د. سمير نور الدين دردور: أستاذ مشارك بالمركز الجامعي صالحي علي بالنعامة – الجزائــــــر
مقدمة:
الاستعمار لا يولد إلا الحرمان و الدمار . تلك حقيقة فرنسا التي آلت على نفسها نقل “الحضارة الأوروبية” إلى الشعوب “المتخلفة”. كانت أطماع الاستعمار معلنة قبل سنة 1830 و ثبتت أكذوبة فرنسا “الحضارية” و بدأ برنامج الاستعمار: خوف بعد أمن, تشرد بعد استقرار, جهل بعد علم, سقم بعد معافاة…لم تصمت آلة المقاومة الجزائرية منذ أن وطأت أقدام المستعمرين و المعمرين و شذّاذ الآفاق أرض الجزائر إلى أن استعاد الشعب الجزائري سيادته و كرامته.
إبادات جماعية (أولاد رياح…), “تطهير” عرقي (جرائم بليسيي, سانت آرنو, بيجو..), تفجيرات نووية (رقان..) (1), مذابح (8 ماي 1945…), تهجير قسري (كاليدونيا الجديدة..)…كلها جرائم ترفضها الأخلاق و القيم الإنسانية و الأديان السماوية و الأعراف البشرية و تعاقب عليها القوانين الدولية…إن جرائم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها فرنسا في حق الشعب الجزائري لا يمكن أن تنجلي آثارها بحكم العلاقات الودية و يفترض أن لا تسقط بالتقادم أمام هيئات القضاء المختصة مهما طال أمدها.
استنادا إلى البروتوكـول الإضافي الثاني لسنة 1977 و الملحق باتفاقيـات جنيـف الرابعـة لعام 1949, فإن حروب التحرير الوطني لاستعادة الاستقلال من الاستعمار تدخل في حيز النزاع المسلح الدولي الذي ينطبق عليه القانون الدولي الإنساني.
أصبح طلب اعتراف فرنسا بجرائمها في الجزائر جماهيريا و رسميا يستند إلى طبيعة “العلاقة الاستثنائية” التي تربط البلدين و التي يعول عليها في فتح عهد جديد يستخلص عبر الماضي و يؤسس لحاضر يسوده الاحترام المتبادل و ينظم لتوافق مستقبلي أكثر مصداقية.
يقول السيد رئيس الجمهورية :
· «إنّنا نمارس حقنا في حفظ الذاكرة وفاء لشعبنا الذي ضحى بمليون ونصف مليون من أبنائه وبناته لكي يسترجع سيادته الوطنية واستقلاله.
· إن فرنسا التي باشرت معها الجزائر المستقلة بناء شراكة استثنائية، يجب أن تكون نافعة لكلا الطرفين، وهي شراكة لن يزيدها الاعتراف بحقائق التاريخ إلا صفاءً وتَوَثُّباً
· إنّ التذكير بالماضي لا يتضمن أي دعوة للبغضاء والكراهية، حتى وإن ظل الشعب الجزائري مصرا على مطالبة مستعمر الأمس بالاعتراف بما اقترفه في حقه».(1)
اترك رد