الندوة العلمية الدولية: الدين والعقل في فكر الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله

نظمت مؤسسة الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله بتعاون مع الجامعة الوطنية لأكاديمية أُتروه –أوكرانيا، والمعهد الأوروبي للعلوم الإسلامية –بروكسيل، و الجامعة الإسلامية الأوروبية –روتردام الندوة العلمية الدولية في موضوع: الدين والعقل في فكر الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله، يوم الأربعاء 19 نونبر 2014 برحاب الجامعة الإسلامية الأوروبية بروتردام- هولندا.

جاء هذا الحدث العلمي في سياق الاحتفال بأول ترجمة لكتاب “محنة العقل المسلم” (1995) للأوكرانية والروسية من طرف الدكتور ميخائيلو ياكوبوفيش، أستاذ الدراسات الدينية بالجامعة الوطنية لأكاديمية أتروه. وكذلك لفتح نقاش علمي عميق يتناول بالدراسة والتحليل والمقارنة نظريةَ الإمام المجدد عبد السلام ياسين رحمه الله فيما يخص العلاقة بين الوحي والعلم ومقتضياته العقلية والتجريبية، وكيف يمكن أن نعيد ترتيب العلاقة بينهما في عالمنا المعاصر حيث الحاجة أضحت ملحة لاعادة التوازن بينهما، وكيف السبيل لتجسير العلاقة بين العقلاني والديني طبعا من خلال فكر الإمام ياسين رحمه الله ومقارنته بتجارب فلسفية شبيهة أو مختلفة.
وقد حاولت ورقات الندوة العلمية الدولية الإجابة أيضا على مجموعة من الأسئلة التي قد تمسّ بشكل مباشر مكانة العقل في الدين في فكر الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله بروح ونفس جديدين تأخذ بعين الاعتبار نتائج الأبحاث السابقة والمعاصرة التي أنجزت في مختلف البقاع وبمختلف اللغات حول ثنائية العقل والدين مع التركيز على جوانب غير مدروسة أو تحتاج إلى مزيد تنقيب.
ما مكانة العقل البشري في ارتباطه بالدين في فكر الإمام عبد السلام ياسين؟
هل يتبنى الإمام أطروحة حرية العقل في التفكير دون قيد أو شرط؟
كيف ينظر إلى العلاقة التي تربط بين: العقل، والروح، والقلب؟ أو بالأحرى: العقل، والوحي، والإيمان؟
ما هي المبادئ القرآنية التي يلتزم بها الإمام في تحرير العقل المسلم من الخرافة والوهم؟
ما هي نقاط التقارب بين نظرية المعرفة عند الإمام وبين “الفلسفة الإسلامية الحديثة”؟
كيف ينظر الإمام إلى التمازج الثقافي والحوار بين الحضارات؟
والندوة في مجملها تأتي لتؤكد نداء الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله إلى دعوة العقل والفطرة البشرية ليفتحا بصرهما ويحدقا بعين بصيرتهما، ذلك أن الصمت المجامل أو المجفل من ملامسة قضية الوجود المحورية هو الذي يذهل البشر ويغمسهم في مستنقع الجهل بمغزى الحياة ويشغل العقل البشري عن التفرغ الكافي ليتأمل كل واحد وجوده ويتفكر في معناه. إلا أن تتداركه رحمة من الله فتسوقه من آفاقه التائهة رجوعا إلى عتبة الفطرة.

ملخص كلمة الدكتور إدريس مقبول

باسم اللجنة المنظمة..نشكر كل الذين ساهموا في إنجاح هذه التظاهرة العلمية..من الجامعة الاسلامية الاوربية بروتردام التي احتضنت فعاليات الندوة وجامعة اتروه الاكاديمية بأوكرانيا والمعهد الأوروبي للعلوم الإسلامية ببروكسيل ومؤسسة الإمام ياسين..ونود ان نشكر أيضا الباحثين الذين شاركوا في هذه الندوة من كل من ماليزيا والهند وباكستان وتونس وبلجيكا والمغرب وتجشموا عناء السفر..هذه الندوة جاءت إحتفالا بترجمة الدكتور ميخائيل يعقوبوفيتش لكتاب محنة العقل المسلم إلى اللغتين الروسية والاكرانية..ونحن مسرورون جدا لطبيعة النقاش العلمي الذي يتناول نظرية الإمام عبد السلام ياسين عن العلاقة بين الغيب أو الوحي وبين العلم ومقتضياته العقلية والتجريبية..وكيف يمكن أن نعيد ترتيب العلاقة بينهما في عالمنا المعاصر حيث الحاجة ملحة لاعادة التوازن ..كيف السبيل لتجسير العلاقة بين العقلاني والديني طبعا من خلال فكر الإمام ياسين ومقارنته بتجارب فلسفية شبيهة أو مختلفة.

كلمة الدكتور نديم بهجت إقبالي مدير الجامعة الإسلامية بأوروبا

أريد أن أقدم الشكر لإخواننا جميعا وأنا متأكد إن شاء الله أن هذا البرنامج وهذه الندوة العلمية عن الإمام عبد السلام ياسين ستفتح لنا آفاقا هنا في أوروبا إن شاء الله، هذا ما نحتاجه هنا لنشر الإسلام في أوروبا. أنا أعتقد أن أمرا كهذا لا يكون إلا من قلب إلى قلب. فلذلك أنا شخصيا مسرور جدا لترتيب هذا البرنامج بجامعة أوروبا الإسلامية، وسنتعاون في المستقبل إن شاء الله على تنظيم برامج أخرى كهاته. كي لا أطيل الكلام أشكركم جميعا مرة أخرى والسلام عليكم.

نص مداخلة الدكتور أنور الجمعاوي من تونس

إنّ العقل باعتباره قوّة إدراكيّة وطاقة ذهنيّة تمكن الإنسان من فهم الأنا والآخر، ومن تحليل الظّواهر وتمثّل الأشياء، وباعتباره وسيلة تنظيم علاقة الإنسان بنفسه وبالعالم، هو علامة مميّزة للكائن البشري وملكة فاعلة في تاريخ الإنسان على الأرض. غير أنّ تحديد ماهيّة العقل من منظور تجريديّ وضبط كيفيّات توظيفه. والتّسليم بصدقيّة أحكامه مسائل خلافيّة كانت وما فتئت موضوع نقاش وسبب اختلاف بين الباحثين والمصلحين والمفكّرين. فقد عرفت الإنسانيّة ظهور تيّارات فكريّة وعقائديّة متعدّدة تباينت مواقفها من العقل في مستوى مفهومه وسلطته ومدى حجّيته. ويمكن أن نميّز في هذا الخصوص بين ثلاثة تيّارات على الأقلّ: أوّلها تيّار يؤمن بمصداقيّة العقل، ويعتمد عليه في إدارة كلّ شيء، ويمنحه السّلطة المطلقة في تقييم الأشياء وتحليل الظّواهر، ويعتبر الإنسان كائنا عقلانيّا بامتياز، يدير العالم بعمليّات ذهنيّة فكريّة محضة. وثانيها تيّار يقف على الضفّة المقابلة تماما، ويتأسّس على إلغاء العقل والاحتكام إلى الوجدان ونداء القلب في إطار تمثّل صوفيّ/ ميتافيزيقي للعالم يُعلي من قيمة الرّوحي، ويعتبر العقل قاصرا عن إدراك كنه الكون، ولا يرى فائدة من فعل التّفكير العقلاني في العالم. ويشكّك في قدرات العقل ومنتجاته الإبداعيّة. أمّا التيّار الثالث، فيرى أنّ الإنسان كان متعدّد الأبعاد، فهي روح وعقل وجسد، ولا يمكن إلغاء بُعد على حساب آخر. بل هذه الأبعاد تتكامل وتتآلف في التّاريخ، وتساهم في تحقيق وجود الإنسان على الأرض، يستثمر ما وهبه من ملكات في فعل الخير وخدمة الصّالح العامّ. وضمن هذا التيّار تندرج مقاربة الأستاذ المصلح عبد السّلام ياسين الذي قدّم تصوّرا مميّزا لماهية العقل، ودوره في حياة الإنسان، ونبّه إلى أنّ حاجة الإنسان إلى تحكيم العقل لا تقلّ عن حاجته عن الاستماع إلى نداء الرّوح والعكس صحيح، وذلك في إطار تصوّر شامل لكينونة الإنسان، يستحضر طاقته الذهنيّة وبعده الرّوحي وحضوره الجسدي بطريقة تقوم على توظيف كلّ المواهب والطّاقات التي منحها الله للإنسان في خدمة البشريّة وتأمّل الكون، وإدراك الخالق، وتحقيق خلافة الله في الأرض.

– ما المقصود بالعقل من منظور الأستاذ عبد السّلام ياسين؟
– ما هي وظائفه وغاياته؟
– كيف استخدم ياسين العقل في نقد التّراث والواقع السّياسي للمسلمين؟

وبناء عليه فإنّنا سنُعنى في هذه الورقة بجانبين أوّلهما نظري. والثّاني تطبيقيّ، فالأوّل متعلّق بسؤال الماهيّة (المفهوم)، والثّاني دائر على كيفيّة استثمار العقل وأدواته الموضوعيّة في نقد تاريخ المسلمين ونقد الحكم المستبدّ.

نص مداخلة الدكتور عبد الرحمن حسين من ماليزيا

درء التعارض بين العقل والنقل عند الشيخ عبد السلام ياسين والفيلسوف هيرمان كوهين. مواجهة تحديات متشابهة باستراتيجيات ونظم مختلفة

في القرن التاسع عشر وبعد هيمنة الفكر الوضعي على المؤسسات السياسية والتربوية والثقافية في الغرب وانحسار دور الكنيسة، واجه مفكرو اليهود بشكل أكثر قسوة من نظرائهم المسيحيين تحديات تمس تجربتهم الدينية برمتها، وانبرى فيلسوف يهودي كبير هو هيرمان كوهين ليثبت للمدرسة العقلية الحديثة أن الديانة اليهودية ديانة تحافظ على مستوى فكري عميق فضلاً عن وظيفتها الروحية وحفر اسمه بجانب أسماء لامعة في زمانه من خلال عمله الضخم: ديانة العقل، واستجاب في كتابه هذا لتحديات الفكر النظري الماركسي والداروينية الأولى وفلسفة كانت الوضعية الذي كان كوهين نفسه واحداً من المتضلعين في دراستها وتحليلها. وكانت النتائج التي أفرزتها الماكينة الغربية في دراسة الأديان كارثية بكل المعاني، وأدرك مفكرو الإسلام حينها جسامة التحدي الذي يواجهه الفكر الإسلامي ابتداء بالماركسية اللينينية التي تحولت إلى واقع صلب، ومروراً بالوجودية وانتهاء بالإلحاد الجديد الذي يقر بوجود خالق وينسف كل ما عدا ذلك من حقائق الوحي والنبوات، وأطل الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله على حقيقة الصراع الدائر إطلالة المفكر والمربي، وأظهر في مؤلفاته عمقاً في فهم الفكر الغربي الذي استعصى ولا زال على فهم كثير من الأعلام، وهذا الفهم خطوة لا بد منها في ميدان الصراع الفكري بين العقل المسلم والعقل الملحد. ولم يظهر الإمام ياسين جزعاً حول مخاوف المؤمنين من أن الإلحاد قادر على محو الإيمان فذلك أمر محال، وقد أدركت المدرسة الوضعية استحالة استئصال الإيمان من قلوب المؤمنين إلا أنها أيقنت أن سحق الفكر الديني بمطرقة الإلحاد أمر ممكن، وكانت تجربتها مع المسيحية رهاناً رابحاً في رؤيتها الشمولية لوظيفة الدين عموماً في المجتمع. ولكنه مع ثقته هذه آمن رحمه الله أن التربية الدينية على طريقة أهل التصوف أساس راسخ لبناء نظرية دينية تقف بثبات أمام العقلانية القاتلة، فافترق بهذه النظرة عن كثير من فلاسفة اليهود الذين انفصلوا بعقلانيتهم عن التجمعات الأرثوذكسية التقليدية. وتعنى هذه الورقة بعقد مقارنة بين التحديات الوضعية التي واجهها هيرمان كوهين والتحديات التي واجهها الإمام ياسين رحمه الله في زمنه، وتحليل نمط الاستجابة عندهما.

ملخص كلمة الدكتور أحمد بوعود من المغرب: محددات القرآن والعقل في فكر الإمام عبد السلام ياسين، دراسة مقارنة

كتب كثير من العلماء والمفكرين، قديما وحديثا، عن الوحي والعقل والعلاقة بينهما. وذهب كل فريق منهم مذهبا.. والأستاذ الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله تحدث عن الموضوع في أغلب كتبه، وكانت له نظرة خاصة سواء في تعريفه للقرآن؛ أو تعريفه للعقل، ومكانة العقل في القرآن، وكذلك في تمييزه بيى نوعين من العقلانية: العقلانية العلمية والعقلانية الفلسفية. وهذا ملمح من ملامح فكره التجديدي.

مختصر كلمة الدكتور محمد ثناء الله الندوي من الهند

العقل والوحي والمطلق: مقاربات في المشروع المعرفي للإمام عبد السلام ياسين، نقد منهجي للفلسفة الوضعية .

الهيكل المفاهيمي لمشروع الإمام عبد السلام ياسين يتصدره بُعد العقل في تجاوبه مع المطلق وفق منظومة تندرج ضمن التنظير الماورائي غير المؤمن بالتجريب الحسي، وهو المسمى بالوحي. فالإمام عبد السلام ياسين في العديد من مؤلفاته يخاطب قضايا الوجود والكينونة والمعرفة بمنهجية قرآنية تكشف اللثام عن جوانب الغش والتدليس في العديد من النظريات الحداثية والبَعْد-الحداثية الضاربة الجذور في فلسفات جاءت صياغتها على أيدي داروين وكارل ماركس و أوغست كونت؛ ومجموعها الفلسفة الوضعية المادية التي تلغي الوحي ودوره في أي مشروع معرفي أو حياتي للإنسان.
نقْد الإمام عبد السلام ياسين للفلسة الوضعية المادية جاء بصياغة علمية منهجية تستمد خيوطها أصلا من القرآن الكريم و الأحاديث النبوية، بالإضافة إلى ما تقدمه إليه الفيزياء الحديثة، خاصة النظرية الكمية التي ترفض المسلمة الدوابية لداروين وشهادات بعض علماء الإحياء في أوروبا.
حقا تعتبر مقاربات الإمام عبد السلام ياسين في هذا الباب تجديدا للفكر الكلامي في الإسلام اليوم.

مداخلة الأستاذ فرانسوا كلارانفال Francois Clarinval من بلجيكا بعنوان: مقاربة مفهوم العقل و القلب والوحي في أعمال الإمام عبد السلام ياسين رحمه الله من خلال منهج رونيه جونو René GUENON التحليلي.

مداخلة الدكتور رازا تيمور من باكستان بعنوان: مواجهة الفكر العلماني في الدولة الإسلامية الحديثة، دراسة مقارنة بين الإمام عبد السلام ياسين و أبو الأعلى المودودي رحمهما الله.

الآراء

اترك رد