ندوة الأنظمة: حرّية وقيد؟

عنوان الفعالية: ندوة الأنظمة: حرّية وقيد؟ ?Systems: freedom and fetter
التصنيف: ندوة
الجهة المنظمة: جامعة حكومية
تعريف الجهة المنظمة: وحدة البحث: البنية والجمال بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعي بتونس

الإشكالية، الأهداف، المحاور والضوابط:
مفهوم النظام أو القانون أو النموذج مفهوم قديم وعلاقة الممارسين به علاقة متوترة منذ حصول الوعي به. هو من جهة ضرورة إذ الكون الذي نعيش فيه ومنه نكتسب تجاربنا مقنن منظم وعلينا أن نمتثل لأحكامه إن لم نستطع التصرف فيها. والذهن البشري من جهة أخرى منظم أيضا ومبتدع للأنظمة في كل ما يتعلق به من ممارسات وسلوك ابتداء مما هو أقرب إلى الجزء منه إلى ما هو منفصل عنه. وأوّل المتعلقات به اللغةُ. وهي مجموعات من الرموز المحددة العناصر تختص كل جماعة بشرية بمجموعة منها يشغّلها أفرادها على نحو متطابق أو بالأحرى نازع إلى التطابق لتحقيق التواصل.
ولكن عملية التواصل هذه ليست يسيرة في كل حال. وذلك الأمر هو الذي يحدث شعورا لدى المتكلمين بالنوسان بين قطبين متقابلين هما الحريّة التي يوفرها النظام اللغوي للتعبير عن ذواتنا وإيصال ما نبتغي من إلى غيرنا والقيد الذي تكبلنا اللغة به فلا نتمكن مما نريد من المعاني. وذلك عين ما عبّر عنه سابيرعندما قال: “ما اللغة بمفتاح فقد تكون أيضا قيدا.” وفي مجال اللسانيات نشأت نظرية عرفت بنظرية ورف سابير أو فرضيّة ورف سابير ادعت أنّ عقل الإنسان سجين لغته في ما يعبّر عنه من معان. فاللغة حينئذ كالسترة الحديدية تخنق الأنفاس أو القبقاب الصيني يعجن عظام القدم. وقد لا تستطيع جماعة لغوية فهم ما تؤديه جماعة أخرى بلغتها لأنّ نظامها اللغوي هو الذي يقطّع الكون ويموقوله، وليس للمتكلّم إلاّ أن يخضع لسلطته. وقد عبر القدماء عن ريبتهم من اللغة ونعتوها بالعجز عن تبليغ أقصى المقاصد. فحكيم الصين لاو تزو ذهب إلى أن المرتبة الأسمى التي لا يبلغها إلاّ الصفوة تتمثل “في فتح البصائر دونما كلم وجني المنافع دونما حركة.” وذهب أرسطو إلى شيء شبيه بما ذهب إليه لاو تزو عندما قال ” إذا ما عالجنا مشكلا مع جماعة يحصل الخطأ بصورة أسهل مما لو عالجناه منفردين؛ وذلك أنّ النظر فيه مع غيرك يتمّ باعتماد وسيلة الخطاب بينما الفحص الشخصي يكون به وباعتبار الشيء في ذاته بصفة متساوية إن لم يكن الاعتبار فيه مرجحا.” أيكون استجلاء الدماغ الحقائق مباشرة دون لغة أفضل من توسلها باللفظ؟
ذاك شأن اللغة في وظيفتها الأولى. ولكن علاقة الإنسان باللغة أشد تعقيدا. فهو لم يكتف بممارستها لغرض تحقيق التواصل الأولي بل ابتدع أنظمة استعمالية فرعيّة ليس التواصل الحيوي النفعي جوهرها. فاستحدث فنونا من القول كل واحد منها يخضع لنظام فرعي أو شفرة إضافية على حدّ تعبير قرانجي. فكانت الأسجاع وكان الشعر وكانت التراجيديا والمهزلة والخطبة وكانت الخرافة والحكاية والرواية والقصة القصيرة وكانت الحكمة والفلسفة…. ولكل فنّ من هذه الفنون مقومات وخصائص لا يكون إلاّ بها. ولكنّ ممارسي كل فنّ باعتبارهم أفرادا أحرارا مبدعين وبدافع من رغبتهم في امتلاك الأداة امتلاكا فريدا سرعان ما يشعرون بابتذال الواسطة وعجزها عن تبليغ خصوصية رسالتهم فيسعون إلى تجديد قدرات اللون المخصوص على الفعل في السامع، ويجرؤون على مس خصائصه في موضع من المواضع أو أكثر ولو بمجرد الإيهام. من قبيل طالع معلقة عنترة بن شدّاد:
هل غادر الشعراء من متردّم؟
وقد مرت فنون القول كلها وفي الحضارات المختلفة عبر مراحل من البساطة والعفوية إلى الصنعة والتعقيد ومن الوضوح إلى الغموض نتيجة إحساس المبدعين أن اللون الفني وإذ قد جرت به العادة يصير معيقا لرغبة المبدع في التبليغ والتأثير. وقد تبيّن النقاد العرب هذا الأمر وعبّر ابن طباطبا العلوي عن صراع الشاعر مع اللغة ليقوّلها ما لم يقله سابقوه ووصف هذه التجربة بالمحنة فقال: “والمحنة على شعراء زماننا في أشعارهم أشد منها على من كان قبلهم لأنّهم قد سُبقوا إلى كل معنى بديع ولفظ فصيح وحيلة لطيفة وخُلابة ساحرة. فإن أتوا بما يقصر عن معاني أولئك، ولا يربى عليها لم يُتلق بالقبول وكان كالمطّرح المملول.” وجعل حازم القرطاجني الشعراء مراتب أدناها السرقة فالشركة فالاستحقاق وأعلاها الإختراع. وليس من شاعر حق إلاّ متطلع إلى سامي المراتب. وشرط الاختراع هو ابتداع جديد المعاني. وقد عبر الشاعر إليوت عن فكرة المحنة والاختراع عندما نعت تجربة الشاعر بـ “الهجوم على ما لا تفصح عنه عبارة.” وحال الفيلسوف لا تختلف في نظرنا عن حالة الشعراء فهو يمضي في تأمل الكون بعيدا باحثا عن معنى لكل شيء مستعملا أدوات يستعملها عامّة الناس في قومه. فيصطدم بين عموم الاستعمال وخصوصيته.
ولكن ما عسى الحال يكون لو لم يكن للإنسان لغة منطوقة؟ ما عسى يحصل لو كانت هذه العلبة (الدماغ) مغلقة تماما ودون متنفّس أصلا. ألم يقولوا إنّما الإنسان إنسان بلغته. فتكون اللغة بإجماعٍ محررتَنا من الحيوانية. وقد ذهب أحد المفكرين العرب وهو ابن خلدون – متوسلا بالصورة – إلى القول بكون الإنسان دون لغة “كالمقعد الذي يروم النهوض ولا يستطيعه لفقدان القدرة عليه”.
أمّا في غير اللغة فلا يختلف سلوك الإنسان والجماعة عن سلوكهما في مجال اللغة. تبتدع الجماعات أعرافا وشعائر وأنظمة تنتسق فيها حياتها وتتيسّر معاملاتها. نشأت حسب مختلف الجماعات والأماكن والأزمنة أنظمة للولادة والموت والزواج وللتنشئة وللحروب ونشأت ديانات ومعتقدات وفلسفات وتأسست منظومات وأتى على ما سبق منها الزمن فخلفها غيرها لتستمر الحياة وتتيسّر بعد أن اهترأت سابقاتها وصارت معرقلة للوجود. وتبقى قضيّة الحريّة والقيد متعلقا من متعلقات كل نظام.

المحاور:
* القيد والحرية في اللغة
* القيد والحرية في الأشكال الأدبية
* القيد والحرية في الفنون الجميلة
* القيد والحريّة في التفكير الإسلامي والفلسفة

تواريخ البدء و الإنتهاء ومواعيد هامة:

* تاريخ الندوة الأسبوع الثاني من أفريل 2016
* تقبل مقترحات المشاركة ابتداء من شهر نوفمبر 2015
تحميل الاستمارة

المكان، و معلومات الإتصال والتواصل:

كلية العلوم الانسانية والاجتماعية بتونس ( 9 أفريل)

البريد الإلكتروني: [email protected]


نشر منذ

في

,

من طرف

الآراء

اترك رد