” حماية المستهلك في مفاوضات الانضمام لمنظمة التجارة العالمية؛
هل نحن بحاجة لقانون دولي جديد لحماية المستهلك؟”
صراع القيّم الوطنية أم صراع المصالح الدولية، هذا الذي تعرفه مفاوضات الانضمام للمنظمة التجارة العالمية؛ فبعد الاستغناء على اتفاقية التعريفة الجمركية والتي تعرف اختصارًا بالاتفاقية الجات، تم إنشاء منظمة التجارة العالمية سنة 1995؛ معلنةً على بداية عهد جديد من العلاقات التجارية والاقتصادية على المستوى الدّولي، فسارعت الدول إلى الانضمام إليها من أجل التمتع بالامتيازات التي تمنحها مقابل جملة من التنازلات وضمن شروط قائمة بالأساس على الفكر الاقتصادي الحر(دعه يعمل؛ دعه يمر) أو النيوإمبريالي كما يذهب إلى ذلك جانب من المحللين الاقتصاديين بعد فشل وزوال المعسكر الشيوعي من المنظور السياسي، أما من الجانب القانوني فالتساؤل الذي يُطرح بشدة؛ ما مدى إلزامية وقانونية هذه الاتفاقيات على المستوى الداخلي وخاصة إذا ما تعارضت مع القواعد القانونية الحمائية أو مع قواعد البوليس كما يذهب إلى ذلك جانب من الكتّاب؟
إن المدلول العام للحماية وكما هو متعارف عليه؛ يتخطّى النص القانوني ليكرّس في الواقع العملي، حيث يُقر التشريع الجزائري على غرار التشريعات المقارنة بحماية المستهلك على اعتبار أنه الحلقة الضعيفة في سلسة المبادلات التجارية، بَيْدَ أن الواقع شئ آخر؛ حيث عرفت الجزائر مثلاً في الفترة الأخيرة موجة من الاضطرابات عرفت في الساحة الإعلامية بثورة السكر والزيت، مما أدى بالدولة الجزائرية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، كما تم إنشاء لجنة تحقيق برلمانية..، ومما يزيد الأمور تعقيدًا هي ظاهرة العولمة وما تفرضه من خلال المنظمات الدولية من قبيل منظمة التجارة الدولية التي تسعى بعض الدول جاهدة للانضمام إليها ومن بينها الجزائر؛ وفق شروط قلّ ما يقال عنها بأنها قاسية في حق الطبقات المتوسطة أو أصحاب الدخل البسيط ذلك أنها تفرض رفع الدعم على المنتوجات الوطنية أو السلع الأساسية، مما يثير تساؤل جوهري مفاده؛ ما هو مركز المستهلك في مفاوضات الانضمام لمنظمة التجارة الدولية؟ هل تنص بنود وشروط الانضمام على حماية المستهلك أو العكس من ذلك؛ هل تفرض قيود على حماية الدول للمستهلك؟ ألا تتعارض مع التشريع الداخلي؟
وبعبارة أوضح: هل تكرس اتفاقيات الانضمام لمنظمة التجارة الدولية الحماية القانونية للمستهلك؟ أو هل الإنسانية بحاجة لقانون دولي جديد لحماية المستهلك في ظل اقتصاديات العولمة ؟
اترك رد