د.عاصم عبد المجيد كامل: مدرس علم النفس التربوى، كلية الدراسات العليا للتربية – جامعة القاهرة
لا شك فى أن المدرسة هى المؤسسة التى يقع على عاتقها فى المقام الأول تشكيل عقول الأفراد فى مراحل تعليمهم الأساسى , وتهتم المدرسة الحديثة بالبناء المتكامل لشخصية الطفل وتنميتها فى الجانب الإيجابى , ليس هذا وفقط , وإنما تسعى إلى تقويم الإعوجاج الحاصل فى سلوك الطفل , والأخذ بيده نحو الطريق الصحيح , ويحكم على أى نظام تعليمى بالقوة أو الضعف بقدر قربه أو بعده عن هذا التصور .
وفى سبيل سعينا للحصول على بيئة مدرسية ثرية تغذى عقل ووجدان الطفل بما يفيد المجتمع ويرتقى به , فإننا يجب أن نسعى نحو التعرف على أهم المشكلات السلوكية والتى تنعكس آثارها على المجتمع بلا شك والعمل على علاجها , ومن بين هذه المشكلات السلوكية والتى أصبحت تمثل ظاهرة تشكل خطرا كبيرا على المجتمع هى ظاهرة التنمر المدرسى وهو شكل من أشكال العنف يلحق الضرر بالآخرين ،ويحدث التنمر في المدرسة أو في أثناء الأنشطة المختلفة ،عنما يستخدم طالب أو مجموعة من الطلاب قوته في إيذاء الأفراد أوالمجموعات الأخرى ،ويكون أساس قوة المتنمرين إما قوة جسدية ،أو العمر الزمني لهم ،أو الحالة المالية ،أو المستوى الاجتماعي.
ويأتي التنمر في عدة أنواع وأشكال منها.
التنمر الجسدى : ويشمل أي اتصال بدني يقصد به إيذاء الفرد جسديا ،ويأخذ أشكالا مختلفه منها :اللطم ،الضرب الشديد، العض ،الخدش ،والبصق ،وتخريب الممتلكات الشخصية .
التنمر اللفظي : ويعد التنمر الفظي أكثر أشكال التنمر شيوعا لدى الذكور والبنات في مختلف المراحل التعليمية والتنمر اللفظي اي هجوم أو تهديد من الشخص يقصد به الأذى ،عن طريق السخرية ،والتقليل من الأخرين ،وانتقاد الآخرين نقداُ قاسيا ،والتشهير بالأشخاص ،والابتزاز، والاتهامات الباطله ، والاشاعات ، إطلاق بعض الألقاب المبنية على أساس الجنس ،العرق أو الدين ،أو الطبقة الاجتماعية ،أو الأعاقة ، ويمارس المتنر هذا النوع من التنمر بهدف التأثير على تقدير الذات لدى الضحية ،حيث يمارس أمام مجموعة الأقران .
التنمر الجنسي : ويشمل التلميح برسائل غير مرغوب فيها مثل النكات ،والصور والتهكمات أو البدء بالشائعات ذات الطبيعة الجنسية .
التنمر الانفعالي : وهو ما يطلق علية التنمر العاطفي ويهدف المتنمر الى التقليل من شأن الضحية والتقليل من إحساسها بذاتها ويشتمل على التجاهل ، العزلة ، وإبعاد الضحية عن الأقران ،والتحديق بطريقة عدوانية واستخدام لغة الجسد العداونية .
وتكمن خطورة التنمر المدرسى فى كونه يترك أثرا سلبيا على المتنمر وعلى الضحية على حد سواء ففى الوقت الذى يشعر فيه المتنمر وهو الفرد الذى يمارس التنمر بأنه أقوى وأفضل من الضحية وأنه يستطيع أن يفرض رأيه وسطوته على الأخرين , فإن الضحية أيضا يشعر بالخزى والاضطهاد , وكل هذه المشاعر السلبية سواء للمتنمر أو الضحية من شأنها أن تنتج أفرادا يحملون بين صدورهم حقدا على المجتمع ورغبة فى فرض السيطرة والقوة وهو ما يؤدى إلى التطرف والإرهاب .
إن الأمر بلا شك خطير ويحتاج بذل المزيد من الجهد لمواجهة هذه الظاهرة والقضاء على بذور العدوان فى نفوس أطفالنا حتى يخرجوا للمجتمع بصدور يملؤها حب المجتمع والناس والرغبة فى البناء والتعمير بدلا من الرغبة فى الانتقام , وقد أجريت العديد من الدراسات فى مصر والوطن العربى حول ظاهرة التنمر المدرسى بهدف التعرف على أسبابه وطرق علاجه , يمكن للمسؤلين الرجوع إليها والاستفادة منها فى مواجهة هذه الظاهرة.
اترك رد