خصائص المدونات العربية الالكترونية

أ – محتوى المدونات العربية:

تركز معظم المدونات العربية على السياسة و الأدب والشعر‏.‏ وتوجد مدونات عامة وأخرى متخصصة، مثل تلك التي تهتم بعلوم الإدارة والهندسة الصناعية أو في التكنولوجيا، أو تلك التي تتحدث عن التجارب الحياتية الشخصية أو تربية الأبناء‏.‏ وتوجد مواقع تجمع المدونات العربية، مثل موقع تدوين أو مجموعات بريدية للمدونين العرب وغيرها.[1]‏

ومن الملفت للانتباه، مثلا، أن المدونات المصرية والعربية التي بدأت تنتشر بشكل موسع حيث بلغت في مصر وحدها قرابة خمس آلاف مدونة في غضون ثلاثة أعوام، ويرجح أنها ستتضاعف باضطراد. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المدونات انتشرت بسبب ما نشر في بعض المدونات ذات الطابع السياسي لنشطاء سياسيين، أو شباب فتحوا مدونات لنشر ما تخفيه وسائل الإعلام الرسمية، وتبادل الأفكار والآراء حول الإصلاح والحريات. إلا أننا نلاحظ أن المدونات الاجتماعية تحتل النسبة الأكبر من هذه المدونات.

ولكن مع انتشار المدونات السياسية وظهور فوائدها في الكتابة بحرية وبدون قيود أو خشية معرفة من وراءها في أغلب الأحيان، بدأت تظهر (المدونات الاجتماعية) التي تحررها غالبًا نساء متزوجات أو عوانس أو مطلقات، يناقشن فيها قضايا اجتماعية خطيرة مثل: الزواج والطلاق وشؤون الأسرة والزواج العرفي والسري وأسباب الخيانة الزوجية وغيرها، والعلاقة بين الزوج والزوجة والحب ومشاكل الأسرة، بأساليب طريفة وهزلية وجدية في آن واحد.[2]

ب- مميزات المدونات الالكترونية:

رغم حداثة الظاهرة نسبيا، المدونات العربية، وقلة الأدبيات حولها، إلا أن هناك بعض المحاولات التي اجتهدت في وضع بعض الخصائص التي تميز المدونات العربية. ومن بين هذه المحاولات نذكر ما ذهبت إليه “نسرين التازي” والتي عددتها في النقاط التالية:

– تعمل المدونات العربية على رد الاعتبار للغة العربية.

– يتميز الحوار فيها بمناخ صريح وحضاري.

– تحمل المدونات العربية مواضيع حميمية يتقاسم فيها المدونون تجاربهم اليومية.

-تعطي لنا المدونات العربية مؤشرا عن مدى التجاوب مع الاختلاف الثقافي الأجنبي .

– ليست اللغة المستخدمة لغة فصيحة بالضرورة، وإنما قد تكتب في شكل مزيج بين العربية وغير العربية.

– تبدو كإعلام بديل، من خلال السبق في تقديم بعض المعلومات التي قد لا يقدمها الإعلام الرسمي وغير الرسمي.

– تبدو أكثر أنماط النشر الالكتروني التصاقا بالواقع الحقيقي، حتى وإن بدأت من الواقع الرقمي.

– تعد الآراء والأفكار التي يتم التعبير عنها بقدر كبير من الحرية والصراحة والجرأة ملمحا بارزا، وهي أحيانا تشبه المذكرات الخاصة التي تكتب بيد صاحبها سرا.[3]

ج-الاستعارة والهوية الافتراضية في المدونات العربية:

– هوية المدونة العربية:

إن الحديث عن هوية التدوين هو البحث فيما يميز المدونات العربية، وهو بيان لجغرافيا المدونات و بالتحديد الخصائص المشتركة التي تميزها و تمكنها من اتخاذ هوية ذاتية، و بشكل مستقل عن بقية وسائل الإعلام و عن كل ما تفرزه شبكة الانترنت. فقد مازال المشهد العام للمدونات تشوبه الضبابية و التداخل على مستوى الدوافع أو الأهداف، وهي إشكالية تعود إلى حداثة الظاهرة و غياب الاهتمام بها من جهة و الاستيعاب الصحيح لمميزات التدوين من جهة أخرى. فقد نشأت المدونات العربية وسط مخاض جيوسياسي و اجتماعي عسير متقلب، به علامات ظاهرة لأزمة ثقافية و سياسية هزت الكيان العربي، تعود على الأقل إلى خمس سنوات خلت، و خاصة مع اندلاع الحرب على العراق سنة 2003 و قبلها أحداث الحادي عشر من سبتمبر، و التي أظهرت صورة جديدة و متوحشة في أساليب عرض الهوية و الثقافة العربية الإسلامية و إلصاقها بمقولة الإرهاب. فقد أصبح العربي الإرهابي حديث الإعلام الغربي، و أصبحت الدول العربية عاجزة لا تقوى إلا على التبرير و تلميع صورة مواطنيها بأشكال بها الكثير من التنازلات. كما أن لكل دولة عربية ظروفها الخاصة التي دفعت بجيل المدونين إلى خوض غمار هذه التجربة، والتميز عن بقية ما يصاغ وينشر في مختلف الأقطار العربية.

فالمقصود بهوية المدونات العربية هو البحث في حالات التقاطع بين أكثر من مدونة، رغم صعوبة الوقوف عند الخصائص غير المرئية لتلك المدونات. لكن رغم ما للمدونات العربية من تجديد وهوية تفاعلية فإنها تعاني خاصة من غياب التجديد الدوري، فأقصى أرشيف لا يتجاوز السنتين وهذا يعود ربما إلى حداثة الظاهرة وغياب التفرغ لعملية التحيين، هذا بالإضافة إلى موروث ثقافة النقد ونسبية الحريات وتشوهات الواقع السياسي والثقافي للمجتمعات العربية. في الأصل لا تختلف خصائص المدونات العربية عن بعض خصائص المدونات على المستوى الدولي، لكنها وبحكم بعض الخصوصيات السياسية والثقافية فإنها تتميز بحضور الهموم القطرية والرغبة في تحويل التدوين إلى مؤسسة، واعتبار التدوين محضنة للممارسة الديمقراطية، وتأكيد ثقافة الحوار وظهور إشكالية لغة الكتابة للمدونة، خاصة وأن نجاح المدونة متوقف على مدى قربها من موضوعها وجمهورها.[4]

– الاستعارة والهوية الافتراضية:

يمكن القول إن أسماء وعناوين المدونات العربية ليست غريبة عن الفضاء الذي تنشط فيه، فهي تعبر وتعكس فكر وشخصية أصحابها، فقليلا ما يعثر المتصفح عن مدونة تحمل اسم صاحبها وخاصة لدى الفتيات وذلك لعوامل ثقافية تعود إلى ثقل العادات والتقاليد الموروثة. فالسواد الأعظم لأسماء المدونات هي صفة لحالة يعيشها المدون تختزل في كلمة أو كلمتين وتلخص موقف أو مسيرة ذلك الشخص مثل “الفرعون الكبير”، “حوليات صاحب الأشجار”، “أحلامي المبعثرة”، ” ظلال الموت”، ومدونات أخرى لا عد لها.

وبذلك، تساعد الهوية الافتراضية لهؤلاء الشباب في النشاط والكتابة بكل حرية على شبكة الانترنت، فاستعمالهم لأسماء مستعارة لا يعرضهم للكشف، إذ نعثر على أسماء مثل: سندباد، ابن هاشم، مسافر، علم الحرية، الراية، سفير الساحة، أهل المريخ، بين الجنون والتهور، يوميات مدرس في الأرياف، اليوم الصعب، المضروب،..[5]


[1] -الــواثق بـاللـه، مرجع سابق.

[2]- محمد جمال عرفة، حواء وآدم، مدونات اجتماعية، إسلام اون لاين…

Source: http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?cid =1120165728552&pagenam (accessed06-08-2007)

[3]- هاني علي، مرجع سابق.

[4] – جمال الزرن، مرجع سابق.

[5] – جمال الزرن، مرجع سابق.

الآراء

اترك رد