ندوة آليات الربط بين البحث العلمي والصناعة

بهدف إبراز الاتجاه الوطني والتحول الاقتصادي المعرفي من خلال الربط بين الجامعات والصناعة، أقيمت مساء اليوم الأحد الموافق 29/1/1438 هـ ، ندوة آليات الربط بين البحث العلمي والصناعة، وذلك على هامش الاجتماع الـ22 لرؤساء ومديري الجامعات ومؤسسات التعليم العالي بدول مجلس التعاون ، والذي تنظمه جامعة الملك خالد.

وتهدف الندوة أيضًا إلى التعرف على دور القطاع الحكومي في الربط بين الجامعات والصناعة، واستعراض تجارب الشراكة بين الجامعات والصناعة، كذلك التعرف على أبرز التحديات والمعوقات التي تواجه هذه الشراكة وسبل حلها، إضافة الى التعرف على أدوار الجامعات في تهيئة الخريجين وفق متطلبات سوق العمل والصناعة.

من جهته، ناقش وكيل جامعة الملك خالد للتطوير والجودة الدكتور أحمد الجبيلي أولى محاور الندوة، والمتمثل في تهيئة مخرجات الجامعات وفق متطلبات سوق العمل والصناعة، بورقة عمل تحدث فيها عن إستراتيجية مقترحة للربط بين مخرجات الجامعات واحتياجات سوق العمل والصناعة، والتي خلصت إلى عدد من النقاط، أبرزها أن المواءمة بين مخرجات النظام التعليمي – لاسيما مرحلة التعليم الجامعي – واحتياجات سوق العمل تعد من الضرورات القصوى والأولويات المتقدمة التي تسهم في تحقيق أهداف النظام التعليمي، والتنمية الشاملة، والإسهام في تحقيق رؤية 2030، إضافة الى أنه يجب النظر إلى القابلية للتوظف (Employability) باعتبارها إحدى مكونات منظومة متكاملة تضم توجيه مسيرة الحياة المهنية (Carrier guidance)، وريادة الأعمال (Entrepreneurship)، وتهدف جميعها لمواءمة مخرجات التعلم مع احتياجات سوق العمل، وتنمية كفايات التوظف ومهاراتها ليست مسؤولية المؤسسات التعليمية وحدها، إضافة الى أن البرامج الأكاديمية والمقررات الدراسية الحالية تضم بالفعل في مكوناتها بعض مقومات التوظف ؛ ولكنها بصورة غير محددة، ومعلنة، ولا يتم تقويمها، أو تقدير كفاءتها وكفايتها، وضرورة اهتمام المؤسسات التعليمية بمفاهيم التعلم المبني على العمل، وتوفير مدىً متنوعٍ من الفرص الكافية والمناسبة لطلابها مثل : الأنشطة الصفية، واللاصفية والميدانية، إضافة الى أنه تم تصميم الإستراتيجية والنماذج المقترحة بصورة مرنة تسمح بتطويرها وتعديلها بما يتناسب مع طبيعة مقومات التوظف المستهدفة من كل مؤسسة تعليمية جهة، ومع واقع هذه المؤسسة وطبيعتها .

وفي المحور الثاني دور القطاع الحكومي ممثلاً في وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في ربط الصناعة والجامعات، حيث قدَّم وكيل وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس صالح السلمي ورقة علمية تحدث فيها عن الرؤية الإستراتيجية لوزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية لتحقيق الرؤية الطموحة للمملكة العربية السعودية 2030 في مجال الصناعة، والدور الذي قامت به وكالة الوزارة لشؤون الصناعة – خلال العامين الماضيين – لتشجيع استثمار البحث العلمي في الصناعة من خلال4 محاور شملت اتفاقيات التعاون الصناعي مع بلدان العالم، والتواصل مع الجامعات السعودية، ومبادرات التنمية الصناعية والتطوير في وكالة الصناعة، إضافة إلى محور مشاركة الوكالة مع الهيئات الحكومية الأخرى في الاجتماعات الدولية في هذا الجانب.

ورصدت ورقة العمل أيضًا أبرز النماذج العالمية الناجحة في أهمية دور البحث العلمي في التقدم الصناعي ، وآلية التعاون بينهما في عدد من بلدان العالم. وختامًا، أبرزت المحاضر أهم إحصائيات النشاط الصناعي في المملكة العربية السعودية ، ومدى حجم الاستثمار الصناعي في مختلف مناطق المملكة.

بدوره قدَّم الدكتور عمرو العمري من وكالة شؤون التنمية القطاعية بوزارة الاقتصاد والتخطيط، في محور التحول إلى الاقتصاد المعرفي من خلال الربط بين الجامعات والصناعة، ورقة عمل بعنوان : رؤية 2030 والتحول إلى مجتمع معرفي، استعرض من خلالها جهود المملكة العربية السعودية – بشكل عام – في دعم التحول إلى مجتمع معرفي ؛ وذلك بدراسة الخطط والإستراتيجيات الوطنية، تحديدًا باستعراض ما يتعلق بالبحث العلمي والصناعة في الخطط الخمسية للمملكة العربية السعودية، مرورًا بالخطة الوطنية للعلوم والتقنية والابتكار (معرفة 1)، والإستراتيجية الوطنية للصناعة، وجهود التحول إلى مجتمع معرفي.

وركز النصف الثاني من المحاضرة على استعراض نظرة عامة للسلسلة القيمية لمنظومة البحث العلمي في المملكة، ونتائج البحث العلمي في المملكة والوضع الراهن، مع شرح التحديات والمزايا والاحتياجات التي تواجهها السلسلة القيمية للبحث العلمي لتحويلها إلى مخرجات صناعية، وذلك بدراسة : المدخلات والمخرجات ، والنتائج والتأثير. تختتم هذه المحاضرة بمناقشة ما هو متوقع لتحقيق رؤية 2030 ، وزيادة الشراكة بين البحث العلمي والصناعة في المملكة العربية السعودية.

وقدَّم عميد البحث العلمي بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الأستاذ الدكتور ناصر العقيلي ورقة عمل تحدث فيها عن المنظومة المتكاملة للبحث العلمي والابتكار في الجامعات ( فرص النجاح الأقرب لتحقيق رؤية المملكة )، وذلك في ثالث محاور الندوة والمتمثل في التحول إلى الاقتصاد المعرفي من خلال الربط بين الجامعات والصناعة.

وأشار فيها إلى أنه منذ نشأة المجتمعات المدنية وبداية تطورها ونموها برزت مكانة الجامعات فيها ، منها : أماكن لإنتاج المعرفة ونشرها من خلال البحث العلمي الرصين، فالجامعات تعد شريكًا رئيسًا للتنمية المجتمعية ، والاهتمام ببنائها ، والارتقاء بها أصبح أحد أهم معايير تقدم المجتمعات والأمم بشكل عام. وتحوي الجامعات عناصر تؤهلها للاضطلاع بالدور البحثي المنشود ، ودفع عجلة التقدم في المجتمع حيث تتوافر فيها أفضل العقول القادرة على البحث والفهم والإبداع – متمثلةً في الأساتذة والباحثين – وأفضل المواهب من الطلبة الذين يتوقون للتعلم والمساهمة الفاعلة ببناء مجتمعاتهم. ومؤكدًا أنه مع توافر هذه العناصر أصبح من الطبيعي أن نرى أن الجامعات تقوم بفهم وحل الكثير من التحديات التي تواجه الأمم والانطلاق بالمجتمعات الى آفاق جديدة، وفي وقتنا الحاضر تُصنف الجامعات – بحسب كثافة – أعمالها البحثية حيث وصلت في بعض الأحيان أن تكون هناك جامعات بحثية فقط. وبالطبع فعند توافر الدعم المطلوب والبنية التحتية المساعدة على القيام بالبحث العلمي والعقول المتميزة ؛ فإن من المهم أن تقوم الجامعات بوضع إستراتيجيات مُحكمة لاستتخدام هذه المعطيات وتوجيهها في الطريق الصحيح. مشيرًا إلى أن الجامعات تنشئ تحالفات للارتقاء بنتاجها ، ومن أهمها التحالفات مع الصناعة لأداء دور مهم في تقديم خدمات قيّمة للمؤسسات الصناعية والمساهمة في التحول الاقتصادي.

وأوضح أنه يمكن للجامعة أن تتعاون مع الصناعة من خلال الأعمال الاستشارية البحثية ، والتي تغطي جانبًا مباشرًا للحاجات الصناعية، حيث إن كثيرًا من التحديات الصناعية تجد الحلول لها في معامل الجامعات، وبهذا تساهم الجامعات مباشرةً في دعم الصناعة والارتقاء بها. ويعد ما سبق من الأدوار الكلاسيكية والنمطية للعلاقة بين الجامعات والصناعة ، ولكن في الفترة الأخيرة برز دور مختلف للجامعات في تعاونها مع الصناعة، مبينًا أن هذا الدور يأتي من خلال دفع عجلة التحول الاقتصادي من خلال تقديم ابتكارات وتقنيات يمكن أن تغير وجه الصناعات التقليدية، وبهذا تغيرت طبيعة العلاقة بين الجامعات والمؤسسات الصناعية ، وبدأت تظهر الكثير من التقنيات التي غيرت وجه الكثير من الصناعات ، وقدمت خيارات اقتصادية مثيرة للكثير من الحكومات، مما دفعها لدعمها والاستثمار فيها. مشيرًا إلى أن التحدي في الجامعات السعودية يكمن في قدرتها على المساهمة الفاعلة في إنتاج اقتصادات جديدة، وخلق فرص استثمارية واعدة تمكَّن المملكة من تنفيذ برامجها التحولية ، وتحقيق رؤيتها الملهمة. وتعرض في المحاضرة إلى المتطلبات الأساسية التي يجب توافرها في الجامعات لتتمكن من المساهمة الفاعلة في خلق اقتصاديات جديدة، وذلك من خلال التأسيس لمنظومة متكاملة من البحث ، والابتكار ، وريادة الأعمال، لأن هذه المنظومة يمكن تسميتها بالنظام البيئي للابتكار في الجامعات – (Innovation Ecosystem) ، وعرض بعض الأمثلة من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن لتعزيز هذه الفكرة ، وإيضاحها للحضور.

كما شارك في الندوة نائب الرئيس التنفيذي للخدمات المشتركة بشركة سابك المهندس عوض آل ماكر في المحور الرابع “تجارب الجامعات والجهات البحثية مع القطاع الصناعي”، بورقة عمل بعنوان : النظرة الشمولية للابتكار ومدى مساهمته في تحفيز التنمية في الوقت الحالي وفقًا لخطة 2030، قام من خلالها بالتعريف بدور الابتكار في رؤية المملكة 2030، مع تحليل لبعض العوامل اللازمة لتحقيق هذه الرؤية، والتي تتضمن الفرص المتاحة من جهة ، والتحديات التي تواجه الابتكار في بيئة المملكة من جهة أخرى.

وأشار آل ماكر إلى بعض الاحتياجات المستقبلية لمجتمع المملكة، حيث سيحتاج مجتمع المملكة إلى بناء أكثر من مليون مسكن بنهاية العام 2021 نظرًا لأن الطاقة المستهلكة في تكييف المباني بالمملكة تبلغ 70% من الطاقة الإجمالية. كما أوضح أن المملكة تخطط لتصنيع نصف مليون مركبة بنهاية عام 2030. مشيرًا إلى أن كل هذه الاحتياجات تتطلب بذل الجهود بتقديم ابتكارات نوعية، وتضمنت أيضًا الندوة مفهوم البحث العلمي الفعال ، والذي يسهم في تحقيق رؤية المملكة، حيث من شأنه تطوير التقنية والتسويق ، والذي سيترك أثرًا فعالاً في مجتمع المملكة من حيث زيادة الأرباح ، وتوفير فرص عمل أكثر ، وزيادة الدخل للموظفين مع زيادة الإنتاجية.

وفي الصعيد ذاته استعرضت الندوة متطلبات الابتكار من حيث الكادر البشري ، ورأس المال ، والبنية التحتية ، وكفاءة وسائل التواصل، كما ناقشت العلاقة بين مراحل الابتكار والموارد اللازم توافرها لتحقيق الأهداف المنشودة.

وأبرز آل ماكر دور الجامعات تجاه الابتكار ، وتنمية المجتمع ، والاقتصاد، والتحديات التي تواجه الجامعات في تحقيق دورها في هذا الشأن، وعرض إحصائيات عن الابتكارات في العالم وربطها بالجامعات، وفي هذا الشأن تمت مناقشة أسباب النجاح التي تسهم في قيام الجامعات بدورها تجاه الابتكارات الفعالة.

أخيرًا، قدَّم أستاذ الكيمياء غير العضوية المشارك بجامعة الدمام الأستاذ الدكتور أحمد سليمان ورقته حملت عنوان : الشراكة بين البحث العلمي والصناعة – التحديات والمعوقات وأفضل الممارسات، وذلك في محور التحديات والمعوقات التي تواجَّه الشراكة بين الجامعات ، والصناعة ، وسبل حلها.

وأشار فيها إلى أن ارتباط البحث العلمي بمتطلبات التنمية في المجتمع في مجالات الصناعة والزراعة والخدمات ، وغيرها يعد أحد المرتكزات الأساسية للتنمية والتقدم في عصرنا هذا الذي يحتل فيه البحث العلمي مكانةً كبيرةً في النواحي المختلفة، مؤكدًا أنه انطلاق من أهمية العلاقة والشراكة القوية بين البحوث والدراسات الجامعية وقطاع الصناعة، فإنه من الضروري طرح الأساس المنطقي للشراكة والمعوقات ، وأفضل السبل لتفعيل هذه الشراكة ، وبعض النماذج العالمية الناجحة، وقدمت الورقة دراسة مختصرة للشراكة على محاور الأساس المنطقي، وآليات الشراكة بين البحث العلمي في الجامعات والصناعة، وقياس القيمة وتحقيقها، وتحليل الوضع الراهن، ومعوقات الشراكة ، وأفضل الممارسات ، ومقومات النجاح ، ونماذج الشراكة المطبقة عالميًا.


نشر منذ

في

,

من طرف

الآراء

رد واحد على “ندوة آليات الربط بين البحث العلمي والصناعة”

  1. الصورة الرمزية لـ الدكتور أدم شدني جوليد
    الدكتور أدم شدني جوليد

    حقيقة مثل هذه الندوة والبحوث المصاحبة هو نهج حضاري، وانتشار هذا النهج في العالم العربي والاسلامي قد يساهم بمواجة البطالة المنتشرة في بعض البلدان العربية لدى الخريجين من الجامعات

اترك رد