إن أرض الهند الخصبة منذ أن طلع فجر الإسلام في ربوعها بتعـاليمه المثالية الغالية ، وتوجيهاته الإنسانية السامية أنجبت كثيرا من العلماء الربانيين في كل فرع من فروع العلم والمعرفة حتى تجاوز عددهم مئات الآلاف فلا تري منطقة من مناطقها إلا وفيها جم غفير منهم، لقد كانوا ولا يزالون يقومون بالدعوة الإسلامية الصحيحة والخدمات الدينية الهامة بحماستهم الإيمانية وعواطفهم الجياشة ، ولكننا نجد من بين هذه الصفوة المختارة من العلماء شخصية فريدة لا نكاد نجد مثيلها علي مر العصور والقرون المتطاولة في الهند وهي شخصية الإصلاحي الهندي الكبير السير سيد أحمد خان – رحمه الله تعالي – وقد كان من عباقر القرن العشرين و هذه هي حقيقة لا يختلف فيها اثنان ، أن شخصية سير سيد أحمد خان رحمه الله ، كانت شخصية علمية ربانية.
هو السيد أحمد خان بن محمد متقي خان من أسرة أرستقراطية نبيلة ولد في مدينة دلهي بالهند في17اكتوبر سنة 1817م وبدأ تعليمه بتعلم مبادئ القراءة والكتابة، وحفظ القرآن الكريم، ثم درس اللغتين الفارسية والعربية، وتعلم الرياضيات ثم تزوج وهو في الثامنة عشرة من عمره ، وتوفي والده وهو في التاسعة عشرة من عمره وترعرع في أسرة شريفة الأصل . و فعلا كان العلامة صاحب مدرسة علمية أدبية فكرية رائدة في الهند لا يزال صداها تعلو في ربوعها وفي باكستان وفي سائر بلاد العالم.
أنه كان يرى العلم و تهذيب النفوس والأخلاق أداة مهمة لحركة الإصلاح الاجتماعي والثقافي في الهند، فآمن بأنهما طريق التحرر والاستقلال، وأخذ على عاتقه النهوض بالمسلمين عبر هذا الباب، وقام بإقامة معهد تعليمي عال لتدريس العلوم الحديثة يتطور مع الأيام إلى جامعة ذات صيت في العالم كله تعيد مجد الحضارة الإسلامية إلى الأذهان، وتخرج أمثال علماء المسلمين الأفذاذ. ونجحت في خلق جيل من المسلمين جديد مثقف ثقافة واسعة مع سعة في العقل وسماحة في الدين؛ وانتشر خريجوها في أقطار الهند يحملون رسالة جامعتهم ويضيئون ما حولهم، وأصبحت كلمة “عليكره” لا تدل فقط على جامعة، وإنما تدل أيضا على نوع من العقلية الراقية، والصبغة الخلقية والاجتماعية الخاصة.
السير سيد أحمد خان وجهوده الإصلاحية في القارة الهندية (1817 – 1898م)
من طرف
الكلمات المفاتيح:
اترك رد