مؤتمر الزواج الشرعي المبكر في مواجهة الفوضى الجنسية والمواثيق الدولية

برعاية الله وتوفيقه ، وبدعوة من المجلس العلمي في جامعة طرابلس وبالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية ، عقد المؤتمر الإسلامي الخامس للشريعة والقانون بموضوع : ” الزواج الشرعي المبكر في مواجهة الفوضى الجنسية والمواثيق الدولية”.

افتتح المؤتمر بحضور دولة الرئيس سعد الدين الحريري ممثلاً بمعالي الوزير سمير الجسر ، ودولة الرئيس محمد نجيب ميقاتي ممثلاً بالدكتور عبد الإله ميقاتي وسماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الرئيس الشيخ عبد اللطيف دريان ممثلاً بالمفتي القاضي الشيخ أحمد اللدن ، ومعالي الوزير محمد الصفدي ممثلاً بالدكتور مصطفى الحلوة ، ومعالي الوزير أشرف ريفي ممثلاً بـالأستاذ محمد زيادة، ، والنائب روبير فاضل ممثلاً بالدكتور سعد الدين فاخوري وممثل الجماعة الإسلامية الأستاذ عبد الله بابتي ومدير عام بيت الزكاة الأستاذ المحامي عبد المنعم كبارة وعضوي المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى الشيخين ماهر الحموي وأمير رعد وسماحة رئيس مجلس أمناء جامعة طرابلس المحامي الشيخ محمد رشيد الميقاتي وحشد من التربويين والأكاديميين ورجال الدين.

استهل حفل الافتتاح بتلاوة من القرآن الكريم لفضيلة شيخ القراء الدكتور خالد بركات تلاها النشيد الوطني ونشيد الجامعة.
وبعد تقديم من عريف الاحتفال الأستاذ الدكتور رأفت محمد رشيد الميقاتي ، ألقى رئيس مجلس أمناء جامعة طرابلس سماحة الشيخ محمد رشيد الميقاتي كلمة الأمانة العامة للمؤتمر ، ومما جاء فيها:
يعالج مؤتمرنا الخامس قضية خطيرة تتعلق بمؤسسة الزواج الشرعي وتنفير المواثيق الدولية من الاقبال عليه ، إلا بقيود متزايدة تصب عملياً في تكريس الفوضى والإباحية الجنسية وما يستتبعها من آثار سيئة طبية وصحية واجتماعية وأمنية وسكانية.
إن من الخطورة بمكان دعوة اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باتفاقية (السيداو ) إلى تحديد سن أدنى للزواج والسعي لرفع هذا السن من خلال اتفاقيات أخرى تتناول الأطفال الذين ينضوون تحت مفهوم الطفولة الجديد في الأمم المتحدة وهو من لم يبلغ الثامنة عشرة، في مقابل تكريس الحرية الجنسية ) ووجوب تأمين خدمات الزنى كاملة باسم : خدمات الصحة الانجابية، وباسم شعار ” جسدك ملك لك ” ، الذي تُدندن حوله التشريعات المسمومة التي تسوقها الأمم المتحدة ، وتفرضها على برلماناتنا بقوة الفجور والتضليل الاعلامي تارة ، وبقوة ضغوط البنك الدولي على الدولة نفسها لتغيير تشريعاتها تحت طائلة وقف المساعدات الدولية أو القروض البائسة تارة أخرى. إن الارهاب التشريعي يتربص بمجتمعاتنا العربية والاسلامية بغية إحداث انقلاب في المنظومة القيميَّة ومسخ للهوية الثقافية وانهيار في النسيج الاجتماعي كل ذلك باسم التنمية والمساواة والتمكين، وصدق الله تعالى في قوله : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون ) (سورة البقرة : 12). وقوله تعالى : ” إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون ” ( سورة النور :19 ) “.
ثم ألقى الأستاذ الدكتور الحسين الموس رئيس مركز الدراسات الأسرية والبحث في القيم والقانون في المغرب كلمة باسم ضيوف المؤتمر وجاء فيها: “إن موضوع مؤتمركم الخامس هذا يأتي في سياق عالمي ، يراد فيه للبشرية أن تزداد انحداراً في مستنقع الرذيلة ، وأن ينساق الناس مع شهواتهم بدون ضابط من دين ولا قيم . وإذا كان الغرب قد مضى في هذه الطريق ، وبدأ يجني بعض ويلاتها، فإنه اليوم وعبر منظماته الدولية ، وبعض جمعيات المجتمع المدني في أوطاننا يسعى جاهداً لتسويق نموذجه ، وذلك بإغراق بلاد الإسلام في الشهوات المحرمة ، وتقنينها واستنباتها.
قال تعالى : ” والله يريد ان يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً. يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفاً ” ( النساء 27، 28 ) . إننا نعيش اليوم حرباً إعلامية وفكرية مهولة باسم حقوق الإنسان والمواثيق الدولية ، مدافع هذه الحرب مصوبة تجاه علماء الإسلام ، المدافعين عن العفة وعن الكرامة الإنسانية وهكذا أصبحت الاستقامة والطهارة ، اليوم سبة يعير بها الصالحون“.
ثم كانت كلمة الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية الأستاذ سلطان أبو عرابي العدوان والذي أكد فيها على رسالة الاتحاد المتمثلة بدعم وتنسيق جهود المؤسسات التعليمية العالمية لاعداد الإنسان القادر على خدمة أمته والحفاظ على وحدتها الثقافية والحضارية وتنمية مواردها بما يحقق تطلعاتها مؤكداً حرص الاتحاد الذي يضم ثلاثمائة جامعة على المشاركة مع الجامعات العربية عامة وجامعة طرابلس خاصة في الأنشطة العلمية لخدمة المجتمع العربي والاسلامي مضيفاً أن الأمم التي تتيح الجنس بلا ضوابط ولا قيود سوف تسقط لا محالة ، مهما كان تفوقها في عالم الأشياء ومهما بلغ تطورها المادي والعمراني والصناعي والتكنولوجي لأن سقوطها حدث أساساً على سلم الارتقاء الانساني والحضاري .

وفي الختام، ألقى سماحة المفتى القاضي أحمد اللدن كلمة سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية القاضي الشيخ عبد اللطيف الدريان،ومما جاء فيها: “إن هذا المؤتمر يعكس الاهتمام بالأمة كل الأمة، ويجب النظر إليه، ليس في بعده الأدبي والأخلاقي فحسب بل في تعقيداته الاجتماعية.
لا يكفي أن نقول بأن سنّ الزواج هو هكذا وهو مشكلة وأن الغرب يقول كذا وكذا ولكن هناك جانب اجتماعي لا بدّ من أن نعترف به وليس الغرب مسؤولاً عنه، ولكن التعقيد الاجتماعي هو المسؤول عنه،
هذا البعد الاجتماعي بما يكتنفه من تعقيدات اقتصادية أيضًا يجب أن يكون محلّ نظرٍ عند الكلّ كي نحلّ هذا المشكل ببعده الاقتصادي وليس فقط في بعده الاجتماعي والأخلاقي.
إذًا علينا جميعًا أن نعترف بأن هناك بعدًا ثقافيًا وأدبيًا وأخلاقيًا وعقائديًا غير أننا لا ينبغي على الإطلاق أن نتجاهل البعد الاجتماعي والاقتصادي التعقيدي الذي يعصف في مجتمعاتنا.
هذا واستمرت جلسات المؤتمر على مدى يومين وشارك فيها نخبة من كبار الباحثين الشرعيين والقانونيين من لبنان والأردن ومصر والمغرب.

ثم كانت الجلسة الأولى : من ضمن المحور العلمي والتشريعي التي عقدت برئاسة الأستاذ الدكتور رأفت ميقاتي- نائب رئيس وعميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة طرابلس ، تحدث فيها أولاً الدكتور عبد الحميد قضاة – المدير التنفيذي لمشروع وقاية الشباب في الاتحاد العالمي للجمعيات الطبية الإسلامية وألقى بحثه بعنوان : ” انهيار الأخلاق وفوضى العلاقة بين الجنسين “، ثم القت الدكتورة نهى قاطرجي – الأستاذة المحاضرة في كلية الإمام الأوزاعي – بيروت بحثها بعنوان : ” دور الاتفاقيات الدولية في الوقوف في وجه الزواج المبكر ” ، وأخيراً ألقى القاضي في المحاكم الشرعية اللبنانية الشيخ عبد العزيز الشافعي بحثاً بعنوان : ” الزواج المبكر لدى المحاكم الشرعية – الواقع والمرتجى ” وفي ختام الجلسة جرى نقاش حول الأبحاث التي ألقيت .

وفي يوم الأحد 31/5/2015 عقدت الجلسة الثانية من ضمن المحور الاجتماعي برئاسة الأستاذ الدكتور محمد درنيقة – عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة طرابلس ، حيث ألقى الأستاذ الدكتور الحسين الموس – رئيس مركز الدراسات الأسرية والبحث في القيم والقانون – الرباط ، بحثاً بعنوان : ” تقييد الزواج المبكر في قوانين الأسرة في العالم العربي ” دراسة نقدية تأصيلية ، ثم ألقى الأستاذ الدكتور مفيد سرحان – مدير جمعية العفاف الخيرية – المملكة الأردنية الهاشمية ، بحثه بعنوان : ” تجربة جمعية العفاف الخيرية في الأردن في تزويج الشباب” ، وفي ختام الجلسة جرى نقاش للأبحاث التي عرضت .

بعد ذلك عقدت الجلسة الثالثة من ضمن المحور التربوي والاعلامي برئاسة الأستاذ الدكتور علي مدكور – رئيس جامعة طرابلس ، بداية ألقى الأستاذ عصام سليمان طراد – المسؤول الإعلامي في مشروع وقاية الشباب من الأمراض المنقولة جنسياً – أستاذ في جامعة جدارة الأردن ، بحثه بعنوان : “المواقع الإباحية وأثرها على الشباب وطرق الحماية منها ” ، ثم تحدث الدكتور خالد طنبوزة الحسيني – متخصص في التربية الجنسية ، فألقى بحثاً بعنوان : ” أحكام الستر والعفاف والبلوغ لطلاب المدارس ” .

وأخيراً تحدث الدكتور فالح فليحان الرويلي- باحث في مملكة البحرين ، وألقى بحثه بعنوان: ” ثورة الجنس في التحريمات الكبرى إلى الفوضى الجنسية ” .

وفي الختام ألقى رئيس المؤتمر سماحة الشيخ محمد رشيد الميقاتي كلمة شكر فيها جميع المشاركين والباحثين وجرى توزيع الشهادات على الجميع .

الآراء

اترك رد