السياسة الاجتماعية الاستعمارية في ليبيا والمنطقة الشمالية المغربية … عادل الجباري

عادل الجباري - باحث في التاريخ المغربي المقارن الحديث والمعاصر
عادل الجباري – باحث في التاريخ المغربي المقارن الحديث والمعاصر

وجدت إسبانيا نفسها عند احتلال المغرب أمام مجتمع منظم له حضارته الخاصة، ويمتاز بحبه للحرية وتعلقه بالأرض رغم تخلف مستوى النمو الاقتصادي لديه، فتعرض على يد السياسة الإسبانية للتخريب الشامل والتفقير ، فالمجتمع المغربي رغم ما كان يشهده من توترات سواء بين القبائل نفسها ،أو بين القبائل والسلطة من جهة أو بين السلطة والزوايا من جهة أخرى ظل متمسكا بعاداته وارتباطه بالتراب، ويتبين ذلك التلاحم المجتمعي عندما تتعرض البلاد لهجوم خارجي للقوات .
لقد رسم ميكيل مارتين في مقاله “الاستعمار الاسباني بالمغرب 1860-1956” صورة قاتمة عن السياسة الاستعمارية في المنطقة الشمالية المغربية على كافة المستويات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية لكونها طغى عليها البعد الأمني، فقد أدت هذه السياسة إلى تشريد وتفقير عدد كبير من المغاربة واستغلال للطبقة العاملة، و أدرج ميكيل مارتين عدد من الإحصايات تؤكد على فشل السياسة الاجتماعية في المغرب أو ما كان يطلق عليه المستعمرون الإسبان العمل التمديني بالمغرب، فإلى حدود سنة 1956 م، كانت نسبة الأميين بين المغاربة في المنطقة الشمالية تفوق ما كانت عليه سنة 1912م، حيث تجاوزت نسبة الامية 95 في المائة من السكان ووصل عدد التلاميذ المغاربة الذين يتابعون دراستهم في البكالوريا فقط 21 جلهم من أبناء الطبقة البرجوازية المتواطئة مع الاستعمار، وهي نسبة ضعيفة جدا، فقد انعكس سوء الأوضاع الاجتماعية وكثرة الانقلابات وعدم الاستقرر السياسي في إسبانيا على الأوضاع في المنطقة الشمالية المغربية ، ولعل الميزانية التي خصصت للتعليم سنة 1956م تبين مدى محدودية السياسة الاجتماعية في المنطقة الشمالية، حيث لم تتجاوز 21 118 بسيطة .
تميتزت السياسة الإسبانية في المنطقة الشمالية المغربية بعدم الاستقرار، وافتقدت لاستراتيجية واضحة في المنطقة، إلا أن ذلك لم يمنع من بلورة سياسة تتماشى مع تواجدها الاستعماري بالمنطقة، ومن تم ألحقت سياستها الاجتماعية في البداية بالتدخل العسكري، فقد كانت الاوساط العسكرية تدافع عن استباب الأمن والسيطر على المنطقة قبل بدأ سياسة التمدين، وهو ما يتجلى بوضوح في تصريح الكولونيل خوردانا Jordna F.G “إن القيام بإصلاحات مبكرة قبل الأوان، لا يعتبر أمرا مغلوطا ولكنه انتحار..لأن الاعتقاد بالتسيير الحضاري لمنطقة متوحشة وثائرة…هو وهم يدخل في باب الجهل بتفاصيل المشكلة..” .

للاطلاع على النسخة الكاملة


نشر منذ

في

من طرف

الآراء

اترك رد