طرق الاستدلال الأصولي وقواعد تدبير المسكوت عنه … لمياء فاتي

لمياء فاتي: جامعة دار الحديث الحسنية- الرباط

ننطلق من مسلمة مهمة نبني عليها محاور هذه الدراسة، وهي أن الشريعة الإسلامية هي أكمل وأشمل، لكونها تتميز بالمقومات التي تجعل منها شريعة خالدة، ثابتة، ومستمرة، ومواكبة لجل التطورات، ومجيبة عن كل التساؤلات؛ لأنها تنبني على نسق محكم النظام، وتمتلك أصولا تشريعية، وآليات اجتهادية، تمد المكلفين بتشريعات جديدة في مختلف أحوالهم.
ومادام تطور المجتمع الإسلامي يستلزم ويقتضي ظهور مستجدات جديدة في الحياة، تبعا لتغير الزمان، والمكان، والحال، ومادامت الحوادث الطارئة شيئا متجددا، فهذا الأمر يستوجب أمرين اثنين:
الأمر الأول: حكم شرعي في المسألة أو الواقعة، استنادا على مدارك الأحكام، وأصول الاستنباط، باعتبارها مثمرات، وأدوات منهجية، لإيجاد الحكم الاجتهادي المناسب لهذه النازلة.
والأمر الثاني: وهو الرئيس في عملية الاجتهاد، لأنه يربط بين النص والواقع، وهو المجتهد الذي يستفرغ الوسع اجتهادا، ويستنبط الحكم ابتداء، وينزله على محله المناسب، بتحقيق مناطه انتهاء؛ وهذا هو مدار الاجتهاد باعتباره ثمرة المعرفة بمراتب الأدلة، وطرق وضروب الاستنباط والاستدلال، وأدوات فهم واستثمار الخطاب الشرعي.
والمتأمل في بناء الشريعة، يجدها مستوعبة لكل مستجدات الحياة، ذلك أن النسق الاجتهادي الأصولي، وأدوات النظر الشرعي، والتشريع الإسلامي، تنتظم كل المسائل والحوادث الطارئة، إما بالوقوف على منظوم الخطاب، وصيغته، ولحنه، وإما بتلمس وطلب مفهومه ودليله، أو معقوله.
ومن ثم فالاجتهاد يكون من خلال طريقتين منهجيتين:
أولاهما اجتهاد في النص لفظا، ودلالة، وبيانا؛ وثانيهما اجتهاد مع النص استنباطا، وتنزيلا، وتحقيقا، اعتمادا على أدلة جزئية تفصيلية؛ وهو إلحاق وقياس الجزئي على الجزئي المشابه لاشتراكهما في العلة والحكم، وقياس الجزئي على الكلي في حالة السكوت عن الدليل التفصيلي، اعتمادا على الكليات الشرعية التي تنتظم كل الجزئيات احتواء، ودلالة على الحكم؛ جاء في الموافقات ” لما انبنت الشريعة على قصد المحافظة على المراتب الثلاث من الضروريات والحاجيات والتحسينيات، وكانت هذه الوجوه مبثوثة في أبواب الشريعة، وأدلتها غير مختصة بمحل دون محل، ولا بباب دون باب، ولا بقاعدة دون قاعدة، كان النظر الشرعي فيها أيضا عاما، لا يختص بجزئية دون أخرى؛ لأنها كليات تقضي على كل جزئي تحتها”1، أي أنها حاكمة على ما تحتها من وقائع جزئية، لأن الكليات العامة هي قانون استنباط الأحكام لهذه الجزئيات الضابطة لها.

للاطلاع على هذه الدراسة


نشر منذ

في

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

اترك رد