تعليمية اللغة العربية : الواقع والرهان … محمد بنعمر

د. محمد بنعمر: باحث في علوم التربية المغرب

إن اللغة بصفة عامة شكلت شاغلا من شواغل الحقول المعرفية المختلفة، واحتلت في المنظومة الفكرية الحديثة موقعا متميزا ومكانا خاصة ، باعتبار ان اللغة هي اداة للتواصل وقناة للحوار بين الثقافات والحضارات.
كما ارتبط الاهتمام بتعليم وتعلم اللغة العربية في سياق خاص، يتحدد هذا السياق في الاتساع المتزايد والاهتمام البالغ باللغة العربية بحثا وتدريسا ومتابعة….
بحيث تجلت للدارسين والمشتغلين والمهتمين بتدريسية اللغة العربية ، بان هناك رغبة أكيدة من أبنائها ،والناطقين بها من آن تكون اللغة العربية لغة عالمية في المستقبل ، وان تتصدّر المكانة المهمة التي تليق بها ضمن اللغات العالميّة الحيّة من اجل ان تنافس اللغة العربية اللغات القوية اليوم ،والمنتشرة في جميع ارجاء واقطار العالم …..
وهو الحافز الذي كان من وراء العناية الفائقة والاهتمام البالغ بطرائق تدريس اللغة العربية ،و اشكال تعلمها وتعليمها للناطقين بها ، أو لغير الناطقين بها بصفة عامة…
وقد اتجهت هذه العناية خاصة الى محور التدريس والديداكتيك، فظهر علم جديد يشتغل
على تعليمية اللغة العربية ،و هذا العلم هو المسمى بعلم اللغة التطبيقي- او اللسانيات التعليميةاو البيداغوجيا اللسانية….
وهو علم يشتغل على طرائق وتقنيات تدريس اللغات عامة واللغة العربية خاصة سواء تعلق الامر بالبعد المتعلق بتقديم المعارف والموارد لمتعلم هذه اللغة ، او تعلق الامر بدعم التعثرات والصعوبات التي قد تعترض وتواجه المتعلم في اكتسابه وتحصيله للمعارف ذات الصلة باللغة ..
ومن ابرز المحاور التي لقيت العناية البالغة والفائقة بين المشتغلين بتعليمية اللغة استثمار التقنيات الجديدة ،و الاستفادة من الرقميات والاعلاميات الحديثة في تدريس اللغة العربية بدءا من الأقسام الولية و الابتدائية..
من خلال السعي نحو الاعداد والانجاز للموارد الرقمية المساعدة والمعينة على التعلم والاكتساب والتحصيل الدراسي لمتلقي ومتعلم هذه اللغة ،بشرط ان تحظى هذه الموارد بالمصادقة العلمية ، بحيث يتم فيها مراعاة البعد التربوي والبيداغوجي والسيكلوجي لشخصية المتعلم..
وهو ما يعني ان هذه الموارد لا بد ان تحمل عددا من الشروط والمقتضيات البيداغوجية والسيكلوجية في اعدادها وتأليفها وبنائها وانجازها حتى تتكيف وفق قدرات المتعلم من حيث حاجاته النفسية ،ومهاراته في التحصيل….
وهذا لا يتيسر الا بتدخل عدد من التخصصات العلمية ، و حضور مجموعة من المعارف التي تشتغل على تعليمية اللغات عامة واللغة العربية خاصة….
ومن السياقات المشجعة على استثمار الرقميات في تعليمية اللغة العربية في المدرسة بشكل عام ، هو ما اخذت تعرفه اللغة العربية في تعليمها وتعلمها من تراجع كبير على مستوى الأداء، والانجاز، والتحصيل والاكتساب عند المتعلم ، بحيث اصبحنا امام متعلم بدون لغة ..
اذ مس هذا التراجع جميع المهارات ،والمكتسبات ،والأنشطة الصفية ذات الصلة باكتساب اللغة وبتعلمها ،خاصة ما تعلق بمهارتي التعبير الكتابي أو الشفهي ، و مهارة القراءة والتواصل الصفي….
وعليه بإمكان الموارد الرقمية ان تساعد المتعلم على تخطي هذه التعثر التي يعترض سبيله في تحصيل المهارات اللغوية ….


نشر منذ

في

من طرف

الكلمات المفاتيح:

الآراء

اترك رد