انطلاق فعاليات الندوة العلمية الدولية “الشاهد في الخطاب” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان

انطلقت أمس بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان ندوة عملية دولية ستقام طيلة أيام 12 و13و 14 أفريل 2017 بقاعة الأطروحات بالكليّة، وسيشارك فيها مجموعة من الأساتذة الباحثين المختصين من تونس ومن الخارج، اجتمعوا ليعالجوا جملة من قضايا طرحتها ديباجة هذه النوة العلميّة.

وقد انطلقت الجلسة الافتتاحيّة بكلمة ترحيبيّة ألقاها السيّد عميد الكليّة الأستاذ عبد الكريم العبيدي ثمّ تلتها كلمة السيد أحمد عمران رئيس جامعة القيروان ثمّ كلمة الأستاذ محمد حيزم مدير قسم اللغة العربيّة والآداب والحضارة العربيّة ثمّ كانت كلمة منسّق الندوة الأستاذ محمد النوي.

وكان افتتاح الجلسة العلميّة الأولى برئاسة الأستاذة منجيّة عرفة منسية وشارك فيها كلّ من الأساتذة حمادي بن جاب الله والأستاذ عبد العزيز شبيل والأستاذ عبد العالي أبو طيب والأستاذ الأستاذ عبد الله الرشدي.

ساهم الأستاذ: حمادي بن جاء بالله(جامعة تونس) في أشغال هذه الجلسة العلمية بورقة بحثيّة عنوانها “المحاكاة أو ديكارت شاعرا”، بيّن من خلالها مكانة الشعر في النظام الفكري الديكارتي ، مثيرا بذلك جملة من الأسئلة من قبيل: كيف يمكن لديكارت وهو رمز العقلانية ان يكون شاعرا والشعر منبته الخيال؟ كيف له أن يكتب ”أوبيرا” وأن يدعي وصلا ”بالبرناص”؟ فهل يعني ذلك أنه أنجز من حيث لا يحتسب ثورة في ”الجماليات” بتغيير جذري أدخله على ”الخيالي ” وهو الذي لم ينشر أي كتاب في ”الجماليات” ؟ وهل له ذلك دون أن يحرر الخيال من تقاليد فلسفية أفلاطونية -أرسطية –رشدية التي جعلت الخيال –إجمالا – ملكة ”محاكاة”؟ وهل يختلف ذلك عن بادرة تحرير ”العقل ” من التقاليد العلمية والفلسفية واللاهوتية الغالبة على عصره ؟ كيف يمكن تأويل الموقف الديكارتي باعتباره انتصارا للحرية في المجالين العلمي والفني ؟وهل يكون العلم ممكنا دون ”الشعر”؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل لنا أن ننتظر منه –وهو الذي لم يضع أيّ كتاب في السياسة – نظرية في الحكم تكون العمدة فيها على الحرية ؟

ثمّ ألقى الأستاذ عبد العزيز شبيل (جامعة سوسة) مداخلة بعنوان “الشاهد مكونا تناصيا في التراث النثري” سعى من خلالها إلى الآهتمام بمظهر طريف من مظاهر “الشّاهد” في النّصوص الأدبيّة ,وهو ما آصطلح على نعته بالتّناصّ الذّاتي أي ذلك الصنف من الشواهد التي يعتمد فيها الكاتب على سابق كتاباته فيستقي منها ما قد يمثّل ضربا من الثوابت المتعاودة في مؤلّفاته اللاّحقة ,مع حرصه على التّنويع و التّحوير و الإضافة . و هو ما قد يوحي بأنّ الكتابات الأولى تمثّل ضربا من “التّمرين” يستعيده صاحبه بالمراجعة و التّعهّد حتّى يبدو لاحقا في شكله المكتمل

أمّا الأستاذ عبد العالي بوطيب(المغرب) فقد ساهم بورقة بحثيّة موسومة بـ”الشاهد المقدس والحد من سقف الاجتهاد”أظهر من خلالها الدور السلبي أحيانا للشاهد المقدس عامة ، و الإسلامي خاصة ، ممثلا في القرآن الكريم و الحديث الشريف ، في الحد من منسوب الاجتهاد . و إعمال الفكر في قضايانا الدنيويةا و المعيشية الراهنة ، و إخضاعها قسرا بالمقابل لمنطوق شواهد مقدسة تعود لعصور غابرة ، مغايرة تماما لما نحياه اليوم ، اعتمادا على آلية النقل ، و استحضار مخزون الذاكرة المكتفية أساسا بترديد ما تحويه من نصوص مقدسة تعود لسياقات متجاوزة ، لدعم مواقف و اقتراح حلول، قد لا تتناسب إطلاقا لمقتضيات المنطق و متطلبات الواقع . مما يشكل في تقديرنا عائقا أساسيا في وجه تحديث مجتمعاتنا العربية / الإسلامية ، و الحد من قدراتها على مسايرة ركب التقدم . بذلك يكبح الشاهد المقدس جماح تطور مجتمعاتنا ، عوض أن تساهم مجتمعاتنا في تطوير فهمنا و تأويلنا لهذا الشاهد.

وألقى الأستاذ عبد الله الرشدي (المغرب) ورقة علمية عنوانها “تعاقب القراءات على الشواهد التراثية النحوية”، بناها على عنصرين اثنين: الأول: القراءة بمفهومها النقدي الحديث، والتي هي خلاصة التفاعل بين المتلقي القارئ والنص المقروء. والثاني: الاستشهاد باعتباره شكلا من أشكال تحاور النصوص وتشابكها. وقد اشتغل البحث على مكون الشاهد الشعري في التراث النحوي العربي القديم، من خلال أثرين متخصصين في الباب: (شرح أبيات سيبويه) لابن المرزبان السيرافي ت 385هـ. و(شرح شواهد المغني) لجلال الدين السيوطي ت911هـ.
وقد دارت هذه الورقة العلمية إشكالات عديدة من ذلك: كيف بنيت مدونة الشواهد النحوية ؟ ما سياقات إنتاجها؟ وأين تستمد سلطتها؟ ما وظيفة نص الشاهد في الدرس النحوي؟لماذا صار مادة خصبة للتلقي ومجالا رحبا للقراءة؟ ما مسوغات تعاقب القراءات على الشواهد النحوية؟ ما القيمة العلمية التي يمكن أن تجنى من فعل التعاقب هذا؟
أمّا الجلسة العملية الثانية فقد كانت برئاسة الأستاذ الطاهر بن يحي وشارك فيها كلّ من الأستاذ المنصف الوهايبي والأستاذ الصحبي العلاني والأستاذة ذهبيّة حمو الحاج والأستاذ محمد زروق

ساهم الأستاذ منصف الوهايبي (جامعة سوسة) بورقة عنوانها ” يوسف شاهدا” تناول فيها يوسف شاهدا من القرآن إلى النص الشعري، كيف انتقل من الديني إلى الشعري؟أهو شاهد زور أم هو قناع؟أهو نسجيل أم توظيف؟ وهل الشاهد تعبير بـــ أم تعبير عن؟.

وقرأ الأستاذ الصحبي العلاني (جامعة القيروان) ورقة بعنوان “الشاهد في كتب تفسير الأحلام، الحضور والحدود والوظيفة” بيّن من خلالها مكانة عل تعبير الرؤيا وتفسير الأحلام في عهد بداية العوة المحمديّة، مبرزا أنّ الاعتراف بهذا العلم “لم يكن بالبساطة التي نعتقد، ولا باليسر الذي نظنّ لأنّه احتاج أكثر من مرّة إلى انتخاب الشواهد وإلى مراجعتها في مسارات من التداول والتأويل بالغة التعقيد والإشكال حرصا على حسن “سياسة المقدّس” و”تطويق المخيال”.

أمّا الأستاذة ذهبية حمو الحاج (جامعة تيزي وزو-الجزائر) فقد قدّمت مداخلة موسومة بـ”الشاهد والفعل الاستشهادي في الخطاب”

بينت من خلالها أنّ االاستشهاد يشكّل وسيلة من وسائل تسجيل حضور خطاب الآخر في خطاباتنا الخاصّة، وذلك بشكل صريح أو ضمني، مثلما تشير إلى ذلك جاكلين أوتيي رفوز Jacqueline Authier-Revuz، وأن نذكر الآخر، أو نذكر أقواله، ذلك يعني الحاجة إلى إبراز انتمائنا الاجتماعي والخضوع لسياق الخطاب. ومن هنا قد أثارت جملة من الأسئلة الإجابة الجوهرية من قبيل:
– ماذا نعني بالاستشهاد؟ ولماذا نحن بحاجة إليه؟
– ما هو موقع الاستشهاد في الخطاب من حيث التّصريح والتّضمين؟
– كيف تتحدّد الخطابات في ظلّ الاستشهاد؟
– ما هي علاقة الشّاهد بالإحالة؟ وكيف يسهم في انسجام الخطاب وتماسكه؟
– ما هي حدود الشّاهد مع تنوّع الخطابات: اليومية، الأدبية،…. وما هو دور السياق في ضمان استمرارية الخطاب؟

وقد ختم الجلسة الأستاذ محمد زروق (جامعة السلطان قابوس-عمان) بمداخلة عنوانها ” الشاهد في قصص الحديث النبوي”.

أمّا الجلسة العلمية الثالثة فقد كانت برئاسة الأستاذ محمد طاع الله وشارك فيها كلّ من الأستاذة لمياء الفقيه والأستاذ نور بوفايد والأستاذ رضا كرعاني والأستاذة حذام بن عبد الواحد.

شاركت فيها الأستاذة لمياء الفقيه (جامعة القيروان) بورقة علميّة عنوانها شعرنة القرآن وقرأنة الشعر، دارت حول ما يحدثه التفاعل بين النّصّين المستشهد منه والمستشهد فيه من أثر في الخطابين القرآني والشعريّ.

وقدّم الأستاذ نور بوفايد (جامعة المنستير) بحثا عنوانه “البعد الطقوسي في الشواهد، اختراق النصوص والأجناس”.

وقدّم الأستاذ رضا كرعاني (جامعة القيروان) الإسلام المبكر من خلال الشواهد الأثرية بيّن من خلالها العلوم العديدة التي تشدّ النص القرآني إلى الواقع الذي نشأ فيه ومن أشهر هذه العلوم علم أسباب النزول وعلم الناسخ والمنسوخ… وقد انطلق القدامى من مسلّمة مفادها أنّ الواقع التاريخي الذي نشأ فيه القرآن معروف ومتحدّث عنه في كتب التاريخ بمختلف أنواعها، وهذه المسلّمة هي التي قام البحث التاريخي العربي المعاصر بنقضها، فالنص القرآني هو المصدر الوحيد الذي يمكن أن نثق فيه لمعرفة الواقع التاريخي لعهد نبوّة محمّد، وذهب فريق من المستشرقين إلى تقديم رواية مغايرة لحدث نشوء الإسلام معتمدين على شواهد أثريّة ورافضين لكل المصادر الإسلامية التقليدية بما فيها النص القرآني.

أمّا الأستاذة: حذام بن عبد الواحد(جامعة القيروان):فقد شاركت بورقة علميّة عنوانها “الشاهد الديني في الصراع على السلطة، حادثة السقيفة أنموذجا” بحثت من خلالها عن الشاهد الديني سندا ومتنا ووظيفة ونحن نقتفي خطى المؤرخ الطبري في اختياره للشواهد الدينية الحافة بحادثة سقيفة بني ساعدة نروم تحديد مرجعيّات الشاهد وأاغراضه وسبل توظيفه في الكشف عن حقبة هامّة في تاريخ الحضارة الاسلامية تميّزت بالصراع على السلطة وفتحت بابا لنظريّة الافتراق.فكيف وظّف الطبري الشاهد الديني في رواية “الخبر عما جرى بين المهاجرين والأنصارفي أمر الإمارة” و في التأريخ لحادثة السقيفة ؟وماهي الخلفيّة العقديّة والسياسيّة التي تحرّك ذهن المؤرخ في انتقائه للشواهد؟

أمّا الجلسة العلميّة الرابعة فقد كانت برئاسة الأستاذ مشهور مصطفى نشطتها كلذ من الأستاذة هاجر مدقن والأستاذة صبحة ساسي والأستاذ خالد خرابي والأستاذ الحبيب بو عبد الله

افتتحت الأستاذة هاجر مدقن (جامعة قاصدي مرباح-الجزائر) هذه الجلسة بمداخلة عنوانها “الشاهد الافتتاحي في الروايات العربية، قراءة في حجاج العتبة والنص” رصدت من خلالها حجاج الشاهد الافتتاحي في الروايات العربية، ودوره في تشكيل دلالة النص.

كما بيّنت الباحثة دور الشواهد الافتتاحيّة نحو الإهداء والتقديم ومداخل الفصول والأبواب في تشكيل النص الروائي. كما أوضحت الباحثة أنّ
كل هذا يعد في عرف تحليل الخطاب عتبات نصية، والعتبة تلميح تصريحه كمال فهم ما يأتي بعده، ولأن ” الشاهد يسعى إلى الربط بين المتفقات في الجنس” ، ووظيفته كما يشير “كورتيوس”: “إضفاء القبول على فكرة ما باللجوء إلى حدث قديم واقعي أو خرافي أو أسطوري أو منتمٍ إلى التراث الأدبي أو حدث صناعي احتمالي أو خيالي،…” ، فإن سعي الروائي إلى تصديره عند كل مدخل ومنطلق إنما يكون من باب الإثبات؛ إثبات قاعدة لا بمعناها الصارم، إنما مغازلة القارئ لخلق تواطؤ مشترك على توافق معنيين؛ أحدهما يغري به لاتفاق مسبق حوله، وهو الشاهد أو العتبة، والآخر يغري له فيحدث الربط والاتفاق.

أمّا الأستاذة صبحة ساسي (جامعة القيروان) فقد قدّمت مداخلة عنوانها “الشاهد والشهادة بين سلطان الحقيقة وسطوة الأدب” اهتمّمت فيها بمحوري الشاهد والشهادة فتناولت الشّاهد مفهومه وعلاقته بإنتاج النّصوص ثمّ درست الشّاهد القوليّ الخطابي والشّاهد الشّخصيّة الأدبيّة. وكذا الشاهد وعلاقته بالنّص الأصلي : طرائق إدراجه، بنيته ، توظيفه وظائفه .

كما وقفت الباحثة عند الشّاهد ولعبة تعدّد الأصوات . لتختم بحثها بالوقوف على الشّاهد و الشّهادة ودورهما في توليد الدلالات وإنتاج المعنى.

وقدّم الأستاذ الحبيب بوعبدالله (جامعة القيروان) ورقة بحثية عنوانها “الشاهد الشعري في الخطاب النقدي القديم من التمثيل إلى التأويل”. كما قدّم الأستاذ خالد الهرابي (جامعة القيروان) مداخلة عنونها” الشاهد في الرواية العربية، التعالق النصي والحقل الثقافي”.


نشر منذ

في

,

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

اترك رد