تقرير حول ندوة الخطاب التكفيري في الفكر العربي الحديث والمعاصر

خديجة العيدودي: باحثة بكليّة الآداب والعلوم الإنسانيّة بالقيروان – تونس

المحاور:

1ـ الخطاب التكفيري وشبكة الدوال الموصولة به: الكفر، الشرك، الردّة، الزندقة، الهرطقة، الإلحاد، الدهرية..

2ـ تفكيك الخطاب التكفيري: المضامين والخصائص والأهداف والأبعاد.

3ـ الآليات والمناهج.

4ـ المرجعيات/ المصادر.

5ـ طرق التصدّي/ المقاومة.

افتتحت الندوة العلمية الدولية “الخطاب التكفيري في الفكر العربي الحديث والمعاصر”، التي نظمها مخبر تجديد مناهج البحث والبيداغوجيا في الإنسانيات يوم الخميس الموافق لـ 20 أفريل 2017 بقاعة المحاضرات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان/ تونس، بكلمة السيّد أحمد عمران رئيس جامعة القيروان والسيّد عبد الكريم العبيدي عميد كلية الآداب بالقيروان، مُنوّهين براهنيّة الموضوع وأهميّته في التصدّي للفكر الرجعي ومعالجة القضايا الاجتماعية العالقة، مُثمّنين الطرح العميق الدقيق والمُركز للمسألة والذي بدا جليّا من خلال تنوّع المداخلات وتكاملها، مُشيدين بالحنكة والرصانة في توزيع محاور الندوة وانتقائها بصفة تستجيب للإحاطة بجميع الجوانب المتعلّقة بالمسألة، ثم أحيلت الكلمة إلى السيّد منسّق الندوة الساسي بن محمد الضيفاوي الذي رحبّ بالضيوف المشاركين في فعاليات الندوة من دول عربية وأوروبية مختلفة، معبّرا عن أسمى عبارات الشكر والتقدير لكلّ من ساهم في القيام على هذه الندوة العلمية الدولية، مُقدّما نبذة تعريفيّة عن مخبر تجديد مناهج البحث والبيداغوجيا في الإنسانيات منوّها بسابق الندوات العلمية الدولية التي نظمّها، مُحيلا على مشاريع مخبر البحث العلمية المستقبلية، مؤكدا حرص مخبر البحث على نشر جميع أعمال ندواته بالتزامن مع موعدها بعد عرضها للتحكيم على لجنة علمية أكاديميّة مختصّة في الغرض، وهو ما أكدّه السيّد رئيس مخبر البحث حمادي المسعودي في كلمته التي شرح فيها حساسيّة الموضوع ملّحا على ضرورة التصدّي لهذا الصنف من الخطاب الذي يغزو فكرنا العربي الحديث والمعاصر، مُحيلا على امتداداته التاريخيّة، مُنبها إلى مدى تفشيه وانتشاره حدّ غزوه للفضاءات الجامعية في البلاد العربية، مبيّنا أنّ الخطاب التكفيري ليس حكرا على دين أو ثقافة بعينها وإنّما هو خطاب منتشر جغرافيّا ومتجذّر تاريخيّا، مبيّنا أنّ الهدف الرئيس من هذه الندوة هو الكشف عن خصائص الفكر التكفيري وتبيّن آليات اشتغاله ومختلف مرجعياته وذلك بمعالجة المحاور التالية:

ـ الخطاب التكفيري وشبكة الدوّال الموصولة به: الكفر، الشرك، الردّة، الزندقة، الهرطقة، الإلحاد، الدهرية ..

ـ تفكيك الخطاب التكفيري: المضامين والخصائص والأهداف والأبعاد.

ـ الآليات والمناهج.

ـ المرجعيات والمصادر.

ـ طرق التصدّي والمقاومة.

وقد وُزّعت الجلسات العلمية حسب المقاربات المعتمدة؛ مقاربات لغوية، مقاربات في تفكيك الخطاب التكفيري، مقاربات في المضامين، مقاربات في التعريفات، المرجعيات، الاستراتيجيات، طرق المعالجة.

الخميس 20 أفريل 2017:

عُنيت الجلسة العلمية الأولى بالمقاربات اللغوية برئاسة الأستاذ توفيق قريرة/ تونس، وقد تدخل فيها الباحث محمد بودبان من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة/ الجزائر والباحث كمال بن عطية من كلية الآداب واللغات والفنون جامعة زيان عاشور، الجلفة/ الجزائر والباحثة هيفاء جدّة السعفي والباحث الساسي بن محمد الضيفاوي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة/ تونس.

قدّم الباحث محمد بودبان مداخلة عنوانها “مصطلحات الخطاب التكفيري في اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام: قراءة تحليليّة مقارنة بين الدلالات المعجميّة والأحكام الدينيّة”بيّن من خلالها طبيعة الأديان بين الانتماء والإبعاد، مُحيلا على المصطلحات الأساسية والمشتركة بين الكفر وما دونه المتداولة في الخطاب التكفيري (الكفر، التجديف، الشرك، النفاق، الردّة، الزندقة، الهرطقة، الإلحاد، الذنوب، الخطايا، الفسق، الفجور ..)، مؤكدا أنّ بعض تلك المفردات يُرد إلى النصوص المقدّسة أو إلى التعاليم الأساسية للأديان، ويخضع بعضها الآخر لحركات تطوّر الفكر الديني، ثمّ قدم الباحث كمال بن عطية مداخلة عن “محنة نصر حامد أبي زيد أو التفكير في زمن التكفير” بيّن فيها قيام خطاب التكفير على العديد من الثنائيات (مركز/ محيط، حاكم/ محكوم، تراث/ حداثة) المؤطرة بالتجاذبات الإيديولوجية والسياسية والاجتماعية وتهميش الآخر المعارض دون مراعاة للضوابط المنصوص عليها، إذ يستمدّ الديني سلطته من مسلّمة مفادها وجود إسلام صحيح وأصيل يتطابق مع مفهوم الدين الحق لمكافحة البدع والردّ على أهل الأهواء والنحل واستبعاد الملل الضالّة، ممّا أفضى إلى تنامي سلوك العنف وتضخم خطاب الكراهية والعداء في المجتمعات العربية الإسلامية وعرقلة كل محاولة في التجديد والتجاوز والقراءة وإعادة القراءة لجميع المسلّمات، وقد ركزّ في ورقته العلمية على تحليل السياقات التاريخية والاجتماعية وتفكيك البُنى النسقية من خلال طرح الإشكاليات التالية:

كيف يتشكّل الخطاب التكفيري؟ وكيف يفرز وينتج آلياته الإقصائية والاختزالية داخل مجتمعاتنا؟ وهل المتلّقي العربي على وعي بالتحديات الثقافية التي تطرحها مرحلة الحداثة وما بعدها خاصّة فيما يتعلّق بمسائل فهم وتأويل النصوص الدينيّة وقضايا الاستقبال والهوية والمرجعيات وجهود التأصيل والتحديث والتوطين المعرفي؟ وماهو الأثر المعرفي والوجداني لخطاب التكفير على الذات الباحثة المنتجة في ظلّ هذا الواقع المضطرب؟

وقد اتخذّ الباحث كمال بن عطية من محنة نصر حامد أبو زيد أنموذجا كُفّر واعتبر مرتّدا، ووقع التفريق بينه وبين زوجته وعقابه وظيفيا بحرمانه من الترقية إلى رتبة الأستاذية استنادا إلى فتوى بتكفيره لما امتازت به خطاباته من نقد للخطاب الديني وآلياته، وقد عرفت قضيته آنذاك بقضية “أبوزيد ـ شاهين” التي طرحها الحوار القومي تحت عنوان “حرية الفكر وجامعة القاهرة في قصّة أبو زيد وشاهين” ثمّ تحولت إلى قضية رأي عام وانتقلت من مدرجات الجامعة إلى منابر المساجد وأروقة القضاء.

وقدّمت الباحثة هيفاء جدّة السعفي مداخلة عن “العمل المعجمي بين نظام اللغة وواقع الاستعمال: [لفظة] “داعش” نموذجا”، بسطت فيها فكرة عامة عن “داعش” محدّدة أصل التسمية في العربية والانقليزية والفارسية والاوردية .. مبيّنة غياب تعريف واضح للمصطلح، مُحاولة ضبط تعريف يخصّ مادّة ّداعش” ليُدرج في القواميس، وقد درست بعض المصطلحات المعتمدة عند “داعش” مقارنة بين دلالاتها القديمة والمستحدثة (الله أكبر، الطاغوت، الجهاد، الشهادة، الردّة ..) مقترحة نموذجا تعريفيّا قد يضاف إلى المعجم العربي/ القاموسي، منتهية في ختام عملها إلى مجموعة من الملاحظات تؤكد أنّ اللغة تتّسع وتنمو وتتطوّر على مرّ العصور سواء من حيث قواعد نحوها وصرفها أو من حيث مفرداتها وتراكيبها وأساليبها تبعا لتطور الناطقين بها فكريا وحضاريا واجتماعيا.

واختتمت الجلسة بمداخلة الباحث الساسي بن محمد الضيفاوي عنوانها “التكفير من الخطاب القرآني إلى فهم المعاصرين” بحث من خلالها في أهمّ دوّال التكفير في النصّ القرآني، ناظرا في طبيعة قراءة هذه الدوّال وخصائصها على نحو القراءات التفسيريّة والسياقيّة والتأويليّة، دارسا أهم المقاربات المعاصرة التي تكّفر الإنسان بناء على مسلّمات من قبيل: تكفير الحكّام والخروج على الجماعة المسلمة يعتبر كفرا، ويبرّر أصحاب هذه المقاربات هذا التوظيف بأنّ الحاكمية أولا وأخيرا لله.

أمّا الجلسة العلمية الثانية فقد عُنيت بمقاربات في تفكيك الخطاب التفكيري برئاسة الأستاذ محمد الصحبي البعزاوي/ تونس شارك فيها كل من الباحث عماد علوّ من المركز الأوروبي العربي لبحوث مكافحة الإرهاب والاستخبارات/ العراق والباحث محمد بن علي من معهد العلوم الاجتماعية والإنسانية المركز الجامعي غليزان/ الجزائر والباحث محمد مدوّر من جامعة غرداية/ الجزائر والباحثة فوزية الفرجاني من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس/ تونس.

قدّم الباحث عماد علوّ مداخلة عنوانها “الخطاب التكفيري للسلفية الجهادية في العراق: دراسة تاريخية”تطرق فيها أولا إلى مبحث تمهيدي عن السلفية الجهادية المفهوم والمآلات، وثانيا إلى دخول الفكر السلفي التكفيري إلى العراق، وثالثا إلى السلفية الجهادية الوافدة إلى العراق، ورابعا إلى ظهور تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) واختتمها بمقترحات حلول لمواجهة فكر السلفية الجهادية المتطرف، وقد استعرض من خلال مداخلته الجذور التاريخية للفكر التكفيري المتطرّف في العراق من خلال دراسة البيئة الفكرية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي مهدت لدخول السلفية الجهادية إلى العراق، ومراحل تبلور وانتشار الفكر التكفيري المتطرف في العراق من خلال دخول تنظيم القاعدة ووريثه ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الإرهابي الدموي والأسس الفكرية المتطرفة التي يحاول تسويقها، عبر كل الوسائل والأدوات المادية والمعنوية ضد القيم والمفاهيم والمرتكزات الحضارية والإنسانية، محاولا من خلال هذه الدراسة الوقوف على الآليات المقترحة لمعالجة هذه الظاهرة الإرهابية الخطيرة المتمثلة بالفكر السلفي الجهادي التكفيري المتطرف. أمّا الباحث محمد بن علي فقد قدّم مداخلة عن “المنظومات الرمزية .. ومأزق إقصاء الآخر قراءة في فكر الجماعات الإسلامية المتطرفة” فكّك من خلالها الخطاب التكفيري مستندا إلى مضامين وأبعاد وأهداف معيّنة، محاولا الإجابة عن سؤال: كيف نفسر تنامي ظاهرة التكفير وإقصاء الآخر في الفكر العربي الإسلامي المعاصر؟

وقد بيّن أنّ المنظومات الرمزية المعرفية تؤدي وظيفة سياسية من حيث هي أدوات لفرض السيادة والمشروعية التي تساهم في ضمان هيمنة طبقة على أخرى، ولذلك نجد أنّ مختلف الطبقات والفئات تدخل في صراع رمزي للعمل على فرض تصور عن العالم الاجتماعي الملائم لمصالحها، ومن هنا أصبح التكفير هو الذي يرسم حدود وهوية الجماعة، فمن خلاله تكسب الجماعة هويتها وتصورها، ومن خلاله أيضا تُرسم صورة الآخر غير المماثل، والذي يجب الجهاد ضده. والآخر هنا قد يكون فردا أو جماعة أو دولة، ففي أدبيات الكثير من التنظيمات المتطرفة، تعتبر الحكومات القائمة في بلاد الإسلام “قد دخلت في الكفر من أوسع أبوابه لارتكابها عددا من نواقض الإسلام”. وقدّم الباحث محمد مدوّر مداخلة عن “خصائص الخطاب التكفيري” تناول فيها قضيّة التفاعل بين المتخاطبين، وأثره في فاعلية تحليل الخطاب، وقد هدفت دراسته إلى محاولة إبراز مدى إسهام نظريات تحليل الخطاب، والنظرية التداولية بصفة خاصة في صياغة تصورات جديدة في تحليل العلاقة بين المتخاطبين، والمحيط المتصل بهما، وفاعليته في تحليل الخطاب، أمّا الباحثة فوزية الفرجاني فقد قدّمت مداخلة عنوانها “بيانات ضدّ التكفير: دراسة في خطاب المثقفين العرب” اهتمت فيها ببعض بيانات المثقفين العرب بوصفها خطاب تصدّ ومقاومة، مركّزة على إشكالية مجالها البحث في سياقات تفشّي ظاهرة التكفير ودوافعه التصدّي لها، والنظر في البيانات بوصفها خطابا مضادّا، وتقييم مدى فاعلية مقاومة الخطاب التكفيري عبر البيانات، واستشراف الإمكان لتحوّل المثقفين العرب إلى قوة اتصال وفعل.

وقسّمت عملها إلى ثلاثة محاور: اهتمت في المحور الأول بسياقات تفشّي الخطاب التكفيري ومقاومته، وفي المحور الثاني ببيانات المثقفين العرب خطابا مضادّا للتكفير، وفي المحور الثالث بحدود خطاب المثقفين وآفاقه.

وقد خلصت الباحثة فوزية الفرجاني إلى أنّ لخطاب المثقفين حدودا تنقص من فاعليته ونجاعته وعوائق خارجية تكبّله وتعيقه غير أنّ الإمكان يظلّ متاحا لتخطّي الحدود والتحرّر من العوائق من خلال الدور الذي يمكن أن يلعبه المثقف الجماعيّ العربيّ القادر على إنتاج المعرفة وتوظيفها في النهوض بالمجتمع. وهو ما يمكن أن يساعد على مواجهة المأزق التكفيريّ وغيره من الأزمات.

شُفعت هذه الجلسة بنقاش جمع بين الجلستين أثيرت فيه عديد المسائل المتعلّقة بالمداخلات المقدّمة تراوحت بين التثمين – خاصّة فيما يخصّ الورقات العلمية التي جمعت بين النظري والتطبيقي باشتغالها على النصوص واتخاذها أنموذجا توضيحيّا – وابداء ملاحظات وإضافات معرفية لإغناء بعض المداخلات ونقاشها باقتراح بدائل وتبادل وجهات النظر المختلفة.

عُنيت الجلسة العلمية الثالثة بـــمقاربات في المضامين برئاسة الأستاذة نادية بن ورقلة/ الجزائر، وقد شارك فيها الباحث توفيق السالمي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان/تونس والباحث حيدر حسن ديوان الأسدي من كلية الفقه – جامعة الكوفة/ العراق والباحثة الزهرة لحلح من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة/ الجزائر والباحث عادل كريمي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان/ تونس.

قدّم الباحث توفيق السالمي مداخلة عنوانها “التكفير من خيانة المقدّس إلى هتك الإنسي” اعتبر فيها التكفير من القضايا الفقهية والفكرية والسياسية التي نشأت في القرون الأولى للإسلام، وترحلّت من تلك العصور ليعاد إنتاجها في الفكر الإسلامي المعاصر إذ يمثل الفقهاء والمفسرون مصدرا مهما لتغذية ظاهرة التكفير في المجتمعات الإسلامية المعاصرة، فقد أعدم المفسرون الكثير من المعاني القرآنية الدالّة على التسامح وقبول الآخر والمعاملة الحسنة ففسروها على هواهم وربطوها بأحداث تاريخية محددة ليجعلوا النّص القرآني مجرّد انعكاس لتفاصيل حياة النبيّ ومجتمع الجزيرة العربية ثمّ عدّوها من المنسوخ. وقد بيّن أنه برغم تبجيل الإنسان في القرآن واعتبار إيمانه وكفره من مشمولات الله فقد اختطف البعض هذه المهام من الله ليعلن تكفير غيره وليمدّ السيوف إلى رقاب الناس ويدعو إلى مصادرة الأملاك وسبي النساء والأطفال بدعوى الكفر والخروج عن الدين الحق، محملا مسؤولية ذلك لما فعله بعض الفقهاء والعلماء ومنهم أبو حامد الغزالي في مصنّفه “فضائح الباطنية” وابن حزم في رسالته على ابن النغريلة اليهودي. أمّا الباحث حيدر حسن الأسدي فقد قدّم مداخلة عن “الهوية والمواطنة مقاربة نقدية في فقه الانتماء عند التيارات التكفيرية المعاصرة” اهتم فيها بثلاثة محاور رئيسة؛ الأول: الإطار العام – التعريف بالظاهرة الأصولية ومعالمها/ الثاني: المنطلقات المنهجية للتيارات التكفيرية وبعض مقولاتها في الانتماء/ الثالث: الهوية الإسلامية وإمكانية تجاوز أزمة التطرف الأصولي.

وقد سعى من خلال بحثه إلى تقديم رؤية نقدية عن المنهج الراديكالي الأصولي التكفيري ودوره في تراجع روح المواطنة والانتماء للأرض والمجتمع، لأنّ عقلية التيّار التكفيري تفهم اليوم كإشكالية بين عقلية الماضي – التخلّف، وعقلية الاجتهاد.

وقدّمت الباحثة الزهرة لحلح مداخلة بعنوان “جدلية التكفير وصورة الإسلام بالغرب دراسة في المضامين والآثار” خلصت من خلالها إلى أنّ الدعوة التكفيرية في مضامينها وممارساتها قد أسهمت في تعميق البعد الرهابي لصورة الإسلام في الغرب، ومن ثمّ تشويه الوجه الحقيقي للإسلام، مما يستدعي تظافر جهود دور العلم والمؤسسات التعليمية في العالم الإسلامي لنشر الفكر المعتدل ونبذ التطرّف وإرساء أعدل السبل التعليمية والمنهجية التي من شأنها غرس قيم السلام والتعايش مع الآخر، وضرورة تصحيح المفاهيم الإسلامية من خلال تنظيم الندوات والملتقيات دحضا للشبه التكفيرية المسيئة للدين الإسلامي عقيدة وشريعة. أما الباحث عادل كريمي فقد قدّم مداخلة عنوانها ” “خطاب التكفير” سلاح الجماعات الإسلامية في العصر الحديث” عرّف ضمنها التكفير مبرزا أهم أنواعه، محددا أبرز الحركات الإسلامية وأنشطتها مركّزا في قراءته على الواقع السياسي الحديث وتحديدا على الحركات والجماعات الإسلامية.

وقد عُنيت الجلسة العلمية الرابعة بــمقاربات في المضامين كسابقتها برئاسة الأستاذ إحسان الديك/ فلسطين شارك فيها الباحث حامي حسان من جامعة محمد لمين دباغين – سطيف2/ الجزائر والباحثة هدى بحروني من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان/ تونس والباحثة عقيلة دبيشي من جامعة باريس8/ فرنسا والباحثين سعيد كفايتي وكريمة نور عيساوي من جامعة فاس/ المغرب.

قدّم الباحث حامي حسن مداخلة بعنوان “المؤسّسة الدينيّة وسوسيولوجيا التكفير في العالم العربي” عالج فيه ظاهرة التكفير في الفكر العربي الإسلامي من زاوية سوسيولوجية رادّا مظاهر العنف إلى خلفيات إيديولوجية بحتة تتحدث باسم دولة الله، وقد انبنت مداخلته على إشكالية رئيسية هي: ماهي مكانة الخطاب الديني في المؤسسة الرسمية وغير الرسمية؟ وماهي حدوده؟

وقدّمت الباحثة هدى بحروني مداخلة في “قراءة في مفهوم الكفر في القرآن” اعتبرت فيها التكفير ظاهرة قديمة قدم الأديان وخاصّة الأديان الكتابية وأديان الخلاص الكبرى، ذلك أنّ كل دين يزعم امتلاكه الحقيقة الكبرى التي بإدراكها يكتسب الوجود الإنساني معناه. وقد وزعت عملها على ثلاثة محاور كبرى هي: تعريف الكفر/ دلالات الكفر في القرآن/ الكافر بين حكم الله وحكم الجماعة. أمّا الباحثة عقيلة دبيشي فقد قدّمت مداخلة عن “العلوم الإنسانية.. قراءة في ظاهرة الإرهاب” طرحت فيها وجهات النظر المختلفة إذ يذهب البعض إلى ضرورة المواجهة المباشرة، بينما يذهب البعض الآخر إلى تصوّر معالجة فكرية ثقافية لظاهرة الإرهاب التي لا يمكن اعتبارها فقط، سمة ملازمة للطبع البشري.. وإنما ثمة عوامل كثيرة ومعقدة تساهم في تكوينه، معتبرة أنّ العنف لا يكون دائما بالعنف المضادّ، وإنما أيضا عبر تقويض الأسس الأيديولوجية التي ينهض عليها خطاب الإرهاب ذاته.

الجمعة 21 أفريل 2017:

افتتح اليوم الثاني من الندوة العلمية الدولية الخطاب التكفيري في الفكر العربي الحديث والمعاصر التي نظمها مخبر تجديد مناهج البحث والبيداغوجيا في الإنسانيات بالجلسة العلمية الخامسة التي ترأسّها الأستاذ سعيد كفايتي/ المغرب وشارك فيها الباحثة شادلية العبيدلي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان/ تونس والباحث نايف بن عمار الدوسري من جامعة الأمير سطام بن عبد العزيز/ السعودية والباحث أسامة عدنان الغنميين من جامعة اليرموك/ الأردن والباحث حسنين توفيق إبراهيم علي من جامعة زايد/ الإمارات العربية المتحدة.

عُنيت الجلسة بــمقاربات في التعريفات، وقد قدّمت فيها الباحثة شادلية العبيدلي “قراءة في واقع الجماعات الإسلامية المعاصرة: جماعة التكفير والهجرة نموذجا”اعتبرت فيها أنّ الجماعات الإسلامية اليوم تستند في مباحثها ومبادئها إلى النّص القرآني فتوظّفه وفق تطلعاتها وآفاق ما تصبو إلى تحقيقه. وقد اختارت تناول جماعة التكفير والهجرة أو كما تُطلق على نفسها جماعة المسلمين التي نشأت داخل السجون المصرية، وقد اعتبرت هذه الجماعة أنّ حاكم البلاد العربية الإسلامية كافر، وأنّ نظامه مخالف للشريعة الإسلامية، بل اعتبرت أنّ من ساند السلطة يُعدّ مرتدّا ومن لم يكّفرهم فهو كافر، بل إنّ المجتمع كافر باعتباره مواليا للحاكم، وقد أكدّت أنّ التكفير عنصر أساسي في أفكار هذه الجماعات ومعتقداتها، وهو ما جعلها تتوقف عندهم لتفكيك خطابها منهجا ومتنا، وإبراز تهافت أطروحتهم وفساد مرتكزاتهم.

وقدّم الباحث نايف بن عمار الدوسري مداخلة عن “التصدّي للفكر الإرهابي في ضوء التجربة السعودية”. أما الباحث أسامة عدنان الغنميين فقد قدّم مداخلة بعنوان “التكوين الفقهي للجماعات الإرهابيّة المعاصرة المنتمية إلى الإسلام” سعى من خلالها إلى الكشف عن طرائق التكوين الفقهي لدى الجماعات الإرهابية المعاصرة المنتمية إلى الإسلام التي أسهمت في تكوين رؤية فقهية شاذّة خارجة عن الإسلام. وقد خلص إلى نتائج مفادها أنّ طرائق التكوين الفقهي للجماعات الإرهابية المنتمية للإسلام لا تمتّ إلى الفقه الإسلاميّ بصلة، فهي في الواقع، عبارة عن خليط من الحمق والجهل، والعمالة لأعداء الأمّة، معتبرا أنّ خطاب الجماعات الإرهابية المعاصرة المنتمية إلى الإسلام، خطاب معارضٌ للشرع، ذاهلٌ عن مقاصد الدين، مصادمٌ لأصوله، مناقضٌ للعقل، معتد على الإنسانية.

اختتمت الجلسة العلمية الخامسة بمداخلة للباحث حسنين توفيق إبراهيم علي بعنوان “في تفسير تمدّد تنظيم “داعش” وانتشار فكره التكفيري”تطرّق فيها أولا للفكر التكفيري لتنظيم “داعش” .. النسخة الأكثر تطرّفا وتشدّدا وحديّة في فكر السلفية الجهادية، وثانيا لتجليّات تمدّد تنظيم “داعش” وانتشار فكره التكفيري .. شبكة شبكة جهادية إرهابية عابرة للحدود، وثالثا لخصوصية تنظيم “داعش” وتأثيراتها في تمدّد التنظيم وانتشار فكره التكفيري، ورابعا لفوضى ما بعد “الربيع العربي”: الأزمات البنيوية وخلق بيئات ملائمة لتمدّد تنظيم “داعش” وانتشار فكره التكفيري، وخامسا لأزمات الهوية وعدم الاندماج والتمييز التي تعاني منها الجاليات المسلمة في كثير من الدول الغربية وأثرها في تمدّد التنظيم وانتشار فكره.

تمّ افتتاح الجلسة العلمية السادسة برئاسة الأستاذ محسن التليلي/ تونس ودارت حول محور مرجعيات الخطاب التكفيري قدّم في مفتتحها الباحث أحمد بن عبد العزيز الشثري من جامعة الأمير سطام بن عبد العزيز/ السعودية مداخلة عنوانها “دور مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية في معالجة الخطاب التكفيري”.

وساهم الباحث خميس غربي حسين سلومي من جامعة تكريت/ العراق بمداخلة عنوانها “الجذر التاريخي للفكر التكفيري، دراسة في المرجعيات الفكرية لظاهرة التطرّف والإرهاب في الإسلام” بيّن من خلالها أنّ الكتابة عن ظاهرة الإرهاب تحظى بأهمية بالغة معتبرا أنّنا مجتمعات ماضوية تعيش جزءا من الحاضر بعقلية الماضي ولاسيما السياسية والفكرية المتأتيّة من الجذر التاريخي.

وساهمت الباحثة بتول حسين علوان الربيعي بالاشتراك مع الباحثة سناء كاظم كاطع الكعبي من جامعة بغداد/ العراق بورقة عنوانها “التكفير في فكر الحركات والتنظيمات الإسلامية وتداعياته الاجتماعية” وقد انطلقتا من فرضية مفادها أنّ الحركات والتنظيمات الإسلامية المعاصرة اعتمدت في تفكيرها على ما قدّمه السلف من أفكار وفتاوى تكفيريّة أسقطتها على الواقع المعاصر دون النظر إلى ملابسات هذا الواقع، وهو ما أفرز الكثير من التداعيات والآثار الخطيرة على المجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية.

وقد ختمت الجلسة بمداخلة الباحث علي الحبيب الفريوي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس/ تونس عنوانها “صادق جلال العظم: دفاعا عن الإبداع والمبدعين: ذهنيّة التكفير في مواجهة رواية “آيات شيطانية” ” تناول فيها السجال الفكري الذي خاضه المفكر صادق جلال العظم ضدّ ذهنية التكفير العربية الإسلامية، مستفيدا من تبحرّه في قراءة تاريخ هذه الذهنية، التي تتصدّى للإبداع والتفكير بكل أصنافه، مُدعية امتلاكها للحقيقة المطلقة، وحيازتها لشرعية حفظ الدين الإسلامي ووصايتها التاريخية على الإسلام.

وعُنيت الجلسة العلمية السابعة بــمرجعيات الخطاب التكفيري، ترأسّها الأستاذ محمد بوهلال/ تونس وشارك فيها الباحث عمار بن حمودة من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس/ تونس والباحث الأسعد العياري من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان/ تونس والباحث منذر منوّر من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس/ تونس والباحثة خديجة العيدودي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان/ تونس.

قدّم الباحث عمار بن حمودة مداخلة بعنوان “التكفير وآليات الاستبداد: محنة “نصر حامد أبو زيد” أنموذجا” درس من خلالها الآليات التي قام عليها الخطاب التكفيري المعاصر انطلاقا من فرضية أساسها ارتباط هذا الخطاب ببنيان الاستبداد مكوّنا جوهريا لآلياته ومقوّما لخطابه، وقد قسّم بحثه إلى مراحل مختلفة تأتلف حول حضور الاستبداد في الخطاب التكفيري، فاهتم في القسم الأول بدور اللغة في إقامة بنيان الاستبداد اللغوي لخطاب التكفير الذي وُظّف لإدانة “نصر حامد أبو زيد”، وفي القسم الثاني طرح ارتباط الاستبداد بالحقيقة الدينيّة والمقدّس، وفي القسم الختامي درس سُبل توظيف العنف وسيلة لفرض الاستبداد التكفيري في محاولة لفكّ الاشتباك بين الاستبداد والحقيقة الدينيّة.

وقدّم الباحث الأسعد العياري مداخلة عنوانها “نصّ القرآن بين فتوى التكفير وفتنة الإيمان: عقيدة الأحباش الهررية نموذجا” طرح فيها قضية التكفير في الفكر العربي الحديث والمعاصر وما يحيط بها من إشكاليات جوهرية موصولة بإعادة النظر في فهم المسلمين لكتاب القرآن والسنة النبوية وانحرافهم عن المقاصد الأصلية للشريعة الإسلامية، وقد تناول العقيدة الحبشية والفكر الحبشي أنموذجا للاستدلال على هذه الانحرافات المجانبة لصواب التعبير القرآني والمحرّفة لمسار الفكر الإسلامي، مؤكدا أنّ اختيار دراسة هذه الفرقة يعود أساسا إلى الغموض الذي يلّف هذه الطائفة الدينيّة وتصوّراتها العقائدية رغم حضورها الضمني والخفيّ في السياق الفكري العربي والمعاصر وأثرها العميق في توسيع دائرة عقيدة التكفير، فهل التكفير من صميم النّص القرآني ومن داخل التراث السنّي الإسلامي أم هو إسقاط فكري بخلفيات إيديولوجية دينيّة؟ أمّا الباحث منذر منوّر فقد قدّم مداخلة بعنوان “أيّ دور للنظام التربوي في التصدّي للإرهاب وتطويقه: نظام القيم في المدرسة التونسية نموذجا” هدف من خلالها إلى البحث عن حلول ممكنة لمجابهة الفكر التكفيري من خلال مقاربة تربوية لهذه الظاهرة التي تستدعي من مختلف النظم الاجتماعية وخاصة النظام التربوي الوعي بأهمية التدخل التربوي في معالجة هذا الإشكال وإيجاد حلول عميقة تجد الأساس لها في التربية على المواطنة وعلى الحوار داخل الأسرة والمجتمع والمدرسة، معتبرا أنّ ذلك لا يكون إلا من خلال مراجعة للبرامج التربوية وجعل الكفايات التعليميّة تستجيب للمتغيّرات الخارجية في ارتباط وطيد بتهيئة الطفل والمتعلم على حسن التواجد والتموضع داخل المجتمع، مُؤكدا أنّ الحلّ يكمن في اعتماد تربية جديدة تقوم على القيم وتسعى لتطوير وتنمية الكفايات التربوية وإعداد مواطن المستقبل على قواعد العيش المشترك وتثمين قيم العدالة والحرية والمسؤولية وترسيخ قيم الضمير والتوافق مع النفس.

وقدّمت الباحثة خديجة العيدودي مداخلة بعنوان “من آليات الدولة الدينيّة: الخطاب التكفيري، “خبر المحنة بالقرآن” أنموذجا”اعتبرت فيها الخطاب التكفيري من إرهاصات الجدل الديني السياسي الذي رافق التاريخ العربي الإسلامي في جميع مراحله تقريبا، وهو ما جعل منه قضيّة مركزية ذات طابع شمولي وخطاب أزمة تشكّلت منذ أحداث محنة خلق القرآن التي جمعها الطبري في تاريخه ضمن “خبر المحنة بالقرآن”، وقد اعتمدت على هذا الخبر في تحديد مصادر وأصول الخطاب التكفيري.

وعُنيت الجلسة العلمية الثانية بــاستراتيجيات الخطاب التكفيري برئاسة الأستاذ خميس غربي/ العراق، شارك فيها الباحث منير قندوز والباحث عبد الناصر عزوز من جامعة المسيلة/ الجزائر والباحث حمادي اللطيفي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان/ تونس والباحث محمد سويلمي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بسوسة/تونس والباحثة نجاة خليفي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان.

قدّم الباحث منير قندوز والباحث عبد الناصر عزوز مداخلة مشتركة عن “أساليب وآليات مواجهة الخطاب التكفيري”، أمّا الباحث حمادي اللطيفي فقد قدّم مداخلة عن “الحجاج المغالطي في الخطاب التكفيري: قراءة في كتاب “تحت راية القرآن” للرافعي”.

وقدّم الباحث محمد سويلمي مداخلة بعنوان “استراتيجيّات الخطاب التكفيري وآلياته: المواقع الإلكترونية نموذجا”بيّن فيها أنّ لكل خطاب استراتيجيّاته وأنظمته وآلياته التي تمكّنه من الاشتغال وممارسة السلطة داخل جمهوره وبما تقتضيه المؤسّسة المنتجة والحاضنة، وكذلك كان الخطاب الإلكتروني الذي استفاد من تعدّد الوسائط الرقميّة والخيارات السميائيّة في الأشكال والطرائق وخيارات المجتمع الشبكيّ الجديد، معتمدا فيها على إشكالية مفادها: أليس مفهوم التكفير في الخطاب الإلكتروني الإسلاميّ المعاصر مجرّد إعادة إنتاج أصوليّة في سياقات عولميّة جديدة؟ وقدّمت الباحثة نجاة خليفي “قراءة في مفهوم الردّة عند “محمد بن عبد الوهاب” من خلال نماذج من كتاباته”دعت فيها إلى ضرورة مراجعة بعض المفاهيم الموظفة في الخطاب الديني الحديث والمعاصر، وقد اختارت البحث في مفهوم “الردّة” عند أهم مُوظفيه وهو الفقيه النجدي محمد بن عبد الوهاب، فنظرت في طرائق توظيفه وآليات اشتغاله.

السبت 22 أفريل 2017:

افتتح اليوم الاختتامي للندوة العلمية الدولية التي نظّمها مخبر تجديد مناهج البحث والبيداغوجيا في الإنسانيات بجلسة علمية ترأسّها الأستاذ علي الصالح مولى/ تونس شارك فيها كلّ من الباحث إحسان الديك والباحث نادر القاسم من جامعة النجاح الوطنية/ فلسطين والباحث محمد كريفة من جامعة القيروان/ تونس والباحثة هاجر بوسفة من كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية/ تونس.

افتتحت الجلسة العلمية التاسعة بمداخلة للباحث إحسان الديك عن “القضية الفلسطينيّة بين الخطاب التكفيري والخطاب التفكيري” حدّد فيها مكانة القضيّة عند العرب والمسلمين وبنية الخطاب التكفيري وأثره في القضيّة الفلسطينية ودرس الخطاب التكفيري بين السنّة والشيعة وانعكاسه على القضيّة الفلسطينيّة، مبيّنا أثره في الداخل الفلسطيني. أمّا الباحث نادر القاسم فقد قدّم مداخلة بعنوان “نرجسيّة الخطاب الديني التكفيري الصوت والصدى والحلول المقترحة” حدّد فيها أصول النرجسية في الأساطير وفي التاريخ، مبيّنا إشكالية الهوس الديني – الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، مُستعرضا الأعراض الذُهانية ذات الصبغة الدينيّة مثل الضلالات والهلوسات، معتبرا أنّ أصحاب النرجسيات الدينيّة والخطاب التكفيري أكثر الناس اهتماما بالغيبيّات، فقد ملكوا الحقيقة، والله ذاته داخلهم، فأصبحوا يتحدثون بلسان الله عن الدين.

وقدّمت الباحثة هاجر بو سفة مداخلة عن “الخطاب التكفيري في الإسلام: الجذور والتوظيف زمن العولمة” تحدثت فيها عن جذور الخطاب التكفيري في الإسلام وسُبل تطويعه وطرائق التحرّر منه بإعادة قراءة النصوص بما يتماشى مع مستجدّات العصر والعمل على تحصين الأجيال القادمة من المدّ التكفيري.

ترأسّت الأستاذة بتول حسين علوان/ العراق الجلسة العلمية العاشرة التي شارك فيها كل من الأستاذ على الصالح مولى من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بصفاقس/ تونس والباحثة نادية بن ورقلة من جامعة زيان عاشور/ الجزائر والباحثة زهرة الثابت والباحثة نجاة ذويب من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان/تونس.

قدّم الأستاذ على الصالح مولى مداخلة بعنوان “في أصالة التكفير واستحالة القضاء عليه: بحث في معقول “حضارة الإيمان” ” وضع فيها سؤال التكفير في سياقاته الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والقانونية، وبحث عن مسوّغات تشكّله، وعن المعقولية التي تشرّع لوجوده واجتهدت لتنأى عن مقاربات سائدة اليوم، المشترك بينها إيديولوجي، مُلّحا على أهمية ما استخلصته تجارب الاجتماع البشري التي تستمدّ شرعيّة وجودها من الدين للبناء عليه، معتبرا أنّ الهوية الإيمانية لا يمكنها أن تحافظ على استمرارها ووحدتها إلاّ بظهور جهة تتحوّز بقراءة للنص/ الوحي وتفرض القراءة الوحيدة والرسمية، وتحتكر بها المعرفة الحقيقية والسلطة والجاه والقوة، منتهيا إلى مجموعة من النتائج منها أنّ الحضارات التي تقوم شرعيّتها على الإيمان، وتنبني هويتها على المحاكاة أو المماثلة بزعمها أنها ظلّ الله في الأرض ولا تستطيع موضوعيا إلا أن تكون في صدام مع الآخر لأنه يمثّل الشرّ والخطأ والضلال، معتبرا أنّ مآل حضارات الإيمان المغلقة أن تتشظّى وتتحوّل إلى جماعات يُلغي بعضها بعضا بادّعاء كل واحدة منها أنها وحدها على حق وأنّ الآخرين في ضلال.

وقدّمت الباحثة نادية بن ورقلة مداخلة عن “طرق التصدّي والمقاومة التي يوظفها الإعلام لمقاومة الخطاب التكفيري” تحدثت فيها عن المدّ التكفيري وشرعنة ثقافة العنف، محدّدة دور الإعلام في محاربة ظاهرة التكفير وأهمّ استراتيجيات عمل الإعلام. أمّا الباحثة زهرة الثابت فقد قدّمت مداخلة عن “التكفير وسبل مواجهته”تحدّثت فيها عن نشأة التكفير قديما وحديثا مقترحة طرق التصدّي له. وقدّمت الباحثة نجاة ذويب مداخلة بعنوان “الرواية العربية وأزمة التكفير: أولاد حارتنا لنجيب محفوظ نموذجا” سعت من خلالها إلى تقديم بعض الحلول لتجاوز أزمة التكفير مقترحة مراجعة التعامل مع النّص القرآني وإعادة قراءة الأعمال الفنيّة قراءة موضوعية من خلال الفصل بين الدين والإبداع الفكري.

ختاما، أحيلت الكلمة للسادة المحاضرين ليتفاعلوا مع ما وُجّه إليهم من أسئلة واستفسارات، واختتمت الندوة بكلمات السادة الضيوف ممثّلي الدول المشاركة، ثمّ كلمة السيّد حمادي المسعودي رئيس مخبر تجديد مناهج البحث والبيداغوجيا في الإنسانيات الذي عبّر عن شكره العميق لكل من شارك في فعاليات هذه الندوة العلمية الدولية مُعلنا عن صدور الجزء الأول من أعمال الندوة الذي تضمن 10 مقالات وُزعت بين محاور الندوة المختلفة، محيلا على المشاريع المستقبليّة للمخبر.

كُلّلت الندوة العلمية الدولية الخطاب التكفيري في الفكر العربي الحديث والمعاصر التي أقامها مخبر تجديد مناهج البحث والبيداغوجيا في الإنسانيات بـكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان/ تونس بالنجاح – في تقديرنا – إذ كانت متميّزة في مختلف الجوانب حضورا ومعرفة وتنظيما، وقد ساهم تنوّع مواضيعها وإشكالاتها في خلخلة بعض المسائل وإعادة النظر فيها ومراجعتها خاصّة أنّ موضوعها يتعلّق بصفة مباشرة بما نعيشه في واقعنا الحالي، وهو ما أكدّه الأساتذة الذين شاركوا في فعالياتها من تونس ومن خارجها.


نشر منذ

في

,

من طرف

الآراء

اترك رد