إن دراسة وتدبير الملفات الكبري في حياة الأمم والشعوب يحتاجان إلى التأني والتثبت،وإشراك ذوي الاختصاص من مختلف المشارب والألوان والأجناس،وإلي الابتعاد عن العجلة والتفكير تحت ظروف ضاغطة لا تُمكن من تحقيق التبصر والتبين والفصل في القضايا والمسائل.
فقبل أيام أعلن الموقع الإلكتروني للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في قصاصة إخبارية عن تنظيمه لمؤتمر عالمي حول ميثاق الأسرة من ثالث أبريل إلى السادس منه 2016 ،يُتوج بإصدار ميثاق عالمي للأسرة يُعرض على مجموعة من المنظمات والهيئات العالمية، ولم يُشعر الأعضاء بملابسات التحضير لذلك المؤتمر،ولم يُدعوا إلى المشاركة فيه بأبحاثهم،واكتُفِي بإخبار ودعوة من أراده المشرفون على المؤتمر،بل إن بعض المشاركين – ومنهم مغاربة – تم الاتصال بهم قبل انعقاد المؤتمر بأشهر، وحُددت لهم حتى عناوين وتصاميم البحوث التي ستحظى بالقبول، وهو شكل من أشكال ” المحسوبية” و” الكواليسية” التي لا تليق بأخلاق المفكرين والعلماء والدارسين،ونوع من أنواع الكتمان الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه الذين أوتوا العلم وأمرهم بالبيان،ومن مشمولات البيان الإخبار والإشراك والاستشارة ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيينه للناس ولا تكتمونه)٠
ويعز عليّ أن أقول بعد الاطلاع على الميثاق الذي صدر ” تمخض الجبل فولد فأرا” ميثاق لم يحمل جديدا لا في الشكل ولا في المحتوى ،وكأننا حديثو عهد بالصحوة الإسلامية،كلام إنشائي مُحَلق في الفضاء،ولا حديث عن الجوانب الإجرائية،والمشاكل الواقعية التي يثيرها المخالفون للإسلاميين وهي في كثير منها صحيحة ،ثم إنه ميثاق يصدر في واقع ” اللادولة” أي غياب الدولة الحامية،تلك الدولة الحامية حاضرة بقوة شئنا أم أبينا في المدرسة ” الشيعية”،وكان يكفي لتوفير الكثير من المال، وتجنب الكثير من المشاق، استنساخ مدونة الأحوال الشخصية لبعض الدول الإسلامية،وإضفاء طابع العالمية عليه٠
إن الحاجة ماسة لترشيد عمل الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حتى لا يَحسِبه بعض أعضائه أنه اتحاد عالمي لعلماء الإخوان المسلمين- مع كامل الاحترام لهم والتضامن معهم في محنتهم مع الاستبداد-،وحتى لا يحسب نفسه أيضا اتحادا “لأهل السنة” فقط،وإلا فهي الطائفية البغيضة والمقيتة التي تأكل الأخضر واليابس في عالمنا الإسلامي،وتقسم المقسم منه،وتسفك الدماء،وتزهق الأرواح،وتخرب الربيع العربي،ليتأبد في بلادنا حكم الظلمة الفسدة،ويتربع على عرش الطاووسية العالمية الأمريكان والروس والصهاينة.
اترك رد