د. حسن محمد أحمد محمد: جامعة أم درمان الإسلامية – كلية الآداب – قسم علم النفس
في البدء لابد وأن أشير إلى أنني سأتناول من خلال حديثي هذا، عن الليلة الأولى، تلك العلاقة الشرعية المنضبطة بضوابط الشرع والعرف والقانون، وليست تلك العلاقات المنحرفة والتي تتم في جنح الظلام، وخارج منظومة الزواج الشرعي المتعارف عليه حسب ثقافة كل ملة وكل مجتمع.
الليلة الأولى، إنها تلك الليلة التي يقضي كل فتا وكل أنثى الكثير من سنوات العمر وهما ينتظرانها ويحلمان بها في الليل وترتسم ملامحها في أحلام يقظتهما نهارًا، فهما يعدان لها العدة ويستعدا لها كل الاستعداد قبل أن يبلغا مبتغاهما، في تلك الليلة، حيث يتمنى كل منهما، في دخيلة نفسه ومن أعماق فؤاده، الظفر بنصفه المفقود. إنها ليلة تظل ذكراها عالقة في الأذهان طوال العمر، ولن تنسى، حلاوتها أو مرارتها، مهما تقادم العهد بها وطالت سنوات البعد عنها. ولسنا نشك في أن كل منهما، (الزوج والزوجة)، يستقي معلوماته عن تلك الليلة من خلال الانصات إلى خبرات وتجارب الأصدقاء والمعارف الخلص، الذين سبقوه، أو لم يسبقوه، في هذا المضمار، وهنا تكمن الخطورة، التي نود أن ننبه كل من هو/ي قادم/ة على اتمام نصفه/ها الحلو، إلى كيفية التعامل في تلك الليلة، حتى لا يستمتع كلاهما بنشوة اللذة في تلكم الليلة، ولا يجتر مرارة ذكرياته طوال عمره، إنها الليلة التي توضع فيها اللبنة الأولى والدعامة الأساسية لبناء عش الزوجية الهانئ السعيد (الأسرة). فكيف تستعد/ي وتهئ/ئي نفسك لليلتك الأولى؟.
ـــ البعد عن القلق والتوتر النفسي:
تحتاج منا هذه الليلة إلى البعد عن التوتر والقلق والشد العصبي الذائد عن الحد العادي، وأن يسعى كلا الزوجين إلى الاستعصام والتشبث بالكثير من الهدوء النفسي والسكينة والطمأنينة القلبية، والاسترخاء البدني والذهني؛ مما سيساهم في خلق جو من الرومانسية، والرومانسية تعني الاهتمام بالمشاعر العاطفية، وأن تمتطي صهوات الخيال وتطلق العنان لخيول عقلك التي ستطير بك محلقة في سماوات السعادة الزوجية، أي أن تتصرفا بحرية مطلقة بعيدًا عن قيود المنطق والعقل، فأنتما الآن تعيشا أجمل لحظات العمر فاغتنما الفرصة واستمتعا بها لأن هذا الشعور لن يتكرر مرة أخرى مهما بذلتما من جهد في سبيل استعادته، إنكما الآن في مأمن من أعين الرقباء والمتطفلين، طليقين من كل القيود.
ـــ الرجل (الزوج):
وقد (وقد تفيد الاحتمال) لا تتمكن من القيام بواجب تلك الليلة، وهو أمر وارد ومحتمل، فهناك الكثير من الأسباب والعلل المسببة لذلك الفشل، المؤقت، ومن المؤكد أنه فشل مؤقت فلا يداخلك أدنى شك في ذلك، ولا تشغل به ذهنك؛ لأنه أمر عارض وسيزول بزوال السبب بشكل تدريجي. فما هو الحل إذا وقع المحظور؟ والحل سهل جدًا وفي غاية اليسر والسهولة، وهو حل واحد فقط لا غير (لا تلجأ لسواه من المنشطات)، فالحل يكمن في عدم الاستسلام للشعور بالإحباط، والعمل على معاودة الكرة والمحاولة من جديد، على شرط أن تتمتع بالهدوء الكامل والتام، وأن تضع أعصابك في ثلاجة شديدة البرودة؛ (لوح الثلج)، وعندها ستنجح، وتذكر أن السعادة ستغمرك وسيسيطر عليك شعور طاغ بالفرح، وستقبل على العلاقة الزوجية الحميمة بصدر رحب وقلب منشرح.
ـــ الأنثى (الزوجة):
ونعود للحديث عن النصف الآخر (الأنثى)، وهي الحلقة الأضعف والسلبية في تلك العلاقة، إن هي استسلمت لصوت الخرافة المنبعث من غياهب الماضي السحيق، وهو، بلا شك، من الأخطاء المتكررة على الدوام؛ وذلك من خلال قراءاتي وما وقع في سمعي من تلك الشكاوى الأنثوية، والحل بين يديك سيدتي، وهو مرتبط بغريزة الحياء لدى المرأة وبسيكولوجية والخجل الأنثوي، فإذا أرادت حواء أن تبلغ قمة الاحساس والشعور بالمتعة والاستمتاع بلذة تلك العلاقة الحميمية، فما عليها سوى إعلان حرب شعواء لا هوادة فيها؛ على الحياء والخجل في تلك اللحظة، عندها ستجد نفسها قد بلغت قمة المتعة، وستحلق منتشية في فضاء السعادة الحقيقية، ولن يتحقق لها ذلك إلا استخدمت جناحيها، جناح النشوى وجناح اللذة، اللذان سيجعلانها ترفرف وتحلق في سماء الخيال الفسيح قبل أن يعود إلى فراش النوم الهادئ المريح.
ـــ سر السعادة:
يقول العلماء (علماء النفس والاجتماع والتربية …): إن سر السعادة الحقيقية يكمن في البذل والعطاء، فالسعادة، إذًا، تكمن في اسعاد الآخرين، فإذا بذل كل واحد من الزوجين كل مخزونه من الطاقة من أجل امتاع الآخر، في تلك اللحظة تتحقق السعادة لكلا الطرفين؛ لاسيما وأن السعادة الزوجية الحقة تنطلق من الفراش، فمن كان/ت سعيدًا/ةً في فراشه/ها عاش/ت سعيدًا/ةً في كل حياته.
ــــ ختام:
هناك أمر أحسبه في غاية الأهمية، ألا وهو، اطالة عمر تلك اللحظات من خلال قضاء وقت أطول في الفراش قبل وبعد الانتهاء من طقوس تلك العلاقة الجسدية الحميمة الرائعة إن نحن أحسنا التعامل معها والاستمتاع بها لحظة بلحظة، وأن لا يسيطر على أي من الطرفين الشعور بأداء الواجب، مما سيجعل من تلك اللحظات السعيدة عبئًا ثقيلاً وغير محتمل، وسيسيطر على كليهما الشعور بالإحباط وسيصابا بالسأم والملل، وهو مدعاة لتقصير عمر العشرة والمعاشرة معًا.
اترك رد