ناقش الباحث أحمد ويحمان يوم 6 مارس 2015 بمدرج الشريف الإدريسي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الخامس بالرباط، أطروحة لنيل الدكتوراه في علم الاجتماع، في موضوع: الجذور السوسيوتاريخية للرشوة وآثارها على التنمية المحلية – سلا نموذجا- وتكونت لجنة المناقشة من السادة الأساتذة:
الدكتور المختار الهراس رئيسا
الدكتور ادريس بنسعيد عضوا مقررا
الدكتور محمد شقرون عضوا
الدكتور الطيب بلغازي
الدكتور عز الدين أقصبي
وبعد المناقشة أقرت اللجنة حصول الباحث على درجة الدكتوراه بميزة مشرف جدا مع التوصية بالنشر.
ملخص تقرير الأطروحة:
يقول الفرنسيون ” طرح المشكل بشكل جيد هو نصف حله “1 . أما مثل فرنسي آخر فيذهب بعيدا ويقول ” إن حسن طرح المشكل هو بمثابة حله ” 2 . في نفس الإطار تساءل عبدالكبير الخطيبي مرة، وهو يحكي عن بداياته مع السوسيولوجيا و”الواقع الجماعي”، Le fait collectif))، عن السبيل للوصول إلى طريقة تفكير واضحة ومعرفة عقلانية . كان حينها، نهاية الخمسينات، طالبا بجامعة السوربون بباريس . وأفاد في هذا السياق وهو يتحدث عما أسماه بورديو ” مهنة السوسيولوجي ” بقوله: ” في تلك الحقبة، كان معنى أن تصبح سوسيولوجيا، سؤالا إشكاليا أكثر منه جوابا دقيقا.”3
انطلاقا من هذه الأهمية للسؤال ولحسن طرحه بحثا عن المعنى بحقل السوسيولوجيا ـ كما في غيرها في الحقيقة ـ، كان لازما إذن بَدؤُنا بالبحث عن السؤال والسعي لحسن طرحه ونحن بصدد استشكال Problématisation ظاهرة الرشوة والتفكير في طرحها للبحث والتمحيص . من هنا هذا الاستفهام :
ما الذي يجعل الرشوة، كفهم وكثقافة وتمثلات وكموقف وسلوك اجتماعي، ممكنا؟ وبالتالي ما هي الطرق الكفيلة والوسائل اللازمة لمواجهتها؟…
هذا كان السؤال المركزي الذي تمحور حوله هذا العمل . ومن هذا السؤال تفرعت أسئلة أخرى عن هذه الظاهرة التي أصبحت حديث الخاص والعام وأمست، منذ ثلاثة عقود ولاسيما في السنين الأخيرة، تتصدر جدول أعمال الحكومات والمنظمات الدولية والأحزاب ومراكز الدراسات وكل الفاعلين بمختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والمدنية في العالم .
لقد تعددت و تفرعت الأسئلة التي حاولنا بها مقاربة الموضوع، إذ طرحنا بعضها عن أصول هذه الظاهرة وماهيتها وما إذا هي ظاهرة عرضية أم هيكلية مرتبطة بطبيعة النظام السياسي ودوائر صنع القرار. كما طرحنا أسئلة عن أسبابها ودوافع السلوك التي تكرسها ومدى انتشارها وتجذرها والقطاعات المعنية بها أكثر من غيرها، والفئات الاجتماعية المعرضة لأضرارها والفئات المستفيدة، عكس ذلك، منها.. طرحنا الأسئلة أيضا عن بنياتها وعن ميكانيزمات اشتغالها وانعكاساتها وكلفتها، وأخرى عن الكيفية التي تجب مقاربتها بها وعن المعنى والتفسير الممكن تقديمه لازدواجية موقف المبحوثين إزاء الرشوة المتمثل في إدانتها وممارستها في الآن ذاته. كما تساءلنا عن معنى ازدواجية مفارقة أخرى تهم الهوة بين التزامات وبرامج الدولة والمسؤولين بمحاربة الرشوة منذ عدة سنوات من جهة وتنامي الظاهرة من جهة أخرى، سنة عن سنة مع ذلك…
هذا عن السؤال و أهميته في كل بحث علمي، وهناك أمر آخر لا يقل أهمية هو تحديد المفاهيم إزالة لأي لبس أو غموض، و توضيحا لكل ما يقال و المقصود به . فالمفهومان الرئيسيين في هذا العمل هما “الرشوة” و ” التنمية” و لقد قاربناهما انطلاقا من مقتضيات و مضامين المواثيق الدولية و القوانين الوطنية في هذا الصدد .
سنستعرض بإيجاز هنا مفهوم الرشوة في الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، على أن نعود لمفهوم التنمية في الفصول المتعلقة بآثار الفساد عليها .
الرشوة (أو الفساد) هي أي:
ـ “… أي مزية غير مستحقة…” المادة 15
ـ “… اختلاس أو تبديد أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خصوصية… ” المادة 17
ـ “… استغلال نفوذه (…) بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف على مزية غير مستحقة (…) المادة 18
ـ “… إساءة استغلال وظائفه أو موقعه، أي قيامه أو عدم قيامه بفعل ما، لدى الاضطلاع بوظائفه، بغرض الحصول على مزية غير مستحقة… ” المادة 19
ـ “الإثراء غير المشروع من الموجودات التي (…) لا يستطيع [ الموظف العمومي ] تعليلها بصورة معقولة قياسا إلى دخله المشروع. “(المادة 20).
(المواد من الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي وقع عليها المغرب منذ دجنبر 2003 وصادق عليها في مارس 2007.)
لقد حاولنا، على مدى هذا البحث، أن نتصدى لظاهرة الرشوة ونتنقل في متاهاتها المختلفة سعيا وراء الإجابات الممكنة على أسئلتها المتداخلة والمتشابكة فحاولنا أن نستعرض ونناقش الأصول السوسيوـ تاريخية للظاهرة، في سياقاتها المختلفة، بما هي ترجمة لعلاقات اللامساواة والهيمنة والخضوع في المجتمعات الطبقية والمتراتبة.. وبعد استعراض الظاهرة في سياقها العام، تم تناولها في سياقها المغربي من خلال مساءلة السلطة وطبيعتها لقياس “القطيعة” و”الاستمرارية” للخطاب الحداثي لهذه السلطة الذي تحاول به أن تعطي انطباعا بمواكبة روح العصر، وذلك من خلال قراءة لسوسيولوجيا الدولة قبيل، خلال، وما بعد الحقبة الاستعمارية في المغرب، ثم، في نفس السياق الزمني، بالمجال الذي تم تحديده لحصر نطاق البحث؛ مدينة سلا وأحوازها ..
تلك كانت على العموم قضايا وأسئلة ظاهرة الرشوة والفساد التي حاولنا مناقشتها في البحث ضمن تصميم يضم مدخلا عاما وسبعة فصول وسبع خلاصات وخلاصة عامة وتوصية فريدة .
و لقد رسمنا التصميم كما يلي :
• تـقـديــم
• مدخل عام :استفهامات الرشوة ومعالم البحث
• الفصل الأول: تحديدات في مفهوم “الرشوة”وأصولها السوسيوـتاريخية وأسسها السوسيوـ سياسية
• المبحث الأول: تحديدات في المنهج والمفهوم
• المبحث الثاني: الرشوة وأصولها السوسيوـ تاريخية
• المبحث الثالث: الرشوة وأسسها السوسيوـ سياسية .. الباتريمونيالية الجديدة
• الفصل الثاني: باتريمونياليا المخزن والأسس السوسيوـ تاريخية للرشوة
• المبحث الأول: المخزن قبيل الحماية .. البناءالباتريمونيالي للدولة
• المبحث الثاني: المخزن.. من الباتريمونيالية إلى الباتريمونيالية الجديدة
• المبحث الثالث: الاحتواء .. ” المواكلة الحسنة والمشاربة الجميلة ”
• الفصل الثالث: ؛ المجتمع السلاوي .. تفاعل الإنسان وبيئته
• المبحث الأول: التطورالتاريخي لسلا وتشكل المجتمع الحضري التقليدي
• المبحث الثاني: مونوغرافيا سلا وتشكل المجتمع الحضري العشوائي
• المبحث الثالث: الذهنية المركبة، وانزياح المواقف عن السلوكات ومعنى الاضطرار ..
• الفصل الرابع: منظومة الفساد في سلا : القانون والواقع والسلوك الاجتماعي:
• المبحث الأول: البعد الثقافي وتمثلات السلاويين للرشوة
• المبحث الثاني: الالتزامات الرسمية ورأي المبحوثين وموقفهم منها
• الفصل الخامس: طبوغرافيا الرشـوة في سلا.. الجذور والآليات والسلطان المحلي
• المبحث الأول: جذور الرشوة وآلياتها الحالية..أربع حالات نموذجية للقراءة
• المبحث الثاني: السلطة،العامل الملك .. والعمدة،البرلماني المقاول
• الفصل السادس: طبوغرافيا الرشـوة في سلا.. الفساد في القطاعات وآثاره على التنمية المحلية
• المبحث الأول: الفساد القطاعي؛القطاعات الاجتماعية والموكولة لها تنفيذالقوانين
• المبحث الثاني: آثـار الرشوة علــى التنميــة المحليــة
• الفصل السابع :
• المبحث الأول: الرهانات .. المسؤولية والمساءلة
• المبحث الثاني:استحقـاقــات مواجهة الفساد وبناء النزاهة ..
• البحث يتضمن كذلك قائمة من المراجع و المصادر التي تم الاستناد عليها في البحث باللغتين العربية و الفرنسية . كما يتضمن أيضا عشرات من الوثائق و الصور المرتبطة بالملفات المثارة . ثم فهرسة تفصيلية للفصول و المباحث و الفقرات .
الهوامش:
[1] – ” Un problème bien posé est à moitié résolu”..
[2]-” Bien poser le problème’ est déjà le résoudre “..
[3] – Abdelkebirkhatibi, Chemins De Traverse,Institut Universitaire De La Recherche Scientifique, Rabat p 9
اترك رد