نبتغي في هذه الورقة الوقوفَ عند معضلة النشر في المجلات العلمية المحكمة، العقبة الكأداء التي لا بدّ للباحث العربي أن يقتحمها. ليس الغرض من ذلك الانتصار لفئة تجاهر بحنقها تجاه المجلات المحكمة وهيئاتها التحريرية، أو لمؤسسات بحثية لا تستنكف أن تبديَ عجزها عن نشر كل ما يردها من مقالات الباحثين الشباب.
وسنحاول الإشارة ابتداءً إلى أهم الملاحظات التي استقيناها- من خلال بحث في عوالم الشبكة العنكبوتية؛ شبكات التواصل الافتراضي ومنتديات التواصل والاحتكاك المباشر بالباحثين والباحثات بالجامعة- حتى نثير المسألة من جديد، علّنا نبلِّغ عن الباحثين ما في نفوسهم من شكوى، فنبثَّ السادةَ الأفاضل المشرفين على المجلات العلمية المحكمة هموما تخالَجت الباحث على امتداد البلاد العربية.
*****
من أهم الملاحظات التي بلغت درجة الإجماع لدى الباحثين، تأخر الرد على المقالات العلمية التي أرسلت بقصد النشر؛ إذ يطول الأمد على الباحث، مدة قد تتجاوز السنة أحيانا، منتظراً رد المجلة إما بقبول مقاله والوعد بنشره. لتبقى أسباب رفض المقال مبهمة إن رُفض؛ فقلّما يشار إلى مواطن ضعف المقال أو موانع النشر.
أما الوعد بالنشر في المجلات العلمية المحكمة فيظل مسألة غير محسومة قانونيا، في كثير من الجامعات العربية. فهل يمكن الاستعاضة -مؤقتا- عن المقال المنشور بوثيقة الوعد بالنشر، حتى يتم تيسير مناقشة رسالة الدكتوراه لعدد مَهول من الباحثين؟.
كما صار من “الأعراف” العلمية ضرورة وجود علاقات شخصية- تربط الباحث بأحد أعضاء تحرير المجلة، أو بأستاذ مرموق-، علاقات تدفع بالمقال لينشر، أو تسهم في نيله مكانة تزكيه فوق المقالات الأخرى، يجري كل ذلك بعيدا عن التحكيم العلمي الرصين، أو تكافؤ للفرص ينخل الغث من السمين. وربما اضطر الباحث إلى عرض مقاله على مجلات محكمة، تفرض لنشره رسوما باهظة التكلفة، تكون سفينة نجاة للموسر، أما الذي ليس له سداد من عوَز فسبيل الانتظار لا تزال طويلة قدّامه.
وقد تجد حديثا يرقى إلى التواتر، عن أن بعض المجلات المحكمة تخصص مساحات قارة في أعدادها لأعضاء تحرير المجلة، أو لأسماء كتاب محددين. ولا يمكن الجزم بصدق هذا الحديث، مادام الأمر غير مثبت في قواعد النشر الخاصة بكل مجلة. وإن كنا نعلم أن بعض المجلات المحكمة تلتزم ببنود تنسيق مع مراكز ومختبرات بحثية أو جامعية معينة، بغية تيسير مناقشة رسائل الدكتوراه لطلبة هذه المؤسسات العلمية.
*****
ما نفتأ نردد أن غايتنا من هذه الورقة رأب الهوة بين الباحثين الشباب والمجلات العلمية المحكمة. ولئن أشرنا إلى الملاحظات النقدية السالفة، فقصدنا تمام البناء وكماله. ولا ندعي البتة أن ليس فيما يكتبه الباحثون من غلط؛ فثمّ أسباب جمة تسوغ رفض نشر المقالات، منها:
سوء اختيار الموضوع المناسب لاختصاصات المجلة، أو للملفات ذات الأولوية لاهتماماتها؛
ارتكاز الموضوعإلى فرضيات غير محبوكةالبناء أو معلومات إحصائية غير دقيقة، ما يؤثر في نتائج البحث وخلاصاته؛
ضعف البحث في أحد جوانبه الإحصائية أو التحليلية؛
اعتماد مراجع متجاوزة علميا، أو غير معتمدة مرجعيا في المجال العلمي للبحث؛
ضعف البحث في أحد جوانبه الشكلية:
• عدم الاعتناء بالتنظيم الشكلي للبحث؛
• وجود بعض الأخطاء الإملائية أو الأسلوبية…؛
• الخلط بين الأسلوبين العلمي والأدبي في الكتابة؛
• عدم احترام ضوابط الاقتباس العلمي الجيد، مما يزج
بالباحثقسرا في خانة الانتحال والتزوير؛
رجاؤنا أن تبلغ هذه الرسالة مرماها، حتى يسهم كل من موضعه في بناء صرح بحثنا العلمي؛ فالبحث العلمي في بلادنا العربية والإسلامية في مسيس الحاجة، لدعم كل فرد ومؤسسة علمية من بناته. في أفق مستقبل واعد، أساسه العلم وغايته العمل المستشرف لمجتمع المعرفة.
الباحث العربي ومعضلة النشر في المجلات المحكمة
من طرف
الكلمات المفاتيح:
الآراء
-
السلام عليكم ورحمة الله
فعلا هو اشكال نعاني منه مثلنا مثل اي باحث مبتديء، اننا احيانا نجهل معايير القبول التي تعتمد عليها كل مجلة محكمة في اي جامعة جزائرية، او في اي ملتقى رغم انهم يحددونها كتابيا. فلطالما ارسلت مداخلات الى ملتقيات في مدن اخرى ورفضت، فعلى الاقل تكون هناك تغذية عكسية حتى يعدل الباحث في بحثه ويمنهج دراسته باحسن وجه، اننا بحاجة نحن كطلبة او اساتذة الى دعم في البحث العلمي من الخبراء والاساتذة ذوي الكفاءات العالية وتقليص الهوة بين الاساتذة والطلبة لتثمين البحث العلمي -
جزاك الله خيرًا أخي عادل على هذه الكلمة المقتضبة التي تعالج قضية مهمة هي الاهتمام بالبحث العلمي وأهله. نسأل الله أن تجد آذانًا صاغية، وقلوبًا واعية.
-
يبقى هذا الاشكال بمثابة الحاجز الكبير الذي ساهم في احباط جهود الكثير من الباحثين الشباب الذين يرغبون في نشر بحوثهم ونحن لا نعرف لماذا كل هذه الاجراءات البيروقراطية المعقدة والتي للاسف لا توجد الا في المجلات المحكمة الخاصة بالبحوث الادبية والدراسات الانسانية والاجتماعية في حين يجد الكثير من الباحثين في المجالات العلمية والاقتصادية والقانونية كل التسهيلات في نشر بحوثهم.
وهنا لابد ان نفتح قوسا لنتساءل متى يأخذ السادة الاساتذة ورؤساء لجان التحكيم المتعلقة بالمجلات الناطقة بالعربية مسؤوليتهم ويعملون على تشجيع الشباب الباحث واعطاءهم فرصة الحضور في ميدان البحث . -
بارك الله فيكم اخ عادل على هذا الطرح الجريء حول هموم نشر البحوث ، صحيح ان معظم ما تطرقت اليه يحاكي الواقع، بيد ان في الموضوع جنبه وهي ان بعض الباحثين يلجؤون الى الكتابه السطحيه غير المعمقة، وهنا يأتي دور رئيس التحرير في الكشف عن الخلل الموجود من خلال اختيار المقيمين العلميين الأكفاء من جهة، فصلا عن ان هناك بعض من المقيمين العلميين لا يحسنوا قراءة البحث من حيث الفكرة والمحتوى والابتكار والتجديد، ومن ثم يقع ما لا تحمد عقباه وهو رفض البحث، لذا يفضّل رئيس التحرير في كثير من الأحيان الكشف عن المقيمين الذي يحسنون القراءة والنقد في ان واحد من دون مجاملات ومحسوبيات على حساب البحث العلمي ومستواه
مع التقدير
هيثم عبدالله سلمان
رئيس تحرير
مجلة الاقتصادي الخليجي -
هل يمكنني التواصل معكم , و النشر في مجلتكم
-
نعم يمكنكم النشر في مجلتنا ويمكن الرجوع الى روط النشر مع التقدير
-
-
شكرا على إثارتكم هذا الموضوع، ويظلّ الإشكال واقعا وممارسة وربما متعة عند بعضهم..للأسف كلنا نعاني من هذا الوضع المزري الذي يكشف جانبا من أسباب تدني مستوى البحث العلمي في أوطاننا..
..شكرا مرة أخرى، مع تمنياتي لكم بالتوفيق في مشواركم الأكاديمي -
في الحقيقة هناك معضلة فينشر مقالات وبحوث علمية في المجلات المحكمة فهي تتجاوز الشروط المكتوبة في بدايات صفحاتها الى امور اخرى لا علاقة لها بالبحث العلمي …
اترك رد