توصيات المؤتمر الدولي الثاني للطب البحري

اختتمت البحرية السلطانية العمانية فعاليات «المؤتمر الدولي الثاني للطب البحري»، ودارت فعاليات اليوم الأخير حول ثلاثة محاور رئيسية هي: طب الاعماق والعلاج بالأكسجين، وتسخير التقنيات الحديثة بالطب، والطب المهني، كما تم استعراض تجربة البحرية السلطانية العمانية بمستويات الصحة المهنية على ظهر السفن، وقد استمرت فعاليات المؤتمر لمدة 4 أيام بقاعة عمان بفندق قصر البستان، بمشاركة 19 دولة عربية وغربية.

وتركزت أوراق ثالث أيام المؤتمر على محورين، المحور الأول: تناول استخدام التقنية الحديثة في الاتصالات لخدمة المجال الطبي والوضع في العالم وعمان وما هو المستقبل والخطط الموضوعة، احتوى المحور على خمس أوراق، الورقة الأولى لمتحدث من وزارة الصحة بين خطط وزارة الصحة فيما يتعلق بالملف الطبي الإلكتروني الموحد للمرضى وكذلك تحدث عن المشاريع المستقبلية، والورقة الثانية لمتحدث من نيوزيلندا أوضح تجربة نيوزيلندا في هذا المجال، أما الورقة الثالثة فكانت لمتحدث من الخدمات الطبية للقوات المسلحة تكلم عن الأنظمة المستخدمة في المستشفيات والمراكز الطبية التابعة للقوات المسلحة.
وتناولت الورقة الرابعة أهمية الملف الإلكتروني الوطني الموحد وعن الصعوبات والعوائق وطرحت تجارب الدول الأخرى، والورقة الأخيرة في هذا المحور استعرضت تجربة مستشفى الجامعة فيما يتعلق بالملفات الطبية الالكترونية «الرغبة الملحة للتوحيد عن المستوى الوطني».
والمحور الثاني ركز على استخدامات التقنية الحديثة في الاتصالات كالطب عن بعد والاستشارة الطبية عن بعد واستخداماتها على ظهر السفن، وتضمن عدة أوراق عمل، تطرقت احداها للتجربة العسكرية في مجال استخدام تقنية الاتصالات في المجال الطبي في أثناء العمليات العسكرية، وتطرق إلى التجربة الكندية لربط المستشفيات عن طريق الاستشارة عن بعد للمرضى وكيف تقلل من تنقلهم من مستشفى إلى آخر وتوفر الوقت والجهد، وورقة أخرى استعرضها د.سايمون حول أدوار الطب عن بعد على ظهر السفن وكيف تتساعد الأطقم الطبية وكذلك البحارة خلال الإصابات على ظهر السفن، كما ركزت إحدى الأوراق التي قدمها د.ريتشارد مول على تجربة شمال أمريكا و استخدام الاستشارة عن بعد في مجال إنقاذ الغواصين في الأماكن البعيدة والمعزولة، وآخر الأوراق ركزت على التجربة المحلية في البحرية السلطانية العمانية في استخدام التقنية والطب عن بعد أثناء التمارين البحرية بين سفن الأسطول والمراكز الطبية في القاعدة.
كما ناقش المؤتمر في يومه الأخير ثلاثة محاور، الأول: حول الصحة والسلامة المهنية البحرية تخللتها عدة أوراق عمل، الورقة الأولى: ركزت في معرفة المخاطر المحيطة بالعمل البحري وكيفية التعامل مع هذه المخاطر بطريقة علمية ومنهجية، والثانية: تطرقت إلى مخاطر الغوص كمهنة وأهم الإصابات وكيفية التعامل معها، أما الثالثة فقد تطرقت إلى مخاطر المواد الكيميائية على ظهر السفن (الاسبيستوس)، والرابعة تطرقت إلى مقياس المستخدم لقياس أنواع المخاطر على الصحة في بيئة العمل وتجربة نفط عمان في تطبيق هذا المقياس، والخامسة تطرقت إلى الاستبيان النفسي التحليلي للعاملين وتحليل تأثير الإصابات عليهم وكيفية محاولة التقليل من هذه التأثيرات النفسية.
المحور الثاني ركز على تجربة البحرية السلطانية العمانية فيما يتعلق بمستويات الصحة والسلامة المهنية على ظهر السفن وورش البحرية السلطانية العمانية وحماية البيئة العمانية، تضمنت كذلك عدة أوراق، فالورقة الأولى ركزت على استعراض التجربة الدنماركية التجارية في تطبيق السفن مستويات الصحة والسلامة المهنية، والورقة الثانية استعرضت الدراسة الميدانية لمعرفة الاستعداد الطبي في مستشفيات السلطنة لاستقبال الحالات بأسلحة الدمار الشامل.
أما المحور الثالث فقد ركز في تقييم الإصابات ومعايير الفحوصات الطبية للمتقدمين للعمل في مجالات العمل المختلفة وكذلك معايير التعويضات الطبية لمختلف الإصابات، وكذلك ضمت عدة أوراق، الورقة الأولى ركزت على تقييم الإصابات ومعايير القبول للعمل من الناحية الطبية، والورقة الثانية تحدثت عن الفحوصات الطبية المعمول بها في سلطنة عمان للعمل في المهن المختلفة، والثالثة تحدثت عن تأهيل ما بعد الإصابة والعلاجات الطبية المستخدمة لإرجاع المصاب إلى الحالة الصحية لما قبل الإصابة.

مخاطر الاسبيستوس:

ومن جوانب الطب المهني كان لـ«عمان» لقاء من أحد مقدمي أوراق العمل وهي الدكتورة هدى البدواوية من وزارة الصحة حاصلة على درجة الماجستير في طب السموم، حيث قالت: «المشاركة هي الأولى بالنسبة لي في مؤتمر دولي، ضمن مشاركة خبرات من عدة دول مثل أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة، ومثل هذه التجربة يستفيد العديد منها سواء في وزارة الصحة أو أية جهات أخرى معنية بتقديم الخدمات الطبية».
وأضافت البدواوية: «قدمت ورقة تناولت بها مخاطر مادة (الاسبيستوس) أو (الاسبيستو) المستخدمة في مظلات العزل الحرارية وهي مادة خطرة للغاية تؤثر بشكل سلبي على صحة الانسان وتصيب الرئة بشكل مباشر، ويعد انتشار هذه المادة مشكلة ربما يغفل عنها كثير من الناس، رغم حظرها في كثير من الدول عام 2011، فإنها لا تزال مستخدمة ولكن بصورة أقل بكثير قبل حظرها، وذلك لعدم وجود مادة طبيعية تكون بديلا مناسبا لها».
وحول مخاطرها أوضحت: «تكمن خطورة مادة (الاسبيستوس) في الألياف التي تتطاير منها، والذي يتعرض لتلك الألياف بصورة مستمرة تترسب في رئته وتسبب مشاكل على المدى البعيد مثل السرطان وانكماشا في الرئة وصعوبات في التنفس، وهذه المسألة تتطلب تكاتف عدة جهات ليست وزارة الصحة فحسب، بل كذلك وزارات التجارة والدفاع والإعلام وغيرها من الجهات تتحمل عاتق نشر التوعية في هذا الجانب».
وأضافت: «في سلطنة عمان تم حظر مادة «الاسبيستوس» ولكن ستجدها في كثير من المباني والمنازل لذلك أرى أن دور الإعلام ضروري للتوعية من خطر مادة (الاسبيستوس) من خلال المقالات والتحقيقات الصحفية، فكما ذكرت أنها مستخدمة في كثير من المنازل والمنشآت وذلك لغياب الوعي من مخاطرها».

تبادل التجارب:

الدكتور محمد علي البوفلاسي من الخدمات الطبية الملكية بالمستشفى العسكري بمملكة البحرين، حدثنا بقوله: «كنت مشاركا بالحضور والاسئلة، كمختص في طب الغوص والعلاج بالاكسجين، فالعلاقة مباشرة بمجال عملي، وهذا المؤتمر بالنسبة لي كوَّن حصيلة من الاستفادات الجمة من خلال مشاركة أطباء دوليين وعرض تجاربهم المتعلقة بشكل مباشر ببيئة عملي اليومي، تعرفنا على التطورات والامراض الجديدة وآخر البحوث الجديدة، بالإضافة إلى علاج بعض الحالات النادرة والتي تبدو مستعصية».
كما أشاد البوفلاسي بتنظيم المؤتمر الذي استضافته السلطنة للمرة الثانية، وقال: «إننا بحاجة إلى كثير من هذه المؤتمرات التي تعنى بالطب البحري جراء ندرة الاهتمام بها، ونتيجة هذه الندرة غابت ثقافة الطب البحري عن كثير من الأطباء المدنيين عوضا عن عموم الناس، ربما يعود ذلك لأن الامراض التي تعنى بها مجالات الطب البحري قليلة وربما لا تتكرر بصورة كبيرة».
وأضاف: «زيادة مثل هذه المؤتمرات والتثقيف بالطب البحري قد ينقذ شخصا من بتر ساقه إذا ما كان مصابا بالقدم السكري، ولذلك نقوم جاهدين بنشر هذه الثقافة، وبدوري أقوم بتقديم الكثير من المحاضرات في مملكة البحرين، سواء للأطباء العسكريين أو المدنيين وأطرح عليهم بعض الحالات المرضية التي يمكن علاجها بالأكسجين ليتم نقل الحالات المشابهة إلينا».
كما أكد: «هناك مركز للطب البحري تابع للبحرية السلطانية العمانية في قاعدة السلطان بودام الساحل، وهو مركز مميز ذو مواصفات عالمية حديثة جدا، ونحن كخليجيين نفتخر بوجود مثل هذا المركز بتجهيزاته الضخمة ومعداته الحديثة وأطبائه المتميزين بالسلطنة، ويوجد في البحرين مركز مشابه بدأ منذ سنتين في مستشفى الملك فهد، ونطمح للوصول إلى ما وصلت إليه السلطنة التي ابتدأت منذ فترة طويلة في هذا المجال».
واختتم حديثه بقوله: «اليوم في هذا المؤتمر بلغتنا أرقام مفرحة، حيث عرض الأطباء الزائرون نجاح 50 % من الحالات التي كانت تستدعي البتر، ونتمنى أن يتم تحويل الحالات إلينا وخصوصا في بدايتها قبل أن يستفحل المرض، فكلما كانت الحالات المرضية التي تستدعي العلاج بالأكسجين في بدايتها كلما كانت نسبة العلاج أكبر».

توصيات المؤتمر:

– اعتماد برنامج تخصصي في طب الأعماق والعلاج بالأكسجين والطب المهني في المجلس العماني للاختصاصات الطبية.
– تنظيم ممارسات الغوص بكافة أنواعها في السلطنة ووضع تشريعات تضمن سلامة الغواصين طبياً ومهنياً مع ضرورة الإبلاغ عن حالات إصابات الغوص الى وحدة طب الأعماق والعلاج بالأكسجين بالبحرية السلطانية العمانية.
– نشر خدمات العلاج بالأكسجين المضغوط لتعم المناطق الرئيسية في السلطنة نظراً لحاجة المجتمع إلى هذه الخدمة المهمة.
– أصبح من الضرورة في هذه المرحلة من العمل الوطني الربط بين مختلف مزودي الخدمات الصحية في السلطنة، وتقترح اللجنة المنظمة للمؤتمر تشكيل لجنة عليا (اللجنة الوطنية للتقنية الإلكترونية الطبية) تعنى بمراجعة استراتيجية السلطنة الوطنية في مجال التقنية الالكترونية الصحية بهدف وضع خطة واضحة للانتقال بالسلطنة إلى الملف الإلكتروني الطبي الموحد وتسريع وتيرة العمل للانتقال إلى بيئة خالية من الأوراق.
– هناك حاجة ماسة لتطوير التشريع المنظم لتقنية المعلومات الطبية الصحية وأهمها صياغة قانون الملف الطبي الإلكتروني العماني الذي يضمن حقوق المرضى في الولوج للمعلومات الطبية، وقانون الخصوصية الطبية، وقانون الأسرار الطبية وطرق تداولها مما يسهل تفعيل برامج الملف الطبي الموحد وربطها ببوابات الملف الشخصي في المستقبل لزيادة تفاعل وتمكين المواطن في مجال الرعاية الصحية.
– ضرورة الاستفادة من تقنية الربط التلفازي الطبي في السلطنة Telemedicine لتسهيل تبادل المعلومات الطبية وخصوصا لربط المناطق البعيدة عن الخدمة الصحية الثلاثية.
– زيادة الاستثمارات في تنمية الموارد البشرية في السلطنة في مجال تقنية المعلومات الطبية وذلك لقلة المتخصصين في هذا المجال، وتبني برامج دعم الموظفين في اتخاذ القرارات الطبية أثناء العمل من خلال الملف الإلكتروني Clinical decision support systems، والعمل على تنمية العديد من المشاريع في هذا المجال.
– ضرورة تكوين سجل وطني للإصابات المهنية كوسيلة لتوحيد ومراقبة الإصابات المهنية والذي سوف يساعد على تكوين بنية متكاملة للبيانات الإحصائية في هذا المجال.
– وضع تشريع وطني لمراقبة التخلص من النفايات الخطرة في البيئة البحرية في المياه الإقليمية وعلى ظهر السفن.
– عمل خطة وطنية طبية للتعامل مع الإصابات الناتجة عن المخاطر الكيماوية والبيولوجية والإشعاعات النووية وتدريب والأطقم الطبية على هذه الخطة وتزويد مستشفيات السلطنة بالأدوات المناسبة للتعامل مع مثل هذه الإصابات.
– الأخذ بنتائج الدراسة السابقة في جاهزية المؤسسات الصحية للتعامل مع حالات أسلحة الدمار الشامل.
– العمل على مراجعة وتقييم معايير الفحوصات الطبية للمهن المختلفة مما يعكس نوعية الوظائف والمهام التي يقوم بها الموظف أيا كان.

المصدر


نشر منذ

في

,

من طرف

الآراء

اترك رد