في معوقات قيم ومعايير الجودة الأكاديمية في الجامعات العربية .. د. قاسم عبد عوض المحبشي

د. قاسم عبد عوض المحبشي: جامعة عدن- كلية الآداب، قسم الفلسفة

تعد الجامعة مقوما أساسا من مقومات الدول العصرية وركيزة من ركائز تطور المجتمعات وتحقيق تقدمها العلمي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي فضلاً عن كونها بيوتاً للخبرة ومعقلاً للفكر والإبداع ومركزاً لانتقال وإنتاج المعرفة وتطبيقها وبؤرة للتحديث والتجديد والتنوير والتغيير وهي أهم وأخطر مؤسسة حديثة واستراتيجية في تاريخ الحضارة الإنسانية وذلك لإسهامها الحاسم في نهضة وإزهار مشروع الحداثة العلمية العقلانية في عموم الكرة الأرضية، وأهمية الجامعة لا تعود إلى قيمة وظائفها الأساسية الثلاث: المتمثلة في نقل المعرفة وظيفة التدريس، إنتاج وتطوير المعرفة وظيفة البحث العلمي استخدام وتطبيق المعرفة وظيفة خدمة وتنمية المجتمع، فحسب بل وإلى كونها تعد المثل الأعلى لمؤسسات المجتمع المدني الحديث وللإدارة البيروقراطية الرشيدة وذلك بما تمتلكه من بنية تشريعية دقيقة التنظيم وإدارة فنية أكاديمية كفؤة وعالية الجودة وقيم ومعايير مهنية أكاديمية علمية قانونية وثقافية وأخلاقية وجمالية وحضارية وإنسانية مجردة وشاملة، ذلك لأن التشكيل الأكاديمي هو تشكيل غايته الكمال الأكمل والتام الاتم والكلي المطلق ألمجرد والمثال الأمثل….وتأبى الأكاديمية النزول بالتشكيل عن أرقى تصميم فهي نزوع دائماً نحو الأكثر حكمة والأكثر عدلاً والأكثر جمالاً والأكثر نفعا وقيمة وفائدة مهما كلف ألأمر والأمر من أعلى ما تكون الهمم ومن ارقى ما تكون معالي الأمور وجودة الثمار.
وقد مثلت الجامعة منذ نشؤها في القرنين الثاني والثالث عشر الميلادي في أواخر العصر الوسيط النموذج المحتذى لمؤسسات المجتمع المدني الحرة المستقلة بل وللمؤسسات الحديثة الرسمية الناجحة عامة وهي بذلك تعد الحامل المادي للثورة المنهجية الثقافية الكبرى التي أفضت على مدى ثلاثة قرون إلى التحول الجذري للمجتمع الأوروبي من التقليد إلى الحداثة وما بعد الحداثة كما يعرفون اللحظة الراهنة
يقول كلارك كير Clark Kern ” تم أنشاء نحو (85) مؤسسة من مؤسسات التعليم العالي في العالم الغربي بنهاية عام 1520م.. ولقد ذهب ما كان يعرف بالملوك التي تحكم واللوردات الإقطاعيين بخدمهم ونقابات التجار والصناع باحتكاراتهم ذهبوا جميعهم في ذمة ألتاريخ في حين أن الجامعات لا تزال موجودة في مواقعها، ومحتفظة ببعض مبانيها القديمة، ويؤدي أساتذتها وطلابها والإدارة ما يشبه التقاليد القديمة المستمرة نفسها”1.
وبهذا المعنى يمكن لنا فهم عبارة تشارشل:” اننا نحن الذي ننشئ ونشكل مؤسساتنا ثم تقوم هي بتنشئتنا وتشكيلنا”2 وإذا كان من الصحيح القول أن الافراد يأتون ويذهبون أما المؤسسات فتظل باقية فمن المؤكد ان بقاءها واستمرارها لا يتم من تلقى ذاته ولكنه مرهون بديمومة القيم والتقاليد الذاتية الجوهرية التي تمنح المؤسسة هويتها ألمتميزة ولا تكون إلا بهاء انها اشبه (بقواعد اللعبة) التي يستحيل اللعب بدونها!
والأكاديمية ليست صفة شكلية خارجية لمؤسسات التعليم الجامعي والمشتغلين ومنتسبيها كما هو شائع عندنا, بل شبكة واسعة من التقاليد والقيم والمبادئ والقواعد التي يجب ان يتمثلها داخليا ويلتزم بها فعليا في الافعال والأفكار والممارسات اليومية كل من ينتسب الى هذه المؤسسة ويحمل صفتها ( أكاديمي / اية ) ولا وجود لها خارج النسق الحي لممارسة المهنة الأكاديمية .

للاطلاع عل الورقة البحثية


نشر منذ

في

من طرف

الآراء

اترك رد