سوسيولوجية الفتوى لحيدر إبراهيم

الأبعاد الإنسانية والجغرافية للفتوى ومؤسساتها:

عنوان الكتاب “سوسولوجية الفتوى، المرأة والفنون نموذجا” الصادر عن مركز الدرسات السودانية في الخرطوم والقاهرة، والكتاب ينقسم إلى قسمين، الأول نظري والثاني تطبيقي أو نماذج للفتاوي وتطبيقها على الواقع ويقع في 454 صفحة. طبعا دائما عندما يبدأ شخص بتأليف كتاب يتبادر السؤال لماذا هذا الموضوع؟ يعني ما الذي حفزني لكتابة هذا الموضوع؟ أنا في الواقع منذ ثلاثة عقود بدأت في الاهتمام بموضوع علم الاجتماع الديني والجماعات الدينية، لاحظت خلال الفترة الأخيرة أن الفتوى والفتاوي والمفتين أصبحوا يحتلون موقعا محوريا في المجتمع العربي وفي العقل العربي عموما وفي اهتمامات الإنسان العربي المسلم فلذلك بادرت نفسي بالسؤال لماذا هذا الاهتمام ولماذا التقدم اللي حصل في مجالات متعددة؟ يعني قبل ذلك كان ممكن تكون في أسئلة للاجتماعيين ولعلماء النفس وعلماء السياسة الآن أصبح المفتي هو المرجعية الأساسية. الفرضية التي انطلقت منها أن المجتمعات العربية والإسلامية تعيش كجزء من هذا العالم المعولم تعيش عملية العولمة وفي عالم سريع التحول وسريع التغير وبالتالي يسعى الإنسان المسلم باستمرار لأن يقوم بعملية تكيف وتعايش بين نصه الديني وبين الحياة الواقعية فلذلك تنطرح عليه كثير من الأسئلة هي ذات طابع جديد، يعني الفتوى بتملأ الفراغ الحادث بين النص الديني وبين الواقع، طبعا الفتوى هي غير الرأي الدين الفتوى دائما بتكون في شكل سؤال وبالتالي بتكون في قضية محددة، الرأي الديني ممكن أن يكون في موضوع مجرد وفي موضوع حقيقي لكن الفتوى يفترض دائما أنها في قضايا واقعية وقضايا حقيقية اصطدم بها المرء ويحاول أن يجد لها هذا التفسير من خلال مرجعية أو من خلال مفت معين. القسم الأول اللي هو يتكون من عدة فصول نواحيه النظرية مرتبطة أيضا بفرضية حاولت أن أثبتها لنسبية الفتوى وإنسانية الفتوى فالفتوى يقوم بها بشر وتوجه لبشر لذلك تتعرض الفتوى في هذه الحالة لتغيرات المكان والزمان باستمرار فهنا بيكون شكلها نسبي تماما بمعنى يعني لو فرضنا جدلا خلال فترة تاريخية معينة نجد الموضوع نفسه أهل الكوفة لديهم فيه رأي وأهل الحجاز لهم فيه رأي في الموضوع الواحد قد يكون شديد الاختلاف، أيضا من الناحية الجغرافية الآن ممكن موضوع واحد يكون في المغرب ومصر والسعودية وأندونيسيا والولايات المتحدة أو الجاليات المسلمة الموجودة في الغرب في نفس الموضوع لهم فتاوى مختلفة تكاد في بعض الأحيان أن تكون متناقضة، فلذلك حاولت في القسم الأول من الكتاب استعراض بعض الأوضاع الاجتماعية والتاريخية التي أثرت على إصدار الفتوى ثم بعد ذلك عرجت على موضوع ما سميته مؤسسة الفتوى يعني كيف أصبح للفتوى مؤسسة يعني دار للإفتاء أو مجامع فقهية إلى آخره يعني لم تعد الفتوى مجرد رأي فردي يقوم به عالم أصبحت هنالك مؤسسة وهذه المؤسسة طبعا في أحيان كثيرة قد ترتبط بالدولة أو ترتبط بالسلطة ودي بتولد إشكالية جديدة أنه إلى أي مدى تكون الفتوى محايدة ومستقلة وأن تكون موضوعية.

الفتوى والآخر والأثر الاجتماعي للفتاوى:

في فصل من الفصول تحدثت عما سميته الفتوى والآخر يعني الفتوى عندما كانت المجتمعات الإسلامية والمسلمة محصورة كانت دائرتها ضيقة ولكن الآن انتشر المسلمون في كل أنحاء العالم وهنالك جاليات إسلامية تعيش في أوروبا الغربية وتعيش في كندا وتعيش في أستراليا وتعيش في الولايات المتحدة وتحاول على قدر الإمكان أن تتعايش في هذه المجتمعات وفي نفس الوقت تكون مرتبطة.. فهنا تعاملت الفتاوى الإسلامية مع حضارات غربية أو حضارات مختلفة تماما لذلك حصل شكل من أشكال الصراع والتكيف وحصل ما يصطلح عليه بالإسلاموفوبيا، هذه كلها نتيجة لأن المسلمين يريدون أن يكونوا جزء من هذا العالم وجزء من هذا العصر وأن يكونوا أنفسهم في نفس الوقت. اهتممت أيضا ببعض المجتمعات يعني مثلا الفتاوى في إفريقيا في واقع اجتماعي في إفريقيا مختلف كثيرا فلذلك بنلاحظ أن الفتاوى في إفريقيا لها خصوصيتها يعني في فترات كانت تجارة الرقيق منتشرة فكان مطالب الفقيه بأنه يتحدث كثيرا عن مسألة الرق ووضعه في الإسلام خاصة بعد أن ألغي الرق، فخصصت أيضا جزء عن الفتاوى الإفريقية. بالنسبة للجزء اللي نتعبره تطبيقيا أو عمليا مرتبطا بالنماذج اخترت الفتوى والمرأة والفتوى والفنون عموما يعني الفنون التشكيلية وآداب إلى غيره. طبعا هنا يسأل سؤال لماذا الفتوى والمرأة والفتوى والإبداع فقط؟ الحقيقة أنا كنت عامل عددا من الفصول فيها الفتوى والمرأة والفتوى والسياسة والفتوى والاقتصاد والفتوى والعلوم ولكن أصبح الحجم كبيرا فاضطررت يعني من الناحية الفنية أن أختار أكثر الموضوعات اهتماما لدى المسلمين والتي يهتم بها المسلمون وفي نفس الوقت أكثر الموضوعات حساسية لأن الموضوعين دول جاءت فيهم فتاوى كثيرة آثارت الجدل وما زالت تثير الجدل. هنالك نقطة هامة يعني في بعض النقد الذي وجه للكتاب خاصة في مسألة الاستشهاد بعدد من الفتاوى خشية أن يكون المرء انتقائيا الحقيقة هو المرء في هذه الحالة بيحاول على قدر الإمكان أن يكون موضوعيا ولكن الموضوعية أيضا لها حدود يعني أنا عندما أدخل لموضوع الفتاوى بالتأكيد بأدخل إليه بخلفية ثقافية معينة وببعض الإنحيازات التي ممكن أن تكون أيديولوجية أو سياسية أو فلسفية أو فكرية ولكني على قدر الإمكان طالما أطلقت على نفسي أني شخص مهتم بعلم الاجتماع وعالم اجتماع يفترض أن يكون لدي قدر كبير من الموضوعية والحياد وطبعا الحياد الكامل والموضوعية الكاملة غير ممكنة، البعض أيضا تساءل أو ناقشني هل كنت تحتاج إلى أن تستشهد بهذا العدد الكبير من الفتاوى؟ هو ما عدد كبير ولكن دي المادة الخام بالنسبة لي التي يمكن أن أشتغل عليها يعني عندما أكتب مقدمة نظرية لا أحتاج بعد ذلك أن أفسر أي فتوى أو أشرح أي فتوى لأنه أنا بأتعامل مع الفتوى ليس مثل الفقيه، أنا ما تهمني مثلا الفتوى دي ضعيفة، أسانيدها، يعني لا تهمني قوتها الفقهية ولكن بتهمني قوتها الاجتماعية، قد تكون هنالك فتوى ضعيفة جدا فقهيا ولكن قوية جدا في تأثيرها الاجتماعي، هذه تهمني كثيرا.

° عالم اجتماع سوداني- مدير مركز الدراسات السودانية

المصدر: الجزيرة نت

الآراء

  1. الصورة الرمزية لـ إبراهيم بلوح
    إبراهيم بلوح

    السلام عليكم و رحمة الله
    تحية طيبة ملخص الكتاب يبرز الأهمية العلمية و السوسيولوجية لموضوع سوسيولوجيا الفتوى. قليلة هي في الحقيقة الدراسات التي تعرضت لظاهرة الفتاوى كظاهرة اجتماعية لها آثار و انعكاسات أثيرة على المجتمع لاسيما الآونة الأخيرة و ما عرفته من تطورات مجتمعية كبيرة الصحوة الدينية أحداث 11 شتنبر الإرهاب القاعدة قنوات الدعوة و الفتاوى كلها مظاهر اجتماعية تتفاعل لتنتج أجيالا جديدة من التمثلات فكان من المهم جدا أن تبرز هكذا دراسات تتعرض للموضوع بالدرس والتحليل.

  2. الصورة الرمزية لـ عواطف
    عواطف

    سلام ، اقيم في تونس بحثت عن الكتاب و لم اتحصل عليه رجاء هل هناك ربط لتحميل الكتاب, مع الشكر

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: