سليمان أحمد أبو ستة: باحث في التراث العربي – المملكة العربية السعودية
الملخص
ألف سيبويه في القوافي كتابا قرأه الأخفش عليه، وورد ذكره في كتب علماء منذ القرن الخامس الهجري وحتى القرن الثالث عشر، إلا أنه اختفى في القرن الأخير ولم يظهر نصه إلا مؤخرا في كتاب الفصوص لصاعد الربعي، ولكن منسوبا للمازني. وكان ابن عبد ربه قد ضمن كتابه العقد الفريد كتابا أسماه علل القوافي نسب فقرتين منه إلى سيبويه، ولم يدر في خلد أحد منذ ذاك التاريخ إلى يومنا هذا، أن ذلك الكتاب ليس إلا كتاب القوافي لسيبويه، الأمر الذي استلزم القيام بإجراء مقارنة بين الكتابين تبين منها أن ابن عبد ربه نقل هذا الكتاب إلى عقده نقلا مهذبا حور فيه اسم الكتاب، ولكن لم يذكر مصنفه صراحة، مما يوهم بأنه من تأليفه لا تهذيبه .
وهذا البحث يسعى، من خلال افتراض علاقة التهذيب هذه، إلى أن يثبت صحة نسبة الكتاب إلى سيبويه أولا، وإلى أن الكتاب الوارد نصه في كتاب الفصوص هو النص الأصلي تقريبا لكتاب سيبويه في القوافي الذي ظل مفقودا حتى هذه اللحظة.
المقدمة
يعد تهذيب الكتب من الأنشطة العلمية التي اهتم بها العلماء المسلمون عندما ازدهرت حركة التأليف في أواخر القرن الثاني الهجري. وربما كان الأخفش الأوسط (ت 216 ه)، بتأليفه كتاب معاني القرآن، أول من ابتدأ هذا النشاط حين وضعه تهذيبا لكتاب مجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى، فقد جاء في طبقات النحويين واللغويين للزبيدي قوله: قال أبو حاتم: “كان الأخفش قد أخذ كتاب أبي عبيدة في القرآن، فأسقط منه شيئا وزاد شيئا، وأبدل منه شيئا. قال أبو حاتم: فقلت له: أي شيء هذا الذي تصنع؟ من أعرف بالغريب، أنت أو أبو عبيدة؟ فقال: أبو عبيدة، فقلت: هذا الذي تصنع ليس بشيء، فقال: الكتاب لمن أصلحه، وليس لمن أفسده” .
ويتفق المعنى المعجمي لكلمة التهذيب مع قول الأخفش هذا، حيث جاء في المعجم الوسيط، قوله: “هذب الكتاب: لخصه وحذف ما فيه من إضافات مقحمة أو غير لازمة” . وكذلك يتفق مع ما قصده ابن عبد ربه (ت 328 ه) بالاختيار وحسن الاختصار في مقدمة تأليفه لكتاب العقد الفريد، عندما قال: “وقد ألفت هذا الكتاب وتخيرت جواهره من متخير جواهر الأدب، ومحصول جوامع البيان، فكان جوهر الجواهر ولباب اللباب وإن مالي فيه هو تأليف الاختيار، وحسن الاختصار، وفرش لدرر كل كتاب، وما سواه مأخوذ من أفواه العلماء، ومأثور عن الحكماء والإدباء. واختيار الكلام أصعب من تأليفه، وقد قالوا: اختيار الرجل وافد عقله “.
لكن الأخفش وابن عبد ربه لم يذكرا فيما وضعاه من عناوين لكتبهم المنقولة مصطلح التهذيب صراحة، مع أن كتب العقد كلها تعد مهذبة في نقلها. وسوف ندلل على ذلك بمثال واحد منها هو كتاب علل القوافي ، وهو الجزء الثاني من كتاب الجوهرة الثانية في أعاريض الشعر وعلل القوافي بالعقد الفريد. كما سنلاحظ في مناقشتنا لهذا الكتاب قربه من أكثر مناهج التهذيب تطورا، والبالغة قمة نضجها عند التبريزي (ت 502 ه) بتأسيسه للمنهج التكاملي في أواخر القرن الخامس الهجري، حيث رأينا له أكبر عدد من الكتب المهذبة نحو تهذيب إصلاح المنطق لابن السكيت وغير ذلك من التهذيبات والشروح اللغوية المختلفة .
أهمية البحث والهدف منه
تكمن أهمية البحث والهدف منه في محاولة التعرف على منهج قديم من مناهج التهذيب واستغلاله في الكشف عن صلة بعض الكتب ببعضها الآخر الذي ظل مفقودا قرونا طوالا، مما يوفر للباحث نسخة إضافية لأثر كان يعد نادرا، وهو ما يتجلى أثره في تحقيق الكتب وتأكيد صحتها.
الدراسات السابقة
لقد سبق وأن تناول موضوع كتاب القوافي لسيبويه باحثان على قدر من الكفاءة التي تؤهلهما للخوض في هذا الموضوع الشائك. فلا شك أن الفكرة التي كانت مهيمنة في الاتجاه البحثي السائد هي أن سيبويه لم يضع إلا كتابا واحدا في النحو، وهو ما سمي بالكتاب. والباحث الأول الذي تصدى لتلك المهمة هو الدكتور سيف العريفي في بحثه الموسوم بكتاب القوافي لسيبويه- حديث النسبة ودراسة المأثور. وقد استعرض في بحثه جميع النقول التي تعرضت لهذه القضية، كما أنه خلص بنتيجة مفادها صحة نسبة كتاب القوافي هذا إليه. وأما هذا البحث فإنه يسير قدما مع بحث الدكتور العريفي، إلا أنه يفترق عنه في محاولته إثبات أن كتاب القوافي لسيبويه، الذي ظل يبحث عنه، كان دوما ماثلا للعيان بين يديه، لم يغيبه عنه إلا تأثير محقق كتاب الفصوص عليه، في نسبته كتاب القوافي وعللها إلى المازني، وهو تأثير ناتج عن شدة الوهم كما سنرى في هذه الدراسة.
والأمر عينه يمكن أن يقال عن الباحث الثاني الذي أعاد نشر كتاب القوافي وعللها للمازني مستقلا في نشرة خاصة بمجلة الثقافة والتراث، وقد تلا هذه الإعادة نشره لبحث بعنوان “حول كتاب القوافي لسيبويه”، قبل وفاته رحمه الله، تناول فيه كثيرا من النقول التي درسها الدكتور العريفي، وزاد عليه بوقوفه على كتاب “قطف الثمر في رفع أسانيد المصنفات في الفنون والأثر” للإمام صالح الفلاني الذي تتبع فيه سند رواية الكتاب، وقال : “ثم اختفى ذكر كتاب القوافي لسيبويه والنقل عنه في مصنفات العلماء، حتى القرن الثالث عشر الهجري حين وجدنا الإمام صالح بن محمد الفلاني المتوفى سنة 1218 هجرية يصرح في كتابه “قطف الثمر” بامتلاك كتاب القوافي لسيبويه وقراءته على شيخه محمد بن سنة بسلسلة من السند ترتد إلى أبي علي الفارسي عن ابن السراج عن أبي العباس المبرد بقراءته عن أبي عمر الجرمي عن أبي بكر المازني اللذين قالا: أخذنا به عن أبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش عن مؤلفه أبي بشر عمرو بن عثمان سيبويه رحمه الله”.
ويتألف هذا البحث من فصلين غير المقدمة والخاتمة، تناولت في الفصل الأول منهما توثيق نسبة كتاب القوافي وعللها لسيبويه، مستندا في ذلك إلى النقول التي أوردها علماء ما بين القرنين الثامن وحتى الثالث عشر الهجريين.
ثم تناولت في الفصل الثاني منهج ابن عبد ربه في تهذيب كتاب القوافي وعللها لسيبويه، متتبعا فيه خطوط هذا البحث العريضة في خطتيهما، ومن ثم أنهيت البحث بخاتمة ذكرت فيها مختلف النتائج المستخلصة منه.
الفصل الأول: توثيق نسبة كتاب القوافي وعللها لسيبويه
قال صاعد الربعي في مستهل تقديمه لهذا الكتاب: “غير أني وجدت بخط المبرد من هذا الفن كتابا نقله عن خط المازني وفيه من أسرار علم القوافي ما لم يتضمنه كتاب على وجهه: بسم الله الرحمن الرحيم
هذا كتاب القوافي وعللها …”
ثم شرع في رواية الكتاب، معتمدا على ذاكرته وحدها، حتى انقضائه.
ولو أن صاعدا في هذا التقديم زاد بعد قوله “عن خط المازني” قوله: (عن الأخفش عن سيبويه، مؤلفه)، لاكتمل له توثيق نسبة الكتاب بما يتطابق مع الإسناد الذي ورد في كتاب قطف الثمر المذكور بأعلاه. وكان صاعد قد حدثنا عن الحال الذي آلت إليه مصادره في تأليف كتاب الفصوص، وما جرى لها من فقد وضياع، فقال: “ووجدت في كتب الخلافة التي خرجت في نهب دار المقتدر، بخط الأصمعي والفراء وأبي زيد وابن السكيت وابن الأعرابي وإسحاق بن إبراهيم الموصلي وأبوي العباس المبرد وثعلب وغيرهم عيونا من علم العرب لم يصنف في شيء من الكتب ضنا بها واختصاصا بحسنها. فنقلت منها بخطي موفيا على ثلاثة آلاف ورقة، وحفظت أكثرها اغتباطا بها وإعجابا ببديعتها. ورزئت كتبي في الحادثة التي نشأت بين الوزير وصاحب بغداد، فخرجت عنها ولم تقلني أرض … “.
فهل يمكننا الاعتماد على ذاكرة صاعد وحدها، مهما بلغت من القوة، في توثيق هذه المعلومات الوفيرة أن تبقى محتفظا بها بلا سقط ولا نسيان، وخاصة بعد حادثة الرزء هذه؟!
وأعاد صاعد في نهاية الكتاب ما قاله في بدايته، قال: “هذا ما نقلته من خط المبرد، وكتبه هو من خط المازني” .
وكان قد نقل قول المبرد: “آخر كتاب سهكل”، ليعرفنا بعد ذلك بأن المازني “كان يلقب بسهكل ويلقب المبرد حابان، وثعلب عوهم”. وإذا كانت عبارة (كتابا نقله عن خط المازني) لا تحتمل معنى أكثر من مجرد كون المازني ناسخا للكتاب، وليس مصنفا له، فإن عبارة (كتاب سهكل) ذاتها، تحتمل هنا معنيين اثنين لا ثالث لهما، الأول: الكتاب الذي ألفه سهكل، والثاني: الكتاب الذي كتبه المازني بخط يده، وهو معروف لأنه أيضا نقل ، هو والجرمي ، كتاب سيبويه عن الأخفش.
ونسبة الاحتمال بين المعنيين متساوية، فلماذا إذن تعجل المحقق في اعتماد المعنى الأول ضاربا عرض الحائط بالمعنى الثاني، ولماذا لم يخطر بباله حتى مجرد مناقشة هذين الاحتمالين معا، قبل أن يخط بقلمه في فهرس كتابه العنوان التالي: كتاب القوافي وعللها للمازني؟
ونحن هنا نحاول أن نلتمس العذر لصاحب الفصوص في أنه لا يحتاج إلى ذكر قائل معين للكتاب استنادا إلى معرفته العميقة بخطوط العلماء، وإن كنا لا نعلم من صاعد أي محاولة جادة له في مقابلة نص كتاب المبرد على كتاب المازني، إن كان ذلك متاحا له حقا حين كان قيما على “خزانة الكتب التي ولاه إياها الوزير أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف فأصاب فيها خطوط العلماء وأصولها التي استأثروا بها لأنفسهم دون الناس”. هذا إذا صادف أن كانت الخزانة تشتمل على كتاب المازني أيضا. وهذه المحاولة لالتماس عذر ما لصاعد في عدم ذكره لمصنف الكتاب أقدمنا عليها تحرزا من مغبة اتهامه بالتدليس في إخفاء اسم القائل الحقيقي لنص الكتاب.
إن ما جعلنا نقلب هذا الموضوع من جميع نواحيه للوصول إلى عبارة معقولة من نحو (قال المصنف) ثم ذكر اسمه صراحة ما وجدناه عند صاعد بعد انتهائه من نقل (كتاب سهكل)، من استمرار في النقل ولكن من كتاب آخر بخط المازني، وهو كتاب أبي جعفر أحمد بن فورك الذي لم أقف له على ترجمة ولم نعلم من جهوده سوى أنه أحد رواة حديث القهقهة في الصلاة . فبهذا على الأقل علمنا أنه كان صاحب علم في القافية بفضل حرص المازني، ومن بعده المبرد، في ذكر اسمه على أنه القائل لذاك الكلام المنقول عنه صراحة لا مداراة فيها، كما هو الحال في الكتاب الذي نقله المبرد عن خط المازني قبل كتاب أبي جعفر هذا.
نماذج من إهمال صاعد نسبة القول لصاحبه
ونقول صاعد في كتابه الفصوص تتأرجح بين إثبات نسبة القول إلى صاحبه، وبين تجاهل تلك النسبة.
فمن تلك النقول، قوله : “نقلت من خط المازني، قال الحويدرة:
حياض غنيم غب ظاهرة تغضي”
قفوا حمرات الجهل لا يوردنكم
فذكر القائل.
ومنها أيضا قوله : “رأيت بخط ابن دريد هذه الأبيات، وهي لزهر بن مسعود:
وكيف تصرمين حبل من يصل”
يا أم عمرو لا تجدي حبلنا
فكذلك أيضأ ذكر القائل بلا شك. غير أنه في الاقتباس التالي تصرف مثل تصرفه الذي لمسناه في إهماله نسبة كتاب القوافي وعللها إلى
صاحبه، قال:”نقلت من خط ابن مقلة عن خط ابن السكيت :
ما بالها بالليل زال زوالها”
هذا النهار بدا لها من همها
فلم يذكر القائل، وظل متشبثا بذكر الخطاطين والعلماء الذين أوردوا القول. وهنا أسعف المحقق تنقيبه في المصادر، فاهتدى إلى القائل بسهولة.
الاستناد في توثيق نسبة الكتاب إلى المصادر التي نقلت عنه
إن من قرأ كتاب القوافي وعللها جيدا، ثم نظر في الاقتباسات التي وردت في بعض الكتب اللاحقة، وهي متفرقة وفي عصور مختلفة، سيلاحظ أنها موجودة بالنص أو مع قليل من الاختلاف، في هذا الكتاب.
فلذلك، إذن، سنبدأ باقتباسات ذكرت اسم الكتاب ومؤلفه، قال أبو إسحاق الشاطبي (ت 790 ه) : “وجعله التاء في (أتبعت) رويا مع قوله (تلت) ولم يجعلها كالهاء وصلا هو رأي الجمهور من أهل القوافي. وقد زعم بعضهم أنها كالهاء لا تقع رويا إلا حيث تقع الهاء رويا، وذلك ينكسر بما أنشده سيبويه في كتاب القوافي له، من قول الراجز:
الحمد لله الذي استقلت
بإذنه السماء واطمأنت
بإذنه الأرض وما تعنت
الجاعل الغيث غيات المسنت
أوحى لها القرار فاستقرت
وشدها بالراسيات الثبت”
وقارن ذلك بما جاء في القوافي وعللها, حيث قال سيبويه : “إلا أن الشعر قد يلزم ما قبل التاء كثيرا لشبهها بالهاء، لأنها تجيء للتأنيث كما تجيء، ولأنها قد تكون اسما مضمرا كما تكون الهاء، وتزاد كما تزاد …”. ثم قال: وقد يجيء ما قبلها مختلفا، قال الشاعر … وجاء بالأبيات ذاتها التي جاء بها سيبويه.
وفي اقتباسين آخرين جاء بهما الدماميني (ت 827 ه)، قال في الأول : “فقد أجاز سيبويه في كتاب القوافي له استعمال مثل ذلك بغير ردف. قال لقيام الوزن بالحرف الصحيح مقامه بأحرف المد واللين، وأنشد:
قدما وقلت عليك خير معد”
ولقد رحلت العيس ثم زجرتها
وقد جاء ذلك عند سيبويه تقريبا، قال :
“وكل هذه القوافي قد يجوز أن تكون بغير لين، لأن البناء دائم صحيح على مثل حاله بحرف اللين، وقد قالوا:
قدما وقلت عليك خير معد”
ولقد رحلت العنس ثم زجرتها
وكنا قد صححنا قول سيبويه (البناء دائم) إلى (البناء تام)، وهناك كلمات أخرى بدلا منها وردت في بعض الاقتباسات.
والاقتباس الثاني، قال الدماميني : “وقيل دخله القبض أولا ثم حذفت نونه وأسكنت لامه فعوض منهما لأنهما زنة متحرك. قاله سيبويه في كتاب القوافي له”. وهذا هو مضمون كلام سيبويه، مع اختلاف في بعض الألفاظ، قال : “فمما لزم حرف المد (فعولن) في الطويل، لأنه محذوف عن (مفاعلن)، فإنما حذفت النون الساكنة، وأسكنت اللام، لأنها صارت قافية”.
وأخيرا نقل الدمنهوري (ت 1288 ه) في الإرشاد الشافي هذا القول بعبارات أخرى، قال : “قال الشيخ الصبان في شرحه: والردف واجب اتفاقا حيث يلتقي ساكنان أخر البيت، كقوله:
أبلغ النعمان عني مألكا
أنه قد طال حبسي وانتظار
ليسهل الانتقال من أحد الساكنين إلى الآخر بالمد الذي هناك، وعلى قول الأكثر حيث يستكمل البيت عدد أجزاء أجزاء دائرته وينقص من ضربه حرف متحرك أو زنته، أي حرف ساكن مع حركة ما قبله كما في القطع ليقوم المد الذي هناك مقام المحذوف فيقع التعادل بين العروض والضرب، وأجاز سيبويه في كتاب القوافي له استعمال مثل ذلك بغير ردف، قال: لقيام الوزن بالحرف الصحيح، وأنشد:
ولقد رحلت العيس ثم زجرتها
قدما وقلت عليك خير معد”
وأكتفي بهذه الأمثلة المعدودة من الاقتباسات التي نجد أصلها في كتاب القوافي وعللها لسيبويه، وهي تبدو كافية لتوثيق نسبة هذا الكتاب في زمن يمتد من سنة 790 ه إلى 1288 ه القريب من عصرنا الحالي، على أن نعود في مبحث آخر إلى كشف منهج ابن عبد ربه في تهذيب كتاب سيبويه هذا وذكر العبارات المنقولة نقلا حرفيا منه، وهو المبحث الذي سيتبين لنا من خلاله الصلة الحقيقية بين الكتابين، كتاب القوافي وعللها لسيبويه، وليس المازني، وكتاب علل القوافي لابن عبد ربه، ومن أجله جعلناه عنوانا للبحث كله.
الفصل الثاني: منهج ابن عبد ربه في تهذيب كتاب القوافي وعللها
نحن لا نعلم على وجه اليقين ما الذي جعل ابن عبد ربه يعكس عنوان هذا الكتاب المنقول أو المهذب ليصير (علل القوافي) بعد أن كان (القوافي وعللها). أيكون تأثر بالأخفش الذي قال إنه أصلح كتاب (مجاز القرآن) لأبي عبيدة وسماه (معاني القرآن)، أم أن له مأربا في إيهام القارئ بأن الكتاب من تأليفه لا مجرد نقله. فأما الأجيال اللاحقة من العلماء، فعرفنا منهم التبريزي (ت 502 ه) الذي اشتهر بكثرة تهذيباته، فلم نجده غير عنوان كتاب منها سوى بإضافة كلمة تهذيب عليه.
ولعل ابن عبد ربه اتخذ من التصرف في العنوان ديدنا له يخفي به مقصده من نقل كتاب معين أو تهذيبه، كما فعل بكتاب ابن قتيبة (فضل العرب والتنبيه على علومها) الذي جعله (كتاب تفضيل العرب) ، وهو أمر لا نستبعده، فطالما خفيت عنا عشرات الكتب التي نقلها صاحب العقد الفريد إلى عقده، ومنها هذا الكتاب الذي لم يشر أحد من العلماء طوال القرون الماضية إلى أصله، ومعظمهم كانوا يعدونه من تأليفه لا تهذيبه. إن الغاية من إيراد هذا الفصل، مع أنها لا تختلف عن تلك التي أردناها من الفصل الذي سبقه، وهي توثيق نسبة كتاب القوافي وعللها لسيبويه بشكل مؤكد، فإنها اتخذت سبيلا غير السبيل الأول في تحقيق هذه الغاية. السبيل هو سبيل أسلوب النقل والتهذيب الذي حاولنا فيه تتبع كل كلمة قالها سيبويه في هذا الكتاب، وبيان نصيبها أو درجتها من النقل أو التهذيب. وقد ارتأينا أن يبتدئ الفصل بعرض خطة كتاب القوافي وعللها في عناوينها الريئسية، ثم أتبعناها بعناوين أبواب كتاب علل القوافي لتتبين الصلة بين الكتابين أثناء شرحنا لوجوه التوافق والتلاقي في العبارات والأفكار بينهما.
أولا: خطة كتاب القوافي وعللها
يبتدئ الكتاب بتعريف للقافية، مع ذكر لحروفها وحركاتها. وبعد ذلك يتوالى ترتيب أبوابه على النحو التالي :
1. باب
2. باب تفسير القوافي في الإنشاد واختلاف العرب في ذلك.
3. تفسير ما يجوز أن يكون حرف الروي مما لا يجوز أن يكونه.
4. تفسير ما يجوز تقييده، وإذا أطلق كان شعرا، مما لا يجوز ذلك فيه.
5. تفسير ما يجوز أن يكون تأسيسا وما لا يجوز ذلك فيه.
6. تفسير الإيطاء.
7. تفسير ما يلزمه أن يكون في قافيته حرف المد مما لا يلزمه ذلك فيه.
ثانيا: خطة كتاب ابن عبد ربه
وفي هذه الخطة اختار ابن عبد ربه من عناوين أبواب هذا الكتاب، ثلاثة من العناوين التالية:
1. باب ما يجوز أن يكون تأسيسا وما لا يجوز.
2. باب ما يجوز أن يكون حرف روي وما لا يجوز أن يكونه.
3. باب عيوب القوافي: السناد والإيطاء والإقواء والإكفاء والإجازة والتضمين.
4. باب ما يجوز في القافية من حروف اللين.
ويلاحظ أن العنوان الثالث أضافه ابن عبد ربه من عنده.
كما سنلاحظ أثناء الشرح أن ابن عبد ربه جمع ما ذكر في البابين الثاني والثالث عند سيبويه في باب واحد، هو الثاني عنده.
وكذلك أغفل قدرا كبيرا من الباب الرابع عند سيبويه، وهو تفسير ما يجوز تقييده وإذا أطلق كان شعرا، مما لا يجوز ذلك فيه.
وقد غطت هذه الخطة الجديدة معظم حشو كتاب القوافي وعللها، بعضها بشكل حرفي، والبعض الآخر تهذيب له كما سيتبين معنا من العرض التفصيلي للكتابين في المباحث التالية، وسنبدأ بما يمكن تسميته بالمقدمة.
مقدمة الكتاب
بدأ سيبويه كتابه مباشرة بموضوع حروف القافية وحركاتها، فلم يجعل له خطبة ولم يمهد إلا بتعريف مقتضب للقافية. وقد اقتدى به ابن عبد ربه في هذا المسلك، ونقل عنه تعريفه بشكل شبه حرفي، قائلا: “القافية حرف الروي الذي يبنى عليه الشعر، ولا بد من تكريره في كل بيت” . وهو ما يوازي تماما قول سيبويه: القافية حرف الروي الذي تبنى عليه القصيدة، لا بد من تكريره .
ولكنه حين ينقل قول سيبويه: “وأما التأسيس فألف تكون قبل حرف الروي، بينها وبينه حرف متحرك “، يلزمه التهذيب إضافة لم يذكرها سيبويه، وهي: “بأي الحركات كان، وبعض العرب تسميه الدخيل “. وتسمية هذا الحرف بالدخيل لم تكن معروفة عند سيبويه ولا الأخفش، ولا حتى ابن سلام الذي انفرد بتسميته التوجيه، قائلا : “وأما التوجيه فهو الحرف الذي بين هذه الألف، (ألف التأسيس)، وبين القافية، فلك أن تغيره بأي حرف شئت، فلذلك قيل له توجيه”. وفي تقديري أن أول مرة ذكر فيها مصطلح الدخيل كان في كتاب (القوافي وما اشتقت ألقابها منه) للمبرد ، فكان أن استعمله ابن عبد ربه من بعده، وذلك حين أخذ هذا المصطلح يستقر في مؤلفات علماء القافية بعدهما.
وابن عبد ربه إذ يعتمد اعتمادا أساسيا في النقل على كتاب سيبويه هذا، فإنه لا يرى مانعا من تكملة النقل عن كتب أخرى لغيره، وهو ما يميز تهذيبه لهذا الكتاب. مثال ذلك قوله عن الوصل : “وأما الوصل فهو إعراب القافية وإطلاقها، ولا تكون القافية مطلقة إلا بأربعة أحرف: ألف ساكنة مفتوح ما قبلها من الروي، [وواو ساكنة مضموم ما قبلها من الروي]، وياء ساكنة مضموم ما قبلها من الروي، وهاء متحركة أو ساكنة مكنية. ولا يكون شيء من حروف المعجم وصلا، غير هذه الأحرف الأربعة: أحرف الألف والواو والياء والهاء المكنية، وإنما جاز لهذه أن تكون وصلا، ولم يجز لغيرها من حروف المعجم، لأن الألف والياء والواو حروف إعراب ليست أصليات وإنما تتولد مع الإعراب. وتشبهت الهاء بهن لأنها زائدة مثلهن، ووجودها يكون خلفا منهن في قولهم: أرقت الماء وهرقت الماء، وأيا زيد وهيا زيد، ونحو قول الشاعر:
قد جمعت من أمكن وأمكنه
من ها هنا وها هنا ومن هنه
وهو يريد: هنا، فجعل الهاء خلفا من الألف.
فأنت ترى أنه نقل مقدمة هذه الفقرة عن كتاب (القوافي وعللها) لسيبويه متصرفا فيه بوصف الهاء الساكنة بالمكنية تأثرا بذلك ببعض الكوفيين . ثم تجد باقي الكلام متفقا تقريبا مع ما جاء في كتاب القوافي لأبي الطيب التميمي ، هذا الكتاب الذي يعود تاريخ نسخه إلى عام 352 ه ، أي بعد وفاة ابن عبد ربه بنحو ربع قرن تقريبا.
ويلاحظ في الجزء الذي نقله ابن عبد ربه من كتاب سيبويه هذا، أنه سها في نقله لعبارة (وواو ساكنة مضموم ما قبلها من الروي)، فلم يذكر تلك العبارة في جميع النسخ التي اطلعت عليها من العقد، ولم ينتبه إلى ذلك أحد من محققيه، مع أن ابن عبد ربه نبه في معرض نقله إلى القول بأنه (لا تكون القافية مطلقة إلا بأربعة أحرف)، وهو لم يذكر إلا ثلاثا.
وإذ يصل ابن عبد ربه لمبحث الخروج نجده ينقل كلام سيبويه نقلا به أثر من التهذيب لا يخفى على القارئ المتابع بوعي لكلام سيبويه، وإليك نص سيبويه كما وجدته في هذه النسخة الوحيدة من كتاب الفصوص، قال سيبويه فيما تيسر لي من ترميم كلامه المبتور: “وأما الخروج فإنه كل ألف تبعت هاء الوصل، نحو (فعلها) أو ياء ساكنة تبعت هاء الوصل[نحو (فعلهي) أو واو ساكنة تبعت هاء الوصل] فهي مضمومة نحو (هذا له) و(داره)، أي (له) و(داره) .
والترميم باد في الكلمات التي زدتها بين معكوفتين، وبها يستقيم نص سيبويه الذي أخل بها الناسخ بسبب انتقال النظر في القراءة، فسقط منه ما قدرناه من جانبنا.
وقارن ذلك بما جاء في تهذيب ابن عبد ربه حيث يقول: “وأما الخروج، فإن هاء الوصل إذا كانت متحركة بالفتح تبعتها ألف ساكنة، وإذا كانت متحركة بالكسر تبعتها ياء ساكنة، وإذا كانت متحركة بالضم تبعتها واو ساكنة، فهذه الألف والياء والواو يقال لها الخروج، وإذا كانت هاء الوصل ساكنة لم يكن لها خروج” .
وينتقل ابن عبد ربه إلى حركات القافية ناقلا إياها نقلا حرفيا عن سيبويه فيقول: “وأما الحركات اللوازم للقوافي فخمس، وهي: الرس والحذو والتوجيه والمجرى والنفاذ. فأما الرس ففتحة الحرف قبل التأسيس. وأما الحذو ففتحة الحرف الذي قبل الردف أو ضمته أو كسرته. ولو عدت إلى كتاب سيبويه لوجدته يقول بالحرف : “وأما الحركات اللوازم للقافية: فالحذو والرس والتوجيه والمجرى والنفاذ. فأما الرس ففتحة الحرف قبل التأسيس، نحو فتحة جيم (جاهل) وعين (عاقل). وأما الحذو ففتحة الحرف قبل الردف، نحو قال وقيل وقول أو ضمته أو كسرته.
فتجد أولا أن ناسخ الفصوص قدم كلمة الحذو على الرس وحقها أن تكون التالية في تعداد الحركات بدليل نقل ابن عبد ربه لها على الوجه الصحيح من ناحية، وعلى بدء سيبويه بالرس في تفسيره وهو خطأ يسهل التنبه إليه وتصحيحه حتى ولو كان المخطوط نسخة وحيدة.
وينقل ابن عبد ربه هذه الحروف حينا عن كتاب سيبويه وحينا آخر عن مصدر ليس بأيدينا، وأرجح أن التميمي كابن عبد ربه نقل عنه أيضا في كتابه القوافي، وكان مما نقله من هذا المصدر قوله في التوجيه: “وأما التوجيه فهو ما وجه الشاعر عليه قافيته، من الفتح والضم والكسر، يكون مع الروي المطلق أو المقيد إذا لم يكن في القافية ردف ولا تأسيس” . وأما ما نقله ابن عبد ربه عن سيبويه فمن أمثلته قوله :”وأما المجرى ففتح حرف الروي المطلق أو كسرته أو ضمته، وأما النفاذ فإنه فتحة هاء الوصل أو كسرتها أو ضمتها لا تجوز الفتحة مع الكسرة ولا الكسرة مع الضمة، ولكن تنفرد كل حركة منها على حالها”.
ونواجه في نهاية هذه المقدمة بمبحث صغير ذكر فيه سيبويه ألقاب القوافي وهي: المتكاوس والمتراكب والمتدارك والمتواتر والمترادف. وقد تجاهله ابن عبد ربه ولم يشر إليه في تهذيبه.
أولا: باب ما يجوز أن يكون تأسيسا وما لا يجوز
وترتيب هذا الباب هو الخامس في كتاب سيبويه، واسمه عنده “تفسير ما يجوز أن يكون تأسيسا وما لا يجوز”. وقد قال سيبويه في مطلع هذا الباب : “فإذا كانت القافية آخر كلمة، وكان حرف التأسيس في كلمة قبلها تليها، فليس بحرف في أكثر أشعارهم، لانفصالها وتباعد الألف من حرف الروي، لان بينها وبينه حرفا متحركا”.
قوله: (ليس بحرف) يستلزم زيادة كلمة تحدد نوع هذا الحرف. ولما كنا لا نملك نسخة ثانية من الفصوص توضح لنا وقوع سقط في الكلام وجدنا في تهذيب ابن عبد ربه للكتاب ما يوضح هذا السقط، وهو كلمة (تأسيس) ليصبح تمام العبارة، قوله : “فليس بحرف تأسيس”.
وكان سيبويه قد خصص الفقرة الأولى من هذا المبحث القصير للحديث عن التأسيس وحده، بينما أخر الكلام في الردف إلى آخر المبحث.غير أن ابن عبد ربه ارتأى فيه تهذيبه أن يجعل الحديث عن الحرفين معا ليتسنى له المقارنة بينهما، ثم أكمل شرحه للتأسيس منفردا لأنه هو موضوع هذا الباب.
قال ابن عبد ربه في مكان الفقرة التي بدأ بها سيبويه كلامه : “إذا كان حرف الألف ، ألف التأسيس، في كلمة وكان حرف الروي في كلمة أخرى منفصلة منها، فليس بحرف تأسيس لانفصاله من حرف الروي وتباعده منه؛ لأن بين حرف الروي والتأسيس حرفا متحركا، وليس كذلك الردف؛ لأن الردف قريب من الروي ليس بينهما شيء، فهو يجوز أن يكون في كلمة ويكون الروي في كلمة أخرى منفصلة منها، نحو قول الشاعر:
إليه تجرر أذيالها
أتته الخلافة منقادة
ولم يك يصلح إلا لها
فلم تك تصلح إلا له
وقد جاء شاهده عن الردف مختلفا عن شاهد سيبويه، وأفضل منه من حيث قرب التمثيل على الردف بالألف وليس بالياء كما جاء به سيبويه . ومع ذلك حافظ ابن عبد ربه في تهذيبه لهذا المبحث على جميع الأفكار التي طرحها سيبويه فيه بحيث يمكننا الاعتماد عليه بوصفه نسخة ثانية لكتابه في القوافي.
ثانيا: باب ما يجوز أن يكون حرف روي وما لا يجوز أن يكونه
يجمع هذا الباب ما جاء في بابين عند سيبويه، الأول عنوانه “باب تفسير القوافي في الإنشاد واختلاف العرب في ذلك”، ولم يرد هذا العنوان عند ابن عبد ربه، والثاني “تفسير ما يجوز أن يكون حرف الروي مما لا يجوز أن يكونه”، وهو عند ابن عبد ربه بالعنوان المذكور أعلاه. وكان سيبويه قد بدأ الباب الثاني منهما بالقول : “فكل حرف من حروف من حروف المعجم يجوز أن يكون حرف الروي، إلا الهاء في طلحة وشهدة، والإضمار في غلامه وداره وأشباه ذلك، وإذا جاء الهاء لتبين بها حركة الزاي من اغزه والميم من ارمه، فهذه الهاءات لا يكن إلا وصلا لأنها لحقت الاسم بعد تمامه، ولأنها زيادة، لأنه إذا قال (غلامه) و(داره) جرى الإعراب على ما قبل الهاء، فلما اجتمع ذلك فيها منعت أن تكون حرف الروي”.
أما ابن عبد ربه فاختصر ذكر هذه الهاءات في تهذيبه لهذه الفقرة قائلا : “اعلم أن حروف الوصل كلها لا يجوز أن تكون رويا، لأنها دخلت على القوافي بعد تمامها، فهي زوائد عليها، ولأنها تسقط في بعض الكلام”. ثم أعاد هذا القول في آخر المبحث، حين أراد أن يسهب بعد الاختصار، قائلا : “وأما قولك ارمه واغزه، فلا تكون الهاء ههنا رويا، لأنها لحقت الاسم بعد تمامه، ولأنها زوائد فيه وأنها دخلت لتبين حركة الزاي من اغزه والميم من ارمه، وقد تكون تدخل للوقف أيضا”.
ثم تحدث سيبويه عما يكون قبل الهاء، حين تكون أصلية، فإذا كان متحركا نحو (منبه) و(أبله) فإنها تجوز وصلا ، والأحسن أن تكون رويا، كما قال . بينما يرى ابن عبد ربه أنها لا تكون إلا رويا فقط، والشاهد الذي اتفقا عليه هو:
قالت أبيلى لي ولم أسبه
ما السن إلا غفلة المدله
وقال سيبويه فيما تكون فيه الهاء رويا : “فأما إذا سكن ما قبل الهاء، فلا يكون ما قبله ساكنا، ويشبه هذا به، وذلك مثل (وجه) و(وجيه)، لا تكون الهاء فيهما إلا حرف الروي”. ولم يجئ بشاهد على ذاك غير هاتين القافيتين، وأما ابن عبد ربه فاستشهد بالبيتين التاليين :
ملهى وأصبحت لها ملهى
أصبحت الدنيا لأربابها
قدر الذي نال أبي منها
كأنني أحرم منها على
ومن مظاهر التهذيب عند ابن عبد ربه في هذا المبحث أن يحذف ما لا يجد فائدة من ذكره، نحو قول سيبويه فيما جاء من الألف حرف روي: “وسمعنا من العرب من ينشد هذين البيتين:
بالخير خيرات وإن شرا فا
ولا أريد الشر إلا أن تا
يريد: وإن شرا فشر. إلا أن تا، أي تأبى، جعل الألف حرف الروي، فتزعم أنه أظهر الفاء كلها والتاء، ولم يرد أنه يصل الفاء بحرف المد، ولكنها ألف التاء، فهي من نفس الكلمة …. إلى أن بلغ قوله: وأما ياء قرشي وثقفي ….” .
وينقل ابن عبد ربه في هذا الباب قول سيبويه: “ومما لا يجوز أن يكون رويا، الحروف المضمرة كلها، لدخولها على القوافي بعد تمامها، مثل اضربا ، واضربوا ،واضربي، لأن ألف اضربا لحقت اضرب وواو اضربوا لحقت اضرب وياء اضربي لحقت اضرب بعد تمامها، فلذلك كانت وصلا، ولأنها زائدة مع هذا في الفعل مثل قول الشاعر:
لم أدر بعد غداة البين ما صنع
لا يبعد الله جيرانا تركتهم
يريد ما صنعوا. ومثله:
وعمي صباحا دار عبلة واسلم
يا دار عبلة بالجواء تكلمي
يريد: واسلمي، فجعل الياء وصلا، وبعضهم جعلها رويا على قبح “. ولكن ابن عبد ربه لم يجد شاهدا في هذا الباب يستشهد به، فاختار شاهدين من الباب الذي سبقه وهو “باب تفسير القوافي في الإنشاد واختلاف العرب في ذلك “، وهما قوله:
ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري
ومثله:
وبدا لدعد بعض ما يبدو
هجرتك بعد تواصل دعد
ونصل في هذا الباب إلى ما صرح به ابن عبد ربه في نقله عن سيبويه، قال : “قال سيبويه: وإذا قال الشاعر تعالي أو تعالوا لم تكن الياء والواو إلا رويا، لأن ما قبلهما انفتح، فلما صارت الحركة التي قبلهما غير حركتهما ذهبت قوتهما في المد وأكثر لينهما، وكذلك اخشي واخشوا وكل ياء انفتح ما قبلها، وكذلك هذه الياء والواو إذا تحركتا لم تكونا إلا حرف روي، لذهاب اللين والمد وكذلك قوله: رأيت قاضيا وراميا وأريد أن تغزو وتدعوا في قافيتين من قصيدة”. وكان ابن عبد ربه قد صحف في قوله (وأكثريتهما) ، وإنما هما كلمتان: (وأكثر لينهما) كما في إحدى نسخ كتاب الفصوص، التي لم يعتمدها المحقق نسخة رئيسية.
ثالثا: باب عيوب القوافي (السناد والإيطاء والإقواء والإكفاء والإجازة والتضمين)
هذا باب وضعه ابن عبد ربه وحشاه بما تفرق ذكره عند سيبويه من عيوب القوافي في أبواب أخرى. وقد بدأ ابن عبد ربه هذا الباب بالسناد فنقل عن سيبويه أوجه السناد الثلاثة مستشهدا بأمثلته نفسها، (زاد على الوجه الثاني شاهدا آخر من المتقارب) واصفا الوجه الأول باختلاف الحذو، والثاني باختلاف التوجيه في الروي المقيد، والثالث بأنه إدخال حرف الردف ثم تركه. ولم يقل سيبويه عن هذا الأخير إنه وجه من السناد، معتبرا إياه قبيحا فقط، ثم قال : “وأما إذا جاء بالردف في بيتين باختلاف فهو سناد، وهو أحسن من هذا”. ولم يكن سيبويه في تناوله لهذه العيوب قد سار على النهج الذي وجدناه لاحقا عند ابن عبد ربه، وذلك أنه كان قد بدأ أولا بالإقواء والإكفاء ثم السناد فالإيطاء والتضمين ليعود أخيرا إلى الإيطاء ويخصه بمبحث مطول نوعا ما.
وأما الإجازة فلم يذكرها سيبويه، وما نقله ابن عبد ربه منها موجود بنصه في كتاب القوافي للتميمي كذلك .
ولم ينقل ابن عبد ربه كلامه في الإقواء والإكفاء خالصا من كتاب سيبويه وحده، وإنما أشرك معه كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة، وإن لم يصرح بذلك، قال ابن عبد ربه : “وأما الإقواء والإكفاء فهما عند بعض العلماء شيء واحد، وبعضهم يجعل الإقواء في العروض خاصة دون الضرب، ويجعلون الإكفاء والإيطاء في الضروب دون العروض، فالإقواء عندهم أن ينتقص قوة العروض فيكون (مفعولن) في الكامل، ويكون في الضرب (متفاعلن) فيزيد العجز على الصدر زيادة قبيحة، فيقال: أقوى في العروض، أي أذهب قوته، نحو قول الشاعر:
والفرث يعصر في الإناء أرنت
لما رأت ماء السلى مشروبا
ومثله:
ترجو النساء عواقب الأطهار
أفبعد مقتل مالك بن زهير
والخليل يسمي هذا المقعد، وزعم يونس أن الإكفاء عند العرب هو الإقواء، وبعضهم يجعله تبديل القوافي، مثل أن يأتي بالعين مع الغين، لشبههما في الهجاء، وبالدال مع الطاء، لتقارب مخرجيهما، ويحتج بقول الشاعر:
جارية من ضبة بن أد
كأنها في درعها المنعط
والخليل يسمى هذا: الإجازة.
وأبو عمرو يقول: الإقواء اختلاف إعراب القوافي بالكسر والضم والفتتح، وكذلك هو عند يونس وسيبويه”.
وأما الإيطاء فقد رأى ابن عبد ربه أن سيبويه تناول الحديث عنه في موضعين من كتابه، الأول حين بدأ بتعريفه تعريفا مختصرا، والثاني تحت عنوان مستقل هو “تفسير الإيطاء” فجمع ابن عبد ربه هذين الموضعين المتباعدين في تهذيبه وكان ما نقله منهما لا يزيد عن قوله: “وأما الإيطاء، وهو أحسن ما يعاب به الشعر، فهو تكرير القوافي، وكلما تباعد الإيطاء كان أحسن، وليست المعرفة مع النكرة إيطاء، وكان الخليل يزعم أن كل ما اتفق لفظه من الأسماء والأفعال، وإن اختلف معناه، فهو إيطاء، لأن الإيطاء عنده إنما هو ترديد اللفظتين المتفقتين من الجنس الواحد، إذا قلت للرجل تخاطبه: أنت تضرب، وفي الحكاية عن المرأة: هي تضرب، فهو إيطاء. وكذلك في قافية: أمر جلل، وأنت تريد تعظيمه، وهو في قافية أخرى: جلل، وأنت تريد تهوينه، فهو إيطاء.
وقال سيبويه عن آخر هذه العيوب عنده : “وأما المضمن فهو أن لا تكون القافية مستغنية عن البيت الذي يليها، نحو قوله:
وهم أصحاب يوم عكاظ إني
وهم وردوا الجفار على تميم
أتينهم بنصح الصدر مني
شهدت لهم مواطن صادقات
ثم قال: وهذا معيب، لأن البيت الأول معلق بالثاني لا يستغني عنه”.
وهو ما نقله ابن عبد ربه بشكل شبه حرفي .
رابعا: باب ما يجوز في القافية من حروف اللين
كان عنوان سيبويه لهذا المبحث هو: تفسير ما يلزمه أن يكون في قافيته حرف المد مما لا يلزمه ذلك فيه، فذكر ابن عبد ربه في تهذيبه أولا أنه لا فرق بين المد واللين، لا سيما وقد رأى سيبويه يستخدم في آخر المبحث مصطلح اللين وحده. وقد نقل كلام سيبويه في كتابه مختصرا، بقوله: “اعلم أن القوافي التي يدخلها حروف المد، وهي حروف اللين، فهي كل قافية حذف منها ساكن وحركة، فتقوم المدة مقام ما حذف .
ومن هذا النقل الدقيق عرفنا أن ناسخ كتاب الفصوص قد صحف ثلاث مرات في قوله: “وإنما يلزم حرف المد من القوافي ما حذف منه ساكن أو حركة، فأما أكثر من ساكن أو حركة فلا، لأن المدة لا تبلغ قوتها أكثر من أن تقوم مقام ساكن أو حركة، لأنها كأنها حركة “.
ولكن تحري الدقة لم يمنع ابن عبد ربه في نقله من تخطي بعض العبارات مراعاة لقصده من التهذيب، وهو أن يحصر القول فيما جاء عن الخليل وحده، ولذلك حذف قول سيبويه : “وهو في قول من لم يثبت الدوائر مسكن عن “فعلن” في حديثه عن البسيط ، ثم حذف نحوا من ذلك في حديثه عن الوافر بعد البسيط.
وفي بحر الكامل اختصر ابن عبد ربه كلام سيبويه، بقوله: “وأما الكامل فيدخل فيه حرف اللين في (فعلاتن) المقطوع، وفي (متفاعلان) المذال”، فكشف لنا بتهذيبه ذاك عن تصحيف وتحريف، من قبيل السهو، وقع فيهما ناسخ كتاب الفصوص عند قوله: “ويلزم (متفاعلن) في الكامل لأنه حذف من (متفاعلاتن)”، فلا شك أن أصل العبارة في الكتاب كان: “ويلزم (متفاعلان) …”.
وبعد الرجز قال سيبويه: “وأما الرمل فيلزم (فاعلان) المد لأنه ناقص من (فاعلاتن)، وأما (فاعليان) فحاله كحال (مستفعلان) فيما ذكرت لك ” فلم يذكر قوله في (مستفعلان) هنا، اجتزاء بقوله السابق في (مستفعلان) في البسيط ، وكذلك صنع ابن عبد ربه نحو ذلك في قوله المختصر: “وأما الرمل فيلزم (فاعلان) وحدها، لالتقاء الساكنين”، مؤكدا بقوله (وحدها)، وكان بإمكانه أن يحيل إلى ما سبق ذكره في هذه المبحث.
وأما السريع والمنسرح فذكر فيهما ابن عبد ربه (فاعلان) و(مفعولات) ولم يشر إلى (مفعولن) لأنه لا يلزمها المد، كما قال سيبويه.
فإذا وصل ابن عبد ربه إلى المضارع والمقتضب والمجتث نقل قول سيبويه المختصر نقلا حرفيا بلا تغيير، وأخيرا نقل قوله في المتقارب مختصرا، مترددا على طول هذا المبحث بين الاختصار والنقل بتصرف حتى يصل إلى قوله الذي نسبه صراحة إلى صاحب الكتاب المهذب، قال: “قال سيبويه: وكل هذه القوافي قد يجوز أن تكون بغير حرف مد لأن رويها تام صحيح على مثل حاله بحرف المد، وقد جاء مثل ذلك في أشعارهم، ولكنه شاذ قليل، وأن تكون بحرف المد أحسن، لكثرته ولزوم الشعراء إياه، ومما قيل بغير حرف مد:
قدما وقلت عليك خير معد
ولقد رحلت العيس ثم زجرتها
وقال آخر:
إن يمنع اليوم نساء تمنعن
أما قول سيبويه الفعلي كما ورد في كتابه فجاء كما يلي: “وكل هذه القوافي قد يجوز أن تكون بغير لين لأن البناء دائم صحيح على مثل حاله بحرف اللين، وقد قالوا بعض ذلك في أشعارهم”. ونلاحظ على هذا القول أن كلمة(البناء) أفضل في استخدام سيبويه لها من كلمة (رويها) التي استخدمها ابن عبد ربه، وكان الدكتور العريفي قد اقترح استخدام كلمة (وزنها) بدلا منها، وقبله كان الدماميني قد أثبت كلمة (الوزن) بدلا من ذلك .
أما وصف سيبويه للكلمة بأنه (دائم) فيبدو لي مقلقلا، والافضل منه في نظري استخدام ابن عبد ربه لكلمة (تام) محلها.
هذا، ويبدو أن التصحيف قد أصاب كلا النصين عند سيبويه وابن عبد ربه، فإذا كان ما اجتهدنا في تصويبه صحيحا، كان سبب الاختلاف بين النصين راجعا إلى التهذيب الذي أحدثه ابن عبد ربه في كلام سيبويه.
النتيجة
سوف أقتصر في هذه الخاتمة على سرد أبرز النتائج التي تحققت بعون الله تعالى، في هذا البحث المتواضع، وبيانها كما يلي:
1. إثبات نسبة كتاب القوافي وعللها، تصحيحا لوهم محقق كتاب الفصوص بنسبته جزافا إلى للمازني.
2. التنبه لأول مرة إلى أن كتاب علل القوافي لابن عبد ربه ما هو إلا نقل وتهذيب لكتاب القوافي وعللها لسيبويه، وربما لو جد بعض الباحثين في تبني فكرة أن ابن عبد ربه لم يقم بتأليف جميع كتب العقد، وإنما نقلها نقلا وهذبها تهذيبا، لتمكنوا من اكتشاف الكثير من الأصول المشرقية الحقيقية لهذه الكتب التي قال عنها الصاحب بن عباد قولته المشهورة: “هذه بضاعتنا ردت إلينا”.
3. التوصل إلى مصدر عدد من الاقتباسات التي لم يصرح ابن عبد ربه بقائليها.
4. بين هذا البحث نمطا قديما من أنماط تهذيب الكتب قبل أن يترسخ هذا النمط ويتبلور في أعمال بعض العلماء كالتبريزي، مثلا.
5. وأخيرا ، فربما كانت هذه الدراسة أول دراسة تتناول كتابي سيبويه وابن عبد ربه معا، فيما أعلم.
قائمة المصادر والمراجع
أ. الكتب
1. إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، المكتبة الإسلامية، استانبول-تركيا، (د.ت).
2. ابن سلام، أبو عبيد القاسم، الغريب المصنف، تحقيق د. محمد المختار العبيدي، ج3، ط1 ، دار مصر للطباعة، القاهرة، 1996م.
3. ابن قتيبة، الشعر والشعراء، تقديم ومراجعة الشيخ حسن تميم، والشيخ محمد العريان، دار إحياء العلوم، بيروت، 1994م.
4. أبو إسحاق الشاطبي، المقاصد الشافية في شرح الخلاصة الكافية، تحقيق عبد الرحمن بن سليمان العثيمين وآخرين، جامعة أم القرى، 2007 م.
5. أبو بكر محمد بن الحسن الزبيدي، طبقات النحويين واللغويين، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ط2، دار المعارف، القاهرة.
6. أحمد بن محمد بن عبد ربه، العقد الفريد، تحقيق محمد سعيد العريان، دار الفكر.
7. الأخفش الأوسط، سعيد بن مسعدة، معاني القرآن، دراسة وتحقيق د. عبد الأمير الورد، عالم الكتب، ط2، 1985 م.
8. الدماميني، بدر الدين محمد بن أبي بكر، العيون الغامزة على خبايا الرامزة، تحقيق الحساني حسن عبد الله، مطبعة المدني، القاهرة
9. الدمنهوري، السيد محمد، الإرشاد الشافي على متن الكافي في علمي العروض والقوافي للقنائي، ط2، 1975 م، القاهرة.
10. الإمام صالح بن محمد الفلاني، قطف الثمر في رفع أسانيد المصنفات في الفنون والأثر، تحقيق عامر حسن صبري، ط1، دار الشروق، جدة ، 1405 ه.
11. صاعد بن الحسن الربعي البغدادي، كتاب الفصوص، تحقيق د. عبد الوهاب التازي، ط1، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، المملكة المغربية، 1994 م.
12. د. فخر الدين قباوة، منهج التبريزي في شروحه، ط2، دار الفكر المعاصر، بيروت ، 1997 م.
ب. الدوريات
1. أبو القاسم الطيب التميمي، كتاب القوافي، تحقيق د. عبد الحسين محمد جاسم، مجلة كلية الآداب، العدد 21، 1997م، بغداد.
2. د. حنا جميل حداد، حول كتاب القوافي لسيبويه، مجلة جذور، ج31، مج 12، إبريل 2011 م.
3. د. سيف بن عبد الرحمن العريفي، كتاب القوافي لسيبويه، مجلة جامعة الإمام محمد بن سعود، ع12، 1430 ه.
4. المبرد، أبو العباس محمد بن يزيد، القوافي وما اشتقت ألقابها منه، تحقيق د. رمضان عبد التواب، حوليات آداب جامعة عين شمس، مج 13، 1973 م.
الهوامش:
[1] الزبيدي، طبقات النحويين واللغويين، ص 73.
[2] إبراهيم مصطفى وآخرون، المعجم الوسيط، مادة (هذب).
[3] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 2/1.
[4] انظر: د. فخر الدين قباوة، منهج التبريزي في شروحه، ص 207 وما بعدها.
[5] د. حنا جميل حداد، حول كتاب القوافي لسيبويه، وانظر صالح الفلاني، كتاب قطف الثمر، ص 191.
[6] صاعد الربعي، كتاب الفصوص، ص 165/5.
[7] انظر المصدر نفسه، ص 218/5، ص 221/5.
[8] صاعد الربعي، كتاب الفصوص، ص 83/5.
[9] المصدر نفسه ص 165/5.
[10] المصدر نفسه، ص 37/5.
[11] أبو إسحاق الشاطبي، المقاصد الشافية، ص 686/4.
[12] صاعد الربعي، الفصوص، ص195/5.
[13] الدماميني، العيون الغامزة، ص 142.
[14] صاعد الربعي، الفصوص، ص 217/5.
[15] الدماميني، العيون الغامزة، ص 143.
[16] صاعد الربعي، الفصوص، ص 213، 214/5.
[17] الدمنهوري، الإرشاد الشافي، هامش ص 148.
[18] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ج3، ص 322.
[19] انظر هذه العناوين في الجزء الخامس من كتاب الفصوص ص 165 – 218.
[20] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 304/6.
[21] انظر صاعد الربعي، الفصوص، ص 165/5.
[22] المصدر نفسه ص 167/5.
[23] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 304/6.
[24] ابن سلام، الغريب المصنف، ص 700.
[25] المبرد، القوافي وما اشتقت ألقابها منه، حوليات آداب جامعة عين شمس، ص 1.
[26] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 304، 305.
[27] انظر: صاعد الربعي، الفصوص، ص 169/5 بتصرف.
[28] أبو الطيب التميمي، كتاب القوافي، مجلة جامعة بغداد، ص 357.
[29] صاعد الربعي، الفصوص، ص 169/5.
[30] ابن عبد ربه، العقد الفريد، 305/3.
[31] صاعد الربعي، الفصوص، ص 171/5.
[32] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 305/6، وانظر: التميمي، كتاب القوافي، ص 365.
[33] صاعد الربعي، الفصوص، ص 172/5.
[34] المصدر نفسه ص 207/5.
[35] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 306/6.
[36] المصدر نفسه ص 306 /6 والبيتان لأبي العتاهية.
[37] انظر، كتاب الفصوص، ص 210/5.
[38] صاعد الربعي، كتاب الفصوص، ص 187/5.
[39] ابن عبد ربه، العقد الفريد، 307/6.
[40] المصدر نفسه، ص 311/6.
[41] انظر صاعد الربعي، الفصوص، ص 187/5.
[42] انظر ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 311/6 ورواية الشاهد عنده مختلفة قليلا.
[43] صاعد الربعي، الفصوص، ص 188/5.
[44] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 307/6.
[45] صاعد الربعي، كتاب الفصوص، ص 190، 191/5.
[46] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 310/6 وقارن الفصوص ص 188، 189/5.
[47] انظر ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 309/6 وقارن الفصوص، 182، 183/5.
[48] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 311/6، وقارن الفصوص، ص 193/5.
[49] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 313/6 وزاد الناسخ على هذه العيوب في العنوان كلمة (الإصراف) ولا وجود لها في الشرح.
[50] صاعد الربعي، الفصوص، 178/5.
[51] قارن العقد الفريد، ص 314/6 والقوافي للتميمي ص 369.
[52] ابن عبد ربه، العقد الفريد، 313/6 وما بعدها، وقارن ابن قتيبة، الشعر والشعراء، ص 45.
[53] انظر الفصوص ص 177/5.
[54] المصدر نفسه ص 211/5.
[55] ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 315/6.
[56] صاعد الربعي، الفصوص، ص 177، 178/5.
[57] انظر ابن عبد ربه، العقد الفريد، ص 315/6.
[58] المصدر والصفحة نفسها.
[59] صاعد الربعي، الفصوص، ص 213/5.
[60] المصدر نفسه ص 214/5.
[61] المصدر نفسه ص 215/5..
[62] المصدر نفسه، ص 214/5.
[63] صاعد الربعي، الفصوص، 217/5.
[64] الدماميني، العيون الغامزة، ص 142. وانظر د. سيف العريفي، مستلة بحث كتاب القوافي لسيبويه، ص 44.
اترك رد