اختلالات التحكيم في المجلات .. د. هادي عبد النبي التميمي

د. هادي عبد النبي التميمي: أستاذ مساعد بجامعة الكوفة

على الرغم من السعي الحثيث طيلة مدة عملي كرئيس تحرير لمجلات علمية أكاديمية أو مديرا لتحرير مجلات أخرى لمدة تتجاوز أكثر من عشر سنوات سعيت خلالها جاهدا في تفعيل الضوابط الأكاديمية الموضوعية المتعارف عليها وفق سياقات النشر الدولية ..
إلا إنني أعتقد بأن التحكيم العلمي في بلادنا العربية لم يصل بعد الى ذلك المستوى الذي وصلت إليه بلدان العالم المتقدم وبخاصة في قضية مهمة وخطيرة تتعلق بتحديد نسب الإستلال من بحوث الآخرين أو من الدبلومات والرسائل والأطاريح الجامعية ، وأعتقد إن ذلك يعود الى عدم وجود منظومة واسعة يمكن الركون اليها للكشف عن مثل هذه النسب التي تصل في بعض الأحيان الى سرقة جهود الآخرين ، وأسهم بشكل كبير في تفشي مثل هذه الحالة وإستسهال القيام بمثل هذا العمل المشين عدم وجود آليات واضحة لمحاسبة مثل هؤلاء .
من طرفي إستحدثت في المجلات التي أشرف على تحريرها ما يسمى بـ( القائمة السوداء ) والتي وضعنا فيها أسماء مثل أولئك الباحثين ، وأخذنا عهدا على أنفسنا على عدم نشر أي بحث أو نشاط علمي لكل من يثبت سطوه وسرقته لجهود الآخرين ومن خلال التقارير العلمية التي تصلنا من خلال التحكيم العلمي ، وأدخلنا ضمن هذه القائمة مجموعة من المحكمين الذين يبدون تساهلا في قراءة البحوث أو يغضون الطرف عن السرقات العلمية لبعض الباحثين مجاملة أو جهلا منهم ..
ولعل الجدية في إنتظام صدور تلك المجلات والمصداقية التي نتعامل فيها مع الباحثين فضلا عن نشر تلك المجلات على مواقع وطنية ودولية رصينة أكسبتنا ثقة الباحثين وجعل من تلك المجلات مطلوبة للنشر فيها من قبل باحثين من داخل العراق ومن كل الدول العربية ومن دول العالم الأخرى ..
أما إذا نظرت الى الأمر من وجهة نظر الباحث فأني أسجل المآخذ الآتية على لجان التحكيم العلمي التي ترسل لها البحوث سواء للنشر في المجلات أم للإشتراك في المؤتمرات العلمية :
1 – إرسال البحوث الى محكمين من غير ذوي الإختصاص الدقيق في بعض الأحيان مما يشكلل خللا في عملية التحكيم العلمي .
2 – إرسال البحوث الى محكمين متساهلين في منح درجات التقوييم العلمي للبحث فتتم إجازة بحوث لاتستحق النشر في مجلات علمية محكمة ، ويبدو ذلك واضحا عند إطلاعنا على بعض البحوث في عدد لايستهان به من المجلات العلمية المحكمة في عموم عالمنا العربي .
3 – سألنا بعض المحكمين عن سبب عدم الإهتمام بعملية التحكيم العلمي فكانت الإجابة أقبح من الفعل نفسه بحجة إن إدارات المجلات لاتمنحهم مكافآت مالية وهو مايدفعهم الى عدم الجدية في القراءة .
4 – أما في المؤتمرات فإن كثرة البحوث وتنوعها وقصر المدة التي تمنح للمحكمين فضلا عن إرسال البحوث الى محكمين من غير ذوي الإختصاص إسقاطا للفرض ، فإن ذلك يؤدي الى حصول خلل كبير في عملية تقييم البحوث، إذ لايتم تقييم البحوث إلا من الناحية الشكلية فقط فيظلم كثير من الباحثين من ناحية المضمون العلمي لبحوثهم ، فضلا عن قضية المجاملات في منح درجات التقييم وخاصة في البحوث التي تدخل في المسابقات والجوائز.
تقبلوا مني وافر تقديري ومحبتي..

ملف: قضية للنقاش (2) التحكيم العلمي في المجلات والمؤتمرات: تشخيص واستشراف


نشر منذ

في

من طرف

الآراء

اترك رد