د. سالم رحيل: أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة – قسم الدراسات الإسلامية / جامعة طرابلس ليبيا
المقدمة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد عليه وعلى آله وأصحابه الصلاة والسلام، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
قد أفلح من اهتدى بهدي الإسلام، وسعد في الدنيا والآخرة، وسلم من كل الشرور والآثام من جعل القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قائده ودليله وإمامه لتكون حياته هناءً، ويرتاح باله ويرضى بالعيش الكريم بين أهله وأحبابه وخلانه، فإنَّ من تمسك بالكتاب والسنة فاز بالسعادة في الدارين، كيف لا يكون كذلك وقد وعد الله تعالى عباده المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالعيش الهنيء، والحياة الطيبة الكريمة، قال الله- تعالى-: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)([1]).
وفي المقابل فإن الإعراض عن دين الله، ونسيان أمره والكفر والجحود، والانغماس في شهوات الدنيا ومتعها وملذاتها دون حسيب أو رقيب يورث الضيق والكآبة، والحزن والآلام، وتنغيص العيش، قال الله- تعالى-: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى)([2]).
ولما حرَّم الله تعالى الخمر وأخواتها، ذكـــَّــــر عباده بالغاية النبيلة من وراء تحريمها وهي صيانتهم من العداوة والبغضاء، وقساوة القلوب وبعدها عن الله، فقال:- عز من قائل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ)([3]).
لذلك لما أنزل الله هذا البيان الشَّافي دعا النبي- صلى الله عليه وسلم- عمر فتلاها عليه فقال عمر انتهينا يا رب([4]).
[1]- سورة النحل الآية 97.
[2]- سورة طه الآية 124.
[3]- سورة المائدة الآيتين 90-91.
[4]- مستدرك الحاكم، حديث رقم/7224.
اترك رد