عزالدين بوداري: شهادة ماجستير تربية علاجية – جامعة محمد بوضياف المسيلة
مقدمة:
شهدت الفترة الأخيرة من القرن العشرين ملامح كثيرة للتغيير الاجتماعي في أهمها تغيير النظرة إلى الشباب واعتباره المحور الأساسي لكل تغيير و تقدم، حيث اعتبره البعض المحرك الأساسي لعملية الإنتاج و التنمية الاجتماعية.
ومن هذا المنطلق وجب الاهتمام بالشباب كطرف فاعل في المجتمع له ادوار يقوم بها لتحسين وتطوير مجتمعه، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا عن طريق القواعد و القوانين التي يحددها المجتمع لأفراده، كي لا يخرجوا من نطاقها و محدداتها ، ذلك إن كل شاب تحكمه و تضبط سلوكا ته في إطار مركزه الاجتماعي جملة من المعايير الاجتماعية حيث إن كل من يقوم بسلوك لا يتفق مع هذه المعايير يعتبر سلوكا منحرفا.
وتعد ظاهرة تعاطي المخدرات من الظواهر و الأسباب المؤدية إليها تبعا لاختلاف محددات السلوك والمعايير والقيم السائدة في المجتمع و كذلك الوضع الاقتصادي و الثقافي.
وقد اتفق العلماء أن ظاهرة المخدرات تعد من المعوقات الوظيفية للنسق الاجتماعي والتوافق النفسي وتقدير الذات، حيث تتضح خطورتها من خلال تعدد الجوانب المرتبطة بها، خاصة إذا تعلق الأمر بالشباب و تورطوا في قضايا منافية للعرف و المعايير و القوانين ، حيث أصبحت مشكلة تعاطي المخدرات ظاهرة اجتماعية ونفسية خطيرة سواء تعلق الأمر بالحدث نفسه أو بالمجتمع المحيط به ، فهو يشكل خطر على نفسه عندما يتعرض لمقاومة المجتمع الأسري و عدم تقبل سلوكا ته الشيء الذي يعرضه لمشكلات نفسية خطيرة تزيد من إحباطه و تصوره من عدم تقبل الآخرين له كما تتمثل خطورة هذه الظاهرة في عدم قدرة الحدث في إقامة علاقات سليمة مع الغير لإحساسه الدائم بأنه منبوذ و غير مرغوب فيه من طرف جماعته الأولية ( الأسرة أو في المجتمع الكبير).
وعليه فان ظاهرة تعاطي المخدرات من الظواهر الاجتماعية التي تهدد استقرار النظم الاجتماعية وكذلك حياة الشباب الشخصية ، حيث تعكس مجموع الاختلافات التي تحدث على مستوى الأبنية والوظائف الاجتماعية خاصة داخل الأسرة التي تعد البناء الاجتماعي الأكثر أهمية و حساسية في حياة الفرد ، فالأسرة مصدر التربية وهي المؤسسة المقصودة الاولى للتنشئة الاجتماعية و هي منبع الرعاية و الاهتمام وهي المحدد والموجه لسلوك الأبناء وهي الركيزة الاساسية في خلق التوافق النفسي والاجتماعي والعام لهذه الفئة، هذا إلى جانب التأثير الكبير للوسط الاجتماعي.
وكغيره من المجتمعات يعاني المجتمع الجزائري من تزايد كبير في نسبة تعاطي الشباب للمخدرات عبر السنوات حيث تبين الإحصائيات تزايد نسب كبيرة في تعاطي الشباب الجزائري للمخدرات.
1- تحديد الإشكالية:
يعد الشباب القاعدة والركيزة الأساسية في قيام و تطور المجتمعات و الدول فإذا صلح صلحت المجتمعات و الأسر و إذا فسد تحطمت هذه الأسر و المجتمعات ، لذا فان مرحلة الشباب تعد من أهم مراحل الحياة ، فتظهر في هذه المرحلة نوعا من البهجة و الانطلاق و الاكتشاف و الإقبال على الحياة من خلال السلوكيات النشطة التي يقومون بها ، لكن قد تنحرف هذه السلوكيات و تصبح سلبية ، و تنقلب عليهم رأسا على عقب ، مما يؤدي إلى الوقوع في العديد من المشاكل والانحراف نتيجة لعدة أسباب من بينها ، إساءة استعمال الحرية المعطاة للشباب كضغط الجماعة و سوء الصحبة ، وكذا الظروف السيئة للمعيشة كالبطالة ، وتدني المستوى الاقتصادي كما نجد كذلك ضعف الوازع الديني، و الرغبة في تذوق المخدرات.
بالإضافة إلى كل هذه الأسباب ، تعد الأسرة السبب الرئيسي و المهم في حدوث كل هذه التصرفات و السلوكيات لا أخلاقية لان الأسرة تعد الخلية الأولى التي يتم فيها تنشئة الأفراد و تربيتهم فللأسرة دور أساسي و فاعل في تنشئة الأفراد و تشكيل شخصيتهم، وتطبيعهم بسلوك اجتماعي معين وهي المسئولة الأولى والملامة، فان أفلحت الأسرة في تربية أبناءها تربية اجتماعية ونفسية سليمة تكون قد حالت بينهم و بين السلوكيات السلبية ، وان أخفقت في ذلك تكون قد فتحت البوابة الرئيسية لانحرافهم ، لان الطفل يولد صفحة بيضاء و الأسرة ترسم عليه ما تشاء فإذن الأسرة هي المسئولة عن كل التصرفات المنجرة و الصادرة عن الشباب.
فالأسرة هي عبارة عن لبنات مرصوصة بعضها فوق بعض كل لبنة تبنى فوق الأخرى فإذا حدث خلل في هذه اللبنات , سيؤدي بالشباب إلى الضياع بين سلوكيات انحرافية كثيرة ، ومن بين هذه المشاكل الأسرية نجد مثلا الخلافات و انفصال الوالدين أو موت احدهما ، كذلك إعادة الزواج من طرف الأب أو الأم ، أيضا نشأة الفرد في أسرة تنتشر فيها المخدرات أو احد الأفراد مدمن عليها ،و كذا نقص المتابعة و الإشراف الأبوي ، كما أن قلة الحوار أيضا داخل الأسرة مع ضعف المستوى الاقتصادي للأسرة إلى جانب التربية الأسرية القاصرة من طرف الوالدين فنشأة الشباب في أسرة تحيط بها هده المشاكل المعقدة ، وتواجدهم في مثل هذه الظروف الصعبة تؤدي بهم إلى القيام بسلوكيات انحرافية خطرة .
وتعد المخدرات من اخطر هذه الانحرافات كونها ظاهرة اجتماعية خطيرة تعمل عمل السوس في نخر العظام ، فتقضي على كيان المجتمع ، وتهدم صحة أبنائه ، كما أن المخدرات تعمل على تدمير القوات العقلية للشباب سواء كان مثقف او غير مثقف، و تؤثر على طموحاتهم، فتضعف إيمانهم , و تظهر في شكل : قلق الشباب و توترهم الدائم ، وتأنيب الضمير المتواصل ، كما أن تعاطي المخدرات يجعل الشباب في حالة انفعالية غير مستقرة مما يؤدي بهم إلى الشعور بالنقص و الارتباك و عدم الشعور بالمسؤولية ، كما أن تعاطيها تنزع من الشباب الثقة بالنفس و تشعرهم بعدم تقدير ذواتهم، فتؤدي بهم إلى الشعور بالإحباط الشديد و إلى سرعة التهيج و الاستثارة .
ولهذا فالسؤالين المحوريين العامين هما :
* ما دور التفكك الأسري تعاطي الشباب المخدرات؟
* هل توجد فروق ذات دلالة إحصائية في أسباب تعاطي المخدرات بين الطلبة وغير الطلبة؟
وتنضوي تحته الأسئلة الفرعية التالية:
* هل قلة الحوار داخل الأسرة يؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات ؟
* هل التربية الأسرية القاصرة تؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات ؟
* هل ضعف المستوى الاقتصادي يؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات ؟
* هل الحرمان العاطفي داخل الأسرة يؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات ؟
* هل المشاكل الأسرية تؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات ؟
* هل ضعف الوازع الديني عند الشباب يؤدي بهم إلى تعاطي المخدرات ؟
2-صياغة فرضيات البحث : وللإجابة عن الأسئلة المقترحة صيغت الفرضيات كما يلي
* الفرضيتين العامتين:
* دور التفكك الأسري في تعاطي الشباب للمخدرات.
* لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في أسباب تعاطي المخدرات بين الطلبة وغير الطلبة.
و تنضوي الفرضيات الجزئية تحتها كالتالي :
* قلة الحوار داخل الأسرة يؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات .
* التربية الأسرية القاصرة يؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات.
* ضعف المستوى الاقتصادي يؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات.
* الحرمان العاطفي داخل الأسرة يؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات .
* المشاكل الأسرية يؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات .
* ضعف الوازع الديني عند الشباب يؤدي بهم إلى تعاطي المخدرات .
*الفرضيات الإحصائية:
*لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في دور التربية الأسرية القاصرة في تعاطي المخدرات بين الطلبة وغير الطلبة.
* لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في دور المشاكل الأسرية في تعاطي المخدرات بين الطلبة وغير الطلبة.
* لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في دور قلة الحوار في تعاطي المخدرات بين الطلبة وغير الطلبة.
* لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في دور الحرمان العاطفي في تعاطي المخدرات بين الطلبة وغير الطلبة.
* لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في دور الوازع الديني في تعاطي المخدرات بين الطلبة وغير الطلبة.
3- أهمية اختيار الموضوع: وكان اختيار الموضوع راجع إلى الأسباب و الدوافع التالية:
*خطورة الموضوع أو الظاهرة : أصبحت ظاهرة انتشار المخدرات من اخطر الظواهر في كل المجتمعات وخاصة المجتمع الجزائري و قد تؤدي إلى القتل أو السجن أو الجنون .*زيادة نسبة انتشارها: رغم كل المحاولات و البرامج المسطرة من طرف الدولة إلا أن نسبة انتشارها في تزايد مستمروملحوظ .
* أهمية مرحلة الشباب : تعد مرحلة الشباب من أهم المراحل التي يمر بها الفرد في مراحل نموه ، لذا تظهر في هذه المرحلة نوع من الإقبال على الحياة و العمل و بناء المستقبل ، و قد ينحرف بعض الشباب في هذه المرحلة و يقومون بسلوكيات غير مقبولة اجتماعيا كالمخدرات مثلا . و لما لهم من دور مهم في بناء المجتمع يجب الاهتمام بهذه القوة،وبما فبهم الطلبة الذبن يمثلون الطبقة الواعية في المجتمع وهم المسؤولون عن بناء وترقية وتثقيف المجتمع.
* نتائجها الوخيمة و المتعددة: فتناول المخدرات سترك نتائج و أضرارا متعددة منها ما يتعلق بالأسرة من تفكك و مشاكل اجتماعية و نفسية و جسمية كالعاهات و التشوهات خلقية .
* المخدرات طريق لضياع العقل الذي وهبه الله لنا .
* المخدرات تقضي على المال الذي هو قوام الحياة.
4- أهداف الدراسة :
4 -1- أهداف عامة :
* تهدف الدراسة إلى التعرف على مشكلة من اخطر المشكلات التي تواجهها المجتمع و التي تدمر الشباب و تدفعه إلى الهلاك وهي مشكلة تعاطي المخدرات. *دراسة الجوانب النفسية و الأسرية و الاجتماعية و الاقتصادية للمشكلة بغرض التعرف على نواحي القصور و محاولة التغلب عليها .
* المساهمة في وضع إستراتيجية تعليمية تهدف إلى وقاية و علاج الشباب من آثار مشكلة المخدرات
4 – 2- أهداف خاصة :
* التعرف على أسباب و دوافع انتشار و تعاطي الشاي للمخدرات .
* معرفة حقيقة تأثير التربية الأسرية القاصرة على تعاطي الشباب للمخدرات .
* محاولة معرفة مدى مساهمة التفكك الأسري في تعاطي الشباب للمخدرات.
* معرفة حقيقة المخدرات و خطورتها ضمن أفراد العينة.
* إظهار بعض المظاهر النفسية و الاجتماعية التي تنجر من تعاطي المخدرات.
* الإسهام في وضع خطة و منهج و دراسة تربوية لعلاج الشباب من هذه المشكلة
*معرفة درجة الاختلاف بين الطلبة وغير الطلبة في أسباب التعاطي وإبراز الفروق الجوهرية بينهما حسب متغيرات الدراسة.
5 مفاهيم الدراسة:
1- التفكك الأسري: هو انهيار الوحدة الأسرية و تحلل أو تمزق نسيج الأدوار الاجتماعية عندما يخفق فردا أو أكثر من أفرادها في القيام بالدور المناط فعله بنحو سليم ومناسب
– والتفكك الساري يعني ابيضا وفاة احد الوالدين أو كليهما آو حالات الانفصال أو الطلاق أو الهجرة.
2- الشباب : تعرف هيئة الأمم المتحدة الشباب بالأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين (15-24 سنة)
– إلا أن هناك بعض الدول التي تغاير مفهومها لهذا التعريف بفارق زماني بسيط حيث تنحصر جميعها بين سن (16-35 سنة) .
3- المخدرات:
عرفت لجنة الخبراء التابعة لمنظمة الصحة العالمية لعام 1969 المخدر على انه :”كل مادة تدخل إلى جسم الكائن الحي و تعمل على تعطيل واحدة أو أكثر من وظائفه”
كما يعرف فوجت Vuget المخدرات على أنها كل المواد من خلال طبيعتها الكيميائية تعمل على تغيير بناء و وظائف الكائن الذي أدخلت جسمه هذه المواد و تشمل هذه التغييرات على وجه الخصوص و بشكل ملحوظ الحالة المزاجية و الحواس ، الوعي و كذا الإدراك علاوة على الناحية النفسية و السلوكية
6- الدراسات السابقة:
6-1 الدراسات الأجنبية
6-1-ا الدراسات القديمة :
*الدراسة الأولى:
دراسة شين chein سنة 1952 و قد أجرى الباحث دراسته حول ” تعاطي المخدرات في الولايات المتحدة الأمريكية ” على مجموعتين أسريتين تتكون الأولى من 30 أسرة من الأحداث المتعاطين ، و اعتبرت كمجموعة تجريبية ، والثانية تكونت من 29 أسرة من الأحداث غير المتعاطين و اعتبرت كمجموعة ضابطة .
و قد أجريت على هاتين الأسرتين مقابلات عن طريق الأخصائيين الاجتماعيين، و تم جمع البيانات مفصلة عن ظروف معيشة هذه الأسر، و من أهم النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة.
* إن التفكك الأسري كان عاملا أكثر ملاحظة بين اسر المجموعة التي يتعاط أبناؤها المخدرات.
* أسلوب التربية المفرطة هو السائد بالنسبة لأسر الأحداث الذين يتعاطون المخدرات سواء تعلق هذا الإفراط في التدليل الزائد أو القسوة الزائدة من كلا الوالدين، إلى جانب انعدام الدفء العائلي.
* الغياب الدائم للأب خاصة في مرحلة الطفولة المبكرة ، وكان له اثر واضحا في تكوين الشخصية المضطربة لدى الحدث ، أو وجوده داخل المنزل لكن غائب بحبه و رعايته لأبنائه ، أي انه من النوع البارد ، أو انه كان قاسيا يهابه أولاده أي عدم وجود صلة بين الأب و أبنائه أي قلة الحوار داخل الأسرة مما يؤثر على الحدث سلبا خاصة من جانب تكوين الشخصية القادمة .
* الدراسة الثانية :
دراسة ماري كارنبتر حول أصناف المنحرفين :
و قد قامت الباحثة بتصنيف المنحرفين على عدة أصناف، وذلك حسب درجة انحرافهم و خطورتهم على المجتمع و هذه الأصناف تتمثل فيما يلي:
– أحداث كانت طفولتهم مضطربة، الشيء الذي دفع إلى الانحراف و رفض قواعد المجتمع أو الالتزام بها و هم يتصفون بالجرأة و التمرد على كل ما هو معترف به.
– أحداث نشئوا في وسط اجتماعي منحرف ، كان يكون آباؤهم منحرفون أو محترفون كأصحاب مدارس السرقة و ترويج المخدرات و غيرها .
– أحداث انحرفوا بسبب إهمال أوليائهم لهم و عدم الاهتمام بهم.
– أحداث دفعتهم ظروفهم الاجتماعية و الاقتصادية كالفقر و التفكك للانحراف.
– أحداث دفعهم الجو الأسري المتميز بالشجار الدائم و سيطرة الأم على شؤون المنزل و حالات الطلاق و الانفصال و الترك و وفاة احد الوالدين.
* نقد وتقييم :
من خلال تعرضنا لبعض الدراسات قديمة الأجنبية التي عالجت موضوع الانحراف و علاقته بالأسرة ، وإذا كانت هذه الدراسات قديمة إلا أن تناولها لهذا الموضوع ما زال منتشرا بنفس الصورة إن لم نقل انه أكثر حدة وانتشارا و تنوعا في الأساليب منها في الوقت الحاضر على ضوء النتائج التي توصلت إليها يمكن القول أن :
معظم هذه الدراسات اهتمت بناحية واحدة تقريبا هي التصدع الاجتماعي للأسرة و الذي يتمثل في فقدان احد الوالدين أو غيابه بسبب الطلاق، الوفاة ، أو الانفصال .
فساد الجو الأسري منه النفسي خاصة لأحد الوالدين أو كليهما، أو انحراف احدهما كتعاطي المخدرات أو ارتكاب الجرائم أو الشجار الدائم و العلاقات السيئة بينهما .
إن كل هذه الدراسات لم تتعرض لباقي العوامل التي لها صلة وثيقة بالتفكك الأسري و التي قد يكون لها الأثر الكبير في تفكك الأسرة بصفة عامة ، حيث إن العلاقة المتوترة بين الزوجين كالطلاق أو الهجرة ما هي إلا نتاج لمجموعة كبيرة من الصراعات ، قد لا تكون دائما سببها عدم التفاهم أو انعدام الانسجام بين الزوجين و إنما قد تعود إلى عوامل متشابكة منها العوامل الاقتصادية التي تلعب دورا كبيرا في ظهور الصراع و التوتر داخل الأسرة التي قد يدفع بالوالدين إلى تشجيع أبنائهم و حثهم على العمل و الحصول على الأموال بأية طريقة ، كما أن الوضع الصحي المتدهور لأحد الوالدين أو أي شخص في الأسرة يساهم في خلق توتر داخل الأسرة ، خاصة إذا تعلق الأمر بالوالدين ، لان ذلك يعيق أدائهما في تربية و رعاية الأبناء ، إلى جانب هذا فان المستوى الثقافي و التعليمي للوالدين الذي يحدد نمط التفكير و أسلوب التربية و غرس الأخلاق الطيبة .
الإجراءات المنهجية للدراسة
1- المنهج المستخدم:
تندرج هذه الدراسة ضمن الدراسة الوصفية التي تحاول معرفة الواقع الذي تعيشه أسرة المتعاطي من خلال الاستناد إلى دراسات سابقة و إلى معطيات نظرية أخرى و كذا إلى تحليل أسباب هذا الواقع و إبراز مدى دوره و مساهمته في تعاطي الشباب للمخدرات .
و عليه فالمنهج الوصفي التحليلي هو المناسب لهذه الدراسة ، فهو يهتم بعملية جمع و تلخيص الحقائق المرتبطة بطبيعة و وضع جماعة معينة من الشباب ، حيث يعتبر المنهج التحليلي الوصفي من أكثر المناهج انتشارا و استخداما لما يتضمنه من دراسة للحقائق ، حيث بالنسبة لاستخدامه في هذه الدراسة فانه يهتم بتحديد الوضع الأسري الذي تعيشه أسرة المتعاطي و ظروف النفسية والاقتصادية و الثقافية والاجتماعية التي تؤثر عليه ،
2 حدود الدراسة
حُددت هذه الدراسة بعدد من المحددات البشرية والمكانية والزمانية
والموضوعية الآتية:
2- 1 الحدود البشرية والمكانية:
اقتصرت الدراسة على طلبة الاقامة بالولاية واحدى دوائرها.
2- 2 الحدود الزمانية:
تعالج الدراسة الفترة الزمنية، الفصل الدراسي الأول للعام الدراسي المنصرم.
2- 3 الحدود الموضوعية:
انحصرت الدراسة في ابراز التفكك الاسري ودوره في تعاطي الشباب للمخدرات.
3-مجتمع الدراسة:
المخدرات عدو لكل الأفراد و كل الطبقات بما فيهم العام و الخاص و البطال و حتى الجامعي ،كانت دراستنا مطبقة على مجموعتين ، الأولى كانت مجموعة من الطلبة بأحد الأحياء الجامعية البرج وهو حي جديد يحتوي حوالي على سبعة آلاف طالب جامعي ، وكان الهدف من إجراء الدراسة بالحي الجامعي هو محاولة معرفة تعاطي الطلبة للمخدرات و معرفة المظاهر النفسية و الاجتماعية التي يمرون بها، كذلك الطلبة هم الطبقة الواعية التي تعرف عواقب المخدرات و نتائجها و مع ذلك يقبلون عليها.
4-عينة الدراسة:
تعتبر العينة الجزء المصغر من المجتمع المعني بالدراسة على أن تكون تحمل خصوصيات المجتمع الدراسي أو الإحصائي.
فتم توزيع الاستبانة على مجموعة من الشباب المتواجدين بالحي الجامعي البرج وشباب آخرون من مختلف الطبقات في المجتمع (عون امن ، عسكري ، بطال…) ، و بما انه لا يمكن أن تتاح الفرصة لكل الشباب من مجتمع الدراسة لان يكون فردا من أفراد العينة ، فقد اختيرت العينة بطرقة غير عشوائية، وتم إجراء الدراسة على مجموعة من الشباب المتعاطين للمخدرات بطريقة قصديه لهذه المجموعة، فاختيار العينة كان بطرقة غير عشوائية قصدية، وقد كانت عينة البحث مكونة من 30 فردا من الطلبة الجامعيين و غير الجامعيين و بأعمار مختلفة .
5- الأدوات المستخدمة في الدراسة :
في الدراسة هذه كان من الضروري الاعتماد على مجموعة من الأدوات و التي تمثلت في:
5- 2 الاستبانة: باعتبارها من أهم الوسائل في جمع البيانات و خاصة أن الآمر يتعلق بمعرفة خصائص الأسرة التي تنتمي إليها أفراد العينة لمعرفة الأسباب الحقيقية المؤدية لذلك وكذا التعرف على المظاهر النفسية و الاجتماعية التي يعيشها المدمن.
فكان اعتمادنا على استبانتين: فالأولى كانت بعنوان ” أسباب تعاطي الشباب للمخدرات” والتي تضمنت أسئلة مغلقة وهي تقيس 5 محاور:
المحور الأول: التربية الأسرية القاصرة و تضمنت العبارات من (1 إلى 6).
المحور الثاني: المشاكل الأسرية وتضمنت العبارات من (7 إلى 12).
المحور الثالث: قلة الحوار داخل الأسرة و تضمنت العبارات من (22 إلى 29).
المحور الرابع: الحرمان العاطفي و تضمن العبارات من (22 الى29).
المحور الخامس: ضعف الوازع الديني للشباب و تضمن 11 بندا مستقلا وببدائل مختلفة وهي (نعم، لا، أحيانا).
كما تضمنت استبانة الأسباب أسئلة نصف موجهة ومفتوحة لمعرفة بعض المعلومات حول الجانب الاقتصادي و السكن و حقيقة تعاطي الشباب للمخدرات وأمور أخرى تتعلق بالمخدرات ، وشملت بعض هذه الأسئلة المحور السادس وهو ضعف المستوى الاقتصادي للأسرة .و قد عرضت هذه الاستمارة على مجموعة من الأساتذة المحكمين لإبداء رأيهم حول البنود ة كان هؤلاء في تخصصات مختلفة من بينها (منهجية، علم النفس العيادي، علم النفس المرضي)، وبعد الأخذ بارئهم فيما يخص إعادة الصياغة بعض البنود والبدائل، قمنا بتوزيع الاستمارة على أفراد العينة التي شملت 30 فردا .
6- تحليل النتائج :
6-1- تفسير و تحليل نتائج الفرضية العامة الأولى:
* أما ما يخص محور التربية القاصرة الأسرية ، توصلنا إلى أعلى نسبة بدائما و بـ 40% وهذا يبين أن الشباب قد تم تدليلهم داخل أسرهم و هذا بدوره ساهم في تعاطيهم المخدرات ، أما النزاع و الشجار داخل الأسرة فكان بنسبة أعلى و بدائما بـ 43.3% و هذا يوضح مدى مساهمة النزاع و الشجار في لجوء الشباب إلى المخدرات أما ما يخص المصروف الزائد للأبناء فكان بنسبة أعلى و بدائما بـ 43.3% و هذا يوضح أن المصروف الزائد للأبناء كان سببا في تعاطي الشباب.
أما مراقبة الأولاد بكثرة و التدخل في أمورهم الشخصية ساهم إلى حد كبير في تعاطيهم أما فيما يخص البند الخامس المعاملة القاسية من طرف الوالدين و من الرغم من ذلك يلجأ الشباب إلى المخدرات ، أما البند 6 المتمثل في المعاملة كطفل داخل الآسرة فكان بأعلى نسبة و بـ 43.3% و هذا يبين لنا أن التدليل الزائد و المعاملة كطفل للأبناء و خاصة المراهقين و الشباب يجعلهم يبتعدون عن البيت و بالتالي اللجوء إلى المخدرات ، أما فيما يخص المحور عموما و هو محور التربية الأسرية القاصرة فسجل أعلى نسبة بدائما و بنسبة قدرها 37.5% و هذا يوضح أن التربية الأسرية القاصرة و بهذه الأساليب الغير فعالة و الغير ناضجة تساهم إلى حد كبير في تعاطي الشباب و بالتالي من خلال هذه المؤشرات يمكن القول بقبول الفرضية الأولى بعنوان ” التربية الأسرية القاصرة تؤدي بالشباب الى تعاطي المخدرات”.
أما فيما يخص محور المشاكل الأسرية داخل الأسرة اتضحت لنا من خلال النتائج ما يلي
البند 7 الانسجام داخل الأسرة كان بنسبة أعلى و بنادرا بـ 40% و هذا يوضح لنا عدم وجود انسجام داخل الأسرة و بالتالي عدم توافق الشباب مع أسرهم و بالتالي اللجوء إلى المخدرات ,
أما البند 8 المتمثل في الخلافات الكثيرة داخل الأسرة كانت بدائما و بنسبة أعلى قدرها 40% و هذا يوضح لنا ان الخلافات الكثيرة داخل الأسرة تجعل الشباب يلجؤون إلى البحث عن مأوى آخر ينسيهم همومهم و المشاكل التي يعيشونها في أسرهم و بالتالي الوقوع في الانحراف و قد تكون المخدرات واحدة منهم .
أما البند 9 و المتمثل في العنف المتواصل داخل الأسرة فكان بنسبة أعلى و بدائما قدرها 50% و هذا يوضح لنا أن العنف المتواصل داخل الأسرة يسهم إلى حد كبير في تعاطي الشباب للمخدرات . أما البند 11 المتمثل في سيطرة الأم داخل الأسرة فسجل أعلى نسبة بدائما و قدرها 33.3% و هذا يوضح أن تسلط الأم داخل الأسرة و فرض رأيها و عدم ترك الفرصة للآخرين للتعبير عن رأيهم نوعا من الفوضى و المشاكل و قد تكون سبب تعاطي الشباب للمخدرات.أما البند 12 و المتمثل في التفرقة بين الإخوة فسجل أعلى نسبة بدائما وقدرها 40% و هدا يبين أن التفرقة بين الإخوة يحز في الشباب نوعا من الحزن و الضيق بعدم وجودهم كأفراد داخل الآسرة و بالتالي الخروج إلى جو آخر يبعدهم عن هذا الجو التعيس و قد تكون المخدرات الأم التي تحتضنهم و تنسيهم همومهم .
أما فيما يخص المحور عموما و هو محور المشاكل الأسرية القاهرة داخل الآسرة فسجل أعلى نسبه بدائما و قدرها 38.09% و هذا يبين أن الأسرة التي تسود فيها المشاكل الأسرية هي الأسرة التي تفتح الطريق الواسع للجوء الشباب إلى تعاطي المخدرات
و بالتالي من خلال هذه المؤشرات المتحصل عليها يمكن القول بقبول الفرضية الإجرائية الثانية القائلة بان : المشاكل الأسرية تؤدي بالشباب الى تعاطي المخدرات.
أما فيما يخص محور قلة الحوار داخل الأسرة فكان التحليل كالتالي:
البند 13 المتمثل في الحوار الايجابي داخل الأسرة كان بنسبة أعلى قدرها 36.6% بنادرا و هذا يوضح أن عدم سيادة الحوار الايجابي داخل الأسرة يؤدي بالشباب إلى التعاطي، أما البند 14 المتمثل في تدخل الأب في اختيار الصديق كان بنسبة أعلى قدرها 73.3%و بنادرا و هذا يوضح بالرغم من عدم منع الأبوين الابن من ممارسة حريته الخاصة و هذا لم يمنع تعاطيه المخدرات ، أما البند 16 المتمثل في المشاركة في المسائل الأسرية كان بدائما و بنسبة أعلى 40% و هذا يوضح بالرغم من المشاركة في المسائل الأسرية هذا لم يمنع تعاطي الشباب للمخدرات ، أما البند 17 تقديم النصائح المفيدة كان بدائما و بنسبة 40%و هذا يوضح كذلك رغم تقديم الوالدين النصائح المفيدة لم يمنع تعاطي الشباب للمخدرات .
أما فيما يخص المحور العام و هو محور قلة الحوار داخل الأسرة فسجل أعلى نسبة بنادرا و قدرها 36.19% رغم مساهمة بعض البنود في إبراز دور قلة الحوار داخل الأسرة إلا أن النسبة عموما و حسب أغلبية مؤشراتها توحي بعدم قبول هذا الفرض و هو قلة الحوار داخل الأسرة يؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات .
أما فيما يخص محور الحرمان العاطفي داخل الأسرة توصلنا إلى التحاليل التالية تبينها المؤشرات التالية :
فالبند 20 كان بأعلى نسبة و قدرها 36.6%و هذا يبين لنا عدم من يستمع إلى مشاكل الأبناء أو الشباب من طرف الأسرة ككل الوالدين أو الإخوة مما يؤدي بإحساس الشباب بأنهم قطعوا من شجرة و يحز في أنفسهم آثرا- كبيرا و يلجأ الشباب إلى تعويض هذا النقص إما بأصدقاء سوء أو علاقات عاطفية و من ثم الانحراف و الوقوع في جريمة المخدرات ، أما البند 21 المتمثل في الشعور بالأهمية داخل الأسرة كان بغالبنا و بـ 33.3% و هذا يبين رغم الشعور بالأهمية هذا لم يمنع الشباب من تعاطي المخدرات، أما البند 22 و البند23 المتمثلان في محبة الوالدين و حمايتهما للأبناء فكان بأعلى نسبة 56.6% و هذا يبين رغم محبة الوالدين و حمايتهما للأبناء لم يمنع الشباب من تعاطي المخدرات أما البند 25 المتمثل في ضغط الإخوة و السيطرة في الأسرة حز في نفوس الشباب و يؤدي بهم إلى الابتعاد عن الأسرة و ربما يلجئون إلى تعاطي المخدرات كحل ينسيهم همومهم .
أما البند 16 فكان بأعلى نسبة بأحيانا و بنسبة 43.3% و هذا يوضح لنا أن تحميل المسؤولية للأبناء قبل الوقت يجعلهم عبء ثقيل في الأسرة فيجعل الأبناء يبتعدون عن أسرهم و يجعلهم ينمون نموا غير طبيعي ، والذي يساهم بدوره في تعاطي الشباب للمخدرات أما البند 27 فسجل أعلى نسبة بدائما إلزام الشباب الدخول إلى البيت في وقت محدد وهذا يحز في نفوس و يجعلهم يعاملون كطفل و هذا يؤدي بهم إلى تعاطي المخدرات أما البند 28 فسجل أعلى نسبة بدائما و قدرها 36.6% و هو يبين عدم فهم الوالدين لمرحلة الشباب و خصوصياتها و متطلباتها و عدم فهم نوايا الشباب في هذه المرحلة ، وعدم تنمية ضمير لهم و خاصة أذا الوالدين لن يتعاملوا مع الأبناء في هذه المرحلة يحز في نفوس الشباب و يجعلهم يعانون من الإحساس بالحرمان العاطفي لان الشباب هي المرحلة التي تظهر فيها هل الشباب قد اسيدنوا آم لا ، وتبين مدى استقلالية الشباب و مدى قدراتهم على مجابهة مصاعب الحياة ، فالآباء لا يفهمون خصوصية هذه المرحلة إضافة إلى الجانب الاقتصادي السيئ و عدم تزويج الشباب بهذه المرحلة يجعل الشباب يعيشون فراغ عاطفي و بالتالي يلجأ إلى ملئ هذا الفراغ بطرق أخرى قد تكون المخدرات السبيل إلى ذلك.
أما البند 29 فسجل أعلى نسبة بدائما و نسبة قدرها 40% و هذا يبين لنا عدم وجود الإخوة أو الأبناء في أحلك الظروف يؤدي بالشباب إلى الإحساس بوحدتهم و الشعور بعدم وجود من يحتك الهي في الأوقات الصعبة و عدم من يستمع إلى خفقات الجراح و صعوبة المشاكل التي تساهم كل هذا بخلق لديهم فراغا عاطفيا كبير يؤدي بهم إلى البحث عن صدى آخر يملئون به هذا الفراغ و قد يكون رفقاء سوء و قد يكون العلاقات العاطفية و قد يكون كذلك المخدرات منفذ للتخلص من هذه العوارض التي تواجههم في طريقهم .
أما فيما يخص المحور عموما و هو محور الحرمان العاطفي داخل الأسرة فسجل أعلى نسبة بدائما و بنسبة قدرها 38.09% و هذا يوضح لنا مدى مساهمة الحرمان العاطفي وانعدامه داخل الأسرة إلى لجوء الشباب إلى تعاطي المخدرات ، و بالتالي من خلال المؤشرات السابقة اتضح لنا قبول الفرض الإجرائي الرابع و هو الحرمان العاطفي داخل الأسرة يؤدي بالشباب إلي تعاطي المخدرات.
أما محور ضعف الوازع الديني للشباب و كان التفسير و التحليل كالتالي :
ففي البند 1 كان كله بنعم و بنسبة أعلى 66.6% و هذا يوضح لنا عدم تمسك الشباب بالقيم الدينية ، فالابتعاد عن القيم والأخلاق الدينية تكون طريق ممهدة لتعاطي الشباب للمخدرات ، وقتل الضمير الديني الذي يوجههم بالإضافة إلى البند 9 فقد كان بنعم بنسبة على 83.3% الذي يوضح عدم محافظة الشباب على الصلاة التي تعزز القيم الدينية المذكورة آما البند 2 و 3 كانا بنسبة أعلى 60% و 63.3% و اللذان يوضحان مدى رواج الأفكار الكاذبة إما عن المخدرات و حب المغامرة و التجريب للشباب ، فرواج الأفكار الكاذبة إما من الأصحاب آو الانترنت هم أسباب مساهمة في تعاطي الشباب للمخدرات ، أما البند 4 كان بنعم بنسبة أعلى 70% و هذا يوضح لنا مدى مساهمة مجاراة رفقاء السوء في الانحراف فرفقاء السوء لا تنتظر منهم إلا السوء فهم الواسطة الممهدة لتعاطي الشباب للمخدرات ، وهم كما قال احدهم “الصاحب ساحب” .أما البند 5 و 6 كانا بنعم و بنسبة أعلى 43% و 46.6% و هما على التوالي يوضحان مدى مشاركة وجود وقت الفراغ الكبير و عدم ممارسة الهوايات ، وجود الوقت الكبير و عدم ملئه من الشباب بأمور مهمة في حياتهم و عدم ممارسة هوايات كان سببا مساهما في تعاطي الشباب للمخدرات .
والبند 10 و 11 و هما ظروف القامة السيئة و الوجود في الحي الجامعي كانا بنسبة 53.3% و 50% و هما يبرزان مدى مساهمة بعد الشاب عن البيت و خاصة للطلبة فابتعادهم عن البيت و وجودهم في حي جامعي و رفقاء السوء يساهمان إلى حد كبير في تعاطيهم المخدرات، وخاصة و أن المحور عموما سجل نسبة كبيرة بنعم قدرها 54.04% و هذا بين مدى مساهمة هذا المحور في التعاطي.
فحسب تحليل و تفسير المحور 5 اتضح لنا أن الوازع الديني الغائب لدى الشباب يساهم بقدر كبير جدا في تعاطي الشباب للمخدرات ، وهذا يوضح الفرضية الجزئية الخامسة المقترحة بعنوان ” ضعف الوازع الديني يؤدي بالشباب إلى تعاطي المخدرات .
أما محور ضعف المستوى الاقتصادي للآسرة فتوصلنا إلى التحاليل و التفسيرات التالية :
استنادا إلى الجداول السابقة :
– المستوى الاقتصادي للأسرة كان بين المنخفض و المتوسط و بنسبة متقاربة 30.4% و 40% على التوالي و هذا يوضح لنا تواجد الشباب في هذه الظروف الاقتصادية القاسية و في هذا الوضع المتأزم يجعل الشباب يتهربون من هذا الوضع و يلجئون إلى سبل و طرق تنسيهم هذه الأوضاع و تكون المخدرات سبيل يتخذه الشباب لنسيان الظروف المزرية التي يعيشونها داخل الأسرة.
– أما عدد الغرف فمعظم الإجابات كانت بغير كافية و بنسبة أعلى 53.3% و مع ضيق المسكن الذي كان بنسبة أعلى 70% كذلك عدم وجود غرفة مستقلة بالشباب بنسبة اعتلى 66.6% و هذا يوضح لنا آن تواجد الشباب سكن ضيق ، وعدم وجود غرفة خاصة يجعل الشباب لا يمكثون في البيت و يمضون معظم أوقاتهم خارج البيت و هذا يجعلهم عرضة للالتقاء مع رفقاء السوء ، ثم الوقوع في ارتكاب الجرائم منها تعاطي المخدرات أما بالنسبة لمكان الإقامة فكان معظمهم يقطنون في المدينة و هذا بنسبة 73.3% بأعلى نسبة يوضح لنا أن السكن بالمدينة يسهم إلى حد كبير في تعاطي الشباب للمخدرات و ذلك لوجود أمور عديدة مثل الإعلام الآلي ، المقاهي ، قاعة الترفيه ، الضغط ، العبء الحسي ، الازدحام ، التي لاتوجد في الريف.
فحسب التحليل و التفسير لمحور المستوى الاقتصادي الضعيف للآسرة و من خلال المؤشرات الموضحة تبين لنا انه يسهم بحد كبير في تعاطي الشباب و لجوئهم إلى تعاطي المخدرات و هذا يبين لنا : قبول الفرضية الإجرائية السادسة المقترحة و القائلة : ضعف المستوى الاقتصادي يؤدي بالشباب الى تعاطي المخدرات.
أما فيما يخص الفرضية العامة الأولى فقد تم قبول خمس فرضيات من ستة و هذا يبين لنا دور التفكك الأسري في تعاطي الشباب للمخدرات ، ومدى مساهمة التفكك الأسري بكل مؤشراته و محدداته في تعاطي الشباب للمخدرات و هذا يبين لنا صحة الفرضية العامة و القائلة بدور التفكك الأسري في تعاطي الشباب للمخدرات و بينتها الدوائر النسبية للمحاور.
6-2 تفسير وتحليل نتائج الفرضية العامة الثانية.
– أما فيما يخص الفرضية العامة الثانية القائلة :لاتوجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلبة و غيرالطلبة في أسباب تعاطي المخدرات فتوصلنا إلى التحاليل التالية:
فالمحور الأول وصلنا إلى انه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في دور التربية الأسرية القاصرة في تعاطي الطلبة وغير الطلبة للمخدرات هذا يوضح أن دور التربية الأسرية له نفس التأثير في تعاطي الطلبة و غير الطلبة للمخدرات ، وهذا بوضح لنا أن الشباب الجزائري له نفس الخصائص و هذا يبرز لنا أن والدي الطلبة وغيرهم لهم نفس أسلوب التربة.
آما في المحور الثاني توصلنا إلى انه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في دور المشاكل الأسرية في تعاطي المخدرات بين الطلبة وغير الطلبة .و هذا يبرز أن الأسرة الجزائرية لها نفس المشاكل وان الطلبة وغيرهم يعيشون نفس المشاكل ونفس الأوضاع فهم متقاربان في أسباب تعاطي المخدرات من حيث التربية الأسرية القاصرة.
– أما المحور الثالث فتوصلنا إلى انه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلبة و غير الطلبة في تعاطي المخدرات و ان قلة الحوار داخل الأسرة له نفس التأثير بين الطلبة و غير الطلبة في تعاطي المخدرات . وهذا يوضح انه مهما اختلف مستوى الشباب هذا ليس له دخل في أسرهم وهذا يبين أن أباء الطلبة وغيرهم لهم نقص التفاعل مع أبنائهم ولا يتحاورون معهم وهذا برجع إلى مستوى تعلم الوالدين وليس إلى الشباب في حد ذاتهم.
أما المحور الرابع فوجدنا انه: توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلبة وغير الطلبة في دور الحرمان العاطفي في تعاطي المخدرات ، بهذا نستنتج أن الحرمان العاطفي ليس له نفس التأثير في تعاطي المخدرات بين الطلبة و غير الطلبة وهذا يبن لنا اختلاف رد فعل الطلبة وغبرهم على ردود أفعال الآباء كيفية التكيف مع هذه الردود.
– أما المحور الخامس فقد توصلنا إلى انه لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الطلبة وغير الطلبة في دور الوازع الديني في تعاطي المخدرات و منه نستنتج أن ضعف الوازع الديني له نفس التأثير على الطلبة و غير الطلبة في تعاطي المخدرات.وهذا يبن مدى ابتعاد الطلبة وغيرهم على القيم الدينية وانها لها نفس التأثير على الطلبة وغيرهم.
وعموما لا توجد فروق ذات دلالة احصائية بين الطلبة و غير الطلبة في اسباب التعاطي والمظاهر.
-المراجع باللغة العربية:
– السعد صالح ،تعاطي المخدرات و المؤثرات العقلية في الأردن،دراسة مقارنة بين الأردنيين والعمالة الوافدة ،دار المعرفة،عمان، 1993.
– السعد صالح،المخدرات: (أضرارها ،أسباب انتشارها )،دار المعرفة ،بيروت1980.
– السيد أحمد إسماعيل، مشكلات الطفل السلوكية ،وأسلوب معاملة الوالدين،ط1،المكتب الجامعي الحديث ، مصر ،1995.
– حامد عبد السلام زهران، الصحة النفسية والعلاج النفسي ،ط3،عالم الكتب ،القاهرة ،1997.
– حسين عبد الحميد رشوان ، الأسرة والمجتمع دراسة في علم اجتماع الأسرة ،ط1،مؤسسة شباب الجامعة ،مصر ،2003.
– خالد أحمد الشنتوت ،كيف نحمي أولادنا من رفاق السوء والمخدرات ط3،دار الخلدونية ،الجزائر 2007.
– خيري خليل ألجميلي وبدر الدين عبده ،الممارسة المهنية في مجال الأسرة و الطفولة ،المكتب العلمي للكمبيوتر للنشر والتوزيع،ط1،مصر .
– زكريا الشربيني ويسرى صادق ،تنشئة الطفل وسبيل الوالدين في معاملة ومواجهة مشكلاته ،ط1،دار الفكر العربي ،مصر ،1992
– سناء الخولي ، الزواج والعلاقات الأسرية ،ط1،دار المعرفة الجامعية مصر ،1995.
– سويف مصطفى،إيديولوجية الحشيش،القاهرة ،المكتبة المصرية العامة للكتاب،1979.
– سهير كامل أحمد ،أساليب تربية الطفل بين النظري والتطبيق،ط1،مركز الإسكندرية للكتاب ،مصر ،1999.
– عبد الرحمان العيسوي،سيكولوجية الانحراف والجنوح والجريمة ،ط1،دار الراتب الجامعية ،بيروت،2001.
– علياء شكري ،الاتجاهات المعاصرة في دراسة الأسرة ،ط1،دار المعرفة الجامعية ،مصر 1997
– كمال على، النفس انفعالاتها وأمراضها وعلاجها، دار الشرقية للطباعة والنشر، بيروت 1976.
-محمد السويدي، مقدمة في دراسة المجتمع الجزائري ، ط1، ديوان المطبوعات الجامعية ،
الجزائر،1990 .
– مصطفى بوتفنوشت ،العائلة الجزائرية ،ط1، دار المعرفة الجامعية،الجزائر،1984
– الجوهري، التربية وظاهرة انتشار وإدمان المخدرات دراسة نظرية ميدانية ووثائقية ،الإسكندرية ،مركز الإسكندرية للكتاب ،2000.
-ذهبي وآخرون ،الكبائر،بيروت ،دار الكتب الشعبية د.ت.
2-المذكرات:
– زرا رقة فيروز، الأسرة وعلاقتها بانحراف الحدث المراهق، دراسة نظرية ميدانية سعلى عينة في الأحداث بولاية سطيف، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع التنمية.2006.
– علي بوعناقة، جرائم الشباب في الأحياء المختلفة، دكتوراه في علم الاجتماع، معهد علم الاجتماع، جامعة القاهرة، 1989.
– محي الدين مختار، مؤسسة التنشئة الاجتماعية دورها و علاقتها بظاهرة انحراف الأحداث، دكتوراه دولة في علم النفس الاجتماعي، معهد علم الاجتماع، جامعة قسنطينة،1995
– نوار الطيب، ظاهرة انحراف الحدث في مركز إعادة التربية في الحجاز، علاجها، معهد علم الاجتماع، جامعة عنابة، 1989/1990.
اترك رد