فيدرالية ( أبو ناصر) !!!

بقلم: إبراهيم زيدان

* صحفي وكاتب وشاعر عراقي

* عضو منظمة الدفاع الدولية

 

( أبو ناصر) شخصية إعلامية معروفة تطل عبر فضائية الفيحاء إلى المشاهدين ليس في العراق وحده وإنما كل من يشاهد الفضائية المذكورة ، و( حجاياته ) أو أحاديثه تفوح بعطر الوطنية معبرة عن هموم المواطن العراقي وألمه ووجعه في ظل عراق الاحتلال الأمريكي ، و( أبو ناصر) ضاق ذرعا بالوضع القائم فهو مواطن بصري عليه أن يقطع مسافة 600 كيلو متر لكي ينجز معاملة رسمية في بغداد ، وعليه أيضا أن يتحمل نفقات سفره وإقامته في فندق في العاصمة بغداد التي وصل السكن في غرفة في فندق ليس خمس نجوم طبعا إلى خمسين إلف دينار لليلة الواحدة عدا نفقات طعامه وتنقلاته بالسيارة من الفندق إلى الدائرة الحكومية وبالعكس ، ومن حقه أن يحتج لان بغداد تمسك بزمام الأمور حتى في إصدار هوية الأحوال المدنية أو جواز السفر وغيرهما ، بينما المدن الأخرى في دول نظامها فيدرالي تجاوزت هذه الأمور ، لان الحكومة الاتحادية فيها كما يسمونها اليوم في العراق تمسك بمفاتيح أربعة أساسية هي ( الدفاع والمالية والخارجية والمخابرات ) وباقي المفاتيح سلمتها للمحافظات التي اندمجت في أقاليم لتدير شؤونها بنفسها وهي التي تعين مدير الشرطة ومدير التربية وهكذا .

وأنا مع العم (أبو ناصر) في إنهاء معاناته ومعاناة جميع أبناء المحافظات العراقية العزيزة في إقامة نظام فيدرالي إداري تتمتع فيه المحافظات بصلاحيات واسعة عدا مااشرنا إليه لأنها تدار من قبل الحكومة الاتحادية التي لم تتحد لافي خطابها ولا في مشروعها السياسي حتى الآن ،لأنها حكومة أحزاب وليست حكومة شراكة وطنية كما يزعمون ، وهي في الحقيقة حكومة تختارها الأحزاب حسب الاستحقاق الانتخابي الذي تم على أساس طائفي وقومي عنصري لااساس الهوية الوطنية ، ولذلك بقيت الحكومة ضعيفة ورئيس وزرائها مغلوبا على أمره متمسكا بمفاتيح الأمن لعله يضبط ماانفلت ولكن حتى هذا لم يتحقق لان الأمن لايزال مخترقا والحوادث الأمنية المفجعة مستمرة بنجاح منقطع النظير والضحية هو العراقي لاغيره .

ومن يتصور أن الدعوة إلى إقليم سني مثلا ، لان إخوتنا السنة مهمشون أو مظلومون، فصاحب هذه الدعوة إنما يتجاهل الواقع المرير كليا ويقفز عليه راكبا مركب الطائفية الذي أوصله وأوصل غيره من الطائفيين إلى كرسي السلطة ، لان من في سلطة اليوم هم لايمثلون إخوتنا الشيعة أيضا إنما يمثلون أحزابهم وكتلهم السياسية وهكذا بالنسبة للسنة ، وكذلك بالنسبة للإخوة الأكراد بدليل مايحدث من احتجاج واستنكار للظلم الذي يقع عليهم في الإقليم الذي تأسس على حجر القومية ، مع إنهم يتحدثون عن كونهم جزءا من العراق (الاتحادي الفيدرالي الديمقراطي) ، ولو زرت مدينة السليمانية على سبيل المثال لاالحصر ستجد أن اللغة العربية غائبة عن جميع قطع الدلالة في المدينة المذكورة ، والعراق دولة عربية والعرب فيه يمثلون القومية الأولى ولم نقرأ في يوم ما بأنه دولة كردية !

فقطع الدلالة في المدينة العراقية المذكورة كتبت باللغتين الكردية والانكليزية فقط وعلى المواطن العراقي الآتي من المحافظات الأخرى الذي لايفهم الكردية ولا يجيد الانكليزية أن يستعين بمترجم كردي أو انكليزي، لان منهج التدريس في مدارسنا يولي اهتماما كبيرا لقواعد اللغة ولا يهتم باللغة إلى يومنا هذا فيتخرج الطالب أميا لايفهم من الانكليزية سوى كلمات محدودة، ومع ذلك يظهر عليك من يقول من السياسيين الكرد من يقول أنهم جزء من العراق متجاهلين أن العراق جزء من الوطن العربي بمعنى أن اللغة الرسمية فيه هي العربية ثم صارت اللغة الكردية في ظل دستور الاحتلال الأمريكي اللغة الثانية ، ولا اعتراض لأنهم أبناء وطننا الذي يسعى الكثير من السياسيين المرتبطين بدول الجوار وغيرها إلى تمزيق العراق بالدعوة إلى فيدرالية طائفية وقومية ، ولتذهب بقية الطوائف والقوميات العراقية بوصفها أقليات في نظرهم إلى الجحيم، ولتعش سياسة التهميش والإقصاء التي صارت سمة العصر السياسي الذي نعيشه وتزكم أنوفنا رائحة فساده .

نعم من حقنا جميعا أن تتمتع المحافظات العراقية بنظام فيدرالي يعتمد الإدارة اللامركزية بصلاحيات إدارية واسعة تمكنها من إدارة شؤونها بشكل يظهر كل محافظة تضاهي عواصم العالم التي نقرأ في صحفها أن الوزير الفلاني استقال من منصبه على خلفية قبوله هدية بسيطة كأن تكون قميصا أو ربطة عنق ، بينما نقرا في صحف بلاد امريكانستان سرقة كذا مليار أو ضبط شحنة مواد غذائية فاسدة أو مخدر يقتل المرضى أو أن الثروة النفطية صارت نهبا لشركات الاحتكار تحت عنوان جولات التراخيص أو هروب سجناء أو اغتيال مسؤول أو موظف حكومي بكاتم صوت أو سيارة مفخخة تودي بحياة عمال البناء أو اعتقال نشطاء تظاهروا مطالبين بمحاسبة الفاسدين والمفسدين .

أقول أن الوضع لإقامة فيدراليات إدارية حتى ، غير مهيأ للأسباب المذكورة ، فضلا عن غياب الولاء الوطني لمعظم أحزاب السلطة التي تدين بالولاء لبعض دول الجوار وغيرها مما يرسخ غياب الانتماء الوطني ، وهذا مما يخشى منه الشرفاء والوطنيون في هذا البلد الذي تتصارع على أرضه مخابرات دول كثيرة وشخصيات سياسية تقاتل وتقتل بالنيابة عنها من اجل استمرار دعمها .

ولكن من حق العم ( أبو ناصر) ومن حق( كاكه حمه) ومن حق الأخ (حامد الدليمي) ومن حق كل مواطن عراقي يعيش على ارض محافظته أن تكون إدارتها فيدرالية توفر له جميع الإمكانيات والخدمات وتسهر على راحته وتمنحه الأمن والأمان بعيدا عن المركز الذي صار فيه معارضو أمس خصوم اليوم ولااقول الأعداء ، لان السياسة لاعداوة فيها ولامحبة دائمة إنما المصالح هي التي تقرر .

وختما لاسنة العراق ولاشيعته ولاحتى كرده ينعمون اليوم بخيرات بلدهم ، لان الفساد السياسي في ظل اللصوص وسراق الليل والنهار وأصحاب الصفقات السياسية الذين لايرون مصلحتهم إلا بتمزيق العراق إلى كيانات طائفية وقومية عنصرية أدى إلى ضياع ثروات بلدهم وضياع وطنهم أيضا في صراعات سياسية تفتعل لصالح أجندات خارجية تتحكم بالبلاد والعباد لاتزال محط رفض واستنكار من جميع أبناء العراق الشرفاء ، وقد كان لأهلنا في الرمادي موقف وطني كبير معبر عن الأصالة والحب لهذا الوطن المبتلى بباعة الدم والضمير تجاه الإقليمية الطائفية ، وهو الموقف الوطني ذاته الذي نراه في جميع محافظات العراق من أبنائها الشرفاء الذين يقفون بقوة أمام مخطط التقسيم الذي يشهد على بعض بنوده دستور العراق المفخخ بالطائفية والعنصرية.

 

الآراء

اترك رد