تطورت نظريات الاتصال عبر التاريخ الإنساني مع المحاولات التي بذلها الباحثون لدراسة وتحليل عملية الاتصال ووصف أبعادها وعناصر تكونها، ودورها في تطوير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
ونتيجة لتلك الأبحاث ظهرت نظريات ونماذج للاتصال الجماهيري من بينها: النموذج الذي وضعه الباحث ديفيد برلو، واشتمل على: مرسل؛ ورسالة؛ ووسيلة اتصال؛ ومستقبل.
والنموذج الذي أعده الباحث ولبر شرام عام 1974 وطوره عام 1971، وقدم فيه العناصر الأساسية للاتصال وهي:
– المصدر، صاحب الفكرة؛
– وأسلوب التعبير عن الفكرة وتحويلها لرموز وصياغتها بشكل يكوِّن نص الرسالة الإعلامية؛
– والمستقبل الذي يتلقى الرسالة ويقوم بفك رموزها؛
– وأخيراً الاستجابة لهدف الرسالة الإعلامية وراجع صداها الذي من المحتمل وصوله أو عدم وصوله للمرسل صاحب الفكرة.
واعتمد شرام في نموذجه على أفكار سبق وقدمها الباحث شانون والباحث ويفر حول راجع الصدى والتشويش الحاصل أثناء نقل الرسالة، وأضاف عليها في نموذجه النظام الوظيفي لعملية الاتصال مفاهيم جديدة مثل الإطار الدلالي، والخبرات المشتركة وأهميتها في عملية الاتصال.
بينما ذكر الباحث الإنكليزي ويلز H.G. Wells أن: “تطور التاريخ الإنساني هو ظاهرة اجتماعية واحدة تدفع الإنسان للاتصال بأخيه الإنسان، في مكان آخر أو مجتمع آخر” معتبراً أن التطور التاريخي البشري هو قصة رافقت تطور عملية الاتصال، وقسمها إلى مراحل وهي: الكلام، والكتابة، واختراع الطباعة، ومن ثم المرحلة العالمية، مرحلة الإذاعة والاتصال الإلكتروني، وفي هذه المرحلة الأخيرة من تطور الاتصال أصبح للوسائل الإلكترونية دوراً مهماً في حياة المجتمعات، واستطاع الإنسان نقل أفكاره ومشاعره ومعلوماته عبر الحواجز الجغرافية باستخدام أجهزة الاستقبال الإذاعية المسموعة والمرئية، لتأتي أخيراً شبكة الإنترنيت العالمية مكملة لما سبق من التطور العلمي والتقني في مجال الاتصال الإنساني.
ومع ذلك تبقى نظرية مارشال ماكلوهين التي قدمها في أواسط القرن الماضي من أكثر نظريات الاتصال والإعلام انتشاراً ووضوحاً في ربطها بين الرسالة الإعلامية، والوسيلة الإعلامية، والتأكيد على أهمية الوسيلة في تحديد نوعية الاتصال وتأثيره، واعتبر ماكلوهين أن الوسيلة هي الرسالة وأوضح أنه لا يمكن النظر إلى المضامين التي تنشرها وسائل الاتصال الأعلام الجماهيرية بمعزل عن التقنيات التي تستخدمها وسائل الاتصال الأعلام الجماهيرية، لأن التقنيات تؤثر على مضمون الرسائل الموجه للساحة الإعلامية وعلى تشكل الرأي العام.
واعتقده ماكلوهين أن تاريخ تطور الاتصال الإنساني مر بعدة مراحل وهي:
– مرحلة التخاطب الشفهي: أي مرحلة ما قبل اكتشاف حروف الكتابة؛
– ومرحلة ما بعد اكتشاف الكتابة ونسخ الكتب والتي استمرت لنحو ألفي عام؛
– ومرحلة اختراع الطباعة واستمرت من بداية القرن السادس عشر، وحتى نهاية القرن التاسع عشر؛
– ومرحلة عصر وسائل الاتصال والأعلام الإلكترونية التي بدأت في مطلع القرن العشرين ولم تزل مستمرة حتى الآن.
وأن تقنيات وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المستخدمة في كل مرحلة من تلك المراحل ساعدت على تشكيل المجتمع أكثر مضامينها الإعلامية.
وأشار ماكلوهين إلى أن وسائل الاتصال والإعلام الإلكترونية ساعدت على تقليص الزمان والمكان على الكرة الأرضية ووصفها بـالقرية العالمية Global Villageوهي الأرضية التي ولد عليها مصطلح (العولمة) ورافق الاتجاه الجديد للاتصال وتدفق المعلومات عالمياً، باتجاه نحو اللامركزية في الاتصال، وتقديم رسائل متعددة تلاؤم الأفراد والجماعات الصغيرة المتخصصة، واتخذت هذه اللامركزية مظهرين:
الأول: ويتحكم فيه المرسل.
والثاني: ويتحكم فيه المستقبل.
عن طريق ربط الحاسبات الإلكترونية لتوفر خدمات متنوعة من الاتصال وتبادل المعلومات بدأ من الصحافة المطبوعة ونقل النصوص المكتوبة، وبرامج الإذاعتين المسموعة والمرئية، والأفلام السينمائية، التي يمكن نقلها عبر مسافات شاسعة وبسرعة فائقة.
ورأى الباحث الفن توفلر: أن البنية الإلكترونية الأساسية في الدول المتقدمة اقتصادياً تتميز بسمات تمثل مفاتيح المستقبل وهي:
– التفاعلية؛
– وقابلية التحرك؛
– وقابلية التحول؛
– وقابلية الربط؛
– وقابلية الانتشار؛
– والعولمة.
ليفرض الاتصال خلال القرن الحادي والعشرين مبادئ:
– تكريس اللامركزية في الإرسال والاستقبال؛
– وتكريس الهيمنة والاندماج من خلال اتجاه وسائل الاتصال الجماهيري إلى التركيز في كيانات ضخمة وملكية مشتركة ومتعددة الجنسية؛
– والتوافق بين التقنيات القديمة والتقنيات الحديثة.
ومع تحول مؤسسات الاتصال والإعلام الجماهيرية في القرن الحادي والعشرين إلى شبكات ضخمة تتصارع المصالح داخلها، أصبح من الصعب دراسة ما يحدث داخل المؤسسات الإعلامية ودور القائمين بالاتصال فيها، وتحليل الاتصال كوظيفة اجتماعية، ودراسة دور ومركز العاملين في الصحيفة، أي الصحفيين، والظروف والعوامل التي تؤثر على اختيار مضامين الصحف، لأن الأخبار يصنعها الصحفيون، وهنا برزت أهمية دراسة الالتزامات المهنية، والأخلاقية، وطبيعة السيطرة المؤسساتية على عمل الصحفيين.
وكانت أول دراسة كلاسيكية من هذا النوع الدراسة التي قام بها روستن في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1937 وتناول فيها مراسلي الواشنطن بوست، وفي عام 1941 نشرت مجلة الصحافة الربع سنوية الصادرة في أيوا بالولايات المتحدة الأمريكية دراسة مهمة عن العاملين في صحيفة ملواكي، وبعد فترة طويلة ظهرت أبحاث أخرى تناولت القائمين بالاتصال والمؤسسات التي يعملون فيها.
ونشر ديفيد مانج وايت دراسته عن حارس البوابة، واتقاء الأخبار، وكانت دفعة قوية للأبحاث الجارية في هذا المجال.
وبعدها طورت الأبحاث التي قام بها عالم النفس النمساوي الأصل الأمريكي الجنسية كرت لوين نظرية حارس البوابة الإعلامية. وذكر لوين: أنه على طول الرحلة التي تقطعها المادة الإعلامية حتى تصل للجمهور تمر عبر نقاط أو (بوابات) يتم خلالها اتخاذ قرارات حول ما يدخل وما يخرج من تلك البوابات، وكلما طالت المراحل التي تقطعها الأخبار حتى تظهر في وسيلة الاتصال والإعلام الجماهيرية، تزداد المواقع التي يصبح فيها متاحاً لسلطة فرد أو عدة أفراد تقرير ما إذا كانت الرسالة ستنتقل بنفس الشكل أو بعد إدخال بعض التغييرات عليها، ليصبح نفوذ من يديرون هذه البوابات والقواعد التي تطبق عليها، والشخصيات التي تملك بحكم عملها سلطة التقرير كبيراً في تقرير انتقال المعلومات.
ومع ذلك بقيت دراسات (حارس البوابة) تجريبية في الواقع وتناولت دراسات منتظمة لسلوك الأفراد الذين يسيطرون في نقاط مختلفة، على مصير النصوص الإخبارية.
وأوضحت الدراسات أن حراس البوابات الإعلامية هم صحفيون يقومون بتجميع ونقل الأنباء للتأثير على اهتمامات وإدراك الجمهور الإعلامي.
وخلال خمسينات القرن العشرين أجريت سلسلة من الدراسات ركزت على الجوانب الأساسية لعمل حارس البوابة دون الإشارة للمصطلح قدمت تحليلاً وظيفياً لأساليب السيطرة والتحكم والتنظيم وأداء الوظيفة الاجتماعية في غرف إعداد الأخبار، وحللت الإدراك المتناقض لدور ومركز ووضع العاملين بالصحيفة ومصادر حصولهم على الأخبار، والعوامل التي تؤثر على اختيار المحررين للأخبار وطريقة عرضها.
وقام بتلك الدراسات مجموعة من الباحثين الأمريكيين أمثال وارن بريد جاد، وروى كارتر، وستارك، وجيبر، وروبرت جاد، ووايت، وكن مكرورى، وغيرهم.
وفي عام 1951 نشر الباحث الأمريكي شارلي ميتشل دراسته عن غرف إعداد الأخبار والعاملين فيها.
ونشر الباحث الأمريكي سابين دراسة عن كتّاب الافتتاحات في ولاية أوريجون.
والباحث الأمريكي لورنس دراسة عن المحررين في كنساس.
ولخص الباحث الأمريكي ولتر جيبر في مقالته “الأخبار هي ما يجعلها الصحفيون أخباراً” نتائج الأبحاث الأساسية التي أُجريت على حراس البوابة، وأجرى في عام 1956 دراسة عن محرري الأنباء الخارجية في 16 جريدة يومية بولاية وسكونسن، تستقبل أنباءها من وكالة أنباء أسوشيتدبرس فقط.
وأظهرت الدراسات التي قام بها جيبر أنه إذا كان المحرر يختار عينة مما يصله من أنباء يمكننا أن نقول أنه قد وُفِق في أداء عمله، وأضاف: أنه يمكن عن طريق ملاحظة الأسلوب الذي يختار المحرر بمقتضاه الأنباء لفترة لا تزيد عن أيام قليلة يمكننا أن نتنبأ بما قد يختاره في يوم آخر، وكان الأمر المشترك بين جميع محرري الأنباء، الذين درسهم جيبر، الضغوط التي يفرضها الواقع البيروقراطي، وأن العمل في غرفة إعداد الأخبار يعتبر من أقوى العوامل تأثيراً، فمحرر الأنباء الخارجية يعمل دائماً من خلال حساباته للضغوط الميكانيكية في عملة أكثر اهتمامه بالمعاني الاجتماعية لوقع الأخبار، وباختصار كانت ظروف إخراج الصحيفة والروتين البيروقراطي والعلاقات الشخصية داخل غرفة إعداد الأخبار تؤثر على عمل المحرر.
وأظهرت دراسات جيبر حقيقتين تبعثان على القلق وهما:
أولاً: أن محرر الأنباء الخارجية في سلوكه الاتصالي كان سلبيا ولا يلعب دورا فعالا كقائم بالاتصال، فهو لا يدرس بشكل نقدي الأنباء التي تصله برقيا.
وأنه هناك بعض الدلائل التي تشير إلى أن محرر الأنباء الخارجية كصحفي يعمل ملازما لمكتبه، وتختلف دوافعه عن المخبر الذي ينتقل من مكان إلى آخر لكي يجمع الأخبار، وهذا يؤثر بالتالي على ما يختاره المحرر من أنباء، وربما كان محرر الأنباء الخارجية كسولاً، أو قد أصبح كسولاً لأن رؤساءه لا يشجعونه ليكون أكثر نشاطاً.
وبشكل عام المحرر لا يختار برقياته بشكل يظهر فيها أنه يقيّم ما يقدمه بشكل نقدي.
وثانياً: أن محرر الأنباء الخارجية، كقائم بالاتصال، ليس لديه إدراك حقيقي عن طبيعة جمهوره، ولهذا فهو لا يتصل عملياً بذلك الجمهور.
وإذا كانت المهمة الأساسية للصحيفة هي تقديم تقرير هادف عن الظروف المحيطة من أجل خدمة القارئ، فيمكن أن نقول أن أداء هذه المهمة كان بالصدفة فقط. لأن الصحيفة لم تعد تدرك أن هدفها الحقيقي هو (خدمة) جمهور معين أو الجمهور بشكل عام، لأن المجموعة التي تقوم بجمع الأخبار، والنظام البيروقراطي كثيراً ما تحدد الأهداف، أو تحدد ما يظهر على صفحات تلك الصحيفة.
واستخلص جيبر أنه بدون دراسة القوى الاجتماعية التي تؤثر على عملية جمع الأخبار لا نستطيع أن نفهم حقيقة تلك الأخبار.
ومن أعمق الدراسات التي أجريت على القائمين بالاتصال وتأثير القوى الاجتماعية على العاملين في الصحف، كانت الدراسة التي أجراها وارين بريد عام 1955 ووجد أنه هناك أدلة تشير إلى وجود عملية تأثير يسيطر أو يهيمن بمقتضاها مضمون الصحف الكبيرة والمحطات الإذاعية المسموعة والمرئية المرموقة على الطريقة التي تعالج بها الصحف الصغيرة الأخبار والموضوعات المهمة، أي أن الكبير يبتلع الصغير كما يقال في عالم الأحياء المائية، ولا شك أن هذا يحرم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية من القدرة على التغيير والتنويع وتعدد الآراء الذي يساعد على تكوين رأي عام واعي لما يدور من حوله.
واستخدم بريد في دراسة أخرى التحليل الوظيفي ليظهر الكيفية التي تحذف بها الصحف الأخبار التي تهدد النظام الاجتماعي والثقافي أو تهاجمه، أو تهدد إيمان القائم بالاتصال بذلك النظام الاجتماعي والثقافي، ويقول بريد: أن سياسة الناشر هي التي تطبق في العادة في أي صحيفة، بالرغم من مظاهر الموضوعية في اختيار الأخبار، بالإضافة إلى ذلك فالجزاء الذي يناله الإعلامي في الصحيفة مصدره ليس القراء الذين يعتبرون هدفه، ولكن مصدره زملاؤه من العاملين معه ورؤساؤه، لذلك يعيد المحرر في الجريدة تحديد وتشكيل قيمه لتحقق له أكبر منفعة.
واستنتج بريد من تلك الدراسة: أن الظروف الثقافية التي تحيط بالصحفي في غرفة إعداد الأخبار لا تؤدي إلى نتائج تفي بالاحتياجات الأوسع للديمقراطية.
واستخدم الباحث الأمريكي المعروف سوانسون أساليب المتابعة المباشرة والاستفسار ليحصل على معلومات عن الخصائص الشخصية ومعتقدات العاملين في صحيفة يومية صغيرة.
ودرس بروس وستلي أيضاً محرري الأخبار الخارجية في صحف ولاية وسكونسن باستخدام سلّم (قياس القيم) وقارن من خلاله القيم التي يعتنقها أولئك المحررون والتي تؤثر على اختيارهم للأخبار.
وتعتبر دراسة بروس وستلي ومالكلوم ماكلين عن القائمين بالاتصال، والتفرقة بين أدوار الاتصال المختلفة، من الدراسات المهمة في هذا المجال، والملاحظ أنه وجد في كل تلك الدراسات عنصر مشترك، تقول بأنها تركز الاهتمام على التفاعل بين الأنماط والأخلاقيات الصحفية المثالية والأساليب الاجتماعية والتنظيمية المقررة في المجتمع الأكبر، في ظروف متنوعة وأوضاع مختلفة، وقدمت تلك الدراسات فوائد كثيرة لوسائل الاتصال والأعلام الجماهيرية والخبراء لأنها ساعدت على الوصول إلى أحكام أكثر دقة عن العاملين بوسيلة الاتصال والإعلام الجماهيرية في إطار اجتماعي مباشر، وأبرزت الكثير من الأسئلة المهمة التي يجب التوصل إلى إجابات عليها.
وتمر الرسالة الإعلامية في نظرية حارس البوابة الإعلامية بمراحل عديدة وهي تنتقل من المصدر حتى تصل إلى المتلقي، بسلسلة مكونة من عدة حلقات، وأبسط أنواع السلاسل هي سلسلة الاتصال المباشر، من فرد إلى فرد آخر، وفي حالة الاتصال الجماهيري تكون هذه السلاسل طويلة ومعقدة جداً، لأن المعلومات التي تدخل شبكة اتصال معقدة مثل الصحيفة، ومحطة الإذاعة المسموعة والمرئية، تمر بالعديد من الحلقات والأنظمة المتصلة، فالحدث الذي يحدث في فلسطين أو أفغانستان أو العراق أو لبنان مثلاً، يمر بمراحل عديدة قبل أن يصل إلى القارئ في أمريكا أو أوربا أو الشرق الأوسط، ونجد قدر من المعلومات تخرج من بعض الحلقات أو الأنظمة أكثر مما تدخل فيها.
وأطلق عليها شانون تسمية أجهزة التقوية، فأجهزة التقوية أي وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية تستطيع أن تصنع في نفس الوقت عدداً كبيراً جداً من الرسائل المتطابقة، كنسخ الصحف توصلها للجمهور، وأنه هناك نوعاً من السلاسل كشبكات معينة داخل الأنظمة، لأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية نفسها هي شبكات من الأنظمة المتصلة بطرق معقدة، تقوم بوظيفة فك الرموز والتفسير وتخزين المعلومات، ثم وضعها مرة أخرى في رموز.
وهي الوظيفة التي يؤديها كل من القائمين بالاتصال، لأن الفرد الذي يتلقى رسائل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية هو جزء من شبكة علاقات معقدو قائمة داخل الجماعة، ويعين واقع المجتمع الذي ترتفع فيه نسبة المتعلمين ودرجة التصنيع أُسلوب عمل الشبكة، ويزداد اعتماد ذلك المجتمع على سلاسل وسائل الاتصال والأعلام الجماهيرية، أما المجتمع البدائي الذي تنخفض فيه نسبة المتعلمين ودرجة التصنيع فتنتقل فيه غالبية المعلومات عن طريق سلاسل الاتصال الشخصي.
والجدير بالذكر أن المجتمعات التي تخضع وسائل الاتصال والإعلام فيها للسيطرة الحكومية يشكك الأفراد بصدق ما تنشره تلك الوسائل، لتصبح سلاسل الاتصال الشخصي المباشر من فرد إلى فرد مهمة وطويلة جداًً وتتطور إلى جانب سلاسل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وفي هذه الحالة نجد أن سلاسل الاتصال الشخصي تنقل شائعات وأقاويل ومعلومات متنوعة من فرد إلى فرد، وتقوم بالرقابة على وسائل الاتصال والأعلام الجماهيرية، وتحاول سد نواحي النقص فيها.
وفي هذا الصدد أشار الباحث كرت لوين إلى أنه في سلاسل الاتصال الشخصي هناك فرد ما في كل حلقة من حلقات سلسلة الاتصال الشخصي يتمتع بحق تقرير ما إذا كانت الرسالة التي تلقاها سينقلها أو لا ينقلها، وأن تصل تلك الرسالة إلى الحلقة التالية بنفس الشكل الذي جاءت به أم أنه سيدخل عليها بعض التغييرات والتعديلات.
وحارس البوابة الإعلامية يعني السيطرة على مكان استراتيجي في سلسلة الاتصال، بحيث تصبح لحارس البوابة سلطة اتخاذ القرار فيما سيمر وكيف سيمر من خلال بوابته، حتى يصل الخبر في النهاية إلى وسيلة الاتصال الإعلامية الجماهيرية ومنها إلى الجمهور الإعلامي.
ويذكر لوين أن المعلومات تمر بمراحل مختلفة حتى تظهر على صفحات وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية والإلكترونية، وأطلق لوين على هذه المراحل تسمية بوابات، وقال: أن هذه البوابات تقوم بتنظيم كمية من المعلومات التي ستمر من خلالها، وأشار لوين إلى مفهوم وظيفة البوابة تعني فهم المؤثرات والعوامل التي تتحكم في القرارات التي يصدرها حارس البوابة.
وبمعنى آخر أنه هناك مجموعة من حراس البوابات يقفون في جميع مراحل سلسلة الاتصال التي يتم من خلالها نقل المعلومات، ويتمتع حراس البوابات بحق فتح بوابتهم أمام أي رسالة تأتي إليهم أو إغلاقها، كما أنه من حقهم أجراء تعديلات على الرسالة التي ستمر وعلى سبيل المثال:
يستطيع أي فرد تقرير ما إذا كان سيكرر أو يردد إشاعة معينة أو لا يرددها، لأن الإشاعات حينما تنتقل من مصدر إلى مصدر تطرأ عليها في الغالب بعض التعديلات وتتلون وفق اهتمامات ومعلومات الفرد الخاصة ومن ثم يقوم بنقلها، وحينما تطول سلسلة الاتصال نجد أن بعض المعلومات التي تخرج في النهاية لا تشبه المعلومات التي دخلت منذ البداية إلا في نواح قليلة، فإذا أخذنا في اعتبارنا أن ما يحدث في سلاسل الاتصال التي تنقل الأخبار حول العالم. وعلى سبيل المثال الخبر المنقول من اليابان أو الهند أو مصر إلى أي مدينة في إحدى الولايات الأمريكية، يمر بمراحل كثيرة وأول حارس بوابة في هذه الحالة هو الفرد الذي لاحظ الحدث وقت وقوعه، ولنفترض أن ما حدث كان كارثة طبيعية وينتقي الفرد من دون شعور وصفاً لأشياء معينة لاحظها دون أشياء أخرى، أي أنه لاحظ أشياء وأغفل أشياء أخرى، ولهذا نراه يتحدث عن نواحي ويهمل نواحي أخرى.
وبعد حارس البوابة الأول يأتي حارس البوابة الثاني، وقد يكون مخبراً صحفياً حصل على الخبر من شاهد عيان شاهد الحدث عند حدوثه، وقد يتصل الصحفي بأكثر من شاهد عيان لكي يكوّن فكرة كاملة عن الحدث، وفي جميع الحالات، يقوم المخبر بانتقاء واختيار الحقائق التي سينقلها، والحقائق التي سيهملها، ويقرر الجوانب التي سيختارها ويحدد بنفسه مدى أهمية الحدث.
وبعد ذلك يسلم المخبر الخبر إلى مكتب وكالة الأنباء التي يتبع لها. وفي وكالة الأنباء يقوم محرر آخر باتخاذ قرار معين عن الخبر ويقرر ما إذا كان سيختاره من بين مئات الأنباء لنقله إلى المشتركين في وكالة الأنباء أم أنه سيختصره أو يضيف عليه أو يغيره أو ينقله كما ورد.
وبعد ذلك يأتي دور محرر الأخبار الخارجية في الصحيفة الذي يتلقى البرقيات، ويقرر مدى أهمية الخبر وبالتالي المساحة التي يجب أن يخصصها له.
أي لا بد من اختيار مادة من بين مواد كثيرة وصلت إلى وكالة الأنباء، أو وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية لأن الأنباء تصل لهذه الوسائل من عدة مصادر ومن بينها وكالات الأنباء، والمراسلين الصحفيين في جميع أنحاء العالم، ومن الصحف الأخرى، ومن محطات الإذاعة المسموعة والمرئية.
وحراس البوابة في جميع تلك المراحل يسمحون لنسبة محدودة من آلاف المواد الإعلامية التي تصلهم بالانتقال إلى المراحل التالية، وفي النهاية يختار المحرر في الصحيفة الأخبار التي سينقلها إلى قرائه، وكل قرار يتخذ بتوصيل أو نقل شيء ما، هو قرار فيه كبت وإخفاء لشيء آخر، كنتيجة لعدد من الضغوط الذاتية، ولذا علينا كصحفيين أن نحدد تلك الضغوط ونفهمها كي نفهم الطريقة التي تقوم بها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بأداء عملها الوظيفي المطلوب منها.
وأشار الباحث الأمريكي مارشال ماكلوهين، إلى أن مضمون الرسائل (المواد) الإعلامية لا يمكن النظر إليه بمعزل عن التكنولوجيا التي تستخدمها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، فالكيفية التي تعرض بها المؤسسات الإعلامية الموضوعات، وطبيعة الجمهور الذي توجه إليه رسائلها الإعلامية، يؤثران على ما تنقله تلك الوسائل، وأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي يستخدمها المجتمع أو يضطر إلى استخدامها، تحدد طبيعة المجتمع وكيفية معالجته لمشاكله.
وأن أي وسيلة إعلامية جديدة تشكل ظروفاً جديدة محيطة تسيطر على ما يفعله الأفراد الذين يعيشون في ظروف معينة، وتؤثر كلها على الطريقة التي يفكرون ويعملون وفقاً لها.
فوسيلة الاتصال والإعلام امتداد للإنسان، فالكاميرة التلفزيونية تمد أعيننا، والميكرفون يمد آذاننا، والحاسبات الإليكترونية (الكمبيوتر) توفر بعض أوجه النشاط التي كانت في الماضي تحدث في عقل الإنسان فقط، وهي مساوية لامتداد الوعي الإنساني.
ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الحديثة، كامتداد لحواس الإنسان توفر للإنسان الزمن والإمكانيات وتشكل تهديداً له لأنه عندما تمتد يد الإنسان وحواسه عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وتستطيع هذه الوسائل أن تمد يد المجتمع إليه، كي تستغله وتسيطر عليه.
ولكي نمنع احتمال التهديد أكد ماكلوهين على أهمية إحاطة الناس بأكبر قدر ممكن من المعلومات عن ماهية وأداء وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، لأنه بمعرفة كيفية تشكيل التكنولوجيا الحديثة للبيئة المحيطة بنا، نستطيع أن نسيطر عليها ونتغلب تماماً على نفوذها أو قدراتها الحتمية.
وبدلاً من الحديث عن الحتمية التكنولوجية، قد يكون من الأدق أن نقول أن متلقي الرسالة الإعلامية يجب أن يشعر بأنه مخلوق له كيان مستقل، قادر على التغلب على هذه الحتمية التي تنشأ نتيجة لتجاهل الناس لما يحدث حولهم. ويجب اعتبار التغيير التكنولوجي حتمياً لا مفر منه، وهو ما حدث فعلاً، ذلك لأننا إذا فهمنا عناصر التغيير التكنولوجي يمكننا أن نسيطر عليها ونستخدمها في أي وقت نريده بدلاً من الوقوف في وجهها، كما يحدث لدى البعض أحياناً !.
ومن المشاكل التي تواجه عملية التبادل الإعلامي الدولية، مشكلة أهمية مراعاة الظروف البيئية المحيطة بالإنسان، واختلافها من دولة إلى دولة، بل واختلافها من منطقة إلى أخرى داخل الدولة ذاتها، ومن هنا فمن الأهمية بمكان أن يحيط خبراء الإعلام والصحفيون بالاعتبارات البيئية والظروف المحيطة بالإنسان.
وإذا كان هذا الإلمام أكثر سهولة في الإعلام الداخلي فإنه أكثر صعوبة بالنسبة للإعلام الدولي، حيث تتعدد الاعتبارات البيئية وتتنوع الظروف واللغات، باختلاف من دولة إلى دولة، ومن منطقة إلى منطقة، ومن قارة إلى قارة.
ومع تزايد وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وتطورها واتساعها، أصبح العالم أقرب إلى القرية العالمية، ومما ساعد على ذلك تطور وسائل المواصلات وسهولة انتقال الأفراد والسياح، وهجرة السكان من أماكن سكنهم الأصلية، والإقامة الطويلة لرعايا دولة معينة لدى دولة أخرى بقصد الدراسة أو العمل، وتزايد حجم وسرعة وتنوع المراسلات، ودخولها عصر الحوار المباشر عبر الهاتف والتلكس والفاكس والبريد الإلكتروني بين مختلف دول العالم.
وتطور البث الإذاعي المسموع والمرئي واتسع باستخدام الأقمار الصناعية لأغراض الاتصال ونقل المعلومات. وساعد الاحتكاك بالأمم المتقدمة على حدوث تحول ثقافي واجتماعي عالمي، برزت معه قيم ومعتقدات جديدة لم تكن متوقعة من قبل.
ومن هنا فإن على خبراء الإعلام والصحفيين أن يدركوا كل تلك المتغيرات عند إعدادهم وتنفيذهم للحملات الإعلامية الموجهة للداخل والخارج على السواء، كي لا تحدث إخفاقات تؤدي إلى عدم استجابة المستقبل لمضمون الرسالة الإعلامية الموجهة له، وأن لا يكون رد فعله مغاير لأهداف الحملة الإعلامية.
وأن يؤخذ في الحسبان أيضاً اختلاف درجات التقدم الاجتماعي والثقافي والعلمي والتكنولوجي، وتباين النظم والمعتقدات السياسية والإيديولوجية بين دول العالم المختلفة، ودرجات التباين حتى بين دول النظام المتشابه.
وحدد مارشال ماكلوهين في نظريته تكنولوجية وسائل الإعلام التي تعتبر من النظريات الحديثة عن دور وسائل الاتصال والأعلام الجماهيرية وتأثيرها على المجتمعات، أربعة مراحل لتطور التاريخ الإنساني وهي وفق رأيه:
– مرحلة المخاطبة الشفهية القبلية؛
– ومرحلة نسخ المخطوطات التي استمرت لنحو ألفي عام؛
– ومرحلة عصر الطباعة والتي استمرت من القرن الخامس عشر وحتى نهاية القرن التاسع عشر؛
– ومرحلة عصر وسائل الاتصال والإعلام الإلكترونية وبدأت من مطلع القرن العشرين ولم تزل مستمرة.
وأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في كل مرحلة ساعدت على تشكيل المجتمعات عبر التطور الإنساني، واعترف ماكلوهين أن نظريته جاءت تطويراً لأعمال: أرد لويس موفورد (1934)؛ وإتش. جي. تشايتور (1945)؛ وسيغفريد غيودون (1948)؛ وهارولد أنيس (1951)؛ ويه. إتش. غومبريتش (1960). وأكد على انتقال البشرية من الاتصال إلى الشفهي إلى الاتصال المكتوب ومن ثم العودة للاتصال الشفهي مرة أخرى.
وعن الاتصال الشفهي يقول ماكلوهين أن البشر يتكيفون مع الظروف المحيطة بهم عن طريق إيجاد توازن بين حواسهم الخمس: السمع، والبصر، واللمس، والشم.
وأن اختراع غوتينبرغ للطباعة عن طريق الحروف المتحركة خلال القرن الخامس عشر قلب التوازن القائم على الحواس الخمس لتفقد حاسة السمع سيطرتها على عملية الاتصال لتأخذ محلها حاسة البصر في القراءة عن طريق الاتصال بالكلمات المطبوعة التي أخذت تحل بالتدريج مكان ذاكرة الأجيال المتعاقبة، وليصبح خزن المعلومات المطبوعة على الورق واسترجاعها من الأساليب الناجعة للاتصال.
وأطلق ماكلوهين على المرحلة المعاصرة تسمية عصر الدوائر الإلكترونية وشملت: أجهزة الاتصال البرقية، وأجهزة الهاتف، والسينما، والإذاعتين المسموعة والمرئية، وأجهزة الفاكس، والحاسبات الآلية (الكمبيوتر)، والعقول الإلكترونية الناطقة، والبريد الإلكتروني، وكلها أعادت الإنسان لاستخدام حواسه مجتمعة.
وأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الجديدة التي اختصرت المسافات وتخطت الحواجز حولت العالم إلى قرية عالمية Global Village. لتتحول وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الجديدة إلى وسيلة نموذجية للتعليم مدى الحياة. لأن وسيلة الاتصال تحولت إلى رسالة إعلامية غدت الأساس لتشكيل المجتمعات وقللت من شأن المضمون الإعلامي.
وأشار ماكلوهين إلى أنه أضحى لكل وسيلة اتصال جمهورها الذي يفوق حبه لها اهتمامه بمضمونها ساخناً كان أم بارداً.
وجاءت نظرية التقمص العاطفي التي سبق وأشار إليها: أفلاطون، وسان جون، وسان أوجستين، وسان الاكويني، وسبينوزا، في مؤلفاتهم، واعتبرها آدم سميث، وهربرت سبنسر، عملية انعكاس بدائي، وناقشها الباحثون ليبس، وريبوت، وشلير، من خلال تحليلهم للعواطف.
ويرجع الفضل لإدخال كلمة العاطفة في اللغة الإنجليزية إلى تيوردور ليبس الذي سماها الشعور بالشيء، وطور الباحث جورج ميد نظرية التقمص العاطفي في كتابه العقل والنفس والمجتمع وافترض أنه حينما نتوقع أو نستنتج مشاعر الآخرين، وما سيفعلونه، وحينما نخرج بتنبؤات، تتضمن السلوك الخاص للإنسان، واستجاباته الخفية، وحالاته الداخلية ومعتقداته، ومعانية، وحينما نطور التوقعات ونتنبأ نفترض أن لدينا مهارة يسميها علماء النفس بالتقمص العاطفي، أي القدرة على الإسقاط وتصور أنفسنا في ظروف الآخرين، وساعد على تطوير تلك القدرة، الانتقال من مكان إلى مكان آخر.
وتعمل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية على تطوير المقدرة على التقمص العاطفي بين الأفراد الذين لم يغادروا مجتمعاتهم المحلية أبداً، لأن تلك الوسائل نقلت العالم الخارجي إليهم. ونظرية التقمص العاطفي هي جزء لا يتجزأ من الاتصال، لأنها تربط بين ذهن المرسل وذهن المتلقي، والتقمص العاطفي هو المقدرة عن فهم ما يدور في ذهن شخص آخر، كأن نقول لشخص آخر أننا نفهم مشاعرك.
فكيف يتحقق التقمص العاطفي ؟ وما هي قيمته للاتصال في إطار عملية الاتصال ؟ فالفرد يكتسب المقدرة على التقمص العاطفي بالتحرك المادي من مكان إلى آخر أو عن طريق التعرض لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، التي تجعل التحرك السيكولوجي يحل مكان التحرك المادي أو الجغرافي، وقيمة التقمص العاطفي للاتصال يمكن تلخيصها بأننا كي نتصل بالآخرين يجب أن تتوافر عندنا ثلاثة عناصر على الأقل وهي:
– وسائل مادية للاتصال؛
– وراجع صدى؛
– ومقدرة على التقمص العاطفي.
والمقدرة على التقمص العاطفي، هي الخروج باستنتاجات عن الآخرين، وتغيير تلك الاستنتاجات لتتفق مع الظروف الجديدة، وهذه المقدرة معروفة منذ ألفي عام، وهناك نظريتان عن التقمص العاطفي:
نظرية تقول أننا نجرب الأشياء مباشرة، ونفعل ما يفعله الآخرون وفقاً لخبراتنا الذاتية، أي أن نفترض أن جميع الناس سوف يتصرفون بنفس الطريقة التي نتصرف بها، وأننا لا نستطيع أن نتنبأ بما سيفعله الآخرون، إن لم نمر نحن أنفسنا بنفس التجارب التي يمر بها الآخرون.
والنظرية الثانية تقول أننا نحاول أن نضع أنفسنا في ظروف ومواقف الآخرين، وفي اتصالنا نتحول من الاستنتاجات إلى اخذ أدوار الآخرين، على أساس تنبؤاتنا.
فكيف نطور المقدرة على التقمص العاطفي ؟ وهذا السؤال أساسي يواجهه طلبه الاتصال والإعلام دون إيجاد رد قاطع عليه، فهناك نظريات للتقمص العاطفي تتفق مع الأدلة التي تم التوصل إليها عن طريق البحث، ولكننا نستطيع أن نعرف التقمص العاطفي بأنه عملية نتوصل من خلالها لتوقعات عن الحالات السيكولوجية الدائرة داخل الإنسان.
ولمعرفة كيفية حدوث ذلك، نذكر أنه هناك ثلاث وجهات نظر أساسية للتقمص العاطفي، وترى واحدة من المدارس الفكرية أن التقمص العاطفي غير موجود، لأننا لا نستطيع تطوير التوقعات، ومؤيدي هذا الرأي يؤمنون بنظرية التعلم البسيطة المكونة من منبه واستجابة، وأصحاب هذه النظرية يقولون أن كل ما لدينا في عملية الاتصال هي مجموعة من الوسائل، رسالة يقدمها شخص ما، ليدركها شخص آخر، وبمعنى آخر أنه هناك منبهات واستجابات لها.
ونظرية التعلم البسيطة تفسر التعلم غير البشري عند الحيوان، ولكنها لا تفسر السلوك البشري، لأن البشر يطورون توقعاتهم ولديهم المقدرة على تصور أنفسهم في الحالات والظروف النفسية للآخرين، ولهذا لا نستطيع أن نقبل الرأي الذي لا يعترف بوجود التقمص العاطفي، ولا نستطيع تطوير توقعاتنا وتنبؤاتنا، دون حدوث عملية تفسيرية تسبق الاستجابة، لأن تطوير التوقعات يحتاج إلى موهبة من نوع ما، فنحن بحاجة للتفكير بالأشياء التي لا نراها ولم نجربها، ولكي تكون لدينا توقعات لابد أن نتحدث عن أشياء غير موجودة، ونحن بحاجة لصنع تلك الرموز والتأثير عليها، لأن الإنسان يختلف عن الحيوان في تطويره لكلتا المهارتين اللتين سبق وأشرنا إليهما، وأن الإنسان قادر على أدراك الرموز والتأثير فيها، وصنع رموز تخدم أغراضه، ولهذا يستطيع إعادة تقديم أشياء غير موجودة أمامه، وتقديم ما لم يحدث وما لا يجري حدوثه الآن، وأن الإنسان يملك مهارات فردية تختلف بين البشر.
ولهذا رفض الباحثون الرأي الذي لا يعترف بمفهوم التقمص العاطفي، معتمدين على أننا جميعاً نتوقع المستقبل، ونقوم بتنبؤ العلاقة بين:
– السلوك الذي نقدم عليه؛
– والسلوك الذي يقدم عليه الآخرون استجابة لسلوكنا؛
– والتنبؤ بالاستجابة التالية التي نقدم عليها بناء على سلوك الآخرين.
أي أننا نقوم بأفعال وردود أفعال، من خلال تطوير توقعاتنا عن الآخرين وتأثيرهم على أفعالنا قبل قيامنا بها، وهو ما يعني التقمص العاطفي.
ومن النظريات المعروفة للتقمص العاطفي نظريتان تتحدثان عن أسس التقمص العاطفي وتتفقان على أن تنبؤات الإنسان عن الحالات السيكولوجية الداخلية تعتمد على السلوك المادي الذي يمكن ملاحظته، وكلتاهما تتفقان على أن الإنسان يقوم بتكوين التنبؤات عن طريق استخدام رموز تشير إلى السلوك المادي والتأثير على تلك الرموز. وتعتمد وجهات النظر الثلاثة للتقمص العاطفي على:
أولا – نظرية الاستدلال العاطفي : وتقول نظرية الاستدلال في مجال التقمص العاطفي أن الإنسان يلاحظ سلوكه المادي مباشره، ويربط سلوكه رمزيا بحالته السيكولوجية الداخلية أي بمشاعره وعواطفه.. الخ، ومن خلال هذه العلمية يصبح سلوكه الإنساني معنى بتفسيراته للمعنى. ويطور الفرد مفهومه عن ذاته بنفسه على أساس ملاحظاته وتفسيراته لسلوكه الخاص.
ومفهوم الذات يتصل بالآخرين عن طريق ملاحظة سلوكهم المادي، وعلى أساس التفسيرات السابقة للسلوك وما ارتبط به من مختلف مشاعر وعواطف، ويخرج باستنتاجات عن حالة الآخرين السيكولوجية. بمعنى أن يقول لنفسه: إذا كان سلوكي يعكس مشاعر، وإذا قام شخص آخر بهذا السلوك فهو أيضا يعكس نفس المشاعر التي أشعر بها عندما قمت بهذا العمل.
هذا الرأي في التقمص العاطفي يفترض أن الإنسان لديه معلومات مبدئية عن نفسه، وعن الناس الآخرين بالدرجة الثانية. ويردف أن الإنسان لديه المقدرة على فهم نفسه، وعن طريق تحليله لسلوكه الذاتي يستطيع الإنسان أن يخرج باستنتاجات عن الآخرين انطلاقاً من أنه هناك تماثل بين سلوك الآخرين وسلوكه الفردي.
ومن الأمثلة على ذلك أنك تضرب المنضدة بيدك كلما شعرت بالغضب وشاهدت شخصاً آخر يقوم بنفس الفعل عند الغضب فتدفعك أحاسيسك الداخلية لاستنتاج ذلك اعتماداً على:
– ملاحظتك لسلوكه؛
– ومقارنة سلوكه بالسلوك المماثل الذي أقدمت عليه عند شعورك بالغضب.
وتأخذ نظرية الاستنتاج في التقمص العاطفي هذا الافتراض من خلال أن:
– الإنسان لديه معلومات مبدئية عن أحاسيسه الداخلية، ومعلومات عن الأحاسيس الداخلية للآخرين من الدرجة الثانية؛
– وأن الآخرون يعبرون عن أحاسيسهم الداخلية بأداء نفس السلوك الذي قمت به للتعبير عن مشاعرك؛
– وأن الإنسان لا يستطيع فهم الحالة الداخلية للآخرين، إن لم يجرب تلك الحالة، فالإنسان لا يستطيع أن يفهم العواطف التي لم يشعر بها والأفكار التي لم تخطر بذهنه وهكذا.
فإذاً نحن بحاجة لاستخدام أسلوب آخر في معالجة التقمص العاطفي يفسر نجاحنا في تنبؤ سلوك الآخرين، وتوقع ذلك السلوك من خلال أسلوب يفترض أن الناس ليسوا متماثلين.
علاوة عن أنه هناك دلائل تشير بعدم صحة افتراض نظرية الاستنتاج تقول بأننا لا نستطيع أن نفهم المشاعر الداخلية للناس الآخرين ما لم نجربها بأنفسنا، وحقيقة أن الإنسان يفهم بشكل أفضل تلك الأشياء التي جربها بنفسه، ولكنه يستطيع بالرغم من ذلك أن يفهم جزئياً بعض المشاعر التي لم يجربها، على سبيل المثال نستطيع أن نحس بشعور آلام الأم وهي تلد طفلها دون المرور بالتجربة ذاتها، وأن نتصور مشاعر السعادة التي يشعر بها الفرد عند تحقيق النجاح دون المرور بتجربته، لأن التجربة تزيد فهمنا للنجاح، ولكنها ليست أساسية لفهم النجاح.
وثانيا : نظرية أخذ الأدوار في التقمص العاطفي :وتقول أن الإنسان يكوّن مفهوماً معيناً عن ذاته قبل أن يتصل بالآخرين، وأننا نحاول فهم سلوك بعض الأفراد وأن نفسر نتائج ذلك السلوك من خلال التقمص العاطفي عن طريق سلوك التقليد وتوقع الثواب والعقاب، وتطويره عن طريق الاتصال، وعن طريق أخذ أدوار الآخرين وعن طريق التصرف نحو الآخرين، كمحور للاتصال، وعن طريق تطوير وتعميم المفاهيم عن الآخرين.
ونظرية الاستنتاج تفترض وجود مفهوم عن الذات، يمكننا من التقمص عاطفيا باستخدام مفهوم الذات، لنخرج باستنتاجات عن حالات الآخرين الداخلية، وترى نظرية الاستنتاج أن مفهوم الذات يحدد كيفية التقمص عاطفياً، أما نظرية أخذ الأدوار فتعالج الموضوع من الناحية الأخرى تماماً.
وكلا النظريتين تعطيان أهمية كبيرة لطبيعة اللغة والرموز المستخدمة في عملية التقمص العاطفي وتطوير مفهوم الذات لأن الإنسان يستخدم كل تلك أساليب في التقمص العاطفي، ويأخذ الأدوار التي تعجبه، فكل منا يأخذ أدوار الآخرين، وكل منا يعمم خبراته على الآخرين، والطريقة التي ننظر بها إلى أنفسنا تحدد مفهومنا أو أسلوبنا في التعميم على الآخرين، والمضمون الاجتماعي الموجود وتوقعات الآخرين عن سلوكنا.
وحينما نتقمص عاطفياً، ولا نجازى على تقمصنا العاطفي نضطر للجوء إلى حل من حلين فإما:
– أن نحرف سلوك الآخرين الذي أدركناه لنجعله يتفق مع توقعاتنا؛
– أو أن نعيد النظر بالصورة الذهنية التي كوناها عن أنفسنا، ونعيد تعريفنا لذاتنا، أو أن نعود مرة أخرى لأخذ الأدوار السابقة.
وإذا لجأنا إلى الحل الأول وحرفنا ما ندركه، فسنتحول إلى مرضى نفسيين، وتصبح تصوراتنا غير واقعية، وينتهي بنا المطاف في مستشفى الأمراض النفسية، وهذا ليس مرغوب، وهنا نستطيع التنبؤ بأن مشكلة الصحة العقلية متصلة بعدم قدرة الإنسان أو عدم رغبته في تغيير صورته الذهنية عن نفسه، حينما يجد أن هذه الصورة غير مجزية في الظروف الاجتماعية المحيطة به.
وإذا لجأنا للحل الثاني وإعادة تعريف الذات فإننا نعود لأخذ أدوار الآخرين، وتطوير مفهوم جديد للتعميم عن الآخرين، وإيجاد مجموعة جديدة من التوقعات عن سلوكنا، لنعود إلى أنفسنا ونغير سلوكنا وفقاً لذلك ومرة أخرى نخرج باستنتاجات عن الناس الآخرين.
لأن عمليتا القيام بالدور والاستنتاج تسيران سوياً دائماً، وتعني أن الإنسان يكيف نفسه، ويستطيع أن يغير سلوكه ليتفق مع الظروف المحيطة والوضع الاجتماعي الذي يجد نفسه فيه، ويطور توقعاته ويقوم بأدوار الآخرين والخروج باستنتاجات.
ولوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية دور في تنمية المقدرة على التقمص العاطفي، ومن النظريات التي تناولت هذا الجانب نظرية عالم الاجتماع الأمريكي دانييل لرنر الذي يفترض أن المقدرة على التقمص العاطفي تعتبر من الخصائص الأساسية اللازمة لانتقال المجتمع من الأسلوب التقليدي إلى الأسلوب الحديث، ويفترض أن هذه الخصائص كانت في الماضي تكتسب عن طريق تحرك الأفراد مادياً وانتقالهم من مكان إلى أخر واختلاطهم بالآخرين، أما في القرن العشرين فأخذت هذه الخاصية تكتسب مقوماتها أساساً عن طريق وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي تنقل العالم الخارجي إلى الأفراد الذين لم تتح لهم فرص السفر والانتقال وترك مجتمعاتهم المحلية .
وربط لرنر المقدرة على التقمص العاطفي بالتسلسل التاريخي الجاري في المجتمعات الغربية، فأشار في استعراضه لانهيار المجتمع التقليدي في الشرق الأوسط “بناء على المادة التي جمعها مركز الأبحاث التطبيقية في جامعة كولومبيا الأمريكية له عن ست دول في الشرق الأوسط، وبناء على المواد التعليمية التي حصل عليها عن 54 دولة” على أنه هناك مراحل محددة يمر بها المجتمع ليصل إلى المرحلة الحديثة، فالمدينة تتسع لتشمل القرى المجاورة، ونسبة كبيرة من الأفراد أخذت تتعلم القراءة والكتابة، والتعلم على كيفية تكوين الآراء، وأن نسبة أكبر أصبحت تشتري الصحف وتستمع إلى الإذاعة المسموعة، ونسب أكبر اكتسبت القدرة على التقمص العاطفي وتصور نفسها في مواقف وظروف الآخرين، ليتسع معها نطاق المساهمة السياسية والاقتصادية.
واستخلص لرنر نظريته من التطور التاريخي، مستعرضاً تطور الديمقراطيات الغربية، وأن عملية التحضر أظهرت تسلسلاً وخصائص يمكن أن تكون عالمية، لتحدث في جميع المجتمعات، وفي كل مكان حدث فيه الانتقال إلى المدن زادت نسبة المتعلمين، وزيادة نسبة المتعلمين رفعت نسبة المتعرضين لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وهذه الزيادة سارت بالتوازي مع اتساع الإسهام الاقتصادي، والدخل القومي، والإسهام السياسي عن طريق المشاركة في الانتخابات، وأن هذا التسلسل حدث في الديمقراطيات الغربية وهو حقيقة تاريخية، وصحبت تلك التطورات ظهور تطور تاريخي له خاصية سيكولوجية تعبر عنها مقدرة الأفراد على تصور أنفسهم في ظروف الآخرين، وتميزت المجتمعات الغربية في مراحل تطورها الأولى بالاتسام بأوضاع غير ثابتة، وجرت فيها هجرات متواصلة للوصول إلى أراض جديدة، يستطيع الناس فيها تحقيق أرباح، وأصبح الأفراد الذين تركوا أوطانهم يتميزون بشخصيات متبدلة، وبقدرات عالية على استيعاب الجوانب الجديدة في الظروف المحيطة بهم، وأنهم تحركوا وهم مهيئون ومجهزون لاستيعاب أوضاع جديدة لا يعرفونها يفرضها عليهم محيطهم الخارجي الجديد، ليواجهوا أشياء لم يجربوها من قبل، وهذا الاستعداد جعلهم قادرين على التقمص العاطفي.
وأن المجتمع التقليدي مجتمع لا يساهم أفراده في النشاطات السياسية، وأن القرابة هي أساس التعامل فيه، وأن الجماعات الصغيرة منعزلة عن بعضها البعض وعن المركز في العاصمة، وأن حاجات المجتمع التقليدي قليلة، وليس هناك تبادل تجاري بين أجزاء المجتمع المختلفة، وأنه من دون الروابط التي تنشأ نتيجة لاعتماد أجزاء المجتمع على بعضها البعض يضيق أفق الأفراد، وتقل قدراتهم على التحليل، لأن اختلاطهم بالآخرين قليل إن لم يكن معدوماً، وأن إدراك الأفراد في المجتمع للحوادث الجارية يقتصر على ما عرفوه من خبراتهم القليلة السابقة المحصورة في نطاق مجتمعاتهم الصغيرة، وهم غير قادرين على فهم ما لم يجربوه بشكل مباشر، كما أن معاملاتهم مقصورة على الأفراد الذين يتصلون بهم مباشرة عن طريق علاقاتهم الشخصية، لذلك لا تظهر أي حاجة للمناقشة بين الأفراد والجماعات في الأمور العامة، المتعلقة بالدولة والنظريات السياسية، أي أن الفرد لا يحتاج للنقاش وتبادل الآراء لاتفاق مع الآخرين الذين لا يعرفهم، كما أن المجتمع لا يحتاج للفرد للوصول إلى إجماع الرأي في الشؤون العامة، لأن تجربة الفرد محدودة بحدود النطاق المحلي ولا يستطيع أن يتصور ذهنه انتمائه لدولة كبيرة.
وللخروج باستنتاجاته أجرى لرنر دراسة ميدانية تناولت عينة مكونة من 1357 فرد من الشرق الأوسط وطلب منهم الرد على تسعة أسئلة من بينها: إذا كنت رئيساً للحكومة أو محرراً في صحيفة أو مديراً لمحطة إذاعية، فما الذي كنت ستفعله ؟ واكتشف أن الأفراد التقليديين يصابون بصدمة من أسئلة من هذا النوع ويستغربون توجيه مثل هذه الأسئلة لهم، أما المتميزين بمقدرة التقمص العاطفي، فكانت شخصياتهم غير ثابتة، وكانوا أكثر قدرة على التعبير عن آراء وموضوعات في مجالات كثيرة.
وتوقع أن تكون وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية قد زادت من مقدرة الأفراد على التحرك النفساني وتخيل أنفسهم في مواقف لم يجربوها، وفي أماكن غير الأماكن التي اعتادوا رؤيتها، كما عودت أذهانهم على تصور تجارب أوسع من تجاربهم المباشرة المحدودة، وعلى تخيل مناطق لم يشاهدوها.
وهذه خاصية ميزت الإنسان الذي تغير مع المجتمع المتطور وتميز بشخصية تتمتع بمقدرة على التقمص العاطفي. وأنه حينما يظهر عدد كبير من الأفراد القادرين على التقمص العاطفي في مجتمع من المجتمعات، يمكن القول أن هذا المجتمع في سبيله إلى التطور السريع.
والتقمص العاطفي كما يراه لرنر هو خاصية تمكن عناصر جديدة متبدلة قادرة على العمل بكفاءة في العالم المتغير، ويرى أن المهارات لا غنى عنها للشعب الذي يتحرر من الإطارات التقليدية، وأن المقدرة على التقمص العاطفي هي في أسلوب الحياة السائد الذي يميز الأفراد في المجتمع الحديث الذي يملك صناعة متطورة وتعيش نسبة كبيرة من سكانه في المدن، وترتفع فيه نسبة التعليم، ونسبة كبيرة من أفراده يساهمون في الحياة السياسية.
وأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية هي وسيلة من وسائل مضاعفة القدرة على التحرك، وأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية مكنت الفرد من الانتقال نفسيا إلى أماكن أخرى، وأصبح بإمكانه أن يتخيل نفسه في ظروف غريبة وفي أماكن جديدة عليه بعد أن تمكن الفرد من الانتقال عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية من مكان إلى أخر في العالم الخارجي بعيد عن أماكن السكن التي تخلق لديه استعدادات للتغيير والتكيف وتغيير التطلعات والآفاق، وتقدم خدمات ضرورية تسهم في نمو المجتمع المحلي الحديث، وتطور المجتمعات التقليدية، وتساعد على التقمص العاطفي. ولتفرض العلاقة بين نظريات الإعلام والسلطة نفسها.
وواضح من الاستنتاجات التي قدمها دانييل لرنر من المعلومات التي حصل عليها والاستبيان الذي قام به جهله للواقع الحقيقي القائم في الشرق الأوسط الضحية في العلاقات الدولية المعاصرة، وأنه يختلف تماماً عما حدث تاريخياً في الغرب المستعمر. وتفسر الغزو الاقتصادي والثقافي والاتصالي والإعلامي والعسكري الذي تتعرض له دول الشرق الأوسط منذ مطلع القرن العشرين لفرض مفاهيم غريبة تتنافى وحاجات المجتمعات الشرق أوسطية. وتفسرها أيضاً النظريات الإعلامية السائدة في عالم اليوم.
6- تطور نظريات الاتصال
من طرف
الكلمات المفاتيح:
الآراء
15 رد على “6- تطور نظريات الاتصال”
-
رائع ….و لكن اين المراجع؟؟؟؟
-
المراجع ضرورية فى الأوراق العلمية للتأصيل
-
-
الموضوع مفيد جدا جزاكم الله خيرا نرجوا المزيد لكن اين المراجع ؟
-
الموضوع عبارة عن حلقات.
-
-
كتاباتكم ودراساتكم رائع، ولكن لم تمكن ان تستخدمها وتاخذها كمصدر لانه لا يمكن لصقها وسحبها واخذها، وغير كاملة، اتمنى ان تسهلوا الامور لقارئها لكي تستفاد نها اكثر وشكرا و د.فواد علي/ اقليم كوردستان العراق جامعة السليمانية.
-
أتفق مع رأى د/ فؤاد
-
من فضلك بدي معلومات حول بيرلو
-
-
جميل جدا بس انا عايزه اعرف ايه النظريه اللى بتدرس المعا لجه الاعلاميه
-
الموضوع رائع جدا بس عايزه اعرف النظريه اللى بتدرس المعلجه الاعلاميه
-
اريد فوائد نظريات الاعلام
-
I’m sorry , no effence , but the informations was very imoprtant but you have to write the references to be a scientific
-
أين المراجع؟؟ حتى نستطيع العودة إلى الكتب لنستفيد أكثر منها ..
مريم حسناوي _ الجزائر-
سلسلة مقالات مرقمة، انظري آخرها
-
-
المراجع غائبة يرجى مراجعة الرابط الخاص بالمراجع لانه خاطئ ….شكرا
-
تحية طيبة،
تم تحديث رابط المراجع
اترك رد