التعامل مع الثقافات الأخرى من المنظور الإسلامي

بداية ، علينا تحديد مفهوم الآخر ، فهو اصطلاحا يعني : كل ما يخالف الأنا ، سواء كانت أنا فردية أو جماعية. فالأنا الفردية تعني أن الآخر هو كل ما هو خارجها من أشخاص وإن تفاوتت درجات القربى والبعد معهم . وإذا كانت جماعية ، فهناك ذات جماعية تتمثل في الهوية والثقافة المشتركة ، ويقابلها آخر جمعي ( أو آخرون جمعيون ) ، وتتمثل في مختلف الهويات والثقافات الأخرى على مختلف درجاتها.
فهناك سياقات ومستويات كثيرة تتقاطع مع الأنا سواء كانت فردية أو جماعية ، وهي بدورها تنتج عددا كبيرا من صور الآخر ، من الصعب أن يجمعها المرء في إطار واحد قابل للتحليل أو التطبيق (1 ). وهذا يجعلنا نتجه إلى التحديد ، فالأنا الثقافية – في دراستنا- تعني الثقافة الإسلامية بوصفها الإطار الكلي المشكّل للهوية الجماعية والفكرية والاجتماعية والثقافية للأمة ، وأيضا الهوية والمرجع للأنا الفردية، فهي تشمل الكل والجزء ، العام والخاص ، الأنا والجماعة . أما الثقافات الأخرى ، ووفقا للتحديد المطلوب – في دراستنا – تعني : مختلف الثقافات الجمعية المغايرة للثقافة الإسلامية الجمعية ، بشرط أن تكون هناك مساحات للتلاقي والاحتكاك . بمعنى أن هناك ثقافات أخرى لا علاقة بينها وبين الثقافة الإسلامية بحكم بعدها المكاني أو الزماني . فالثقافة اليابانية – مثلا – لم تكن هناك مساحة للالتقاء مع الثقافة الإسلامية قديما ، بحكم التنائي ، ولكن حديثا يمكن أن تكون هناك مساحات للحوار والتبادل الثقافي ، ونفس الأمر مع الثقافات القديمة المندثرة ، مثل ثقافة الحضارات القديمة قبل الإسلام ، مثل الحضارة البابلية والفينقية والفرعونية ، لا علاقة لها مع الثقافة الإسلامية ، لأنها اندثرت وبالتالي لا مجال للتأثير والتلاقي مع الثقافة الإسلامية قديما على الأقل .
وبالتالي ، يتحدد مفهوم الثقافات الأخرى ، بأنه الثقافات المغايرة ، وفق مجالات التلاقي والتأثير والتأثر بينهما ، الصادرة عن حضارات أو ثقافات أو مدنيات مغايرة ، سواء كانت قديمة قبل الإسلام، مثل ثقافة الحضارات : الفارسية ، اليونانية، أو معاصرة للحضارة الإسلامية في أوّج مجدها ، مثل الثقافة الهندية والصينية ، أو الثقافات الحديثة مثل الثقافة الغربية أو الثقافات في دول الشرق الأقصى أو ثقافة شعوب أفريقيا والأقليات في العالم الإسلامي .
ولابد من تسجيل بعض الملاحظات حول مفاهيم أخرى مثل العلاقة بين الثقافة والحضارة ، فبينهما علاقة عموم وخصوص متبادل؛ ففي بعض الاستعمالات تكون الحضارة أعم والثقافة أخص وبناء على ذلك فلكل حضارة ثقافة وليس لكل ثقافة حضارة، وفي بعض الاستعمالات تكون الثقافة هي الأعم فيكون لكل ثقافة حضارة وليس لكل حضارة ثقافة. وينطبق هذا العموم والخصوص على علاقة الحضارة والمدنية إذا اقترنتا بصفة أو أخرى .
ويمكن التحديد في دلالة كل من الثقافة والحضارة والمدنية من أجل التمييز بين المفاهيم بالنظر في الآتي: إن الثقافة تعد بمثابة الأطر الذهنية للحضارة والمرجعية الفكرية للمدنية، والحضارة تتجسد في المنجزات المادية ومنتجاتها ، فهي في المقام الأول جمعية مميَّزة ، تتسم بالتقدمية ، وتستوعب مفاهيم كثيرة مثل التهذيب والصقل والتقدم الفكري والسياسي ، أما المدنية فتتمثل في الأساليب التي تعمل بها المؤسسات الحضارية من النواحي الإدارية والقانونية وضبط السلوك العام. (2 )، وتنتشر منتجاتها المادية بشكل أسرع ، بحكم تأثيرها ، ولكنها تحمل في طياتها الثقافة التي أنتجتها ، كما أن منجزها الفكري يتغذى من مرجعياتها الثقافية ، مثلما يغذيها ويزيد عليها .
وبناء على هذا تتضح الصلة بين الثقافة والحضارة والمدنية؛ فالثقافة تصبغ الحضارة والمدنية بصبغتها ولها خصوصيتها الزمانية والمكانية والتاريخية، والحضارة كمنجز مادي قابلة للتنوع الثقافي وهي موروث مشاع بين الأمم والشعوب، وكذلك المدنية من حيث هي أساليب إنسانية تختلف مرجعيتها وخلفيتها الفكرية . وفي بعض التعريفات الوجيزة : ” فليست الحضارة إلا الثقافة مكتوبة بأحرف كبيرة ، على امتداد المكان والزمان (3 ) .
وما دام مفهوم الثقافة قد اتسع وتمدد ليشمل الأبعاد الحضارية والمدنية ، فإن النظر إلى الثقافة الإسلامية لابد أن يكون قارئا لها بشكل دقيق ، فالثقافة الإسلامية عميقة متشعبة ممتدة في علوم كثيرة، وأمكنة عديدة ، وأزمنة مختلفة ، حتى لا نحصر الثقافة الإسلامية في دائرة محدودة تشمل العلوم الدينية ، وإنما تشمل كل المنتجات الفكرية والفنية والعلمية والمدنية . وهذا يتطلب النظر إلى الثقافة الإسلامية بوصفها كلا متكاملا متجانسا ، يتألف من أجزاء مختلفة تتكامل وتتجانس فيما بينها ، فهي أشبه بالجسم البيولوجي المتناغم ، بمعنى أن المجتمع الثقافي على امتداده في حالة توازن وتعاط وتبادل .ووفق رؤية الاتجاه البنيوي فإن الثقافة لها نظام هو أصل كل شيء ، أي أن هناك بنية واحدة ، تجمع المشتركات والمختلفات ، ونفهم من خلالها الظواهر ، فالبنية هي النمطية التي لا تتغير (4 ) ، وبالطبع بالمعنى الإيجابي للنمطية الدال على الهوية الجامعة الكلية ، وليس بالمعنى السلبي الذي يعني التجمد.
فالدين منذ العصور المبكرة كان مرتبطا بتكوين الثقافة ، وصناعة الحضارة بشكل حاسم ، فهو ظاهرة حضارية بامتياز ، بمعنى أنه يتجلى في المنتج الحضاري والمدني . وقد ضم الإسلام مسارات عرقية ولغوية وثقافية كثيرة ، تجاوزت الشرق الأوسط (5 ) وهي جغرافية العالم الإسلامي وأثّرت في الإنسانية بشكل مباشر ، كما كونت مجتمعات متعددة ، استقت من الإسلام عقيدته وشريعته ، وأيضا استنارت بحضارته ، وقد تمثلت نموذجية الحضارة الإسلامية اللافتة بقابليتها للتكرار الذاتي عبر الأقاليم المعمورة في المناطق الأفرو – أورواسية ، فالمجتمعات الإسلامية تكاد تتشابه ثقافيا ( في العادات والتقاليد والأبنية والتخطيط والعلوم والفنون ) ، حيث كانت الإمبراطورية الإسلامية معتمدة على مدن إسلامية منبثقة من الإسلام ومعزِّزة له في الوقت نفسه ، بوصفه دينا ونظرة إلى العالم ، وكانت اللغة العربية هي الوسيلة العالمية الشاملة للخطاب الديني ، وشخصية الرحال ابن بطوطة خير مثال على ذلك ، فقد تنقل في سائر أقاليم العالم الإسلامي مستخدما اللغة العربية في حديثه مع علماء ومتعلمي هذه الأقاليم(6 ).
هذا ، ويتناول التأسيس الإسلامي للتعامل مع الثقافات الأخرى مبادئ عديدة (7 ) يمكن بلورتها في نقاط تبيّن علاقة الثقافة الإسلامية مع الثقافات الأخرى :
أولا:إن مبدأ وحدة الأصل الإنساني كله بحيث لا يكون مقبولا مع الاختلاف أو أن يكون الخلاف نفي الصفة الإنسانية عن “الآخر” بأي مبرر أو بأية صيغة ، مصداقا لقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا }(8 ) ، فالمسلمون لا يستعلون على الشعوب الأخرى غير المسلمة ، وليس كما فعلت الحضارة الغربية المعاصرة التي نادت بالتسامح وأفرزته في أدبياتها السياسية ، ولكنها حضارة غير متسامحة إزاء الآخر بأي حال من الأحوال، فهي تقوم على فكرة استعلائية، مستمدة دينيا من فكرة ” الشعب المختار “، التي ورثتها المسيحية الغربية ، بشقيها الأوروبي والأمريكي أو الكاثوليكي والبروتستانتي ” عن العهد القديم (9 ).
ثانيا:إن اختلاف الأمم إرادة إلهية ، ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ، ولكن الاختلاف سنة لله في خلقه : في الناس ، والألسنة والعقول والنفوس والألوان ، وكذلك سائر المخلوقات ، لذا، كانت رسالة المسلمين عالمية في توجهاتها ، ساعية إلى نشر الخير والهداية بين الناس ، وعدم استغلال ثروات الشعوب، وقد انتشر الإسلام سريعا ، واعتنقته أمم كثيرة في الأرض ، عندما لم يجدوا تعاليا من الفاتحين المسلمين عليهم ، واحتراما لخصوصياتهم الثقافية . وكما نرى ، فهناك أديان وضعية أرضية وثنية ، وهناك أديان سماوية محرفة ، وهناك اللادينيون ، وهذا كله يكوّن ثقافات ، يتعامل معها المسلمون بوصفها تنوّعا، وإن خالف عقائدهم ، فلم تكن هناك معاملة سيئة لهم ، ولا محاكم تفتيش.
ثالثا:الاختلاف في الدين سنة كونية وجزء من حال التعدد في الكون كله ، وإن كان الدين عند الله الإسلام ، أكد القرآن في مواضع عديدة وحدة الأصل الإنساني من حيث المادة التي خلق منها وعملية الخلق والفطرة التي فطر الله عليها الناس، { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ }(10 ) .
كما أن العلاقة بين “الناس” في القرآن محكومة بقيود أخلاقية وحدود لا يجوز انتهاكها لأنها أوامر إلهية كرمت “الآخر” أيما تكريم عندما جعلت احترام إنسانيته واجبا شرعيا، بل جعلت العدل معه علامة من علامات التقوى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } (11 ) .
رابعا:إن التعدد الإنساني جاء بعد “وحدة”، وهو مرتكز مهم بني عليه مبدأ آخر مهم هو المساواة في الإنسانية، فكما أننا جميعا من نسل آدم، فإننا جميعا ننحدر من أمة واحدة تفرقت ، وإدراكا لهذا الأساس بين البشر ، فإن الثقافة العربية الإسلامية، قبلت “الآخر” على أساس حقه في الوجود، والتعبير الفكري والإسهام الثقافي، ونجحت في الإفادة من إنجازات هذا “الآخر (12 ).
خامسا : إن مفهوم وحدة الحضارة الإنسانية خرافة ، لخداع الشعوب خالية الثقافة ، واستلاب الشعوب حضاريا (13 )، فمسيرة الحضارات الإنسانية تنطق بالتنوع وليس الوحدة ، لأن التنوّع إثراء ، ويتفق مع طبيعة الثقافات المشكلة لكل حضارة ، وخصائصها المكانية وسياقها الزمني ،
وقدتحدث القرآن عن الطبيعة النفسية للإنسان ،دون التفرقةبين السمات المشتركة بين أمة وأخرى، ولا بين مؤمن وكافر ، لم يكن إخبار المؤمنين بهذه السنن الكونية في الاختلاف والتعدد مقصورا على مجرد اتساع “معرفتهم” فالقرآن كتاب هداية ومن ثم فإنه كما توجه للمؤمنين توجه إلى “الناس” مؤمنين وغير مؤمنين.كما أن مبادئ الإسلام في التعامل مع غير المسلمين ( كل الناس ) هي : الرحمة العامة، البر والإحسان ،الرفق بأهل الذمة ،والعدل معهم ، والوفاء بالعهود والمواثيق ، ومنع الفساد في الأرض(14 ).
خامسا : تأكيد حرمة الحياة الإنسانية بين الناس جميعا ، على قاعدة المساواة في الإنسانية ، وإقرار مبدأ أن الخير يشمل الناس جميعا ، حتى أكثر فئات “الآخر” عداء . فهي مبادئ إنسانية سامية اختص بها التشريع الإسلامي ، وأكد على أنها فاصل نوعيُّ بين الإنسان وسائر المخلوقات لأنها تعبير عن إنسانيته، كما أنها وسيلته المثلي للالتقاء مع الآخرين .
فجزء أساسي من الخطاب الإسلامي يتوّجه إلى الناس جميعا ، بل ويشمل الثقلين ( الإنس والجن)، مؤمنهم وكافرهم ، ويشمل مختلف مستوياتهم الثقافية والحضارية والعقلية . كما أن الأساس في فقه التعامل مع غير المسلمين هو التوازن والاعتدال ، ويسعى إلى مدّ الجسور نحو الأمم المخالفة ، لما في ذلك من جلب المصالح ودرء المفاسد ، والأهم أن الإسلام -كتشريع – استوعب كل ما يحتاج إليه الناس في حياتهم ، الدينية والدنيوية (15 ).
وتنطلق الثقافة العربية الإسلامية في تعاملها مع الثقافات الأخرى من منطلقين أساسيين:
1) الثبوت فيما يتعلق بالمصادر القطعية ، وما جاءت به من عقائد وتشريعات وقيم ومناهج . وهذا يجعل الأصول الشرعية بمثابة ثوابت ومبادئ ومرجعيات ، لا تحيد عنها .
2 ) التغير فيما يتعلق باجتهادات المسلمين وإبداعاتهم القابلة للصواب والخطأ ،وبالتالي الاختلاف، فالجانب القطعيُّ في الثقافة العربية الإسلامية ،يتسم بما يتسم به الإسلام من خصائص بصفته ديناً ومنهاجاً للحياة . وتتجلى هذه الخصائص في : العالمية، والشمولية، والوسطية ، والواقعية ، والموضوعية ، والتنوع في الوحدة(16 ). وهما سمتان دالتان على رحابة الثقافة الإسلامية ، ومرونتها مع المتغيرات في المجتمعات والشعوب والعادات والتقاليد ، وإيمانها أن الاختلاف في حد ذاته إثراء لها ، واستيعاب لما عند الآخر من علوم ومعارف وفنون .
كما أن لديها منهجا في دراسة الآخر ينطلق من أربعة محاور ، متتالية ومتوازية في آن :
– الكلية : وتعني النظر للثقافة الإسلامية بوصفها كلا مترابطا ، في جوانبها العقدية والتشريعية والفنية والعلمية والاجتماعية والسياسي .
– المقارنة : بين المذاهب والأفكار المختلفة ، فيما بينها ، ومع الثقافة الإسلامية نفسها .
– التأصيل : لكل فكر وعلم وفن جديد أو قديم ، بالنظر إلى علاقته بأصول الإسلام ومبادئه.
– النقد : بموضوعية وعلمية ، ضمن التعاطي الإيجابي الذي يعني المناقشة والحوار البنّاء القائم على قاعدة المنفعة ، والاستزادة العلمية (17 ).
أما مقولة ” أن الثقافة تراث إنساني لا دين ولا وطن ولا جنس له ” فهي مقبولة بشكل جزئي ، في مجال العلوم البحتة والتطبيقية ، أما سائر العلوم الإنسانية والفنون والمعارف ، التي تتعلق بتصورات الإنسان نحو الكون والحياة ، وتحوي رؤى فلسفية وعقدية ، فهي تكون ضمن التراث الثقافي القابل للنقاش والأخذ والرد ، بمعنى أنه يتم دراسة هذه الفنون والمعارف ، وفق قاعدة الاستفادة الحضارية والثقافية الإيجابية ، فما يفيدني أتتبعه ، وما يضرني ويتعارض مع أصول ثقافتي الإسلامية وثوابتها فلي حق الرد والرفض . وهذا مأزق العلمانيين العرب ببساطة ، أنهم تعاملوا مع الحضارة الغربية على أنها كلٌ يؤخذ ، وخطاهم تُتْبِع ، وعلينا أن نقرأ ثقافتنا في ضوء تصوراتهم الفلسفية والفكرية ، ومناهجهم العلمية في المجالات الإنسانية ، وكانت نتيجة المأزق أنهم وضعوا أنفسهم في مواجهة مع الموروث الثقافي للمسلمين في مجتمعاتهم ، فكانت ردة الفعل متراوحة ما بين التأثر لفئة قليلة ، والمواجهة لفئة كبيرة، وبات الحال الآن – كما نرى – شريحة قليلة من النخبة العلمانية ، تعلقت بالسلطة ومناصبها وجامعاتها، وتمترست في كثير من وسائل الإعلام ، واعتبرت أن ما عندها إنما هو نهاية التاريخ ثقافيا وعلميا، وعلى المسلمين – إن أرادوا التقدم – أن يحذوا حذوهم ، ونسوا – أو تغافلوا – أن المسألة ليست على الإطلاق ، وإنما فيها جدل كبير ، فأهلا بالعلوم التقنية التي تساهم في النهضة والتقدم المادي والمدني ، وأهلا أيضا بالعلوم الإنسانية والمعارف والفنون ، على أن نستقبلها وندرسها دون استلاب نفسي أو حضاري ، لأنها ببساطة تعبير عن الإنسان في ثقافته ، ولا بأس من دراستها ، دون افتتان أو تعلّق . فالبون بين العلمانيين وذوي التوجهات الإسلامية ليس كبيرا ، ولكنه عميق ، لأنه يتصل بالناحية النفسية ، والتصورات الفلسفية والقناعات . وللأسف ، بدلا من أن يتحول الخلاف إلى تنوّع وإثراء ، بات سبيلا إلى الفرقة والمعاداة غالبا ، والإقصاء والتآمر من أحيانا.
لقد تجلى الإثراء الإيجابي والاستفادة من الثقافات الأخرى ؛ واضحا في مسيرة الحضارة الإسلامية في مسيرتها التاريخية ، عبر حقب متتابعة .

الهوامش:

[1]) الأنا والآخر وهدم النمطية ، د. محمد فايز الطراونة ، مجلة عالم الفكر ، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت ، مج27، العدد 3 ، يناير / مارس 1999م ، ص282 .

[2]) الثقافة التفسير الأنثروبولوجي ، آدم كوبر ، ترجمة : تراجي فتحي ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، مارس 2008م ، ص41 ،42.

[3] ) الحضارات في السياسة العالمية ( وجهات نظر جمعية وتعددية ) ، تحرير : بيتر جي كاتزنشتاين ، ترجمة : فاضل جتكر ، سلسلة عالم المعرفة ، الكويت ، فبراير 2012م ، ص252 .

[4] ) الأنا والآخر وهدم النمطية ، ص280.

[5] ) الحضارات في السياسة العالمية ، ص254 ، 255 .

[6] ) السابق ، ص262 ، 263 .

[7]) راجع تفصيلا : ثقافة قبول الآخر ، ممدوح الشيخ ، مكتبة جزيرة الورد ، القاهرة ، 2012 ، الفصل الثاني ، ص77 وما بعدها ، بإيجاز مع توضيح من قبلنا .

[8] ) سورة الحجرات ، الآية ( 13 ) .

[9]) المسلمون وأوروبا ، التطور التاريخي لصورة الآخر ، د.قاسم عبده قاسم ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، القاهرة ،ط2، 2012م، ص44 وما بعدها .

[10] ) سورة آل عمران ، الآية ( 19 ) .

[11] ) سورة الحجرات ، الآية ( 13 ) .

[12] ) المسلمون وأوروبا ، التطور التاريخي لصورة الآخر ، ص57 .

[13]) على عتبات الحضارة : بحث في السنن وعوامل التخلق والانهيار ، د. بتول أحمد جندية ، دار الملتقى للطباعة والنشر ، حلب ، سورية ، ط1 ، 1431هـ ، 2011م ، ص30 .

[14]) انظر تفصيلا : التعامل مع غير المسلمين : أصول معاملتهم واستعمالهم ، دراسة فقهية ، د. عبد الله بن إبراهيم الطريقي ، منشورات:دار الهدي النبوي ( مصر )،دار الفضيلة ( الرياض ) ، ط1 ، 1428هـ ، 2007م،ص31- 50

[15] ) التعامل مع غير المسلمين : أصول معاملتهم واستعمالهم .. ، ص409 ، 410 .

[16])الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي، الايسيكو ، ص 53 .

[17]) مفهوم الثقافة الإسلامية وتحدياتها ، صباح محمد جاسم ، ص688 ، 689 .


نشر منذ

في

من طرف

الآراء

  1. الصورة الرمزية لـ محمود صقر
    محمود صقر

    دراسة قيمة: ممتعة ومفيدة.

اترك رد