادة واعوجاج الطبيعة بل انها تسلب قابلية الادراك.