وقائع إسلامية .. الوثنية العميقة ومظلومية محمدية كاملة (مراجعة إسلامية فى السيرة النبوية)

الدكتور عبد الحكيم العبد: أستاذ مشارك متفرغ بمركز اللغات والترجمة بأكاديمية الفنون – الجيزة – مصر

يفترض هذا الموضوع تناولا رأسيا مجددا لكل عناصر التراث مما يحوج إلى تضافر الجهود وتكاملها والترحيب بكل إسهام ولو بدا قليلا ما دام له كيف ويمثل كشفا أو إضافة .
من متواضع ذلك مراجعة لى فى بعض وقائع السيرة النبوية ، اتخذت العنوان العام المذكور والعنونة التوصيفية الرديفة :
الوثنية العميقة – ثورة مضادة – (8 ، 9 هـ)
همٌّ عظيم أعظم
* فلم تكن غزوة الفتح العظيم سنة (8 هجرية) إلا بداية همٍّ عظيم أعظم فى مطرد (65) غزوة وسرية فى عمر الدعوة المحدود . كل ما سبق الفتح منها كوم وهبة الوثنية العميقة منذ الشهر التالى للفتح كوم . مظلوميات مدلهمة متتابعة وفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها ؛ الآخرة شرٌّ من الأولى” بنص عبارة المصطفى ، موجوعاً فى مرض موته ، غابطا شهداء البقيع فى زيارته لهم ، مفضلا اللحاق بالرفيق الأعلى على ما خير فيه من “مفاتيح خزائن الدنيا” .
◙ رغم صلح الحديبية 6هـ ورغم الفتح 8هـ فى سياق (65) غزوة وسرية فى عمر الدعوة المحدود :
– فبعدوانهم على خزاعة حليفة الرسول – نقَضَ الصلحَ : بنو بكر وقريش ؛ مما أدى إلى فتح مكة دون قتال يذكر بجيش مسلم مرهوب .
– بيد أنه فى حنين والطائف 8هـ بعد الفتح بأقل من شهر فرغ المسلمون من :هوازن نجد وثقيف الطائف.
◙ ومن فوره قفل الرسول للمدينة – لم يهنأ بالمقام بأم القرى – إعدادا للكماشة الشمالية الثانية فى تبوك سنة (9 هجرية) بخُدعة الهجوم المعجز الآخر فى رمضان وحر موسم الجَنْى ؛ فقد تراجع هرقل للمرة الثانية لم يشف غليله من تراب خالد ، ومعه حلفاؤه العرب الكثر :
لخم – غسان – جذام – عاملة ، يخابر لهم جميعا المنافقون فى بيت سويلم الذمى .
– تمت تسويات على الحدود الشمالية مع :
تبوك وأيلة ؛ وتم إخضاع دومة الجندل
– ومن ثم جرت مجريات مع :
لخم وغسان وجذام وعاملة .
◙ وفى الداخل أخيرا – وبمجرد الفراغ من تبوك – حسم الأمر للمظلومية المحمدية كلها بآيات (براءة) فى سورة التوبة صدد الناقضين والمنافقين جميعا:
بنو بكر – قريش – هوازن – ثقيف – الأعراب – أهل الكتاب – منافقو المسجد الضرار- كل الذين “هموا بإخراج الرسول” .
– وذلك كله بالآيات شاملة هذه الفئات فى عدالة ظاهرة وهم :
1- سائر الناس يوم الحج الأكبر : براءة واستتابة وتحذير عام
2- من لهم عهد من المشركين : أمهلهم لتمام عهدهم مع فسحة لأربعة أشهر أيضا
3- الذين عاهدوا ولم يخفروا العهد : الاستقامة للاستقامة .
4 – من استجار من المشركين : يؤاجر ويؤمن
5- خافروا العهد العوديون الفاجرون بالإل والرحم : قتال بعد الأشهر الحرم إلا ضرورة وحرمان من المسجد الحرام .
6- أهل الذمة ضريبة الجزية ضرورة
♦ ولم يخل الأمر من متنبئين كذبة شاغبوا الرسول وتولاهم أبو بكر بعد .
◙ نصر الله صادقيه وحج بهم الرسول حجة الوداع (10 هـ) فى مائة ألف أو يزيدون . بعدها بثلاثة شهور حُم الرسول الجَبَل ؛ ولجزع المسلمين خرج متوكئا على عمه العباس وعلى ابن عمه علىّ . خطب على مرقاة المنبر مذكرا بموت النبيين . توفى يوم الإثنين 13 ربيع الأول سنة 11هـ
– هل نعجب أن اختار المصطفى معاناة الحُمَّى ولقاء الموت مع رفضه الدعاء لنفسه بالشفاء ؟
– وهل تستغربون أن أسمى هذا التحشاد الوثنى الجهنمى كله ثورة مضادة ……….
– وما أشبه الليلة بالبارحة . فلا مبرر للركون إلى الدعة وعدم الإعداد فهذا الركون نفسه هو عين التهلكة التى عنتها الآية بـ ” ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة” واسألوا ثقاة المفسرين .
* * *
أول الخيط / غزوة بدر الكبرى (2 هـ ، 17 رمضان)
لتهجيرهم النبى والمؤمنين أكثر من مرة واحتباسهم أموالهم بمكة فكر المسلمون فى اعتراض قافلة الشام القرشية . رغم نجاة أبى سفيان بالقافلة هاجمت قريش فى حوالىالف (000 , 1) مثلت المعركة نصرا حاسما للمسلمين دعمهم حتى لدى انكسارات لهم بعد .
بنو قينقاع 2هـ
– عرى أحدهم ظهر مسلمة فى السوق بحيلة صبيانية – قتله مسلم وقتلوه مجتمعين – حذرهم الرسول وأنذرهم فاستهتروا به وببدر بـ “وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء” حاصرهم المسلمون – ارتعبوا – ترك الرسول أمرهم لمولاهم عبد الله بن أبىّ – واكتُفى بإبعادهم عن المدينة (كان اليهود – غير العرب – فى الأصل مهجّرين أو فارين من وجه الرومان فى الشمال . وفى حصرلبنى قينقاع بمخرجهم بأذرعات بالشام بلغوا ستمائة (600) هلكوا هناك) .
غزوة أحد (منتصف شعبان 3هـ)
– رغبة فى رد عار بدر وفى 000، 3 ثلاثة آلاف من : قريش – عرب تهامة – بنو الحارث – بنوالهون – بنو المصطلق .
– لترك الرماة مواقعهم انكسر المسلمون – قنَـِع المهاجمون بما ظنوه موتا للنبى وانسحبوا ؛ دون تشف بدافع الإل والرحم كما سيطَّرِد فى إشارة تالية .
بنو النضير 4هـ
تحكيم متسامح – خروج بثرائهم الواسع
بينا بينهم وبين الرسول حلف يقضى بالتعاون عند الحاجة ذهب إليهم الرسول فى طلب المعاونة فى دية قتيلين ، وبدل الوفاء أطاعوا محرضا منهم لإلقاء حجر على الرسول – أخبره الوحى – حاصرهم المسلمون – ارتعبوا – طلبوا السماح لهم بالخروج من المدينة ومعهم ما تحمل الإبل إلا الدروع بعضهم لخيبر وبعضهم للشام .
معركة الأحزاب فى 10,000عشرة آلاف (شوال 5هـ )
– جمعها بنو النضير المتسامح معهم – أجاع الحصار المسلمين بالمدينة فى 3000 مقاتل ، “حتى ربطوا الحجارة على بطونهم وعاشوا فى سجن ضيق” ، ولدى اتضاح بوادر الخلاف بين قادة الأحزاب اتصل حيى بن أخطب مهاجر بنى النضير إلى خيبر بكعب بن أسد سيد بنى قريظة
لنقض الصلح والانضمام للأحزاب :
قريش – غطفان – بنو مرة – وغيرهم
– شكك نعيم بن مسعود بين العرب واليهود – وعصفت الريح بالأحزاب – قفلوا راجعين وخلفوا قريظة .
بنو قريظة 5هـ
رغم منتهى التسامح مع بنى النضير ، بعد ظهور خطر التسامح مع بنى النضير وإثر دورهم فى غزوة الأحزاب احتكموا لسعد بن معاذ فقضى بما قضى بما يقضى به فى الخيانة وقت الحرب . حكم فيهم سعد بقضاء التوراة فيما نحبذ فضْل بحث .
صلح الحديبية (6 هـ)
المسلمون حوالى (1000) ألف لعمرة ذى الفعدة 6هـ – أسس الصلح – سماها الباقورى غزوة .
خيبر وصلحُها ( 7 هـ )
كان الرسول فى البداية قد كتب إلى يهود خيبروذكَّرَهم بما أنزل على موسى ؛ وبعد فشل تحزيب اليهود للأحزاب بانسحاب الأحزاب ، استدار المسلمون على المحزبين فى وادى القرى وفدك وتيماء وخيبر منضما إليهم مهاجرو بنى النضير المتسامح معهم قبل . خلصت الحصون حصنا حصنا . سالم النبى بعضهم على النصف . حاولت إحداهم سم النبى بذراع شاة . لفظ النبى الطعمة ومات بالسم البراء بن معرور . اعترفت وسومحت بقولها بفعلها ما فعلت اختبارا لنبوة النبى ، ومن قوسموا بخيبر بقوا حتى قتلوا رجلا فأجلاهم عمر بعد
سرية مؤتة (جمادى الأولى 8 هـ )
بدء الصراع مع غير العرب
فى ثلاثة آلاف (3000) موجهة فى الأساس للثأر لقتل الغساسنة لرسول الرسول (الحارث بن عمير الأزدى) ؛ غير أن المسلمين فوجئوا بانضمام محالفيهم الروم فى جيش جرار بلغ 000،200 (مئتى ألف) – بمقتل قادة ثلاثة للمسلمين : زيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة و جعفر بن أبى طالب ، انسحب خالد بجيشه الصغير تحت خدعة التعفير الذى حسبه الشماليون مددا فكفوا عن ملاحقة المسلمين .
فتح مكة (8 هـ (رمضان)
(الجمعة لعشر بقين من رمضان وحركة ضد الإسلام استلزمت حنين والطائف (8 هـ ) .
– ما كاد الرسول ينهى مناكص لأقوى نصير لقريش (اليهود) – وفى جيش من عشرة آلاف (10,000) على إثر نقض بنى بكر وقريش صلح الحديبية تحرك الجيش المسلم مرهوبا من قريش حتى تم فتح مكة دون قتال يذكر 0حطم الرسول الأصنام وأقر مفتاح الكعبة فى بنى عبد شمس رغم مرير عداوة بينهم وبين بنى هاشم وبعفو عام استبعد منه قاتلان ومؤذى امرأة ؛ بيد أنه بعد الفتح بأقل من شهر بودر للحرب فى معركة ممتدة فى حنين والطائف عادوها :
جموع هوازن (بطونها) فى نجد ، وجموع ثقيف بالطائف
– حاربوا المسلمين فى وادى حنين – وبعد تقهقر للمسلمين هزم المشركون وتعقبهم المسلمون إلى الطائف وحاصروهم طويلا وفتَّ فى عضدهم وناشدوا الرسول اللهَ والرحم ولانت عزيمتهم وأوفدوا للرسول فى الجعرانة وعفى عن زعيم ثقيف مالك بن عوف ورد إليه ماله) وحطم اللات صنمهم دون استثناء طمحوا إليه .
تبوك (9هـ ، 9رمضان )/ حسم الأمر مع الشمال
– آخر غزوات الرسول – تلاها عام الوفود (العام 9 هـ – أرخها الباقورى بشهر رجب سنة 9 – تمررا من الروم وحلفائم من انخداعهم بحيلة خالد ، وقد بدا ما ظنوه بوادر استتباب النصر للمسلمين فى جزيرة العرب.
أجلب هرقل بنفسه ومعه لخم وغسان وجُذام وعاملة .
– رَزَقَ هرقل أصحابه أجر سنة وزحف لأطراف الجزيرة مما شجع المنافقين يجتمعون فى بيت سويلم اليهودى – سُمى جيش المسلمين “جيشَ العسرة” فى 000 יּ30 (ثلاثين ألفا) أو أربعين أو سبعين – حسِب الروم المسلمين لا يحاربون فى حر اشتد والموسم حصاد ؛ فتقهقروا للتحصن داخل بلادهم – اكتفى الرسول بالعسكرة فى تبوك معاهدا بعض سكان الحدود :
تبوك وأيلة وأخضع بخالد دومة الجندل
– بذا انتهت الغزوة آخر غزاته (ص) .
نقض الحديبية 9هـ وقضاء سورة التوبة (براءة)
(حسم الأمر مع الداخل أخيرا)
– ومناسبة نزولها : فى بنى بكر حين جعلوا يقتلون خزاعة حلفاء الرسول ؛ وانضم إليهم حلفاؤهم بمكة
– برغم الصلح نشأ قتال بين بنى بكر وخزاعة نقضت قريش الحلف بالانضمام لبنى بكر واستنجدت خزاعة بالمسلمين ، وآن أوان حسم الأمر مع الناقضين والمستفزين بالداخل جميعا :
بنى بكر – هوازن – ثقيف – قريش – الأعراب – أهل الكتاب (الدولةالعميقة) .
– “بعث النبى {ص} عليا سنة تسع فآذن يوم النحر بمنى بهذه الآيات وأن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان” ، بموجب سورة التوبة العارمة الغضب المستصلحة المحفوزة بنبذ العادين قيمة رعاية الإل والرحم ؛ حتى إنها افتتحت دون بسملة.
حجة الوداع ( 10 هـ / ذو القعدة – ذو الحجة )
فى مائة ألف أو يزيدون – بعدها بثلاثة شهور حُم الرسول بشدة – لجزع المسلمين خرج الرسول متوكئا على عمه العباس وعلى على خطب على مرقاة المنبر مذكرا بموت النبيين – توفى يوم الإثنين 13 ربيع الأول سنة 11هـ ؛ ويعد المصطفى شهيدا أيضا بقوله باثر سم اليهودية المعفو عنها له فى خيبر .
سورة التوبة – السورة التاسعة (تعريف وجيز)
◙ سورة مدنية ويقال لها أيضا سورة براءة ؛ وهى مما يعنى بجانب التشريع شأن السور المدنية . من أواخر ما نزل من القرآن ، نزلت فى السنة (9) من الهجرة مرجع النبى (ص) من غزوة تبوك سنة خروج النبى لغزو الروم ، وحيث بعث النبى أبا بكر أميرا على الحج تلك السنة ليقيم للناس مناسكهم ؛ فلما قفل أتبعه بعلى بن أبى طالب ليكون مبلغا عن رسول الله ما فيها من الأحكام .
– سميت بأربعة عشر اسما فى استقصاء وسبر بعض المفسرين منها ما تداعى فى السياق (براءة – الفاضحة- سورة العذاب) وغير ذلك :المقشقشة (من النفاق: المبرئة منه) فضلا عن المعثرة والمشردة الخ .
– كانت فى حر شديد وسفر بعيد ، حيث طابت الثمار وأخلد الناس إلى نعيم الحياة فكانت ابتلاء لإيمان المؤمنين وامتحانا لصدقهم وإخلاصهم لدين الله وتمييزا بينهم وبين المنافقين ؛ ولها هدفان :
1- بيان القانون الإسلامى فى معاملة المشركين وأهل الكتاب ؛ فقد وضعت حدا لعهود المشركين ومنعت حجهم لبيت الله الحرام (وطوافهم حوله عرايا) وقطعت الولاية بينهم من ثم وبين المسلمين ووضعت الأساس قى قبول بقاء أهل الكتاب فى الجزيرة العربية وإباحة التعامل معهم . وقد كان بين النبى وكل من المشركين وأهل الكتاب عهود ومواثيق ؛ ولكن المشركين نقضوا العهود وتآمروا مع (من تآمروا معهم من) اليهود عدة مرات على حرب المسلمين وخانت طوائف من اليهود (بنو النضير وبنو قريظة وبنو قينقاع) ما عاهدوا عليه الرسول ، فانتفت الحكمة من العهود فنزلت السورة بإلغاء تلك العهود ونبذها إليهم على وضوح وبصيرة مانحة لهم فرصة النظر والتدبر بالسياحة فى الأرض (4) أشهر آمنين (صدر السورة) ؛
– ثم تلتها الآيات فى قتال الناقضين من أهل الكتاب . عدهم الصابونى المعنيين بـ “-قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر..” . تناول الحديث عن (المعنيين من أهل الكتاب) ما يقرب من (20) آية كاشفة القناع عن خفاياهم المضمرة على الإسلام من قبيل اتخاذهم مسجدا ضرارا وتفريقا للمسلمين وكفرا وقد نزلت فيه (4) آيات . وبمجرد الوحى أمر المصطفى بهدمه وحرقه . وذكر سيد قطب من نقضهم العهود نقض بنى بكر لعهدهم مع الرسول حين جعلوا يقتلون خزاعة حلفاء الرسول بمكة .
2- هدف السورة الثانى إظهار ما كانت عليه النفوس حينما استفزهم الرسول لغزو الروم : نفسيات المسلمين : المتثاقلين والمتخلفين والمثبطين والمنافقين (الطابور الخامس) ، حتى لتكاد تلمسهم أيدى المؤمنين . استغرق الحديث عن هؤلاء معظم السورة ، من أول “لو كان عرضا..” إلى “لا يزال بنيانهم..” ؛ ولهذا سماها بعض الصحابة الفاضحة (ابن عباس) ؛ بأسلوب ” ومنهم” و “منهم”… وقيل لها “سورة العذاب” (حذيفة بن اليمان) ؛ ومن ثم عللوا عدم بدئها بالبسملة لأنه رحمة وقد شرعت السورة بالسيف فى حق .
* ونظرنا فى قضاء سورة التوبة يظهره شاملا بعدله هذه الفئات فى عدالة ظاهرة وهم :
1 سائر الناس يوم الحج الأكبر براءة واستتابة وتحذير عام وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3)
2 من لهم عهد من المشركين أمهلهم لتمام عهدهم مع فسحة لأربعة أشهر أيضا برَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)
3 الذين عاهدوا ولم يخفروا العهد الاستقامة للاستقامة إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (4)
… إلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (من 7)
4 من استجار من المشركين يؤاجر ويؤمن وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6)
5 خافروا العهد العوديون الفاجرون بالإل والرحم قتال بعد الأشهر الحرم إلا ضرورة وحرمان من المسجد الحرام يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28) قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ ……كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8)
اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10) فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ (14) وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (15)
مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)
6 أهل الذمة ضريبة الجزية ضرورة … وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)
– وكما هو ظاهر شملت الآيات هذه الفئات فى عدالة ظاهرة وهم :
1- سائر الناس يوم الحج الأكبر : براءة واستتابة وتحذير عام
2- من لهم عهد من المشركين : أمهلهم لتمام عهدهم مع فسحة لأربعة أشهر أيضا
3- الذين عاهدوا ولم يخفروا العهد : الاستقامة للاستقامة
4 – من استجار من المشركين : يؤاجر ويؤمن
5- خافروا العهد العوديون الفاجرون بالإل والرحم قتال بعد الأشهر الحرم إلا ضرورة وحرمان من المسجد الحرام .
6- أهل الذمة ضريبة الجزية ضرورة
♦ ولم يخل الأمر من متنبئين كذبة شاغبوا الرسول وتولاهم أبو بكر بعد .
◙ يساء فهم بعض تنظير سورة التوبة للجهاد :
والحق أنها عدلت بقدر ما حسمت وأعذرت وأثبتت مظلومية كاملة للنبى الخاتم . فقد كانت الهبَّة المعادية فى جملتها عادِية تستهدف إخراج الرسول من مكة للمرة الثانية ولم يكد يمر شهر على عفوه العام المشهور . أمنت السورة ثلاث فئات :
– من استجار النبى من المشركين
– من استقاموا له
– أهل الذمة اكتفاء بضريببة الجزية .
– ويبدو انه مع اتضاح المظلومية الإعذارية المحمدية فى الجميع فإنه حتى خافرو العهد العوديون الخافرون الإل والرحم استصلحوا بالخطاب القرآنى الحاسم المستتيب المستصلح فى الآيات :
فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)
فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11) وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) .
* * *
▲ وليظل صحيحا ما حصلنا من أنه كان ما لقيه النبى الخاتم والمسلمون من ظلم قومه وغيرهم له فى سنتى 8 و 9 وبرغم الفتح العظيم السلمى أفدح مما لقيه منهم فى سائر ما سبق من معانيات منذ “بدر” لدرجة رفضه صلى الله عليه وسلم الدعاء لنفسه بالشفاء . فتنا كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها ، آخرها أشر من أولها ، بنص خطبة الرسول الجبل فى زيارته مع “أبى مويهبة” لأهل البقيع ، مؤثرا لقاء الله بالوفاة على مفاتيح خزائن الدنيا ثم الموت . الأمر الذى يبدو أنه لزم لكيلا تؤدى توفيقاته وانكساراته جميعا وكلها مما لا يكاد يصدق وتكاد تفتن وتؤله ، حيث عملت بالأسباب وبغير الأسباب وبعكسها أيضا ، ومذكرا بموت النبيين من قبله .
* * *
▲ملخص الوقائع ووجازة بالإنجليزية
يفترض هذا تناولا رأسيا مجددا لكل عناصر التراث مما يحوج إلى تضافر الجهود وتكاملها والترحيب بكل إسهام ولو بدا قليلا ما دام له كيف ويمثل كشفا أو إضافة .
من متواضع ذلك مراجعة لى فى بعض وقائع السيرة النبوية ، اتخذت العنوان التالى :
الوثنية العميقة – ثورة مضادة – (8 ، 9 هـ)
همٌّ عظيم أعظم و مظلومية محمدية كاملة
◙ لم تكن غزوة الفتح العظيم سنة (8 هجرية) إلا بداية همٍّ عظيم أعظم فى مطرد (65) غزوة وسرية فى عمر الدعوة المحدود . كل ما سبق الفتح منها كوم وهبة الوثنية العميقة منذ الشهر التالى للفتح كوم . مظلوميات مدلهمة متتابعة وفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها ؛ الآخرة شرٌّ من الأولى” بنص عبارة المصطفى ، موجوعاً فى مرض موته ، غابطا شهداء البقيع فى زيارته لهم ، مفضلا اللحاق بالرفيق الأعلى على ما خير فيه من “مفاتيح خزائن الدنيا” .
– فرغم صلح الحديبية (6هـ) ورغم الفتح (8هـ) ، نقَضَ الصلح :
بنو بكر وقريش
– ثم فى حنين والطائف (8هـ) بعد الفتح بأقل من شهر ، هبت :
هوازن نجد وثقيف الطائف .
◙ وعلى الحدود الشمالية فى نفس الهدف كَرّت الوثنية العميقة نفسها من :
لخم – غسان – جذام – عاملة وأكناف مؤتة وتبوك (المرَّتين) فى جيش الروم على رأسهم هرقل ويخابرهم المنافقون فى بيت سويلم الذمى .
– فمما لا يكاد يصدق – ولم تتخيله كماشة جيش مِئتى الألف (000 ،200) الشمالية أن ينجو منهم خالد بجيش ثلاثة الآلاف ( 3000) بعد مصرع ثلاثة 3 من جنرالاته فى عسرة مؤتة (8 هجرية) بخدعة التراب المعروفة ؛ ثم لينتصر الجيش المسلم بعيدها فى تبوك سنة (9 هجرية) بخُدعة الهجوم المعجز الآخر فى رمضان وحر موسم الجَنْى ؛ فقد تراجع هرقل لم يشف غليله من تراب خالد ومعه حلفاؤه العرب الكثر: تراجعهم الثانى :
– وتمت تسويات على الحدود الشمالية مع :
تبوك وأيلة ؛ وتم إخضاع دومة الجندل – ومن ثم جرت مجريات مع لخم وغسان وجذام وعاملة .
◙ وفى داخل الجزيرة العربية – وبمجرد الفراغ من تبوك – استوجب الأمر الحسم للمظلومية المحمدية بآيات (براءة) “المقشقشة” ، العارمة الغضب ، صدد الناقضين والمنافقين جميعا :
بنى بكر – قريش – هوازن – ثقيف – الأعراب – أهل الكتاب – منافقى المسجد الضرار- كل الذين “هموا بإخراج الرسول”
◙ يساء فهم بعض تنظير سورة التوبة للجهاد . والحق أنها عدلت بقدر ما حسمت وأعذرت وأثبتت مظلومية كاملة للنبى الخاتم . فقد كانت الهبة المعادية فى جملتها عادية تستهدف غخراج الرسول من مكة للمرة الثانية ، ولم يكد يمر شهر على عفوه العام المشهور .
◙ أمنت السورة ثلاث فئات:
– من استجار التبى من المشركين
– من استقاموا له
– اهل الذمة ن اكتفاء بضريبة الجزية .
***
▲ كان ما لقية النبى الخاتم والمسلمون من ظلم قومه وغيرهم له فى سنتى 8 و 9 هجرية ، وبرغم الفتح العظيم السلمى أفدح مما لقيه منهم فى سائر ما سبق من معانيات منذ ” بدر” لدرجة رفضه صلى الله عليه وسلم الدعاء لنفسه بالشفاء ك فتنا كقطع الليل المظلم ، يتبع آخرها أولها ، آخرها أشر من أولها بنص خطبة الرسول الجبل فى زيارته مع أبى مويهبة لأهل البقيع ، مؤثرا لقاء الله بالوفاة على مفاتيح خزائن الدنيا ثم الموت . الأمر الذى يبدو أنه لزم لكيلا تؤدى توفيقاته وانكساراته جميعا (وكلها مما لا يكاد يصدق وتكاد تفتن وتؤله حيث عملت بالأسباب وبغير الأسباب وبعكسها ايضا) ومذكرا بموت النبيين من قبله.

ببلوجرافيا
– القرآن الكريم : سورة التوبة – السورة الزهراء الأولى (سورة البقرة)
– ابن هشام (ت 213 أو 218 هـ)/ السيرة النبوية ، تحقيق طه عبد الرؤوف سعد ، دار إحياء الكتب العربية ، فيصل عيسى البابى الحلبى، ج 1، 2ن 3، 4
– أحمد حسن الباقورى/ صفوة السيرة، إيداع 1978م
– أحمد شلبى/ التاريخ الإسلامى والحضارة ا؟لإسلامية، ط5 ، 1970
– الجلالين / تفسير الجلالين بهامش المصحف الشريف بالرسم العثمانى ، ط مكتبة الصفا .
– سيد قطب / معالم ط6 الشروق 1979م
– الطاهر الحامدى / مجلة الأزهر، ، جمادى الأولى 1437هـ – فبراير مارس 2016م ، / تأملات فى السيرة : رسول الله يتهيأ لدخول مكة ، ص 1076- 10790
– عبد الحكيم العبد/ مراجعات إسلامية ، ط المؤلف 2015م
– عبد السلام هارون/ تهذيب سيرة ابن هشام ، ط15، 1406هـ – 1986م ، دار البحوث العلمية بالكويت و مؤسسة الحياة ببيروت .
– محمد على الصابونى / صفوة التفاسير ، ط10 ، دار الصابونى ، 1977، ج1، 2ن3


نشر منذ

في

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

اترك رد