دراسة تطبيقية على مكاتب السفارات العربية والأجنبية .
للباحث: وليد خلف الله محمد دياب
المدرس المساعد بقسم الإعلام بآداب قنا
مقدمة الدراسة:
تزايدت أهمية العلاقات العامة الدولية في العالم، نتيجةً للتغيرات التكنولوجية والسياسية والاقتصادية التي طرأت عليها، والتي منحت شعوبها حرية التعبير، وإقراراً بقوة الرأي العام فيها، فالنجاح الذي تحقق في مجال شعوبها مكّن من بث ونشر المعلومات والأفكار بسهولة وبسرعة فائقة، وأتاح الفرصة للبشر للاتصال يبعضهم البعض، والتأثير على الرأي العام العالمي بشكل كبير.
وتعـد العلاقـات العامة الدولية حلقة الوصل بين مؤسسات المجتمع الواحد، وبين المجتمعات الأخرى عن طريق تقديم خدمات معينة لها مبنية على الثقة المتبادلة انطلاقًا من أهمية الفرد والشرائح الاجتماعية، وقوة تأثير الرأي العام في المجتمعات على مختلف المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية .
ويُلاحظ في السنوات الأخيرة زيادة الاهتمام بالعلاقات العامة الدولية، وزيادة إقبال المنظمات الدولية على تطوير وظائف العلاقات العامة لديها، وزيادة إقبال الشركات على تعيين أفضل العناصر للعمل بالعلاقات العامة لديها، وبهذا فإن العلاقات العامة قد تأكدت فعاليتها للمنظمات والمؤسسات بشكل عام، سواء كانت محلية أو دولية، وذلك في المجالات الاتصالية المبذولة في أداء الممارسة المختلفة للنشاطات وأهداف العلاقات العامة، مما أدى إلى تدعيم علاقة المؤسسة بالعديد من جماهيرها بشكل يحقق أهداف المنظمة؛ لذا فقد بدأت بيئة المنظمات على اختلاف أنواعها تنال نصيبها من الاهتمام والدراسة منذ الخمسينات من القرن الماضي، وتزايد الاهتمام بها بشكل ملحوظ في العشر سنوات الأخيرة، حيث يُنظر إلى المنظمة باعتبارها كائن حي منفتح على العالم الخارجي، ومتفاعل معه، ويؤثر فيه، ويتأثر به بصورة مستمرة.
وبما أن الدبلوماسية نشأت كوسيلة للاتصال والتفاهم بين الجماعات البشرية المتجاورة وتطورت علاقاتها شعرت بحاجتها إلى انتهاج حسن العلاقة مع بعضها وقد اقتضى هذا نشوء الأسلوب الدبلوماسي كسلوك اجتماعي تتطلبه الحاجة إلى التفاهم والتعاون وتبادل المعرفة والمنفعة من أجل الاستقرار والسلام والحماية والأمن .
كما أدت العولمة والثورة التكنولوجية إلى سرعة التغيير في مختلف مجالات الحياة اليومية والعلاقات الدولية، مما حذا بالمجتمعات في التوسع وتوفير المعرفة وسهولة الحصول على المعلومات مما مكن المجتمعات والهيئات من إقامة علاقات طيبة مع بعضها البعض،إضافة إلى ظهور المجتمع المدني كجهات فاعلة غير حكومية في التواصل مع الشعوب مما أدى إلى بروز أهمية العلاقات العامة والدبلوماسية المعاصرة في المجتمعات المتقاربة .
ومن جانب آخر يتأثر دور العلاقات العامة تأثرًا واضحًا بالمتغيرات الداخلية والخارجية للمنظمة مما يدعونا إلى قياس طبيعة ومدى هذا التأثير على وظيفة العلاقات العامة في القطاع الدبلوماسي، خاصةً في ظل تطور المنظمات الدبلوماسية وذلك بحدوث ثورة التكنولوجيا والعلم الحديث وانتشارها في كافة أنحاء العالم، فقد حققت المنظمات الدبلوماسية طفرة كبيرة في أساليبها وفنونها وطرق أدائها بحيث شهد المجتمع الدولي المعاصر أشكالاً وأنماطًا جديدة، من الفن الدبلوماسي لم يسبق أن رآه العالم على هذا النحو وبهذا قُدر للدبلوماسية أن تتخلص من أساليبها وتقاليدها القديمة التي لم تعد تتمشى مع روح هذا العصر، وأن تحتفظ بوظائفها الجوهرية وأن تستحدث أساليب ومناهج عصرية حديثة لكي تواكب الظروف والأوضاع الجديدة في المجتمع الدولي المعاصر، وهو ما سعت إليه هذه الدراسة في التعرف على طبيعة دور العلاقات العامة في القطاعات الدبلوماسية والجهود الاتصالية المبذولة بها في ممارسة أداء هذه المهنة، خاصةً في ضوء قلة الدراسات العربية والمصرية التي تناولت طبيعة هذه الوظيفة وتسعى إلى قياسها في بيئة العمل المصرية.
- · أهمية الدراسة :
تنبع أهمية الدراسة من العديد من النقاط التي تتميز بها وهى:
أولاً: تكتسب الدراسة الراهنة أهميةً خاصة نظرًا للتداخل بين عمليات الاتصال الدولي وفنون إدارة العلاقات العامة الدولية حيث تعرف الدبلوماسية الحديثة بأنها فن إدارة الاتصال والعلاقات بين الدول وأن الدبلوماسية الحديثة تقوم على الإعلام والعلاقات العامة.
ثانيًا : تجمع هذه الدراسـة بين مجالين بحثيين رئيسيــين من أهم المجالات في الدراسات الاتصاليـة والإدارية: المجال الأول هو العلاقات العامة الدولية والذي يعد أكثر المجالات سرعة في النمو في العلاقات العامة حاليًا، وهو المجال الذي يحتاج ممارسو العلاقات العامة للتخصص فيه بشكل كبير ليتمكنوا من مراعاة تطورات العصر الحالي في عملهم، أما المجال الثاني فهو مجال القطاع الدبلوماسي الذي يعد من أكثر المجالات تشعبًا وانتشارًا حيث إن الدبلوماسية نتاج للعلاقات الدولية والأساس الذي تبنى عليه العلاقات الدبلوماسية المعاصرة ومع تشعب هذه العلاقات اتسع نطاقها بحيث لم تعد مقصورة على الجانب السياسي في التعامل بين الدول بل امتدت إلى النواحي الاقتصادية والثقافية والإعلامية وغيرها.
ثالثًا : تأتى أهمية هذه الدراسة أيضًا من طبيعة العمل الدبلوماسي نفسه حيث إنه لابد أن يصطحب العمل الدبلوماسي جهدًا أكبر على مدى أطول لإزالة الرواسب التاريخية وتقريب المصالح وإقرار التفاهم ومن هنا كانت دراسة العلاقات العامة مفتاح الدبلوماسية الحديثة.
رابعا : تزايد انتشار صور العولمة والثقافات الغربية على مجتمعاتنا العربية عبر وسائل الإعلام العالمية و الإلكترونية, وهذا الزحف الثقافي الغريب على أصول وثوابت مجتمعاتنا العربية التي لم تعد تميز كثيرًا بين الجانبين المادي والمعنوي للثقافة؛ مما يحتم استخدام السفارات والدبلوماسية المعاصرة لأدوات العلاقات العامة وتوظيفها لمواجهة التأثيرات السلبية للثقافة المتدنية, والتمسك بالأخلاقيات المهنية وضوابطها, وتصميم برامج اتصالية الهدف منها خلق القناعة لدى مجتمعاتنا بضرورة التمسك بالذات, والمحافظة على الهوية, وتقديم صورة صحيحة عن مجتمعاتنا أمام الآخر.
- · مشكلة الدراسة :
أمكن تحديد المشكلة البحثية بناءً على استعراض نتائج الدراسات السابقة والقراءات والملاحظات العلمية، حيث لاحظ الباحث نقصًا واضحًا في الموضوعات التي تناولت دراسة العلاقات العامة في السلك الدبلوماسي عمومًا حيث تفتقر المكتبة العربية إلى مثل هذه النوعية من الدراسات على الرغم من أهمية الدور الذي يمكن أن تقوم به العلاقات العامة في القطاعات الدبلوماسية وذلك باعتبار أن العمل الدبلوماسي وليد العلاقات العامة.
وبناءً على ما سبق فإن هذه الدراسة تصدت لدراسة الجوانب التنظيمية والإدارية ووسائل الاتصال المستخدمة من قبل إدارة العلاقات العامة في القطاعات الدبلوماسية والقائمين بالاتصال بهدف التعرف على طبيعة أداء وظيفة العلاقات العامة الدولية وقياس مدى فاعلية هذه الوسائل في تحقيق الأهداف المطلوبة وتقييم هذا الأداء، ودراسة المشكلات والمعوقات وأساليب مواجهتها، ومدى استخدام القائم بالاتصال في العلاقات العامة لتكنولوجيا الاتصال الحديثة وأثر ذلك على أداء العمل،ومعرفة الصفات والمهارات الاتصالية التى يجب أن تتوافر فى القائم بالاتصال فى العمل الدبلوماسى، وكذلك نوعية النماذج المستخدمة فى الأدوار الاتصالية لممارسي العلاقات العامة الدولية فى السفارات والقطاعات الدبلوماسية، وكذلك قياس أهم المتغيرات البيئية المؤثرة على ممارسة العلاقات العامة الدولية في السفارات والقطاعات الدبلوماسية وصولاً إلى اقتراحات محدودة لتطوير هذه الوظيفة مما يعكس صورة متكاملة لأداء العمـل في العلاقات العامة في القطاعات الدبلوماسية.
- · المناهج المستخدمة في الدراسة :
اعتمدت الدراسة على عدد من المداخل النظرية التي تفيد افتراضاتها في دراسة وتحليل أسئلة الدراسة وفروضها والتعرف على تأثيراتها وأبعادها الثقافية وصولاً إلى الأسس والمعايير الهامة التي تقوم عليها ممارسة العلاقات العامة الدولية في المؤسسات الدولية التي تحكمها، ومن بينها السفارات العربية والأجنبية -محل الدراسة ومن بين هذه الأدوار و النماذج أدوار ونماذج العلاقات العامة التي اقترحها (Grunig and Hunt) وهي:
- نموذج الوكالة الصحفية/ النشر.
- نموذج المعلومات العامة.
- النموذج اللا متوازن ثنائي الاتجاه.
- النموذج المتوازن ثنائي الاتجاه.
إضافة إلى مبادئ النظريــة العالميــة للعلاقـــات العامـــة الدوليــــة
وتنتمي هذه الدراسة إلى الدراسات الوصفية Descriptive Study ، وتعتمد هذه الدراسة على منهج المسح الميداني الذي هو محاولة منظمة لتقرير, وتحليل وتفسير الوضع الراهن لنظام أو جماعة أو بيئة معينة، واعتمدت الدراسة بشكل أساسي على منهج المسح حيث يعد من أنسب المناهج العلمية للدراسات الوصفية، وكذا أسلوب المسح الشامل لممارسي العلاقات العامة في القطاعات المختلفة المعنية بالدراسة ومسح اتجاهاتهم حول طبيعة العمل في إدارات العلاقات العامة ودرجة أدائهم لمهنتهم ومؤهلاتهم العلمية والمهارات الاتصالية بهدف تصوير الواقع الفعلي والتعرف على الطرق التي تتبعها هذه القطاعات في ممارسة نشاطاتها المختلفة، الذي تم تطبيقه على (50 مفردة شملت: 50 سفارة عربية وأجنبية داخل جمهورية مصر العربية وقام الباحث باستخدام المنهج المقارن بوصفه من المناهج المساعدة في إجراء مقارنات كمية وكيفية بين مجتمع الدراسة، حيث تناولت الدراسة دراسة مقارنة بين مجتمع الدراسة بين السفارات العربية والأجنبية فيما يتعلق بأوجه الاختلاف والتشابه حول أساليب ممارسة العلاقات العامة ومستوى الأداء بينهما بهدف تصوير الواقع الفعلي بينهما وأسباب النمط السائد بينهما.
واعتمدت الدراسة في جمع وتحليل البيانات الخاصة بها بأكثر من أداة بحثية تتوافق مع نوعية الدراسة وأهداف البحث: واستخدم الباحث استمارة الاستقصاء بوصفها أداة بحثية مناسبة لجمع البيانات من مفردات العينة من ممارسي العلاقات العامة، حيث تم تضمينها بمجموعة من الأسئلة عبر محاور موضوعية عبرت في مجملها عن الأهداف الكلية للدراسة وقد ترجمت الاستمارة باللغات الثلاث العربية والإنجليزية والفرنسية. وتم استخدام المنهج المقارن في هذه الدراسة بهدف إجراء بعض المقارنات الكمية والكيفية بين مدى القيام بالأدوار الفعلية للعلاقات العامة وممارساتها النموذجية بين السفارات العربية والأجنبية؛ لمعرفة التباين أو الاتفاق في المعالجات بما يساعد في تقديم رؤية أكثر عمقًا ووضوحًا, وكذا المقارنة بين مدى استخدام تكنولوجيا الاتصال والنماذج المستخدمة في أدوار العلاقات العامة.
- · محتويات الدراسة :
جاءت الدراسة في ستة فصول :
- حيث عرض الباحث في الفصل الأول الإطار المنهجي للدراسة والذي اشتمل على المقدمة والدراسات السابقة ومشكلة الدراسة وأهميتها وأهداف الدراسة وتساؤلاتها وأهم المناهج المستخدمة وكذلك أدوات جمع البيانات .
- وفى الفصل الثاني تناول الباحث الدبلوماسية كمدخل نظري وانقسم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث تناول المبحث الأول مفهوم الدبلوماسية و تاريخها وتطورها، وفى المبحث الثاني الدبلوماسية وصلتها بالعلوم الأخرى، ثم عرض في المبحث الثالث النشاط الدبلوماسي
إطاره المؤسسي– أشكاله – أشخاصه حيث أكد هذا الفصل أن عملية الاتصال بالجماهير اليوم أصبحت من المهام المرتبطة بالعمل الدبلوماسي، و أن العمل الدبلوماسي أصبح مرتبطًا بالعمل الإعلامي وهذا يفسر الأسباب التي دعت بعض فروع العلوم السياسية لتعتبر الإعلام والعلاقات الدولية فرعًا من فروعها الدراسية التي يتحتم على الطالب دراستها، حتى أن مظاهر العمل الدبلوماسي خلال القرن العشرين قد اتخذ منحى الرغبة في نشر ثقافة الدولة التي يمثلها الدبلوماسي، بالإضافة لممارسته الوظيفة الإعلامية الدولية.
في حين تناول الفصل الثالث الإعلام والدبلوماسية وانقسم هذا الفصل إلى ثلاثة مباحث عالج المبحث الأول الإعلام الدولي والدبلوماسية ومفاهيم الاتصال الدولي وأهميته في المجال الدبلوماسي ، ثم تناول المبحث الثاني الدبلوماسية الإعلامية وتكنولوجيا الاتصال ، أما المبحث الثالث فقد عرض الباحث فيه التدفق الإعلامي وأثره على الدبلوماسية المعاصرة وواقع الإعلام العربي حول الغزو الإعلامي الدولي وأثره على الأنظمة الدبلوماسية العربية واستنتج ويستنتج الباحث بأن غياب الرقابة وغياب السيطرة من الدول الفقيرة لهى فى خطر من فقدان السيطرة على الجوانب الأساسية لدولها، إضافة إلى خطر العولمة الثقافية وتقديم عولمة اتصالية مثل البرمجة والترفيه والتحف الفنية والثقافية والأفلام وأشرطة الفيديو وأقراص الكمبيوتر والكتب والمجلات وغيرها، تسعى إلى التطرف حول قضايا شائكة من خلال حرية التبادل الإعلامى الدولي وهذا الشكل من أشكال العولمة والاتصال يستطيع أن يبرهن على أن من يملك هذه الوسائل هو القادر على احتكار هذا المنتج وتسخيره كيفما يشاء لهذه الدول الفقيرة وبهذا إذا استطاعت الأمة العربية أن تغير من سياساتها وأنظمتها السائدة على المستوى السياسي والاقتصادي والدبلوماسي والإعلامى، وتضاهى الأنظمة العالمية وسياساتها المتبعة ستصل إلى بر الأمان بأمتنا العربية والإسلامية فى كل الميادين، فى عالم لا يعترف إلا بمنطق القوة وبالأخص قوة ” الإعــلام وتكنولوجيــا الاتصـــال” . .
أما الفصل الرابع فقد تناول الدبلوماسية والعلاقات العامة الدولية ، وقد انقسم هذا الفصل أيضًا إلى ثلاثة مباحث تناول الأول منها مدخل إلى العلاقات العامة الدولية من حيث مفهومها ونشأتها وأهميتها في العمل الدبلوماسي،وبهذا يرى الباحث أن العلاقات العامة أصبحت جزءًا مهمًا من نمط الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية للعديد من الشعوب نتيجة لتشابك المصالح والأهداف الدولية جنبًا إلى جنب وتزايد المؤسسات والشركات المتعددة الجنسية وبروز الاتصال الدولي والسياسة في كافة النواحي الاتصالية التي تربط دول العالم في مصالح واحدة، الأمر الذي أجبر الهيئات الدولية والحكومية وكذلك الخاصة إلى الاهتمام عالميًا بهذه الأقسام أو إدارات العلاقات العامة، خاصةً في ظل عولمة تكنولوجيا الاتصال الحديثة إضافةً إلى أن عولمة برامج واستراتيجيات العلاقات العامة تسير بخطى سريعة جنبًا إلى جنب . وما صاحب ذلك أيضًا من تطور السوق العالمي وتطور وسائل المواصلات والاتصالات وتكوين التحالفات عبر العالم الأمر الذي جعل لا بديل لممارسة العلاقات العامة في كل مجالات الحياة.
ثم تطرق المبحث الثاني إلى نظريات وأدوار العلاقات العامة الدولية المعــاصرة، وجاء المبحث الثالث ليوضح مدى استخدام تكنولوجيا الاتصال والملتيميديا الحديثة في ممارسة العلاقات العامة الدولية في القطاع الدبلوماسي. وباعتبار العمل الدبلوماسي ليس بعيدًا عن هذا المجال ومدى ارتباط الدبلوماسية بالإعلام وتكنولوجيا الاتصال وأثرهما على أداء الممارسة الدبلوماسية، نستطيع أن نلحظ أن القائم بالاتصال في هذه القطاعات يجب أن يكون ملمًا بتكنولوجيا الاتصال وأدواتها، الأمر الذي يجعل من نجاح هذه المؤسسات بالقدر الكافي وفى السطور القادمة سوف يعالج الباحث أهمية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال في القطاع الدبلوماسي، وكذلك مدى استخدام تكنولوجيا الاتصال الحديثة والوسائط المتعددة من قبل الممارسين وفعاليتها على تطور الأداء وكذلك التعرف على كيفية استيفاء الدبلوماسي لمعلوماته وطبيعة تعامله مع الإعلاميين والممارسين حتى نصل في النهاية إلى نموذج فعال للممارسة الدبلوماسية الفعالة.
وعرض الباحث في الفصل الخامس العلاقات العامة الدولية والاتصال الدولي)المؤهلات والأخلاقيات(، وجاء في ثلاثة مباحث حيث تناول المبحث الأول أخلاقيات العلاقات العامة الدولية والاتصال الدولي في القطاع الدبلوماسي، والمبحث الثاني حول العلاقات العامة الدولية والنظم الدبلوماسية في الإسلام ومن هنا يرى الباحث أن القواعد وأخلاقيات الدبلوماسية والنظم الإسلامية في المعاملات الدولية يجب أن تدرس في أكبر الجامعات الأوربية والأمريكية، لتثبت للعالم أجمع أنه لا يوجد في أي منظومة في العالم أخلاقيات للدبلوماسية الدولية إلا في النظم الدبلوماسية الإسلامية، التي أرست القواعد المنظمة للعالم أجمع وتفتر كل الافتراءات على العالم الإسلامي، كما يجب على العالم الإسلامي والعرب أن يعيدوا من سياساتهم ودبلوماسياتهم وأن يرجعوها إلى قواعدها الإسلامية الصحيحة حتى نكون على رأس ومقدمات الأمم في تعاملاتنا الدولية والخارجية.
،وتناول المبحث الثالث استراتيجيات العلاقات العامة الدولية والنظم الدبلوماسية الإسلامية وأثرهما على الدبلوماسية المعاصرة: دراسة تاريخية استنباطية.
- وفى الفصل السادس عرض الباحث الجانب التطبيقي للدراسة وقد تضمن هذا الفصل مبحثين، تناول الأول نتائج الدراسة الميدانية للقائم بالاتصال في العلاقات العامة في القطاعات الدبلوماسية، وعرض المبحث الثاني نتائج اختبار فروض الدراسة الميدانية، ثم في نهاية الدراسة عرض الباحث نتائج واستخلاصات الدراسة ومقترحاتها وتوصياتها ثم حدود الدراسة وما تثيره من دراسات مستقبلية وأخيرًا المراجع ثم الملاحق .
- نتائج الدراسة :
توصلت الدراسة إلى عدد من النتائج من أهمها :
- أظهرت إجابات المبحوثين درجة اهتمـام السفارات العربية والأجنبية بوجود جهاز علاقات عامة متخصص لممارسة أنشطة العلاقات العامة؛ حيث بلغت نسبة درجة الاهتمـام (78.0٪) من الإجمالي العام لإجابات المبحوثين، في حين بلغت درجة عـدم الاهتمام بوجود جهاز علاقات عامة متخصص درجةً قليلةً جدًّا بنسبة (22.0٪) من الإجمالي العام لعينة الدراسة، ويرجع ذلك إلى أن عدد من المبحوثين أشاروا إلى أن المستشار الثقافي هو الذي يقوم بمهام العلاقات العامة وأنها لا تحتاج إلى إدارة متخصصة .
- كشفت إجابات المبحوثين أن نسبة (100.0%) من إجمالي نتائج المبحوثين أشاروا إلى أن الإدارة العليا بسفاراتهم الموقرة تتفهم طبيعة عمل العلاقات العامة ووظائفها وهذا يدل على أن السفارات تقدر طبيعة هذه المهنة وذلك باعتبار أن العلاقات العامة والدبلوماسية وجهــان لعملة واحـــدة .
- أظهرت نتائج المبحوثين بأن نسبة (94.9%) من إجمالي نتائج المبحوثين أكــدوا على أن العلاقات العامة هي همــزة الوصل بين السفارة والجمهور الخارجي وجاءت هذه العبارة في المرتبة الأولى من إجمالي نتائج المبحوثين وهذا يدل على مدى أهمية العلاقات العامة في السفارات والقطاعات الدبلوماسية ومدى إيمان الإدارة العليا بها، في حين جاءت بنسبة(100.0%) من استجابات المبحوثين في السفارات العربية، ونسبة (92.0%) من إجابات المبحوثين في السفارات الأجنبية وهذا يدل أيضًا على تحقيق الهدف الفعلي لوظيفة العلاقات العامة في السفارات العربية والأجنبية .
- كشفت نتائج الجداول الخاصة بمدى استخدام ممارسي العلاقات العامة لشبكة الانترنت والملتيميديا الحديثة في السفارات والقطاعات الدبلوماسية، حيث أظهرت استجابات المبحوثين درجة استخدامهم لشبكة الانترنت والملتيميديا الحديثة في أدائهم لأعمالهم وقيامهم بها, وقد حددت العبارات بصحيفة الاستقصاء بعض العبارات التي عالجت ما يجب أن يقوم به ممارسوا العلاقات العامة في أدائهم لأعمالهم والأدوار المنوطة بهم من خلال التعامل مع شبكة الانترنت واستخدام الملتيميديا الحديثة, وأظهرت الاستجابات مدى درجة تعاملهم مع هذه الوسائل بشكل دائم أو أحيانًا أو غالبا، وغلب استخدام هذه الوسائل من قبل المبحوثين وإن اختلفت قليلاً في إجابات المبحوثين في بعض السفـارات.
- أشارت نتائج المبحوثين إلى مدى استخدام استراتيجيات الدبلوماسية الإعلامية فى إدارات العلاقات العامة بالسفارات وأشارات نتائجهم إلى “الإستخدام الدائم” لهذه الإستراتيجيات والتى حددها الباحث فى استمارة الاستقصاء التى عرضها عليهم واوضحت النتائج ما يلى :
جاء استخدام الدبلوماسية الإعلامية بأنها هي الذراع الأيمن للسياسة الخارجية للدول وبالتالي لا تبخل عليها بأي مبلغ مادي مهما تكن ميزانيتها فى المرتبة الأولى من الاستراتيجات الإعلامية التى يستخدمها ممارسو العلاقات العامة فى قطاعاتهم الدبلوماسية، في حين جاءت فى المرتبة الأولى أيضا فى إجابات المبحوثين فى السفارت العربية، وفى المرتبة الثانية من إجابات المبحوثين فى السفارت الأجنبية وهذا يعطى مؤشر قوى إلى مدى التكامل بين العمل الدبلوماسى والإعلامى إذ أن الدبلوماسية الإعلامية وسيلة مهمة من وسائل توضيح المعلومات ونقل الصورة للجمهور .
- توصيــات الدراســــة :
من خلال عرض نتائج الدارسـة والدراسـات السابقة يرى الباحث أن هناك العديد من المقترحات التي يجب مراعاتها لضمان فعاليات أداء ممارسات العلاقات العامة في السفارات والقطاعات الدبلوماسية والدور الاتصالي والإعلامي الفعال الذي تقوم به إدارات العلاقات العامة من خلال التعامل مع الهيئات والدول والجمهور المحلى والعالمي ومن أهم هذه التوصيات مايلى :
أولاً: بالنسبة للسفارات العربية والأجنبية :
- يجب أن يدرك قادة العالم في جميع قطاعاته الدبلوماسية: أن العلاقات العامة والدبلوماسية العامة متهيئان الآن للتعامل مع متغيرات العصر الجديد في العالم أجمع بما فيها الدول النامية والدول العربية على وجه العموم لأنهما وجدا المناخ الملائم لهما من سهولة الانتقال وسرعة الحصول على المعلومات والتبادل الإعلامي والمؤسساتي الدولي السريع، والاهتمام بالرأي العام العالمي، كل هذه العوامل جعلت من العلاقات العامة والدبلوماسية واستراتيجياتهما مناخًا ملائمًا لاستخدامهما الاستخدام الأمثل للنهوض بالعالم سياسيًا واقتصاديًا وفكريًا وثقافيًا حتى يعيش العالم في سلام وأمن وأمان وهذه هي قمة عمل العلاقات العامة والدبلوماسية التي وُجدا من أجلها .
- يجب أن يدرك القادة وخبراء الدبلوماسية في الوطن العربي: أن العلاقات العامة الدولية وظيفة من وظائف السلك الدبلوماسي، حيث أصبحت من المهام الأساسية للبعثات الدبلوماسية العاملة في الخارج، بما تسمح به إمكانيات كل من دول العالم وأنه كلما زاد التقدم الثقافي والتقني في أي دولة من دول العالم، زاد دور الدبلوماسية الشعبية، وبهذا وجب على القطاعات الدبلوماسية العربية أن تفطن إلى تأسيس جمعيات علاقات عامة عربية هدفها التواصل مع شعوب العالم وغرس القيم وتصحيح الصورة والهوية العربية وهذا لن يتأتى إلا بجهود متكاتفة عربية وبعناصر مدربة على هذا العمل .
ثانيًا : بالنسبة لممارسة العلاقات العامة فى القطاعات الدبلوماسية :
- يجب إعادة توضيح مفهوم العلاقات العامة لدينا تمشيًا مع روح العصر، كما أن تعاريف العلماء العرب تحوى على مهام وأدوار العلاقات العامة الحقيقية وما يجب أن تكون عليه مؤسساتنا العربية والإسلامية .
- ضرورة ترقية مفهوم العلاقات العامة في ظل تكنولوجيا الاتصال والمعلومات، والتنبؤات المستقبلية لأيديولوجية العولمة .
- يجب أن تتماشى ثقافتنا التعليمية مع فلسفة العلاقات العامة التي تؤمن بالانتشار ومخاطبة جمهور العالم بلغاته التي يتحدث بها، لذا وجب على ممارسة العلاقات العامة الدولية العربية ممارسة واستخدام اللغات المتعددة خاصة الإنجليزية منها وذلك للدخول في السياسة الأحادية الموجهة نحو عالم معولم وبث أفكارنا ومعتقداتنا وسهولة معرفتها وفهمها بوضوح .
ثالثًا : بالنسبة للإعلام الدبلوماسي ومدى استخدامه في القطاعات الدبلوماسية :
- اقتراح إستراتيجية إعلامية سريعة ومختصرة تشارك فيها وزارات الخارجية والثقافة والإعلام والتعليم العالي والجهات الأخرى ذات العلاقة : لإعادة صياغة الخارطة الإعلامية ومحاولة النهوض بقطاع الإعلام الداخلي والخارجي ضمن نهج إعلامي متوازن ملتزم بالثوابت للحفاظ على الهوية العربية .
- ربط السفارات العربية في الخارج مع وزارات الإعلام والثقافة : لتزويدها بالمادة الإعلامية من مصادرها الداخلية، والاستفادة من وسائل التقنية الحديثة والانترنت لضمان إيصال الرسالة بكل شفافية ودقة، والتنسيق بين تلك الأجهزة الإعلامية الداخلية المختلفة لتوحيد الخطاب الإعلامي الخارجي .
- تعيين ملحقين إعلاميين مؤهلين ومتخصصين في السفارات، يمكنهم الاضطلاع بمهام الربط الطبيعي بين الإعلام المقروء والمسموع والمرئي والعمل الدبلوماسي .
انظر أيضا: مناقشة الرسالة
اترك رد