د. عثمان مصباح: أستاذ جامعي بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الرباط – المغرب
تفسير قرار الرفض براءة من التحيزات المرضية
التحيز موقف لا ينفك عنه الإنسان، ولا عيب فيه إذا كان تحيزا إلى ما يعتقد أنه الحق، لكن على أهل العلم أن لا يترددوا في الإعلان عن تحيزاتهم، حتى تخضع للنقاش والنقد والمراجعة، ولا تتصنم الأخطاء. فلطالما ظن الإنسان أنه على حق، ثم تبين له بعد حين أنه كان مخطئا، ولهذا قيل: إن تاريخ العلم هو تاريخ تصحيح الأخطاء.
والباحث العلمي باعتباره إنسانا هو صاحب هوى بالضرورة، فمن الأهواء ما هو أخفى عليه من سره، ومنه ما يعلم أنه مخالف فيه للمنهج العلمي، أو لحقائق العلم الثابتة. وقد يكون الهوى هوى مدرسة علمية، أو مذهب فقهي، أو حزب سياسي، أو طائفة دينية، أو نزعة عرقية أو وطنية أو حضارية، وقد يكون الهوى مصالح شخصية جمعت فريقا من الباحثين الانتهازيين.
والبحث العلمي في عالمنا العربي غارق في أوحال التحيزات المرضية، ومما يزيد هذه الحالة استعصاء احتماء المجلات العلمية بمبدأ عدم تفسير قرار رفض المقالات. فخلف هذا المبدأ كثيرا ما تختفي الأهواء التي تؤدي إلى الإقصاءات التعسفية، فتتعثر مسيرة العلم.
البحث العلمي لا أنساب فيه ولا شفاعات، إلا النسب الأكاديمي، وإلا شفاعة المنهج والحجة، ولن يتقدم قيد شبر في غياب الشفافية، والروح النقدية، ورحم الله عمر بن عبد العزيز إذ قال: «إِنَّ العِلْمَ لاَ يَهْلِكُ حَتَّى يَكُونَ سِرًّا» [انظر صحيح البخاري: في ترجمة باب: كيف يقبض العلم].
ملف: قضية للنقاش (2) التحكيم العلمي في المجلات والمؤتمرات: تشخيص واستشراف
اترك رد