الأدوات الثمان لتحقيق التميز

القيم المضافة الملازمة لعملية التحضير للجوائز العالمية والمحلية

بقلم: م. مهند النابلسي

باحث في الجودة والتميز

في غمرة حماس الشركات العربية للتحضير والتقدم للحصول غلى جوائز التميز المحلية والعالمية ، فانه غالبا ما يتم التركيز على الاجراءآت الشكلية والاسمية للجائزة ، والتي تتضمن كتابة تقرير الاشتراك وتشكيل فريق للاجابة على أسئلة المعايير ، ومن ثم السعي لتحضير الوثائق والتقارير الداعمة ، بحيث تتحول العملية بمجملها لاجراءآت كتابية متعددة بعيدا عن روح الجائزة ، والتي تهدف لدفع المؤسسات لاتخاذ جملة اجراءآت عملية شاملة تضعها في رحلة التميز ، وتحدث بالتالي تغييرات جذرية في كافة أصعدة العمل ، بحيث يكون تنفيذ المهام والخطط هو الأساس وتتحول الكتابة لتوثيق الانجازات ولوصف وقياس التقدم في خطط العمل لكافة المعايير المطلوبة . من هذا المنطلق فان عملية التقدم للجائزة بحد ذاتها تغني بداية الانطلاق في رحلة التميز الشاملة ، حيث تختلف هذه العملية جذريا عن اجراءآت الحصول على شهادات الأيزو أو الاعتمادية ، نظرا لأنها ليست ذات طابع تقليدي—توثيقي طبقا لمقولة ” قل ما تفعله وافعل ما تقلة ” ، وانما تعتمد أساسا على جملة قيم مضافة تستعرض بتكامل اجراءآت تطوير طلب الاشتراك ، حتى ولو لم تستمر المؤسسة بعملية التقدم للجائزة ! من هذا المنطلق الخص في هذه المقالة هذه “القيم المضافة ” باختصار :

1. أداة للمساءلة : بمعنى تحمل مسوؤلية القادة والمدراء عن اكمال متطلبات معيار معين ، ويكون ذلك على ثلاثة أصعدة : الجانب التنظيمي ، الجانب العملياتي ، والمسؤولية عن تحقيق النتائج المطلوبة بشكل ايجابي .

2. أداة للديمومة : بمعنى توثيق الممارسات المثلى في المؤسسة ، بحيث يتم وصف العمليات والاجراءآت القياسية التي تقود للتميز ، ويجب أن لا يتأثر ذلك بدوران المدراء أو مغادرتهم للعمل ، بحيث نحافظ على مؤسسية العمل والانجاز .

3. أداة للتحسين : أثناء عملية كتابة تقرير الاشتراك ، يتم التعرف تلقائيا على مواطن الضعف وفرص التحسين ، ومن ثم تعطى الأولوية للنقاط الأكثر أهمية وتتم معالجتها تباعا . وهذا بحد ذاته يعد نمطا منهجيا من ” التقاطع الوظيفي ” يقود لتطوير وتحسين العمليات .

4. أداة للتوازن : جوائز التميز العالمية والمحلية تحرك المؤسسات باتجاه نمط التفكير الجمعي ، بعيدا عن الاداء الفردي للوظائف ، مما يتطلب رؤيا عملياتية للانجاز ، ويتطلب ذلك توازنا ومسؤولية جماعية بعيدا عن الانانية والتفكير الفردي .

5. أداة للتوظيف والمشاركة الجماعية : ان التقدم للاشتراك بالجائزة يعد بحد ذاته أداة هامة لتوظيف كافة قدرات القادة والكوادر المعنية ، فالمشاركة في كتابة ومراجعة تقرير شامل مكون من خمسين صفحة يعطي فرصة خلاقة للتكامل وبناء ثقافة تحسين مترابطة .

6. أداة للتمييز والتحفيز : فعملية تمييز وقياس التحسين والتطوير الملازم لعملية التقييم الداخلية للمؤسسة ، تعطي الفرصة لتشجيع وتحفيز القادة والمعنيين للاستمرار بتقديم الجهود ودفع المؤسسة قدما في رحلة التميز والانجاز .

7. أداة للتفاضل : ويكون ذلك بواسطة اطلاع الزبائن والعملاء على جهود التميز في مجمل الاداء التنظيمي والعملياتي مقارنة مع المنافسين ، يكمن التفاضل هنا في نقطتين : تحقيق الابداع والتجديد في المنتجات أو الخدمات المقدمة ، والثانية في قدرة المؤسسة على تصميم منتجات أو خدمات جديدة تواكب الاحنياجات المستقبلية للزبائن ، مع اعطاء فسحة كبيرة لعناصر الابداع والتجديد والقدرة الجماعية لحل المشاكل وتجاوزها .

8. أداة لتفعيل خطوات “خارطة الطريق” : بمعنى وضع برنامج عملي للوصول للتميز المؤسسي ، يبدأ بتفعيل كل من الرؤيا والرسالة والأهداف ، موثقا الاداء الحالي ، واضعا أهدافا ذكية وعملية ، طارحا استراتيجيات جديدة ، متعرفا على مواقع التحسين ، منفذا لاجراءآت التحسين ، مقيما التأثيرات على الأهداف المؤسسية ، محافظا على الانجازات مع التقييم المتواصل للاداء .

باختصار فان عملية التقدم للجائزة تمنحنا اذا ما اخذت بجدية وحماس الفرصة لتفعيل جملة أدوات “لاشعال فتيل ” مركبة التميز للانطلاق في آفاق المستقبل ، ومنها أدوات الجودة الشاملة لتحقيق الانجازات ، أدوات لتعزيز العمل الجماعي وادارة المشاريع ، أدوات للتقييم الذاتي ، وأدوات لادارة مجمل عمليات التغيير والتحسين والتطوير في المؤسسات . كما انها تسمح باطلاق محصلة “الطاقة الجمعية ” لمجمل قدرات وكفاءآت العاملين ، لذا فان استعراض ” القيم المضافة ” لعملية الجوائز يعد مفتاحا لمساعدة القادة لفهم أهمية الاقدام على هذه المبادرة ، والتي يجب أن لا تترك للادارة الوسطى والكوادر العادية ! كما أن مفتاح النجاح يكمن هنا في التركيز على تشكيل فريق عمل يعمل حسب منهجية ” ادارة المشاريع ” ، من حيث انتقاء القادة المتحمسين المناسبين لمواجهة التحديات والمعيقات الكثيرة التي يتوقع ان تعترض الانجاز ، ولا ننسى أهمية وضع جدول زمني مرن لانجاز المهمات في الأوقات المحددة ، وبالتالي وضع نظام للمساءلة والمراجعة المستمرة لاجندات المشروع .

ان عملية التحضير للجائزة تتطلب التركيز على تفاعل جملة عناصر هامة مثل القيادة ، ادارة العمليات ، النتائج ، التخطيط الاستراتيجي ، التركيز على الزبائن ، تحليل مؤشرات الاداء القياسية وادارة المعرفة ، وبالتالي صهر هذه العناصر ضمن عمل تشاركي ورؤيا جماعية ، وبدون ذلك لا يمكن تخيل النجاح في ادارة هذه العملية الصعبة ، والتي تتطلب كذلك جهودا حثيثة متواصلة من فرق العمل وكافة المعنيين بدعم واشراف يومي مباشر من القيادة العليا ، وقد قصدت هنا أن أقدم “خارطة طريق” مختصرة تسهل الاقدام على هذه المبادرة وتسلط الأضواء على المحاذير والهفوات ، كما أنها تقود المهتمين للوصول للتميز والخروج بآمان من هذه المتاهة تحقيقا للفائدة المرجوة .


نشر منذ

في

من طرف

الآراء

اترك رد