من الشعار إلى الإشهار أو آليات الحرب اللغوية في الصراع الوجودي المعاصر

من القواعد المقررة في علم التداوليات أن الخطابات تستضمر مقاصد في الغالب الأعم غير تلك التي يصرح بها في البنية السطحية للتواصل، وعليه يكون من اللازم التحفظ في النظر إلى كل خطاب ما لم يتضح ويشف عن حقائقه المتوارية والمتحيزة بقصدية المنشئ للخطاب. وإذا سلمنا بأن الحرب في الصراع الوجودي المعاصر لم تعد تقتصر في الحاضر على أسلحة الفتك المادي، بل احتاج مشعلوها إلى أدوات أخرى أدهى وأمر في الإتيان على الجانب النفسي والمعنوي للخصم في هذه الحرب، فقد ظهر أن دهاقنة الحروب الصليبية والصهيونية عمدوا إلى تركيب مقاصدهم التخريبية وتغليف نياتهم الهيمنية في طي أساليب تواصلية لينة من قبيل الشعار المُوَجَه للمعنويات المُقَاوِمَة للتسلط على الأرض والإشهار المُوَجَه للمعنويات المُقَاوِمَة للاستهلاك المدمر للنفس الإنسانية.
ولهذا كان من بين ما سعت إليه الورقة الكشف عن القدرة التدميرية للآليات الجديدة في الصراع الوجودي المعاصر إنطلاقا من تعرية جانبها اللاأخلاقي الذي تستهدف من ورائه شل الكينونة الإنسانية وإفراغها من محتواها الإبداعي لتصير آلة صماء تستهلك وتفتك بجنون مقطوعة عن روحها ورسالتها.لقد حاولت الورقة من خلال استلهام روح الفلسفة المسيرية تبيان استراتيجية هذه الحرب القائمة على ثلاثة أساليب: الأول:التزوير من خلال عملية التهويد الذي يستهدف طمس مكون التاريخ، والثاني من أساليب هذه الاستراتيجية هو ما سمته:التبرير المراوغ من خلال عملية المبادءة بالعدوان الذي يستهدف السكون في كهوف المظلومية الزائفة والالتفاف الأفعواني على مفهوم الحق. والثالث اعتماد عمليات التمرير من خلال بناء شعارات عدائية تستهدف النيل من الخصوم بطريقة تعمل فيها اللغة والصورة.


نشر منذ

في

من طرف

الآراء

  1. الصورة الرمزية لـ أميمة
    أميمة

    أكيد أن الحرب اللغوية ستظل مفتوحة في جميع ميادين الحضارة لأن المجتمعات لا يمكن أن تتنازل عما تراه حقوقا ثابتة..

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: