الدكتور منقذ عدنان محمد العيثاوي: مدرس مادة العقيدة في كلية العلوم الاسلمية جامعة بغداد سابقا
هو علم مستمد من الكتاب والسنة ثم توسعت قواعده واسسه على يد العلماء والمذاهب على ما تقتضيه الحاجة و متطلبات العصر من غير ان تخرج هذه الحاجة عن حدود النصوص الشرعية ، فقد ناقش القرآن الكريم المخالفين في الاعتقاد في ايات كثيرة، حيث بنى القرآن الكريم منهجا في تفنيد أوهام اليهود والنصارى العقدية ورد عليها وبهذا يكون القران الكريم قد وضع الاسس والقواعد لطريقة الجدل والنقاش مع المخالفين سواء أكانوا من اهل الكتاب او من مشركي العرب ، و من ذلك حين أعلنوا اتخاذ الله تعالى ولدا، “وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم”)التوبة/30 ،)فأجابهم الله بقوله : “وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السموات والارض كل له قانتون”)البقرة/116 ،والقرآن الكريم بهذا المنهج يقابل مبدأ الايلاد بمبدأ الخلق، وأن جميع ما في السموات والارض يشهد بخالقيته سبحانه فحاججهم محاججة عقلية ليثبت بطلان ما ادعوه وعظيم الافك الذي نطقوا به حينما نسبوا للباري ولدا تعالى الله عما يشركون فقابل عقيدتهم ليس بالانكار وحده وانما ابطلها من خلال اثبات ان كل الموجودات في الكون انما تخضع لارادته .
وبعد مناقشات عقدية مستفيضة يجريها القرآن الكريم مع أهل الاديان ومع المشركين عبدة الاصنام، نجده يرفع الخلاف بينهم من جهة، وبينهم وبين المؤمنين الموحدين من جهة ثانية، إلى حكمه فيهم يوم القيامة ، يقول الله تعالى : “إ َّن الذين آمنوا 14 والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إ َّن الله يفصل بينهم يوم القيامة إ َّن الله على كل شيء شهيد”)الحج/17. )
كما ناقش القرآن الكريم أهل الكتاب في صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بقوله : ( ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) فقد أتى القرآن بمثل ما بشرت به كتب أهل الكتاب من مجيئه بالخطاب الفصل على يدي نبي آخر الزمان، كما كانت تنتصر به اليهود على العرب أنه سيكون ذلك الكتاب فيهم وذاك النبي منهم، فلما كان في العرب كفروا به وعاندوا استكبارا .فكان القران الكريم يقرع اذانهم ويقرع عقولهم فيذكرهم بكلامهم السابق ووعيدهم للعرب وتخويفهم للعرب من هذا النبي الذي سيبعث في اخر الزمان وانه سينصرهم على العرب .
وفي السنة أمثلة كثيرة على مناظرات النبي صلى الله عليه وسلم للمخالفين من أهل الاديان السماوية والوضعية في زمانه، ومنها استقباله وفد نصارى نجران في مسجده لمدة ثلاثة أيام، يناقشهم في نبوة سيدنا عيسى عليه السالم وبشريته، وفي صدق نبوته وصدق القرآن الذي أنزل عليه من الله تعالى بواسطة الامين جبريل ، وهكذا سار على منواله علماء الصحابة رضوان الله عليهم، الذين خرجوا للدعوة الى البلدان المحيطة بالعرب، وفيها اهل ثقافات وأديان مختلفة، كل ذلك أسس لقاعدة ينمو عليها علم العقيدة
ونمى بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم علم العقيدة نتيجة لمتطلبات العصر وحاجة الناس و لا سيما بعد انتشار الاسلام خارج الجزيرة العربية واصطدام المسلمين مع باقي الاقوام الذين يعيشون خارج الجزيرة العربية وكثير منهم كانوا من اهل الديانات وعندهم من الشبه العقلية ما يقوي ويثبت عقيدتهم فبدأوا باثارة الشبه والاشكالات ضد الديانة الجديدة والتي بدأت تكتسب العقول والقلوب وبدأت تكتسح ما يواجهها من الديانات مما دفع هؤلاء الى شن حرب ضد الاسلام وبالتالي فان هذا استدعى من العلماء الى رد الحجة بالحجة ولا سيما ان بعض اهل الديانات الاخرى لما دخلوا الاسلام حملوا معهم بعض عقائدهم السابقة وحاولوا ان يجدوا ما يسند اعتقاداتهم السابقة في الكتاب والسنة كل هذا استدعى من العلماء بذل الجهد لبيان الحق والصواب من هذه العقائد وتنفية العقيدة والابتعاد بها عن كل ما يشينها او يشوهها.
اترك رد