مختبر البحث في الثقافة والعلوم والآداب العربية بعين الشق يكرم الأستاذ عمر التلباني

عبد الحكيم جابري – الدكتور عبد الإله تزوت

في إطار انفتاح الجامعة على محيطها الثقافي وتقريب المبدع من الطالب الجامعي نظمت كل من كلية الآداب والعلوم الإنسانية عبن الشق، وشعبة اللغة العربية وآدابها، ووحدة الدكتوراه في الأدب الشعبي، ومختبر البحث في الثقافة والعلوم والآداب العربية، وجمعية الدار البيضاء كاريان سنطرال فرع الحي المحمدي، يوم الأربعاء 17ماي 2017 ابتداء من الساعة التاسعة صباحا بمدرج أبي شعيب الدكالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق الدار البيضاء، حفلا تكريميا للشاعر الزجال عمر التلباني.
ترأس الجلسة الافتتاحية الدكتور عبد الإله تزوت، التي افتتحت بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحضور الطالب الباحث محمد آيت إعزي، تناول الكلمة نائب رئيس جامعة الحسن الثاني الدكتور عبد اللطيف إغزو الذي اعتبر أن الاحتفاء بالشاعر هو احتفاء بالثقافة الشعبية خصوصا فن الزجل، وذكَّر برصيد الشاعر في مجال الأغاني خصوصا الوطنية التي تجاوزت 160 أغنية ليخلص إلى ضرورة دراسة تراث الشاعر عمر التلباني خصوصا مع انفتاح الكلية على العديد من الثقافات.
أما الدكتور موراد موهوب عميد كلية الآداب عين الشق فقد عبر عن إصرار الكلية على الاعتراف بالرموز ومن ثمة الاحتفاء الدائم بهم، وعلى استعداد الكلية لعقد شراكات مع مختلف الهيئات والجمعيات خدمة للتراث فيما أكد فيصل الشرايبي رئيس وحدة الدكتوراه في الأدب الشعبي على قيمة الكلمة الزجلية خصوصا في ظل ما نسمعه من الكلمات الهابطة والمبتذلة أما الدكتورة نزهة بوعياد رئيسة شعبة اللغة العربية فقد اعتبرت أن قصيدة سوق البشرية للشاعر عمر التلباني قد دقت ناقوس الخطر للوضع المأساوي الذي أصبح يعيشه واقعنا العربي اليوم وقدمت نبذة مختصرة عن الأستاذ التلباني كما استقته من خلال مقدمة الديوان المقدمة التي خصه بها الأستاذ بوشعيب فقار.
وفي كلمة جمعية الدار البيضاء كاريان سنطرال فرع الحي المحمدي في شخص رئيسها الدكتور المعطي كهفي فقد اعتبر أن الدار البيضاء ليست مدينة صناعية فحسب بل هي مدينة الأدب والكلمة بامتياز مستدلا بأحياء كثيرة على رأسها الحي المحمدي الذي تخرج منه أدباء وكتاب وفرق موسيقية وزجالين وفي مقدمتهم الزجال عمر التلباني.
وفي ختام هذه الجلسة الافتتاحية تناول الكلمة الدكتور عبد الإله تزوت مدير مختبر البحث في الثقافة والعلوم والآداب العربية الذي أشاد بالكم الهائل بالمشاركات مباشرة بعد أن أعلن عن تنظيم الندوة لكن أمام ضيق الحيز الزمني آثرت اللجنة المنظمة تقديم جزء منها على أن تطبع كل المشاركات في كتاب جماعي يشمل كل المداخلات.
وبعد حفل شاي افتتحت الجلسة الثانية التي ترأسها الدكتور جمال بن دحمان وكانت أولى المداخلات للأستاذ مصطفى أسخور التي عنونها ب “محطات في حياة عمر التلباني” حيث أشار إلى أنه من مواليد 1950 من منطقة درب غلف وفي سن الخامسة انتقل والداه إلى الحي المحمدي (كريان سنطرال سابقا) مشيرا إلى بعض المحطات التي أثرت في ثقافته منها الحلقة وسماع المتون والقصائد درس في مدرسة عمر ابن الخطاب لينتقل بعدها إلى إعدادية المستقبل ونتيجة للاحتكاك زملاء والده في العمل فقد أتقن اللغة الأمازيغية التحق بالوظيفة العمومية لكنه تفرغ لكتابة الزجل والشعر وسنة 1967 التحق بالإذاعة الوطنية حيث التقى هناك بالأستاذ عبد النبي الجيراري الذي أطلق عليه لقب التلباني كتب الكثير من الأغاني التي حاز جوائز عدة وغنى له كبار المطربين أمثال الفنان عبد الوهاب الدكالي خمسا وأربعين أغنية وعبد الهادي بلخياط خمس أغاني محمود الإدريسي أغنيتان .
أما مداخلة الأستاذ محمد بلاجي التي وسمها بالغزل الأزرق مقاربة سيميائية، فقد اعتبر أن المحراب يحيل على العبادة والنسك مشيرا إلى أن أغلب الشعراء كانوا يتحاشون ذكر اللون الأزرق، فهو لون منبوذ عند العرب مرتبط بلون عيون الأجانب، لكن اللون الأزرق عند الشاعر التلباني مرتبط بالبحر والسماء. ليتساءل عن المقصود بالعيون هل هي عيون الإنسان أم عيون الماء أم عيون الدولة، ليخلص هنا إلى أن المقصودة هي عيون المرأة، وبالتالي تقديس هذه المرأة مذكرا أيضا أن دلالة الزرقة في الثقافة الشعبية تعني أن هذا الشخص لا يعرف شيئا لكن الزرقة في الديوان هي لون لا إيجابي ولا سلبي فهو لون هادئ وهو طبع الشاعر التلباني حسب الأستاذ بلاجي يكتب بالألوان لا بالكلمات.
وفي ورقة الطالبة الباحثة زبيدة هرماس “ظاهرة التوازي في محراب العيون الزرق” قدمت لمحة تاريخية نقدية عن مفهوم التوازي، مشيرة إلى أن الراهب لوت هو أول من اقترح التوازي من خلال ثلاثة مظاهر: التوازي الترادفي والتوازي الطباقي والتوازي التوليفي، وإن كان رومان جاكبسون قد حدد خصائصه واعتبر أن التوالف لا يعني التطابق. لتنتقل إلى رصد كل أنواع التوازي في الديوان فقد حضر توازي المترادفات في قصيدة لحظة ضياع، من خلال ثنائية الأمل والحزن، وتوازي المتضادات في قصائد: أحاسيس، سيدتي الحبيبة، وسامحيني، أما توازي الاستهلال فكان في قصائد: هنا تفارقنا، ثم توازي المتجانسات في قصيدتي: ضيعي، ونحبك، أما التوازي التركيبي ففي قصيدتي: سامحيني وعارفة وخايفة.
أما الطالبة الباحثة عفاف بنتجة في مداخلتها: “غواية العنونة وسحر الكلمات في ديوان في محراب العيون الزرق” فقد أشارت إلى أن الشاعر اختار التغني باللون الأزرق واعتبرت أن العنوان هو هوية النص، والتناغم والانسجام هو ما يحكم طابع الديوان، إضافة إلى التعالق بين العناوين والنصوص الذي لا يرجى منه جلب القارئ فقط وإنما اختزال القصائد. مشيرة إلى أن سحر الكلمات في الديوان ينبع من ثلاث نقاط أساسية وهي: التنغيم الذي يصاحب كل الكلمات والصور الشعرية البسيطة ثم التعبير الصادق عن القيم الإنسانية.
وارتباطا بمفهوم القيم قدم الطالب الباحث علام عبد الإله مداخلته تحت عنوان: “القيم في الثقافة الشعبية المغربية قصيدة سوق البشرية نموذجا” محاولا رصد هذا المفهوم لغة واصطلاحا إضافة إلى ما رصد خصائصه باعتبار أن القيم نسبية وأن النظر إليها يتم من خلال الوسط الذي تنشأ فيه وهي صفة مكتسبة يتم تعلمها. ومصادر القيم اثنتان سماوي وبشري. كما أن حضور القيم في الثقافة الشعبية قوي من خلال الأمثال الحكاية الشعبية الألغاز المرددات النسائية أما حضور القيم من خلال قصيدة سوق البشرية فقد تجلى انطلاقا من العنوان مما يحيل على انهيار القين بسبب بروز مجموعة من القيم السلبية في المجتمع خصوصا ان السوق بمفهومنا الشعبي هو مكان لانعدام الأحاسيس والعواطف بل هو مكان الماديات بامتياز وفي القصيدة مزاد لكن السلع التي تباع فيه هي سلع لا مادية غير قابلة للبيع او الشراء وبالتالي فالشاعر لا ينادي إلى التبضع بل على العكس من ذلك إلى استنهاض الأمم من اجل احترام كل القيم الواردة في القصيدة عبر لغة شعرية بسيطة.
الجلسة الثانية ترأستها الدكتورة فاطمة يحياوي في الزجل المغربي قدم خلالها مجموعة من الشعراء الزجالين مجموعة من القصائد المتنوعة حيث قدم الشاعر محمد مثنة ثلاث قصائد زجلية: الشهادة، شي لعيبات قصيدة القراية، وقصيدة قرار، فيما قدم الشاعر أحمد رزيق قصيدتين الأولى بعنوان دردب لكلام وقصيدة حالنا حزين مخبل، تلاه الشاعر المهدي عويدي: الذي قرأ قصيدتي الحيط قصير وقصيدة تعليم، بعده قدم الشاعر نور الدين حنيف قصيدة جزل وشكر نظمها خلال الندوة وقصيدتي أهداب بتار، وحصاد الحرف، وأنا كوني واختارت الشاعرة فتيحة الدرابي قراءة قصيدتين الأولى بعنوان يا وجاعي والثانية بعنوان يومنا وأخيرا قرأ الأستاذ محمد أبدار قصائد لحظة ضياع وعذرا سيدتي الحبيبة ضيعي للشاعر عمر التلباني مترجمة إلى اللغة الأمازيغية.
وقبل رفع الجلسة قدم الفنان عمر السيد عضو فرقة ناس الغيوان كلمة في حق المحتفى به مشيرا الى ان كل ما غنته المجموعة في خمس وخمسين سنة لخصه الشاعر في قصيدة سوق البشرية قبل ان يغني اغنية يابني الانسان التي أهداها للشاعر.
وفي الجلسة الختامية عبر المحتفى به الشاعر عمر التلباني عن مدى سعادته بهذا التكريم شاكرا كل المتدخلين في هذا التكريم، ليقرأ قصيدة جديدة ألفها مهداة للفنان عمر السيد والدكتور محمد بلاجي وقدمت للشاعر مجموعة هدايا وشواهد تقديرية.


نشر منذ

في

,

من طرف

الآراء

اترك رد