1-بين يدي الموضوع :
مما لاشك فيه أن قيمة تحديد المفاهيم في مجال البحث – أيا كان نوعه – لا تنبع من كونها أضحت من التقاليد الراسخة فحسب؛ بل لأن تحديدها هو تحديد للأرضية التي يقف عليها الباحث, ويبني من خلالها؛ ويحدد موقعه ومساره, وهي أولا وأخيرا تأطير للرؤية المنهجية التي ستحكم تحليله وتصوره.
وهذا ما جعلني أخط هذه المقالة حول : مفهوم الشرح الإشاري راجيا من ذلك أن أوفق في تحديد رؤية واضحة حوله, والخروج به من عتمة الاستعمال الدارج, إلى كنف التوظيف الناضج سيما أن الشرح الإشاري اليوم حرف مفهومه إما تضيقا وتشديدا أو توسيعا تجاوز محله.
2 التفسير في اللغة والاصطلاح
التفسير في اللغة: مأخوذ من الإيضاح والتبين, ومنه قوله تعالى:{ ولاياتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا}[1], فهو مأخوذ من الفسر؛ والفسر: الإبانة والكشف. قال أبو بكر الرازي:” الفسر البيان وبابه ضرب والتفسير مثله؛ واستفسره كذا, سأله أن يفسره”[2], وهو قريب من مقلوبه ” السفر” الذي معناه ” الكشف”, قال الراغب الأصفهاني:” الفسر والسفر يتقارب معناهما كتقارب لفظيهما لكن جعل الفسر لإظهار المعنى المعقول؛ وجعل السفر لإبراز العيان للأبصار, فقيل سفرت المرأة عن وجهها وأسفر الصبح”[3]
أما في الاصطلاح: فيرى بعض العلماء أن التفسير ليس من العلوم التي يتكلفها احد لأنه ليس قواعد وملكات ناشئة من مزاولة القواعد كغيره من العلوم التي أمكن لها أن تشبه العلوم العقلية.
في حين يرى البعض الآخر أن التفسير من قبيل المسائل الجزئية أو القواعد الكلية أو الملكات الناشئة من مزاولة القواعد؛ فيتكلف له التعريف فيذكر في ذلك علوما أخرى يحتاج إليها.
وإذا نحن تتبعنا أقوال العلماء الذين تكلفوا الحد للتفسير؛ وجدناهم قد عرفوه بتعاريف كثيرة, يمكن إرجاعها كلها إلى واحدة منها فهي وإن كانت مختلفة من جهة اللفظ إلا أنها متحدة من جهة المعنى؛ وما تهدف إليه.
فقد عرفه أبو حيان التوحيدي الأندلسي بقوله:” هو علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإرادية والتركيبية ومعانيها التي يحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك”[4]
اترك رد