يوسف الغفياني: باحث بسلك الماستر تخصص فقه النوازل – المغرب
في سياق مراجعة هندسة العدة البيداغوجية لمادة التربية الإسلامية بمؤسسات التربية والتكوين العمومية والخصوصية ، بما تطلبه الأمر من إحداث تغيرات كبرى على مستوى المنهاج وعناصره الأساسية ، من أهذاف ومضامين وطرق تدريس وصيغ تقويمية ، وبعد صدور المنهاج الدراسي الجديد الخاص بالمادة المذكورة وفق منظور جديد ، وما تبع ذلك من إنتاج بعض الأطر المرجعية المبينة لشروط التخطيط والتقويم لتلك العدة البيداغوجية ، بعد مرور الأسدس الأول من موسم ” 2016 2017″ والعدة في طور التجريب والاختبار والتقويم ، ونظرا لكون المنهاج وما نتج عنه من برامج يثير العديد من التساؤلات البيداغوجية والديدكتيكية نظريا وعلميا ، وهو ما عبر عنه العديد من الممارسين ، وانتهت إليه العديد من الندوات العلمية التي عقدت في العديد من مراكز التكوين والمدارس العليا من جهات مهتمة بالموضوع وعلى هذا المنوال قرر المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين لجهة الشرق ” شعبة الدراسات الإسلامية” بتنسيق الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة الشرق ، والمديرية الإقليمية لوجدة أنجاد ، وبتعاون مع هيئة التفتيش التربوي للمادة ممثلة في أطرها وجمعية أساتذة مادة التربية الإسلامية ، تنظيم ندوة علمية لمعالجة جوانب من الإشكالات التي يثيرها المنهاج الجديد على مستوى التصور والممارسة.
وإفادة للحاضرين من المشتغلين بصناعة التدريس عمل السادة الأساتذة الآتية أسماءهم على تأطير الدورة :
ذ : الأستاذ مصطفى الصادقي أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين وجدة .
ذ ة : كلثوم دخوش أستاذة مكونة بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين وجدة .
ذ : الحسن قايدة أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين وجدة .
ذ : عبد اللطيف بوعبدلاوي أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين وجدة .
ذ : عبد الرحمان زيدان ، مفتش تربوي مادة التربية الإسلامية .
ذ : خالد البورقادي ، مفتش تربوي مادة التربية الإسلامية
ذ : يحيى النجار أستاذ ممارس بمؤسسة محمد السادس بوجدة .
الجلسة الافتتاحية
افتتحت الجلسة بآيات بينات من الذكر الحكيم ثم انطلقت الندوة العلمية صبيحة يوم السبت الموافق 11 مارس 2017 بالمقر الرئيسي “حي المسيرة وجدة”
تناول فيها الكلمة الدكتور فريد أمعضيشو نيابة عن مدير المركز رحب فيها بالحضور الكريم وأشاد بهذه المبادرة الطيبة التي تهدف إلى معالجة ونقاش القضايا المتعلقة بالمنهاج التربوي الجديد لمادة التربية الإسلامية .
تلتها كلمة السيد المدير الإقليمي لمديرية وجدة أنجاد والتي تحدث فيها عن الأبعاد التي فرضت إعادة النظر في معالجة مجموعة من القضايا المتعلقة بتدريس مادة التربية الإسلامية ومنهاجها ، ومنها البعد الدولي المتمثل في الصراعات الفكرية والبعد الوطني والإقليمي من إرهاب وغيره ، كما دعا إلى تجاوز النقاش الجدلي القائم بين أساتذة مادة التربية الإسلامية وأساتذة مادة الفلسفة وعدم الالتفات إلى ما يكتب في بعض المواقع الالكترونية والصحفية من أناس لا علاقة لهم بالمجال التربوي ولا إطلاع لهم ، وأكد على وجوب الوقوف عند النقاط المهمة والمشتركة بين المادتين وتفعيل تنزيل المخطط الاستراتيجي رؤية 2015 /2030 وختم كلامه بتقديم جزيل الشكر للقائمين على المركز ودعى إلى تفعيل التوصيات التي سيخرج بها النقاش المتمخض عن هذا اللقاء.
مواضيع ومداخلات الأساتذة المؤطرين
الجلسة العلمية الأولى بتسير الأستاذ عبد الله منار تحت عنوان:
القراءة التصورية لمنهاج التربية الإسلامية الجديد
بعد تقديم كلمات الشكر للحاضرين والقائمين على اليوم الدراسي انطلقت الجلسة العلمية الأولى بمداخلة بعنوان :
دراسة وصفية تحليلية لعناصر المنهاج الجديد للأستاذ مصطفى الصادقي .
ملخص المداخلة :
اعتبر الأستاذ المحاضر أن الخلط الواقع اليوم عند من يتحدث عن قضية المنهاج التربوي لمادة التربية الإسلامية ، إنما هو راجع إلى الخلط بين الكتاب المدرسي والبرنامج والمنهاج التربوي وذكر أن هذه المفاهيم مختلفة تماما عن بعضها البعض ، ثم إن تقويمنا للمنهاج لا ينطلق من الكتاب المدرسي ولا من البرنامج الدراسي الذي هو جزء من المنهاج بل تقويم هذا الأخير ينبغي أن يخضع لرؤية منهاجية وان يحتكم إلى أسس منهاجية ، كيف يبنى ؟ كيف يؤسس ؟ وفي هذا السياق فإن علم تأسيس المنهاج هو قائم بذاته منذ أن ظهر المنهاج في ق 20.
أشار الأستاذ المحاضر إلى أنه ينبغي العناية بجميع المناهج المتعلقة بالمواد الأخرى ، والاهتمام بالحياة المدرسية لتبنى شخصيات المتعلمين وتتفتح مداركهم للتعلم والتربية ، ودافع عن قضية مهمة جدا قائلا ” لا يمكن أن نستل من المنظومة مادة واحدة ونؤسس لها منهاجا ، لأن المنهاج هو بناء يخضع لعلاقات الترابط الأفقي والعمودي لذا إذا أستلت مادة واحدة فالنتيجة خلل في المادة ، كما أعطى لمحة موجزة عن المنهاج وكيف يؤسس وذكر بعض الأسئلة المحورية التي تحتاج إلى إجابات حقيقية
لماذا نتعلم : سؤال يجيب عن الأهداف المرسومة للتعليم .
ماذا نتعلم : سؤال عن المضمون والمحتوى .
كيف نعلم : الطرق والأساليب والأنشطة المستخدمة لتحقيق هذه الأهداف .
كيف نحكم على النتائج : التقويم .
وضرب مثالا في المنهاج بما أسسه تايلور والذي نطلق من ثلاثة أسس في بناءه
أولا : حاجات المتعلم
ثانيا : المجتمع وفلسفته “ماذا نريد من التربية ”
ثالثا : المعرفة والعلم والمادة الدراسية .
وقد ختم الأستاذ مداخلته بذكر بعض الملاحظات المهمة والتي كانت بمثابة نقد بناء أجملها في النقاط التالية :
حول اختيار فقرات البرنامج:
• مسألة ثنائية العلوم الشرعية (التوثيق والتحليل): لم يلتفت المنهاج إلى ضرورتها المنهجية وحمولتها التربوية، حيث غابت وحدات علمية كلية، مثل علوم الحديث وعلوم القرآن، وهي تتعلق بتوثيق النص الشرعي.
• لم يحظ المنهج العلمي الشرعي بالقدر المناسب من اهتمام المنهاج، فأغلب فقرات البرنامج إنما تُملِّك المتعلم المعلومات والمعطيات المفردة والأحكام، ولا تهتم بتمليك التصورات النسقية، ومنهج الوصول للمعرفة الشرعية.
• ما مدى اعتماد الدراسة الإحصائية لوحدات العلوم الشرعية ومباحثها الأساسية؟ وهل تم إخضاعها لتراتبية معينة، من أجل توزيع نسب الاهتمام بها، غياب مباحث أساسية من الفقه الإسلامي: الفرائض، الفقه الجنائي، وأحكام القضاء، والسياسة الشرعية.
• تغيب في مباحث العقيدة (التزكية) بعض المواضيع الأساسية كالإيمان بالملائكة والإيمان بالكتب السماوية وبالقضاء والقدر، حيث إن ورودها مجملة في درس أركان الإيمان: حديث جبريل، في السنة الأولى إعدادي لن يوفيها حقها.
• إيراد مباحث الطهارة والصلاة معا في السنة الأولى إعدادي، والصيام في السنة الثانية إعدادي، رغم أن مباحثه أقل وأيسر، في حين أن أحكام فقه الطهارة والصلاة كثيرة جدا، ومما لا تدعو الحاجة إليه.
حول تنظيم البرنامج واصطلاحاته:
• المداخل: اصطلاح في غير محله (المداخل : مسالك يتدرج عبرها التعليم من أجل حصوله على الوجه المطلوب) في تعريف التزكية: “…قصد ترسيخ قيمة التواضع لدى المتعلم” وورد في تعريف الاقتداء: “…قصد محبته واتباعه والتأسي به”. وكذا في بقية المداخل يرد ما يدل على أنها أهداف وغايات منتظرة من المتعلم.
• ما معيار توزيع فقرات البرنامج على المداخل، مثلا: «الرحمة والرفق» في الحكمة بالثانية باكلوريا، «العفة والحياء» في القسط بالأولى باكلوريا، وهما معا من مواضيع الأخلاق.
• الغموض في الاصطلاحات والتداخل: ما الفرق بين التزكية والحكمة؟ ورد في تعريفهما معا: تطهير النفس. ويبدو أن التسميات غير دقيقة، فلا يتجلى الفرق بين القسط والحكمة فهما معا تتضمنان مباحث من الأخلاق وأخرى من العقيدة.
• تكرار مواضيع في مداخل مختلفة، «التوحيد والحرية» في الثانية باكلوريا في التزكية، وفي الحكمة «التصور الإسلامي للحرية»، فهل التصور الإسلامي شيء آخر غير ما يقتضيه التوحيد؟
• مصطلح التزكية في الاستعمال المتداول في العلوم الإسلامية ينصرف إلى معاني التربية والأخلاق والسلوك، في حين أن المنهاج يستعمله لمواضيع تجمع بين دروس القرآن الكريم ومباحث العقيدة.
المداخلة الثانية للأستاذة كلثوم دخوش بعنوان :
مدخل التزكية بين الأصل الاصطلاحي والاستعمال البيداغوجي في المنهاج الجديد
ملخص المداخلة : ذكرت الأستاذة أن من أبرز المستجدات التي جاء بها المنهاج المنقح لمادة التربية الإسلامية ، ما اصطلح عليه المنهاج بالمداخل وهي خمسة ” مدخل التزكية مدخل الاقتداء مدخل الاستجابة مدخل القسط ومدخل الحكمة ” وتعتبر الوثيقة المتعلقة بالمنهاج الجديد مبدأ تأصيل المفاهيم الشرعية انطلاقا من المرجعيات الشرعية ، أحد المبادئ التي تتبناها في ما يدخل ضمن المرجعيات المعتمدة في المنهاج ، وأنه قد جاء في وثيقة المنهاج ص 5 أن المنهاج مبني على مرجعية شرعية حيث تستند دروس التربية الإسلامية إلى :
أولا : خصوصية المعرفة الإسلامية من القرآن الكريم والسنة النبوية .
ثانيا : وحدة العقيدة وفق مقاربة تتجاوز الخلافات الكلامية وتربط المتعلم بالأبعاد العملية المؤطرة لسلوكه.
ثالثا : الثوابت المغربية المتمثلة في إمارة المؤمنين والمذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني .
ثم عرجت على ذكر مفهوم التزكية في كل من اللغة واصطلاح المفسرين مبينة بعض خصائص اللفظة في القرآن الكريم.
ومن أهم وسائل تحقيق التزكية : تلاوة القرآن الكريم ، تلقي القرآن بمنهج المفتقر إلى رحمة الله ، تنزيل القرآن في الحياة اليومية ” وكان خلقه القرآن ” وشدت في خضم حديثها على يد واضعي المنهاج لاختيارهم التزكية مدخلا لكونه ينسجم تاما ومقصد التربية الذي هو التطهير ، لكن جاء هناك نوع من الخلط في التعريف ووضع المفهوم لكل من مدخل التزكية ومدخل الاستجابة حيث أن الاستجابة يقصد بها أيضا التطهير وتزكية الروح لتحقيق الفلاح في الدنيا والآخرة وكان الأجدر التذكير والإشارة إلى أن الاستجابة وسيلة للتزكية.
وعلى مستوى الموقع في النسق المفاهيمي ” التزكية مدخلا ” هناك تردد بين اعتبار التزكية غاية ، واعتبارها وسيلة كما أن هناك ترددا على مستوى آخر مستوى تحديد الأهداف والمقاصد والغايات من المنهاج ، ويلح سؤال في هذا السياق وهو :
هل التزكية غاية للشريعة أم وسيلة لغاية أخرى أعظم منها ، بمعنى آخر ما هو المقصد الأكبر للشريعة ؟ ثم ما هو المقصد العام الذي يعمل المنهاج على تحقيقه ؟
وأبدت بدورها بعض الملاحظات على مستوى المضامين الواردة في الكتاب المدرسي الجديد ، وعموما عند الملاحظة فإن جل العناوين الواردة في مدخل الحكمة تبدو أشد مناسبة لمدخل التزكية .ثم ختمت الأستاذة مداخلتها القيمية بتثمين الجهد المبارك الذي بذله القائمون على المنظومة التربوية وواضعوا المنهاج خصوصا وحثت على ضرورة العودة إلى تفعيل عنصر القدوة لأهميته في مجال التربية ، خصوصا عندما يتعلق الأمر برسول الله وصحابته.
المداخلة الثالثة : للأستاذ الحسن قايدة بعنوان مدخل الحكمة بين الأصل الاصطلاحي والاستعمال البيداغوجي في المنهاج الجديد.
ملخص المداخلة : افتتح المحاضر مداخلته بذكر بعض الأهداف المرسومة وأجملها في أربع نقاط :
أولا : الكشف عن الواقع الدلالي لمصطلح الحكمة في اللسان العربي والقرآن الكريم .
ثانيا : إبراز الدلالات السياقية ، والتربوية لمصطلح الحكمة في الآيات القرآنية .
ثالثا : تقويم المفهوم والبرنامج المقترحين للحكمة في المنهاج الجديد في ضوء نتائج البحث .
رابعا : اقتراحات للتجويد والتطوير .
ثم عرج على ذكر بعض التعاريف الموجودة في كتب اللغة لمفهوم الحكمة ثم في الاصطلاح عند الراغب الأصفهاني وغيره ، واقترح تعريفا لهذا المصطلح ” الحكمة ملكة عقلية ووجدانية وعلمية تمكن صاحبها بما يمتلك من علم سديد ومعرفة متقنة ، وعقل راجح وفهم دقيق ، من إصابة الحقيقة قولا وعملا ، مما يؤهله لتحمل المسؤولية ، وأدائها على أحسن وجه ”
وذكر بعض الشواهد القرآنية من آيات وربطها بالتربية والتعليم ،واقتصر على مثال واحد وهو قوله تعالى ” ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ” فالمجال التربوي والتعليمي يحتاج إلى المربي الحكيم الذي تظهر عليه بركة المدد الرباني ، فهو المربي الذي يفيض على المتعلمين علما وأدبا وسلوكا قويما .
وعلى الجانب البيداغوجي لمفهوم الحكمة ذكر مجموعة من الدلالات للفظة :القدرة على الفهم الدقيق للدين ، الحكمة تعقل صاحبها عن الوقوع في المهالك ، آلية للتمييز وهبة تدرك بها العلوم ، هي العمل الصالح والشكر .
كما بين مفهوم الحكمة في المنهاج الجديد لمادة التربية الإسلامية : هي إصلاح النفس، وتهذيبها، والسمو بها، وتطهيرها وفق توجيهات الشرع، بما يرفع الفرد إلى مستوى الإيجابية والمبادرة بالأعمال الصالحة للتقرب إلى ربه؛ ولتعميم النفع وتجويد الأعمال وفق قيم الرحمة والتضامن والمبادرة؛ لقوله تعالى: ﴿يوتي الحكمة من يشاء ومن يِوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا.وما يذكر إلا أولو الالباب﴾ سورة البقرة الآية 269.
وختم مداخلة بذكر بعض التعقيبات على مواضع يرى أن فيها خللا متعلقا بمدخل الحكمة وهي :
أن هذا البرنامج لم يركز على استنهاض القدرات العقلية الكفيلة بإنماء حس الإتقان والإصابة والفهم الدقيق، والقدرةِ على المقايسة والترجيح، والتنزه عن الخطأ والالتباس عند المتشابهات.. فتلك عناصر الحكمة المقصودة بالقصد الأول بحسب ما تقرر في الدراسة اللغوية والشرعية.
اكتفاء البرنامج بالتعريف بتلك القيم ومدحِها وبيان فضلِها فقط، وغيابُ نماذج عملية قابلة للتطبيق، إذ كان من المفروض الانتقالُ من التوصيف إلى التدريب العملي من خلال وضعيات حية للنهوض بالواقع القيمي للمتعلمين.
غياب تصور نظري وعملي للترسيخ؛ لأن القيم المركزية التي عدت مداخل لم تضبط من الناحية المفهومية، والحكم على الشيء فرع عن تصوره، واتجه الجهد للتكديس بدل التأسيس، وإيرادِ المضامين والمعارف بدل تحليلها، مع غياب شبكات معيارية للتقويم..
المطلوب جعلُ حصص مدخل الحكمة للتدريب والتجريب، ورسمِ الخطط العملية لإنماء قابليات الحكمة في أنشطة تستهدف أساسا صقل الذكاءات المتعددة عامة، والعقلية والوجدانية والتواصلية المهارية منها خاصة..
المداخلة الرابعة : للأستاذ عبد اللطيف بوعبدلاوي بعنوان تدريس القرآن الكريم في المنهاج الجديد ، قراءة وصفية تحليلية .
أشار المنهاج الجديد لمادة التربية الإسلامية إلى أن المرجعية الشرعية هي الإطار المرجعي الأول الذي استند إليه واضعو المنهج ، وهذا يستدعي أن يكون النص القرآني مهيمنا على درس التربية الإسلامية على صعيد الكفايات و الأهداف المتوخاة، و كذلك على صعيد المقاطع و الوضعيات المقترحة في البرنامج الدراسي .
وقد قسم المحاضر مداخلته إلى قسمين : القسم الأول حضور النص القرآني في المنهاج الجديد لمادة التربية الإسلامية في نقطتين الأول من الناحية الكمية الثانية من الناحية المنهجية.
القسم الثاني : ملاحظات نقدية
القسم الأول : حضور النص القرآني في المنهاج الجديد
– أ : من الناحية الكمية على مستوى مرجعيات و أسس بناء منهاج مادة التربية الإسلامية :
جعل المنهاج في صدارة هذه المرجعيات المرجعية الشرعية المستندة إلى خصوصية المعرفة الإسلامية المستمدة من القرآن الكريم و السنة النبوية المطهرة
– على مستوى الكفايات المستهدفة خلال سنة دراسية :
” أن يكون المتعلم في نهاية السنة الدراسية قادرا على حل وضعيات مشكلة مركبة و دالة موظفا مكتسباته المرتبطة بالقرآن الكريم (السور التي درسها خلال الموسم الدراسي)
– على مستوى المهارات الأساسية التي يستهدفها المنهاج :
نجد النص القرآني حاضرا بشكل واضح من خلال المهارات التالية :
◄ فهم النصوص الشرعية و تحديد دلالتها.
◄ استنباط القيم والقواعد و الأحكام من النصوص الشرعية .
◄ الاستدلال بالنصوص الشرعية في وضعيات تواصلية بيانية أو حجاجية.
ب : من الناحية المنهجية : حرص مؤلفو الكتب المدرسية على خدمة السور القرآنية المقررة من نواح متعددة منها على سبيل الإيجاز : توثيق السور ، إيراد أسباب النزول ، الاهتمام بالجانب المعجمي ،الاهتمام بالتجويد والرسم.)
وقد ساق المتدخل بعض الأخطاء المعرفية والمنهجية الواقعة في الكتاب المدرسي لمادة التربية الإسلامية .
أ – أخطاء معرفية :
في كتاب “واحة التربية الإسلامية: الأولى إعدادي” في درس الأسبوع الثاني ورد تعريف قاعدة القلقلة على هذا النحو : “نطق الحرف بصوت مضطرب حتى تسمع له نبرة قوية في حال الوقف. مثال : كلمة “المجيد” تنطق الكلمة بالوقوف على الدال ساكنة و مقلقلة، و مثل الدال باقي الحروف المركبة في ‘قطب جد’ .” والتعريف يغفل كون القلقة موجودة في الوقف وغير الوقف .
في كتاب “المنير في التربية الإسلامية : الثانية إعدادي” الصفحة : 36 ورد في تعريف الإدغام هذه العبارة : “شرط الإدغام أن يكون في كلمتين ، أي النون الساكنة في آخر الكلمة الأولى، وحرف الإدغام في أول الكلمة الثانية” و العبارة ناقصة لأنها لا تذكر التنوين .
أخطاء منهجية :
أورد كتاب “المنار في التربية الإسلامية : الخامسة ابتدائي” أحكام المد على هذا النحو
● الأسبوع 12 مد الصلة الصغرى ، الأسبوع 14 مد متوسط ، الأسبوع 18 المد اللازم ، الأسبوع 20 المد الطبيعي .
و الطبيعي أن يبدأ بالمد الطبيعي لأنه هو الأصل و لذلك يسمى المد الأصلي ، و المدود الأخرى يجمعها المد الفرعي.
ولكن الكتاب المدرسي بعد أن ذكر المدود الفرعية ،أورد المد الطبيعي و ذكر فيه أن حروف المد ثلاثة : وهي الألف الساكنة المفتوح ما قبلها ، و الواو الساكنة المضموم ما قبلها ، و الياء الساكنة المكسور ما قبلها. فأين البعد المنهجي في هذا العمل ؟
جاء في كتاب “الرائد في التربية الإسلامية : الثالثة إعدادي” تعريف الإخفاء في درس الأسبوع 24 بأنه “حالة وسط بين الإدغام و الإظهار” ، بينما لم يأت بقاعدة الإظهار إلا في درس الأسبوع 31 ، و المنطقي أن تتأخر قاعدة الإخفاء عن قاعدتي الإظهار و الإدغام ، لأن تصورها متوقف على تصور القاعدتين السابقتين .
كانت هذه أهم النقاط المهمة في مداخلة الأستاذ عبد اللطيف بوعبدلاوي .
الجلسة العلمية الثانية بعنوان :
مقترحات عملية لتنزيل المنهاج الجديد بتسيير الأستاذة زاهية أفلاي
بعنوان :. المداخلة الأولى : الأطر المرجعية للمنهاج الجديد للتربية الإسلامية للأستاذ عبد الرحمان زيدان
تلخصت مداخلة الأستاذ عبد الرحمان زيدان في الحديث عن التقويم ومفهومه وكيفيته وأشار إلى أهمية ربط التقويم بالطريقة التي بها يتم التدريس ، إذ لا يعقل أن يطرح الأستاذ في الفروض أسئلة من قبيل أذكر ؟ متى ؟ استظهر ؟ دون أن يستهدف مهارة التحليل والتركيب ، وفي يوم الاختبار الإشهادي للباكلوريا مثلا تأتي أسئلة تحليلية لم يتعودها التلميذ فينصدم .
وبين أنه من خلال هذا التقويم يتم قياس مدى تحكم المتعلم في كفاياته في مجال ما وأيضا يتم قياس المنتوج التربوي بواسطة وضعيات اختبارية وأسئلة مختلفة ، وأشار إلى مكونات عدة التقويم مجملا إيها على الترتيب التالي : الإطار المرجعي للاختبار ، المذكرات المنظمة ، جدول التخصيص ، “الاختبار الوضعيات الاختبارية ، دليل الأجوبة سلم التنقيط ، شبكة تدوين واستثمار النتائج ، وركز على الاهتمام بالشروط الأساسية للتقويم وهي خمسة : الموضوعية ، الصلاحية ، الثبات ، الشمولية ، سهولة التطبيق .
وختم المحاضر مداخلته بذكر أهداف الإطار المرجعي ومعايير توظيفه :
الأهداف : أولا توحيد الرؤية بين مختلف اللجن المكلفة بوضع الامتحان الموحد حول ما ينبغي أن يستهدفه الامتحان بغض النظر عن تعدد الكتاب المدرسي الخاص بكل مادة .
ثانيا : الرفع من صلاحيتها وذلك من خلال تغطيتها للمنهاج الدراسي وتمثيليتها له تحقيقا لمبدإ تكافؤ الفرص.
ثالثا : توحيد المرجعيات بالنسبة لكل المتدخلين لجعل الامتحان يقوم على أساس تعاقدي.
رابعا : اعتماد معيار وطني لتقويم مواضيع الامتحان الجهوي.
خامسا : توفير موجهات لبناء فروض المراقبة المستمرة واستثمار نتائجها بغية جعل المتعلمين يتحكمون في كفايات ومحتويات المناهج الدراسية.
المداخلة الثانية : الإشكالات الصفية في تدريس مادة التربية الإسلامية وفق المنهاج الجديد للأستاذ خالد البورقادي .
استهل الأستاذ المحاضر مداخلته بالحديث عن المراجعة التي عرفها منهاج مادة التربية الإسلامية نهاية موسم 2016 ، والسرعة القياسية التي أنجز فيها لتتلو هذه العملية عملية أخرى وهي طبع الكتب المدرسية وما صاحبها من تأخر في توزيعها حيث لازال البعض لم يتوصل بالكتاب المدرسي إلى الآن ، رغم كل ذلك بذل أساتذةُ المادة ومفتشُوها الوسع في الحفاظ على انطلاقة طبيعية للموسم الدراسي (2016-2017) حيث عمل الكثير من أساتذة المادة على الاشتغال الصفي انطلاقا من مفردات المنهاج التي حددتها الوثيقة في غياب تام للكتاب المدرسي والوثائق الأخرى المصاحبة ، ثم عرج المتدخل على مقارنة المنهاج الحالي بالمنهاج السابق حيث حافظ هذا الأخير على نفس المنطلقات والمرجعيات الشرعية والبداغوجية ، بعد هذا انطلق المتدخل للحديث عن أهم الإشكالات الديداكتيكية ؟ وكيف يمكن اقتراح حلول لها ؟ وأجمل هذه الإشكالات في أربع نقاط باختصار .
الأولى : إشكالية التضخم المعرفي في المنهاج الجديد .
حيث اعتمد المنهاج الجديد خمسةَ مداخل في بنائه: التزكية وتضم القرآن الكريم والعقيدة؛ مدخل الاقتداء؛ مدخل الاستجابة؛ مدخل القسط؛ مدخل الحكمة. حيث نجد مجموع الدروس الموزعة على المداخل الخمس ستة وعشرين درسا: عشرون درسا موزعة على العقيدة والاقتداء والاستجابة والقسط والحكمة؛ وستة دروس خاصة بالسورة القرآنية المخصصة في كل مستوى. في حين نجد المنهاج السابق يضم اثنا عشر درسا فقط موزعة على دورتين: ستة دروس في كل دورة وفق التناول الذي كان مقررا: درس نظري- درس تطبيقي – درس الأنشطة ، فالمنهاج الجديد جاء ينشد تفعيل ما يسمى بوظيفية المعرفة لكنه لم يقم في بذلك .
ثانيا : إشكالية توظيف الكتاب المدرسي .
يعد الكتاب المدرسي الأداة الرئيسية لتصريف المنهاج التربوي ، وهو أهم الوسائل البيداغوجية في العملية التعليمية التعلمية ، وقد أورد المحاضر بعض التعريفات منها تعريف دولاندشير وتعريف الدكتور أحمد أوزي وذكر بأن الضغط الذي صاحب صدور الكتاب المدرسي لاشك انه سيخصم من جودة الكتاب المدرسي وظهر ذلك جيدا في تضخم المعرفة و اعداد الكتاب وفق بداغوجيا المضامين بدل بيداغوجيا الكفايات التي تقتضي بناء معرفيا للمفاهيم.
و من الإشكالات الديداكتيكية المرتبطة بتوظيف الكتاب المدرسي: التمثل السلبي الذي يحمله المدرس نحو الكتاب، فمن خلال المتابعة الميدانية في الإشراف التربوي؛ لوحظ أن أغلب الأساتذة يرتبطون بالكتاب المدرسي بشكل خطي وبحرفية واضحة، رغم أن الكتاب هو للتلميذ؛ بينما الأستاذ يمكن أن يعدد موارده ومصادره في الإعداد والتحضير والتخطيط لدرسه وفق سيناريو بيداغوجي محتمل(استثمار الجذاذة بشكل وظيفي).
ثالثا : إشكالية بناء المفاهيم الشرعية
تبنى المفاهيم من تصورات تحصل من خلال الحواس الخمس ، فعند ضبط المفاهيم يستطيع التلميذ الانتقال من المعرفة السابقة الى المعرفة اللاحقة دون نسيان ما تم اكتسابه وهنا تتجلي أهمية المفهوم وقد جاء في المنهاج الجديد شبكة نسقية قوية منظمة لعديد المفاهيم شكلت مداخل القسط الحكمة التزكية الاستجابة ثم الاقتداء لكن يبقى الإشكال الديداكتيكي وهو مدى قدرة الأستاذ على تدريس المفهوم في ظل التضخم المعرفي الهائل .
رابعا : إشكالية تدريس وتقويم القيم
من إيجابيات المنهاج الجديد أنه اعتمد قيمة مركزية وقيما ناظمة للمنهاج الجديد: التوحيد قيمة مركزية؛ وأربع قيم ناظمة: المحبة – الحرية- الاستقامة- الإحسان. ومن أهم الإشكالات في هذه النقطة ما يعاني منه المنهاج التربوي المغربي بخصوص إدماج القيم في البرامج والمقررات الدراسية؛ هو غياب النسقية والانسجام بين المواد مما يؤثر بلا شك سلبا على القيم التي تروم كل مادة تمريرها وإكسابها للمتعلمين.
المداخلة الثالثة : بعنوان الممارسة البيداغوجية والديداكتيكية لمادة التربية الإسلامية وفق المنهاج الجديد .الأستاذ يحيى نجار أستاذ ممارس بثانوية محمد السادس وجدة .
قدم الأستاذ في مداخلته مقترحات متعلقة بالتخطيط لدرس في مادة التربية الإسلامية وفق المنهاج الجديد للمادة عبر نموذج جذاذة شرح فيها بعض مراحل الدرس عمليا .
ختاما :
شاء الله لهذا اليوم الدراسي أن في ظروف وأجواء يكسوها نور العلم كما أن المشاركة النسائية كانت حاضرة بقوة أستاذات ممارسات يحمل هم المعرفة ونقلها إلى المتعلمين ومشاركات مبادرات
اترك رد