الدكتور ميلود مراد: علوم الإعلام والاتصال- جامعة قسنطينة 3
مــــــقـدمـة
في الوقت الذي يستمر فيه تقدم تكنولوجيا المعلومات وازدياد كثافة التدفق المعلوماتي وتعقد النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية في العالم وشعور الأفراد المتزايد بكيانهم الذاتي وفاعليتهم كأفراد في بناء مجتمعاتهم تغيرت النظرة الي تلك المعلومات والتكنولوجيات، وظهر موقف جديد يعبر عن عهد جديد أكثر ايجابية حيث لايكتفي فيه الأفراد والجماعات والمؤسسات بالحصول على المعلومات التي تساعدهم في تحقيق أهدافهم الخاصة ولكنهم يتولون بأنفسهم صنع ابتكار معلومات جديدة والعمل على تداولها ودعوة الآخرين لمناقشتها في حرية ووضوح دون فرض أي قيود لضمان سرية المعلومات وحمايتها لقد أسقطت وسائل الإعلام الجديدة الحواجز بين الشعوب واستعادت البشرية اتصالها المألوف يبعضها وانهارت حواجز الاقتباس والاقتداء والانتقاء والانبهار وانطلقت ثورة المعلومات تؤثر فى من يرغب ومن هو مستعد دون معوقات أو تعقيدات ليصبح هناك حوارا ت وتفاعلات لا تنته ولتصبح الثقافة الإنسانية بوتقة تصهر كافة الثقافات في تفاعل حضار يستمر وهذا ما يسمي بتكنولوجيات الإعلام والاتصال أو ما يصطلح عليه الإعلام الجديد.
وتبعا لطبيعة هذا النظام جعل العالم أمام موضوع اتصالي معلوماتي أكثر أهمية وحداثة. هذا المفهوم أخذ يفرض نفسه بقوةٍ في مستهل القرن الواحد والعشرين الذي يزخر بمتغيرات تمثل ثورة معلوماتية وإعلامية جديدة في عصر جديد مُعولم الأبعاد وقوامه أدوات وتقنيات اتصاليه جديدة.
الخلفية التاريخية لظهور الإعلام الجديد
لطالما أعتبر الإعلام إحدى حقائق الحياة المعاصرة وواحدا من أهم قوي تشكيل السلوكيات والقيم والعلاقات الإنسانية والثقافية بما يبثه من قنواته المتعددة ووسائطه المتنوعة من أفكار وأراء تتسلل في رفق وهوادة الي أذهان الجماهير العريضة فتعمل علي تغيير واقع حياتهم وتغرس فيهم قيم جديدة.
يستأثر الإعلام الجديد بالكثير من الاهتمام من قبل المشتغلين بالإعلام بصفة عامة و أساتذة الإعلام بشكل خاص كمدخل لتساؤلات عديدة هي : هل نعيش حاليا مرحلة الإعلام الجديد ؟ ام ان غيرنا مر بهذه المرحلة مرات عديدة تطبيقا لانتقالات مارشال ماكلوهان في فكرة ” الحتمية التكنولوجية ”، أم أن الإعلام الجديد هو انعكاس لحالة الانقلاب في نظم الاتصال كلها بعد التقاء الكمبيوتر و تكنولوجيا الاتصال ؟.
يرى البعض ان فكرة البحث عن إعلام جديد ليست وليدة التغيير الذي نشهده حاليا في كافة مناحي الحياة فعند انهيار المعسكر الاشتراكي تحدث الناس كثيرا عن النظام العالمي و الإعلامي الجديد، و قد شهدت فترة الحرب الباردة الكثير من الشد و الجذب حول المبادئ الإعلامية التي ينبغي أن تسود في العالم و منها فكرة بناء نظام إعلامي جديد، لكن التقنية تجاوزت هذه الأسئلة دون عودة.
و كما يرتبط النظر في موضوع الإعلام الجديد بالانتقال التكنولوجي ، مثلما حدث بعد ظهور المطبعة التلغراف، الفونغراف، الراديو و التلفاز ثم الانترنت التي قسمها المختصون إلى وسائل و تكنولوجيا تقليدية و أخرى مستحدثة جديدة، فانه أيضا يرتبط بالنظام الإعلامي نفسه، وقد قسمه البعض أيضا إلى نظام جديد و نظام رفضته دول الجنوب التي علت أصواتها لإثبات الاستقلال السياسي بعد التخلص من سيطرة الاستعمار على ارض الواقع.بعد مرحلة الخمسينيات من القرن الماضي، وقد كان القرن العشرين في حالة تباين واسع في النظام الاتصالي بين دول لديها أنظمة اتصال قوية عابرة للحدود و دول بالكاد تستطيع تدبير أمور اتصالاتها محليا، في وقت فيه البعض يؤمن بحرية الاتصال و حق الإنسان به، وفريق أخر يرفضه.
اترك رد