تنظم كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة عبد الرحمن ميرة (بجاية – الجزائر) الملتقى الدولي في موضوع: مالك بن نبي والنّموذج الحضاري في تَجْديد العلوم الإنسانية والاجتماعية، يومي 4 – 5 مارس 2014.
تقديم:
تأتي الفكرة الجوهرية لموضوع هذا الملتقى؛ المُتَمحور حول مناحي الاجتهاد والتَّجديد التي أتى بها مالك بن نبي إلى فضاء المعرفة الإنسانية والاجتماعية؛ من مضامين فكر مالك بن نبي نفسه؛ إذْ تكْشف لنا القراءة العميقة لطبيعة التّشخيصات التي قدَّمها مالك بن نبي لأزمة الحضارة ، وطبيعة البرامج البديلة للخروج من الأزمة- تكشف- عن قناعة كامنة بمركزية العامل الإنساني في هذه الأزمة، و ما عداها أعراض وعلامات على هذه الأزمة الحضارية التي تَنْخُرُ جسم العالم الإسلامي، ذلك أن الملمح الجوهري لمعوقات النّهضة، هو هذا الإنسان الذي كفَّ عن تمثُّل الرياح الأولى التي منحته الحركة ، وبالتالي كفّ عن أن يكون في طليعة التَّاريخ، وأورث لدى الأجيال اللاّحقة نفسه المريضة وقابليته للاستعمار وعوائده المسمومة التي أنشأته عليها مسالك التّربية في عصور التخلُّف والانحطاط.
ونظرا لهذا؛ فقد تحدَّدت جُغْرافية التَّفكير ووُجهته لدى مالك بن نبي؛ نحو الحاجة إلى الإنسان الجديد، الإنسان المتحضّر، الإنسان الذي يعود إلى التاريخ الذي خرجت منه الحضارة، وتبعا لهذا، فإن المداخل المنهجية لاستئناف الحضارة هو إعادة صياغة هذه الشَّخصية الإنسانية تربويا، من أجل إِقدارها على مُجاوزة وضعها المألوف، وتجديد عطائها الرُّوحي والفكري والاجتماعي .
وتبعا لهذا التشخيص، فإن «مالك بن نبي»يرى أن التفكير في الأزمة الحضارية من حيث الرّصد أو من حيث إعادة ترتيب البيت الحضاري مُجدّدا، خارج إطار ” العامل الإنساني”، هو على التَّحقيق تحريف لطبيعة المشكلة وخطأ في كيفية طرح السؤال ومسار إجابته، وكان لهذا الإقرار المنهجي دور خطير في رسم الخريطة المعرفية والمفاهيمية لفكر «مالك بن نبي»برمّته، إذْ أضحى مدار اهتمامه موصولُ بمعطيات العلوم الإنسانية والاجتماعية أكثر من العلوم الرّياضية والطبيعية، بل إن همُّه المنهجي جعله يقيم جسرا منهجيا بين العلوم الإنسانية والعلوم الطبيعية، وذلك ضمن نموذجه التَّحليلي الحضاري بوصفه مركَّبا منهجيا، يَسْتَجمع فروع المعرفة الإنسانية والاجتماعية ضمن ناظم نسقي معرفي حضاري تركيبي، يُقدّم مقدرة تفسيرية وتأسيسية قصوى لأمراض الحضارة ومُمْكِنات علاجها.
من أجل ذلك، فإن مالك بن نبي، تجاوز مرحلة تلقّي العلوم الإنسانية والاجتماعية بخاصة الغربية منها، إلى مرحلة تشغيل مناهجها ومفاهيمها في تشخيص أمراض الحضارة، وفي رسم الخريطة المفتاحية للخروج من ظلمة التخلُّف إلى نور الحضارة، ومن الإنسان الواهن إلى الإنسان المُتَكامل الذي يجمع وبصورة مُتكاملة بين جُهده ومثله الأعلى وحاجاته الأساسية، كما قدّم نظرات تفكيكية لافتة لهذه العلوم؛ من جهة كونها تُفَكّر وتحلّل ضمن أفق معرفي حضاري هو الأفق الغربي بكافة محدّداته وخصوصياته الثقافية، لأن «مالك بن نبي» أدرك أن هذه العلوم الإنسانية والاجتماعية، هي علومُ للرُّوح وتقتضي الفهم، وليست علوما للمادة تقتضي التفسير، بمعنى أنّه من الأجدى منهجيا وَصْلُ هذه العلوم بخصوصيتها الثقافية وبطبيعة المشكلات التي يمر بها المجتمع الذي هو موضوع لها، والنُّموذج الساطع الذي يُظهر هذه الحقيقة، اقتراحه إنشاء علم اجتماع خاص بمجتمعات ما بعد الاستقلال، واقتراحه علم تجديد الصّلة بمنظومة القيم التي فقدت فاعليتها في الفكر والمجتمع، واقتراحه أيضا أدوات منهجية في كيفية قراءة النّص الديني وتأويله لأغراض حضارية.
وفضلا عن هذه الحقيقة؛ فإن رهان «مالك بن نبي»قد اتجه إلى تجديد التّربية فلسفة ومنهجا، ووظَّف من أجل هذا التَّجديد لروح التّربية؛ أدوات التّحليل الفلسفي والنّفسي والاجتماعي والتاريخي بغرض بناء نموذج تربوي جديد.
لقد وجّه”مالك بن نبي” العلوم الإنسانية والاجتماعية نحو المشروع التَّربوي بوصفه الدّرب الآمن للخروج من التّيه الحضاري وأبصر فيه الطَّريق المَلَكي لصياغة شخصية الإنسان المسلم من جديد، صياغة شمولية ومتكاملة تستهدف غايات عملية وحضارية .
هكذا إذن؛ يتبدّى لنا، الحضور المكثّف للعلوم الإنسانية والاجتماعية في مشروع مالك بن نبي، حضور تتداخل فيه مواصفات منهجية ومعرفية؛ تعكس الاستيعاب الواعي والعميق للعلوم الإنسانية الغربية بتشغيل معطياتها وتفكيك أنساقها المعرفية، وبإعادة إنتاج القيم المعرفية الإنسانية المبثوثة في التراث الفكري للحضارة الإسلامية، بخاصة استئنافه لمشروع العمران البشري الذي ابتكره ابن خلدون وأدخل فيه فروع المعرفة الإنسانية : التاريخ والفلسفة والمنطق وعلم الاجتماع من أجل الخروج من ليل الانحطاط الحضاري.
من أجل هذا، نهضنا بواجب القيام بعقد هذا الملتقى الدولي حول مالك بن نبي، لاستيعاب إنتاجه في العلوم الإنسانية والاجتماعية، والاستفادة من منهجه في آليات تشغيل مناهج هذه العلوم في قراءة أمراض الحضارة، وفي التَّنبيه إلى الدّروب والمسالك المحسوسة لإعادة التأهيل الحضاري لإنسان الانحطاط الخارج عن التاريخ.
إشكالية الملتقى :
شكّل مشروع الرؤية الحضارية للعلوم الإنسانية والاجتماعية الذي صاغة «مالك بن نبي»، مشروعاً عملياً لتشخيص أمراض الحضارة ولتجديد روحها، ويتضمَّن داخله أيضا برنامجاً لإصلاح فكرها وواقعها. فما هي العناصر المعرفية الكلية لمشروع الرؤية الحضارية للعلوم الإنسانية والاجتماعية؟ وما هي خصائص هذا المشروع؟ أين يقع ضمن جهود الإصلاح العام؟.
ما هو المنحى المنهجي الذي شغّله «مالك بن نبي»من أجل استخدام منهجيات العلوم الإنسانية وأدواتها ومفاهيمها التَّحليلية في مساءلة مظاهر التخلُّف والانحطاط المنتشرة في العالم الإسلامي؟ هل ثمَّة أثرُ للتَّكوين العلمي الخاص ب «مالك بن نبي» في نظرته إلى وظيفة العلوم الإنسانية والاجتماعية ؟ ما هي جوانب وحدود الاستعارة منها أي: من العلوم الطبيعية من أجل تمكين العلوم الإنسانية من بلوغ الأوج في الوصف والفهم ؟ كيف نُقيّم هذه الاستعارة لمفردات العلوم الطبيعية؟
ما هي مناحي الإبداع والإنتاج لدى «مالك بن نبي»في فروع العلوم الإنسانية التي كثّف من اشتغاله عليها : علم النّفس وعلم الاجتماع وفلسفة الحضارة ونظريات التَّربية وعلوم الإناسة وعلوم الأديان وغيرهما ؟
ما هي ركائز النُّموذج المعرفي الحضاري في تأسيس علوم إنسانية واجتماعية تَشُقُّ مسلكها بمعزل عن المسلك المعرفي الغربي في تصور «مالك بن نبي»؟ كيف يشكّل حقل التربية محضنا تتلاقى فيه معطيات العلوم الإنسانية والاجتماعية من أجل استئناف الدور الحضاري للإنسان المسلم ؟ ما هي المنهجية التي تَمَكَّنَ «مالك بن نبي» بفضلها من الجمع بين الخصوصية الثقافية الجزائرية وبين العلوم الإنسانية ذات المنشأ الغربي وبين تحديات الواقع ؟ كيف يؤسس «مالك بن نبي»لعناصر مشروع لأفق حضاري إنساني يتجلّى في التنظير لحوار الثقافات وترسيخ ثقافة الأخوة والتآخي والمسالمة الحضارية بين الشعوب ؟
أخيرا: ألا يدفع هذا الاجتهاد المنهجي والمعرفي الذي اختص به «مالك بن نبي» والمتّصل بالواقع الجزائري إلى التَّفكير في إنشاء مدرسة جزائرية في العلوم الإنسانية والاجتماعية ؟.
أهداف الملتقى :
-تمكين الأجيال الجديدة (أساتذة وطلبة وباحثين ومهتمين) من الاطلاع على النّموذج المعرفي الحضاري الذي طوره مالك بن نبي في ميادين العلوم الإنسانية والاجتماعية، بوصفه أحد المُجدّدين في حقولها المعرفية ومسالكها المنهجية.
-التعريف بالعلوم الإنسانية في الجزائر من خلال جهود مالك بن نبي ومدى أهمية ربط موضوعات العلوم الإنسانية والاجتماعية براهن المشكلات في الثقافة الجزائرية، من أجل أن تؤدّي دورها الحضاري ووظيفتها التَّنموية.
-الوقوف على الخصوصية المنهجية لدى مالك بن نبي، وذلك من خلال رصد أوجه التَّقابل بينها وبين معطيات العلوم الطبيعية، وبيان مواصفات المنهج عند مالك بن نبي : كالتركيبية والتَّكامل والربط بالواقع ، وتصنيف نظرياته ضمن فروع المعرفة الإنسانية والاجتماعية تصنيفا منهجيا وبيان قيمتها التّحليلية ووظيفتها الإجرائية.
-الانتقال بمشروع مالك بن نبي من طور التنظير إلى طور التركيز على الصياغة العملية لهذا المنظور في شكل مناهج تربوية متكاملة تستهدف تأهيل الإنسان مجدّدا لمهامه الكبرى في التاريخ.
محاور الملتقى:
المحور الأول: العلوم الإنسانية والاجتماعية ضمن مشكلات الحضارة
1- الظاهرة الإنسانية ومشكلة الحضارة.
2- العلوم الإنسانية والاجتماعية في سياقات الحداثة الغربية.
3- إشكالية الخصوصية و الكونية في النَّماذج المعرفية للعلوم الإنسانية والاجتماعية.
4- أمراض الحضارة وقوة تشخيص العلوم الإنسانية والاجتماعية لها : سؤال المنهج
المحور الثاني: الإضافات المنهجية لمالك بن نبي في العلوم الإنسانية والاجتماعية.
1-تركيبة المنهج وتكامل مفردات التّحليل في فهم الظاهرة الإنسانية.
2- حدود التَّفسير المادي لظاهرة بحث الإنسان عن المعنى في الكون.
3- آليات الاستعارة والمماثلة بين معطيات العلوم الطّبيعية والرياضية والعلوم الإنسانية
4- استئناف مالك بن نبي للجهود المنهجية الخَلْدُونية في مساءلة التاريخ ورصد عوامل الانحطاط.
المحور الثالث: مناحي التَّجديد والإبداع لدى مالك بن نبي في العلوم الإنسانية والاجتماعية
1- التَّحليل من خلال الحضارة بوصفه نموذجا معرفيا للعلوم الإنسانية والاجتماعية .
2- التَّحليل النّفسي في إطار براديغم الحضارة.
3- علم الاجتماع والخُصوصية الحضارية و الثّقافية للمُجتمعات.
4- الحضارة كوحدة تحليل في علم التاريخ.
5- الفكرة الدّينية والحضارة : مساهمة في علم الأديان.
6- وحدة السياسة والأخلاق : في الأفكار والقضايا .
المحور الرابع: فلسفة التّجديد التّربوي وإعادة صياغة إنسان الحضارة
1- صياغة إنسان الحضارة متوقف على إعادة بناء النّظرية التربوية.
2- التَّربية فعل منهجي هادف.
3- وحدة الفكرة الدّينية وفعالية التَّربية.
4 أسس النَّظرية التَّربوية عند مالك بن نبي: طبيعة الإنسان، طبيعة المجتمع، طبيعة المعرفة، طبيعة الغايات الكبرى للتربية.
المحور الخامس: مالك بن نبي والأفق الحضاري الإنساني:
1- التعدّدية الثقافية والدّينية من منظور مالك بن نبي: التَّأسيس للمشترك.
2- حوار الثقافات: مشروع المؤاخاة والتآخي.
3- استئناف جهود مالك بن نبي المنهجية في العلوم الإنسانية والاجتماعية .
4- امتدادات جهود مالك بن نبي في الفكر المعاصر: تصنيف معرفي.
5- نحو صياغة مدرسة جزائرية في العلوم الإنسانية والاجتماعية .
ضوابط المشاركة في الملتقى:
– أن يكون البحث في أحد موضوعات محاور الملتقى.
– لا تقبل المشاركات الثنائية.
– أن تتوفر في البحث مواصفات البحث العلمي ومعاييره.
– ألا يكون البحث قد سبق نشره أو قُدّم في ملتقيات أو فعاليات سابقة.
– ألا تزيد عدد صفحات البحث عن 30 صفحة حجم (A4) بما في ذلك الهوامش والمراجع والملاحق ، وأن لا تقل على 15 صفحة.
– لغات الملتقى هي العربية، الفرنسية، الإنجليزية.
– أن يكون البحث المكتوب باللغة العربية بخط (Traditional Arabic) ومقاسه 16 أما البحث المكتوب باللغة الأجنبية فيكون بخط (Times New Roman) ومقاسه (12) وهوامش الصفحة تكون من الأعلى والأسفل واليمين (2,5)سم ومن اليسار (1,5)سم.
– ترسل ملخصات الأبحاث في حدود صفحتين متضمنة خطة البحث وفق الموعد الموضح أدناه.
– تخضع الملخصات والبحوث للتقييم من قبل محكمين.
– يرفق الباحث ملخصاَ لسيرته الذاتية في حدود صفحتين مع عنوان اتصال للهاتف الثابت والمحمول والبريد الإلكتروني وعنوان جهة العمل.
– يقوم كل باحث بتعبئة الاستمارة المرفقة المتضمنة معلومات عن البحث والباحث وإرسالها إلى اللجنة العلمية .
– يرسل البحث على شكل ملف عبر البريد الإلكتروني الموضح أدناه.
تواريخ مهمة:
– آخر أجل لإرسال ملخصات البحوث: 15 سبتمبر 2013.
– يخطر المشاركون المقبولة ملخصاتهم بدء من 01 أكتوبر 2013.
– آخر أجل لإرسال المداخلات المقبولة:10/جانفي 2014.
– الرد بالقبول النهائي30/جانفي 2014.
– تاريخ المؤتمر: ينعقد الملتقى أيام 04/05/ مارس2014.
العنوان: كلية الإنسانية والاجتماعية، جامعة عبد الرحمن ميرة بجاية، الجزائر.
البريد الإلكتروني للملتقى: [email protected] أو [email protected]
الهاتف: 559164347 +213
اترك رد