د. ليليا شاوي: كلية علوم الإعلام والاتصال -جامعة الجزائر3
ملخص:
من الحقائق الواضحة أنّ الجمهور من أهم المتغيرات في عملية الاتصال، فإذا لم يكن لدى القائم بالاتصال فكرة جيدة عن طبيعة الجمهور وخصائصه، فسوف يحد ذلك من مقدرته على التّأثير فيه، وإقناعه مهما كانت الرسالة معدة إعدادا جيداً، ومهما أحسن اختيار القائم بالاتصال والوسيلة، فهناك العديد من المتغيرات التّي تؤثر على المضمون: خلفية المتلقي وتجاربه السابقة وعواطفه وتعليمه وجنسه وسنه وشخصيته، مجموع هذه المتغيرات تجعل دراسة التّلقي مهمة لأنّ الجمهور هو الهدف الأساسي الّذي يسعى القائم بالاتصال إلى الوصول إليه والتّأثير فيه.
ومن هنا سنحاول من خلال هذه المداخلة إعطاء مشهد علمي حول مقاربة التّلقــــــــي والتّأويـــــل ودورها في التعرف على جمهور وسائل الإعلام من خلال معالجتنا للعناصر التالية:
1- الكلمات المفتاحية( فعل التــــّـــــــلقي ، فعل التّأويــــــــــل).
2- فعــــــــل التّلـــــــــــــــــــقي ونظريتــــــــــــــــــــــــــــــــــه.
3-مفاهيم الجمهور الحديثة من خلال نظرية التّلقي.
4-فعـــــــــــــل التّأويـــــــــل وبنـــــاء المعــــــــــــــاني.
5-علاقة نظرية التّلقي بنظريات الاتصال.
6-الجمــــــــــهور الجزائـــــــــــــري وأنمـــــــــاط تلقــــــــــــــيه.
مقدمة:
إنّ التحدث عن الإعلام من زاوية الوسائل وحدها أو من زاوية العملية الإعلامية معزولة عن الإطار الاجتماعي والثقافي لا يمكن أن يؤدي إلاّ إلى طريق مسدود، فوسائل الإعلام تحتاج إلى جمهور من المتلقيين حتى يكون للمادة الإعلامية التي تبثها وتنشرها فائدة وفعالية، ووسائل الإعلام تتأثر بجمهورها كما تؤثر فيها ويتميز جمهورها بالتباين والتعارض الاجتماعي والاقتصادي، وفي الخصائص السيكولوجية لذلك فعلى القائم بالاتصال معرفة الجمهور الذي يتعامل معه لأنّ الفهم الدقيق لجمهورها هو أوّل مهام العمل الإعلامي، لذلك فالسؤال الذي يطرح نفسه علينا هنا: كيف يمكن التعرف على جمهور وسائل الإعلام؟ وما هو دور مقاربة التلقي والتأويل في ذلك؟
1- الكلمات المفتاحية( فعل التــــّـــــــلقي ، فعل التّأويــــــــــل).
أ-فــــعل التــــّـــــــلقي:
ترتبط عملية التّلقي بإرسال القائم بالاتصال لفكرة أو معلومة تثير انتباهه، ففعل التّلقي يعني استقبال الجمهور للرسالة الإعلامية من خلال وسيلة جماهيرية، والأساس في عملية التّلقي هو العمل الّذي يقوم به المتلقي تجاه ما يراه أو يقرأه أو يسمعه، ففي كل عمل يربط المتلقي بين مرجعه الخاص، وبين العالم الوهمي الّذي يتضمنه النص وبين واقعه ، فالمتلقي هو الجهة المستقبلة للرسالة، وقد يكون فردا أو جماعة ، ومن هنا يمكن تقسيم التّلقي إلى نوعين:
*التلقي المباشر: أين تنساب الرسائل من الوسيلة المادية إلى الحواس البشرية بصورة مباشرة، حيث يعمل المتلقي على الحصول على حاجاته وإشباع رغباته من الترفيه والإعلام والتوجيه والتثقيف وذلك توافقا مع رغباتهم وميولهم وقدراتهم اللغوية والدلالية التي تسمح بفك الترميز.
*التلقي الغير مباشر: نقل الرسائل وتفسيرها للآخرين، بشكل غير محسوس أي عن طريق وسطاء وفق نظريات التأثير الغير مباشر.
ب -فعل التّأويل:
لا يمكن أن يكون هناك تأويل إلاّ إذا كان هناك أثر أو تأثير تترك وسائل الإعلام في المتلقي، ويمكن فهم التأثير والأثر من خلال ضبط مفهوم المصطلحين فيما يلي:
1- التأثير: هو”العملية التّي يقوم من خلالها الأفراد بتبني فكرة مستحدثة معينة في تنظيم اجتماعي معين بالتّأثير في غيرهم ممن لم يتسن لهم بعد الإيمان بالفكرة” ، كما يعرف بشكل عام على أنّه:”بعض التغيير الّذي يطرأ على مستقبل الرسالة كفرد، فقد تلفت الرسالة انتباهه ويدركها وقد تضيف إلى معلوماته معلومات جديدة، وقد تجعله يكوّن اتجاهات جديدة أو يعدّل سلوكه السابق فهناك مستويات عديدة للتّأثير، ابتداءا من الاهتمام إلى حدوث تدعيم داخلي للاتجاهات إلى حدوث تغيير على تلك الاتجاهات ثمّ في النهاية إقدام الفرد على سلوك علني ، والتّأثير هو ما يمكن يحدث من تغيير في المواقف والسّلوكيات والآراء والمعلومات والمعتقدات من جراء انتقال الرسالة الإعلامية إلى المتلقي، فالرسالة الإعلامية قد تلفت انتباه المتلقي فيدركها، وقد تضيف إلى معلوماته معلومات جديدة، أو يعدّل من اتجاهاته السابقة وقد تجعله يتصرف بطريقة جديدة أو يعدّل سلوكه السابق ، وتأييدا لما جاء به السّعيد بومعيزة حين تطرق لدّراسة الأثر دون التأثير في أطروحته –تناولت دراسة الأثر-باعتبار هذا الأخير مازال يطرح مشاكل في ميادين بحوث الإعلام نظرا لصعوبة قياس طبيعته ودرجته وتحديد مصدره بالضبط ، إضافة إلى أنّ التّأثير يقتضي دراسته كعملية، أي متابعة إرسال الرسالة ووصولها ومن ثم ملاحظة الأثر المترتب عن ذلك ولدراسته يجب الاستعانة بالمنهج التجريبي(التجربة).
-مفهـــــــوم التّأويــــــــــل واستعـــــــــــمالاته:
إنّ مفهوم التّأويل شديد الارتباط بالتصور الّذي نملكه للدلالة وعن شروط وجودها وأشكال تحققها فالمعطيات الأولية في مجال اللّسان تشير إلى أنّ الكلمة لا تقف عند حدود التعيين لمرجع محايد مستقل، وتشمل كلمة تأويل على مجموعة من السّياقات المحتملة ، ولقد أصبح التّأويل نشاطا ضروريا تستند إليه كل العلوم الإنسانية من أجل فهم أكثر للتراث الإنساني قديمه وحديثة.
اترك رد