د. منقذ عدنان محمد: مدرس مادة العقيدة السابق في جامعة بغداد كلية العلوم الاسلامية
لقد تنوعت اسماء علم العقيدة تبعا للبعد الثقافي والمصطلحي والزماني وتبعا للصراع العقدي الموجود في تلك الفترة واختلاف اطراف الصراع من فترة الى الى اخرى ، ويمكننا أن نشير بشيء من الايجاز الى بعض هذه الاسماء ودلالتها وأسباب نشأتها، على النحو الاتي :
علم الايمان : وهو مصطلح قرآني نبوي، ويعد أول الاسماء ظهورا، قال تعالى : “يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي انزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل”
( النساء/136 ) الملاحظ هنا أن الاية الكريمة التي ذكرت بعض أهم أركان الايمان، طلبت من المؤمنين أن يؤمنوا، مع كونهم مؤمنين، وهذا يعني : أن يتعلموا علم الايمان بإقامة البرهان والدليل على مسائل الايمان وفيه اشارة الى زيادة الايمان ونقصانه والا ما الفائدة من ان تؤمر مومنا بالايمان وهو مؤمن وحاشا للباري سبحانه ان يؤمر بفعل ما هو عبث فبزيادة الايمان وتقويته يرفع المؤمن درجة يقينه ،
وفي السنة ورد عن الصحابة انهم كانوا يتعلمون الايمان والعلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم فكانوا يحفظون الايات ثم لا ينتقلون الى التي تليها حتى يتعلمون ما فيها من الايمان والعمل فازداد إيمانهم رفعة، وارتقى في درجات اليقين بهذه األدلة والبراهين، التي بها نشأ علم إلايمان واتسع . ومصطلح إلايمان هو أصدق ما يمكن إطلاقه على هذا العلم لاعتبارات مصطلحية بحتة
ومن الكتب التي الفت في علم العقيدة وتحت اسم الايمان منها كتاب الايمان لابي عبيد القاسم بن سلام المتوفى 224 هـ، وأطلق على كتابه اسم ( كتاب الايمان ومعالمه وسننه واستكماله ودرجاته )، والحافظ أبو بكر بن أبي شيبة، المتوفى سنة )235)هـ، بعنوان )كتاب اإليمان ) والملاحظ هنا أن معظم من كتب ضمن هذه التسمية هم من المحدثين الكبار، وهذا أمر غير مستغرب، لان الطابع الكلامي الفلسفي والمنطقي غائب بصورة شبه كاملة عن هذه الكتابات، التي تأخذ صفة التقارير الايمانية اإليجابية،
علم الفقه األاكبر : ونجد أن الدافع لهذه التسمية ولهذا االمصطلح هو التخصص، فقد ظهر هذا المصطلح على يد الفقهاء، أمثال الامام الاعظم أبي حنيفة النعمان، المتوفى سنة )150)هـ، حيث كتب في مسائل الايمان كتابا أطلق عليه اسم ( الفقه األاكبر )، . وقد شرحه اكثر من عالم
ومنهم الامام ملا علي القاري والذي سماه (منح الروض األزهر في شرح الفقه الاكبر( . الملاحظ ان من اطلق هذا الاسم كان من الفقهاء والفقهاء برعوا في الصناعة الفقهية في استنباط الاحكام من ادلتها التفضيلية والترجيح بين الاحكام والرد على مخالفيهم في الفروه الا انهم وجدوا ان ما يشتغلون به على جلالة قدره واهميته الا انه يعد فرعا تجاه مسائل الايمان اذ مسائل تضم بين جنباتخا مسائل العقيدة وبعضها المخالف فيها يخرج من الملة كما ان الجهل في بعض مسائل الايمان لا يعذر فعدوا ما بين ايدهم وما اشتغلوا فيه فقها اصغرا وسموا مسائل الايمان فقها اكبرا .
علم العقيدة : لعل هذا المصطلح يعد من اشهر المصطلحات التي اطلقت على مسائل الايمان ومن اكثر الاسماء التي اجمعت الامة على قبوله والاخذ به وقد ظهر هذا المصطلح في وقت مبكر، في القرن الثالث الهجري، على يد ثلة من كبار العلماء أمثال الامام الجليل أحمد بن حنبل، المتوفى سنة )241)هـ، . وقد انتشر هذا المصطلح بعد الامام أحمد انتشارا واسعا حتى كاد يطغى على ما سواه، خاصة بعد ظهور متن ( العقيدة الطحاوية ) الذي كتبه الامام أبو جعفر أحمد بن محمد األزدي الطحاوي الحنفي، المتوفى سنة ( 321 ) هـ، فقد تلقى العلماء من جميع مدارس أهل السنة هذا المتن بالقبول، وجرت عليه شروح كثيرة، وما تزال إلى عصرنا الحالي وممن كتب تحت هذا العنوان الامام أبو بكر الباقلاني المالكي المتوفى سنة 403)هـ، )الانصاف فيما يجب اعتقاده ولا يجوز الجهل به ) ولعل سبب شهرته والقبول به عند العلماء هو انه مشتق من الجذر عقد وهو يعني ربط الشيء وليه باحكام .
علم التوحيد : وجاء هذا المصطلح من اعتبار أن توحيد الله سبحانه هو ثمرة تعلم هذا العلم وغايته الكبرى، وأن جميع مسائله تدور عليه فسمي هذا العلم بالتوحيد على اعتبار ان اشهر ابوابه والتي اعتاد العلماء في مصنفاتهم ان يبتداوا التاليف به وهو باب التوحيد . وعلى هذا فإن هذه التسمية تكون من باب إطلاق اسم الخاص على العام وقد كتب ضمن هذه التسمية عدد من العلماء منهم أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة 3 المتوفى سنة )311)هـ، اذ كتب (كتاب التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل( ، وابن مندة، الذي كتب (كتاب التوحيد ومعرفة أسماء الله عز وجل وصفاته
علم أصول الدين : ويقف وراء هذا المصطلح التقسيم الثلاثي لمسائل الدين الاسلامي وقضاياه، حيث قسمت إلى : عقيدة وشريعة وأخلاق، ولما كان خطاب الشريعة والاخلاق من فروع الدين، كانت العقيدة أصول له . وقد كتب عدد من الكتاب الاوائل كتبهم في االاعتقاد ضمن هذه التسمية منهم : الامام أبو الحسن األشعري المتوفى سنة )324)هـ، في كتابه المنسوب إليه ( الابانة عن أصول الديانة )، وأبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي الشافعي، المتوفى سنة )429)هـ، في كتابه ( أصول الدين )
علم الكلام وتم وضع هذا المصطلح انطلاقا من اعتبارين أحدهما أرجح من الاخر وهما : الاعتبار الاول المرجوح : أن تسمية هذا العلم بالكلام، وأصحابه بالمتكلمين، كان نتيجة التوسع في مباحث صفة الكلام، وما تعلق بها من مسائل خلق القرآن، والمسألة اللفظية، حيث شهدت هذه المباحث انقسامات حادة بين المدارس العقدية، وأثرت بشكل مباشر في صياغة قواعد تفكيرها، وبهذا الاعتبار فإن هذه التسمية تكون من باب إطلاق اسم الخاص على العام، فمبحث الكلام هو أحد مباحث علم العقيدة، فهو لذلك خاص، وعلم العقيدة بمباحثه العديدة المتنوعة أعم وأوسع . الاعتبار الثاني الراجح : أن المقصود بمصطلح الكلام هنا هو الجدل، فهذا العلم يكثر فيه الكلام والجدل والمناظرات وسوق البراهين المنطقية المتقابلة لتأييد النصوص الشرعية العقدية، لذلك سمي أهل هذا العلم بالمتكلمين،
ومن المصنغات التي حملت هذه التتمسية ( علم الكلام )، ما كتبه أبو المعين ميمون النسفي الماتريدي في كتابه ( بحر الكلام في علم التوحيد )، وأبو الفتح عبد الكريم الشهرستاني ( 548 )هـ، في كتابيه ( نهاية اإلقدام في علم الكلام( و ( المناهج في علم الكلام).
اترك رد