أهل السنة والجماعة: حقيقة الإسم والمسمى

-3-

“أهل السنة والجماعة”: حقيقة الإسم والمسمى بين مطالب الوضوح

وجاذبية الواقع المنحرف

مفاتيح لـغـويــة

1- أهـل: ويقال أيضا الآل.

قال الجوهري: “آل الرجل أهله وعياله، وآله أيضا: أتباعه”.[1]

وقال أبو البقاء الكفوي: “الآل: هو جمع في المعنى فرد في اللفظ، يطلق بالاشتراك اللفظي على ثلاث معان:

أحدها: الجند والأتباع نحو (آل فرعون).

ثانيها: النفس (آل موسى) و(آل هارون) و (آل نوح).

ثالثها: أهل البيت خاصة نحو (آل محمد).

وأهل آل (…) أو من آل يؤول إذا رجع بقرابة أو رأي”.[2]

وقال ابن منظور: “آل: أصلها أهل، ثم قلبت الهاء همزة فصارت في التقدير أأل، فلما توالت الهمزتان أبدلوا الثانية ألفا، كما قالوا: آدم وآخر”.[3]

والملاحظ أن هذا اللفظ (أهل) يأخذ معانيه عند الإطلاق بالاشتراك اللفظي (أهل الرجل، أهل البيت، أهل السنة…الخ)، وتكون النسبة إليه (أي إلى أهل) إما نسبة صورة (الاشتراك في النسب) وإما نسبة معنى (الاشتراك في الرأي والسيرة).

2- الـسـنـة:

قال ابن فارس: “سن: السين والنون أصل واحد مطرد، وهو جريان الشيء واطراده في سهولة”[4] وقال الجوهري: “السنن: الطريقة، والسنة: السيرة”.[5]

وقال الزمخشري: “سن سنة حسنة: طرق طريقة حسنة، وفلان متسنن، عامل بالسنة”.[6]

وقال الشريف الجرجاني: “السنة في اللغة الطريقة مرضية كانت أو غير مرضية، وفي الشريعة هي الطريقة المسلوكة في الدين من غير افتراض ولا وجوب”،[7] قال أبو البقاء الكفوي: “المراد بالمسلوكة في الدين ما سلكها رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو غيره ممن هو علم في الدين كالصحابة – رضي الله عنهم- وعرفا بلا خلاف هي ما واظب عليه مقتدى نبيا كان أو وليا”.[8]

يتبين مما ذكر أن (السنة) في أصل الاستعمال اللغوي هي السيرة والطريقة بضميمة معاني الاتباع والاقتداء، وفي الاستعمال الشرعي ما رغب الشارع في فعله على وجه الندب لا على وجه الوجوب.

3- الـجـماعــة:

قال الخليل بن أحمد في معجم العين: “الجمع مصدر جمعت الشيء، والجمع أيضا: اسم لجماعة الناس، والجماعة عدد كل شيء وكثرته”.[9]

وقال ابن دريد: “والجمع خلاف التفريق، جمعت الشيء أجمعه جمعا إذا ضممت بعضه إلى بعض (…) وفلاة مجمعة يجتمع فيها القوم ولا يفترقون خوف الضلال”.[10]

قال ابن فارس: “جمع: الجيم والميم العين أصل واحد يدل على تضام الشيء”.[11]

وقال الراغب الأصفهاني: “الجمع ضم الشيء بتقريب بعضه من بعض، ويقال للمجموع جمع وجميع وجماعة، والجماع يقال في أقوام متفاوتة اجتمعوا”.[12]

وحاصل هذه الشروح اللغوية يدل على أن الجماعة اسم لعدد من الناس متضام ومؤتلف ومتقارب في الآراء.

دلالات اصـطـلاحـيـة وإشكالات”مضمونية”

1- يقول الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله – : “أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم- والاقتداء به وترك البدع (…) والسمع والطاعة للأئمة وأمير المؤمنين والبر والفاجر، ومن ولي الخلافة فاجتمع الناس عليه ورضوا به، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة، وسُمِّي أمير المؤمنين والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة والبر الفاجر لا يُترك”[13] وقال أبو القاسم هبة الله بن الحسين الطبري (ت 418 هـ) معلقا على هذا النص: “أخبرنا أبو عبد الله حمد بن إبراهيم بن محمد – قراءة عليه- سمع أبا القاسم عبد الجبار بن شيراز بن يزيد العبدي يقول: “سمعت سهل بن عبد الله[14] يقول: قيل له متى يعلم المرء أنه على السنة والجماعة؟ قال: إذا عرف من نفسه عشر خصال(منها): لا يترك الجماعة، ولا يسب أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – (…) ولا يترك الجماعة خلف كل وال جار أو عدل”.

2- قال ابن حزم: “وأهل السنة عندنا الذين نذكرهم أهل الحق، ومن عاداهم فأهل البدعة، فإنهم الصحابة – رضي الله عنهم- وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين، ثم أصحاب الحديث ومن اتبعهم من الفقهاء جيلا فجيلا إلى يومنا هذا، ومن اقتدى بهم من العوام في شرق الأرض وغربها”[15]، فأهل السنة عند ابن حزم خمسة أصناف:

الأول: الصحابة – رضوان الله عليهم-.

الثاني: خيار التابعين – رحمهم الله-.

الثالث: أصحاب الحديث.

الرابع: من سلك سبيل أهل الحديث من الفقهاء.

الخامس: المقلدون والمقتدون بهؤلاء من عامة الناس.

3- وتوسع عبد القاهر البغدادي في عد أصنافهم فبلغ بهم ثمانية أصناف وهم:

الفقهاء، وأهل الحديث، وأهل اللغة، والقراء، والمفسرون، والزهاد الصوفية، والمرابطون في ثغور المسلمين، ثم البلدان التي غلب عليها شعار أهل السنة والجماعة، وهذه حكاية لفظه :

“أعلموا – أسعدكم الله- أن أهل السنة والجماعة ثمانية أصناف من الناس:

أولا: صنف منهم أحاطوا علما بأبواب التوحيد والنبوة، وأحكام الوعد والوعيد، والثواب والعقاب، وشروط الاجتهاد، والإمامة والزعامة، وسلكوا في هذا النوع من العلم طرق الصفاتية من المتكلمين الذين تبرؤوا من التشبيه والتعطيل.

ثـانـيـا: والصنف الثاني منهم أئمة الفقه من فريقي الرأي والحديث من الذين اعتقدوا في أصول الدين مذهب الصفاتية في الله وفي صفاته الأزلية، وتبرؤوا من القدر والاعتزال (…) وقالوا بإمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وأحسنوا الثناء على السلف الصالح من الأمة، ورأوا وجوب الجمعة خلف الأئمة الذين تبرؤوا من أهل الأهواء والضالة (…) ورأوا جواز المسح على الخفين، ووقوع الطلاق الثلاث، ورأوا تحريم المتعة، ورأوا وجوب طاعة السلطان في غير معصية.

ثـالـثـا: والصنف الثالث منهم: هم الذين أحاطوا علما بطرق الأخبار والسنن المأثورة عن النبي – صلى الله عليه وسلم -.

رابـعـا: والصنف الرابع منهم قوم أحاطوا علما بأكثر أبواب الأدب والنحو والتصريف وجروا على سمت أئمة اللغة (…) ومن مال منهم إلى شيء من الأهواء الضالة لم يكن من أهل السنة، ولا كان قوله حجة في اللغة والأدب (!).

خـامـسـا: والصنف الخامس منهم: هم الذين أحاطوا علما بوجوه قراءات القرآن، وبوجوه تفسير القرآن وتأويله.

سـادسـا: والصنف السادس منهم الزهاد الصوفية الذين أبصروا فأقصروا، واختبروا فاعتبروا،ورضوا بالمقدور،وقنعوا بالميسور.

سـابـعـا: والصنف السابع منهم قوم مرابطون في ثغور المسلمين في وجوه الكفرة (…)، ويظهرون في ثغورهم مذاهب أهل السنة والجماعة.

ثـامـنـا: والصنف الثامن منهم: عامة البلدان التي غلب فيها شعار أهل السنة دون عامة البقاع التي ظهر فيها شعار أهل الأهواء الضالة”.[16]

فالذي تدلنا عليه هذه النصوص أن ثمة ثلاثة عناصر أساسية تدخل في مسمى “أهل السنة والجماعة”:

العنصر الأول: السنة.

العنصر الثاني: الجماعة.

العنصر الثالث: الطاعة.

ويؤول الجميع إلى عنصرين، لأن التركيز في كل النصوص يقع على العنصر الثالث (الطاعة)، للحفاظ على العنصر الثاني(الجماعة)، فيصيران عنصرا واحدا (الجماعة)، وارتبط كل عنصر بأحداث تاريخية ونصوص شرعية.

العنصر الأول: السنـــــــة

فعند البخاري في صحيحه كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة (باب الاقتداء بسنن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -)، يروي فيه حذيفة قال، حدثنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن الأمانة نزلت في السماء في جذر قلوب الرجال، ونزل القرآن فقرؤوا القرآن وعلموا السنة”،[17] ويروي ابن حبان عن العرباض بن سارية – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: أوصيكم بتقوى الله عز وجل ، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليك بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة )،[18] وقال ابن حبان: “إن من واظب على السنن وقال بها ولم يُعرِّج على غيرها من الآراء فهو من الفرقة الناجية”.[19]

ونقلت الكتب التي دونها أصحاب الحديث معالم تلك السنن في مسائل الأصول والفروع، واشتهرت مصنفات الأئمة: أحمد،والبخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي،وأبي حنيفة،ومالك،دون أن ننسى أخذ الأخيرين عن جعفر الصادق عليه رضوان الله، ومع اتساع حركة الفتوحات، واختلاط المسلمين بأهل الديانات الأخرى، نشب الجدال والخلاف حول أمور العقيدة والتوحيد، فالإمام عبد القاهر البغدادي يعتقد أن الأمة كانت في أيام أبي بكر وعمر وست سنين من خلافة عثمان- رضي الله عنهم- “على كلمة واحدة في أبواب العدل والتوحيد، والوعد والوعيد، وفي سائر أصول الدين (…) وإنما كانوا يختلفون في فروع الدين مما لم يورث اختلافهم فيها تضليلا ولا تفسيقا”،[20] ثم طرأ القول في القدَر أواخر زمن الصحابة على يد معبد الجهني،[21] ثم ظهرت المعتزلة أيام الحسن البصري – رحمه الله- وبلغت شأوا كبيرا خلال حكم المأمون العباسي والمعتصم والواثق .

وثمة حدثان بارزان كان لهما أكبر الأثر في تقوية مذهب أهل السنة وهما:

الأول: محنة الإمام أحمد لما أوعز المعتزلة إلى الملوك العباسيين (المعتصم والواثق) أن يَحمِلوه على القول بخلق القرآن، وقد دامت تلك المحنة زهاء خمسة عشر عاما ، وخرج منها الإمام أحمد منتصرا ذائع الصيت، يؤازره عامة المسلمين لمَّا رأوا أن تلك المسألة التي امتُحن بسببها (خلق القرآن) “مفروضة عليهم من بيت السلطان، وما يخرج من بيت السلطان يكون موضع شك وريبة دائما من الجماهير”.[22]

الثاني: تبري الإمام أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري من مقالات المعتزلة بعد أن كان واحدا منهم، يقول عنه ابن خلكان: “وكان أولا معتزليا ثم تاب من القول بالعدل وخلق القرآن في المسجد الجامع بالبصرة يوم الجمعة”،[23] وسموه شيخ أهل السنة.[24]

وكما تمخَّض عن اجتهاد العلماء في استنباط الأحكام العملية، – مما دوَّنه أصحاب الحديث من السنن- نشأة مذاهب فقهية قائمة شكَّلت على اختلافها الشخصية الفقهية لأهل السنة، كذلك اتجه علماء أصول الدين إلى تضمين عقائد أهل السنة في أصول وقواعد، واختلفوا في إيراد مسائل أو عدم إيرادها، وكل منهم يثبت لمُعتقِد القدر الذي سطروه من العقائد موافقةَ السنة ومخالفةَ البدعة، يقول عبد القاهر البغدادي بعد ذكره لمقالات أهل السنة: “فكل من أقر بذلك كله، ولم يَشُبه ببدعة تؤدي إلى الكفر، فهو السني الموحِّد”،[25] ويقول الإمام الغزالي: “فهذه هي قواعد العقائد فمن اعتقدها كان موافقا لأهل السنة، ومباينا لرهط البدعة”.[26]

ولا يُدخل ابن تيمية في اسم أهل السنة إلا من يَزيدُ على إثبات خلافة أبي بكر وعمر وعثمان – رضي الله عنهم- إثبات “الصفات لله تعالى ويقول: إن القرآن غير مخلوق وأن الله يُرى في الآخرة، ويُثبِت القدَر، وغير ذلك من الأمور المعروفة عند أهل الحديث والسنة”،[27] ويميز بين السنة والجماعة فيقول: “فإن أهل السنة تتضمن النص، والجماعة تتضمن الإجماع، فأهل السنة والجماعة هم المتبعون للنص والإجماع”.[28]

ولما كان الإجماع من الأدلة التي عدَّها البعض مُستندا لشرعية بيعة وخلافة أبي بكر الصديق – رضي الله عنه-[29] فإن ابن تيمية يرى أن ذلك الإجماع لا ينفي وجود المخالِف إذ “الإجماع المعتبر في الإمامة لا يضُر فيه تخلُّف الواحد والاثنين والطائفة القليلة، فإنه لو اعتُبِر لم يَكَد يَنعقِد إجماع على إمامة”.[30]

وإذا كان ملاك التسنن الحقيقي هو اتباع سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فليس صحيحا ما ذهب إليه الشيخ إبراهيم الأنصاري – من الشيعة- في تفسير اسم أهل السنة عندما قال: “وأما تسميتهم بأهل السنة فليس المراد سنة النبي – صلى الله عليه وسلم -، بل سموا بهذا الاسم من يوم الشورى حينما أضاف عبد الرحمان بن عوف سنة الشيخين لسنة النبي – صلى الله عليه وسلم – وجعلها شرطا لقبول الخلافة، فأنكرها أمير المؤمنين عليه السلام وقبلها عثمان فافترق المسلمون فرقتين: فرقة تقتدي بعثمان في ضم سن الشيخين إلى سنة النبي – صلى الله عليه وسلم – وهؤلاء يسمون بأهل السنة بهذا المعنى، (أهل سنة الشيخين)”،[31] وهذا رأي يحمل على اعتقاده في الأقل جهل مشين، وفي الأكثر تعصب دفين، فإن سنة الشيخين – أو غيرهما- لا يقدمها أحد بين يدي الله ورسوله،[32] .

ثم هذا يعيدنا إلى حديث (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) ،فما هي سنة الخلفاء الراشدين التي دُعي المسلمون إلى الاستمساك الشديد بها(العض بالنواجد)،وهذا العضُّ محمود لأنه يتعلق بقضية مصيرية في حياة الأمة وهي مسألة الحكم،وسنة الراشدين فيها هي عدم توريث الحكم،وهي السنة المقصودة،بدليل أول الحديث (عليكم بالسمع والطاعة وإن تأمَّر عليكم عبد) ،ونهايتِه(وإياكم ومحدثاث الأمور،فإن كل بدعة ضلالة) كأنه بِِجَمع الأمر باتباع سنَّة الخلفاء الراشدين،والأمر بالسمع والطاعة،والتحذير من مُضِلات البِدع،يُحذِّرهم من أعظم بدعة وهي توريث الحكم واغتصاب حق الناس في اختيار حكامهم،وهذا التحذير اقترن في الحديث الآخر عند الإمام أحمد في مسنده بِعضّ مذموم هو بِِعض الكلاب أشبه (ثم تكون ملكا عاضا) ومن يوم ترسَّخ هذا الملك العاض الذي يَعُضُّ على الأمة بالوراثة وبيعة الإكراه “صِرنا سواسية كأسنان كلاب البادية”. أما السنة المُتمَحِّضة لأحكام العبادات والرقائق والفقهيات والإلهيات والسمعيات فالراشدون- واجتهاداتهم فيها- تََبَع لسنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم،

إنها سنة خلفاء راشدين فيهم: رأس أهل البيت أمير المومنين علي كرم الله وجهه،وفيهم رأس بني أمية وراشدهم أمير المومنين عثمان بن عفان رضي الله عنه،وفيهم الصديق الصاحب في الغار أمير المومنين أبو بكر رضي الله عنه،وفيهم القائم بالعدل أمير المومنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه،سنة لا يمكن بتاتا أن ننتزع منها أهل البيت،

ذلكم هو المعنى الحقيقي والصحيح لمعنى سنة الخلفاء الراشدين التي هي قسيم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،عندئذ يحق لنا أن نقول “أهل السنة والجماعة”.

العنصر الثاني: الـجـمـاعــة

وأرشدت أحاديث أخرى إلى لزوم الجماعة والسواد الأعظم:

يروي البخاري عن ابن عباس – رضي الله عنه- قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: “ليس أحد يفارق الجماعة شبرا فيموت إلا مات ميتة جاهلية”،[33] وفي مسند الإمام احمد عن انس بن مالك – رضي الله عنه- أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال: “إن أمتي ستفترق على اثنين وسبعين فرقة فتهلك إحدى وسبعون فرقة وتخلص واحدة، قالوا: يا رسول الله من تلك الفرقة؟ قال: الجماعة، الجماعة”،[34] وفي رواية أخرى عن أنس عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “كلها في النار إلا السواد الأعظم”.[35]

ووردت أحاديث أخرى توصي بطاعة الأمراء، بعضها ينص ظاهرها على طاعة مطلقة سواء عدلوا أم ظلموا كالحديث المروي عن عبد الله بن مسعود: “إنها ستكون أثرة وأمور تنكرونها، قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسلون الذي لكم”،[36] وفي الحديث الآخر عن عوف الأشجعي: “ألا ومن له وال فيراه يأتي شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزع يدا من طاعة”.[37]، وبعضها الآخر ينص على طاعة مشروطة ومقيدة: فيروي الإمام ابن حبان عن ابي سعيد الخدري عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “من أمركم بمعصية فلا تطيعوه”[38] وفي الحديث الآخر عن علي: “لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف”[39] وفي الحديث الآخر عن أبي هريرة – رضي الله عنه-: “ليأتين عليكم أمراء يقربون شرار الناس، ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها، فمن أدرك ذلك منكم فلا يكونن عريفا ولا شرطيا ولا جابيا ولا خازنا”،[40]

والثابت في قواعد الأصول أن المطلق يُحمل على المُقيَّد، فلا طاعة مطلقة لحاكِم، وتدلنا السيرة العملية للخلفاء الراشدين – رضي الله عنهم- كيف كان الخليفة يطلب الطاعة من الناس ما أطاع الله، فإن عصاه فلا طاعة له عليهم، وبانصرام أمد خلافة الأربعة انقلبت الطاعة الطوعية إلى طاعة قسرية إكراهية، وأصبح النص على الالتزام بها من بنود عقيدة أهل السنة والجماعة – كما وقفنا على ذلك في النصوص السابقة الذكر- وكان العلماء يضعون نُصب أعينهم صيانة وحدة الأمة واجتناب الفتن المظلمة قبل كل شيء،لكن ما كان استثناء اقتضته ضرورات حقن الدماء،والحفاظ على الحد الأدنى لوجود الدولة صار هو القاعدة.

وقد ورد في معنى لفظ (الجماعة) الذي جاء في الأحاديث السابقة عدة أقوال، حكى الإمام الشاطبي خمسة منها:

أحدها: إنها السواد الأعظم من أهل الإسلام.

ثانيها: جماعة أئمة العلماء المجتهدين.

ثالثها: الصحابة على الخصوص.

رابعها: جماعة أهل الإسلام إذا أجمعوا على أمر.

خامسها: جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير.[41]

ورجح الإمام الشاطبي القول الثاني على سائر الأقوال، فالعلماء المجتهدون هم السواد الأعظم ومن شذ عنهم فمات فميتته جاهلية، ولا اعتبار بالعوام سواء تبعوا العلماء أم لم يتبعوهم ” فلا يقول أحد إن اتباع جماعة العوام هو المطلوب، وإن العلماء هم المفارقون للجماعة والمذمومون في الحديث، بل الأمر بالعكس: وإن العلماء هم السواد الأعظم وإن قلوا، والعوام هم المفارقون للجماعة وإن خالفوا، فإن وافقوا فهو الواجب عليهم”.[42]

والسؤال الذي يفرض نفسه هو: عن أية جماعة نتحدث بعد الفتنة الكبرى ومقتل عثمان – رضي الله عنه- وحروب علي – كرم الله وجهه- وانقلاب الخلافة إلى ملك عضوض متوارث؟ قد يعتقد البعض أن الفتنة انتهت بتسليم الحسن بن علي – رضي الله عنه- الأمر إلى معاوية بن أبي سفيان، إذ سمي ذلك العام الذي وقع فيه الصلح (41 هـ) عام الجماعة،[43] وتحققت بذلك نبوءة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عندما قال – وهو على المنبر والحسن إلى جنبه ينظر إلى الناس مرة وإليه مرة-: “ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين”.[44]

وحقن الله دماء المسلمين، لكن الجماعة لم تلتئم تماما، يقول ابن تيمية: “اصطلح الحسن ومعاوية، لكن كان صلحا على دَخَن وجماعة على أقذاء، فكان في النفوس ما فيها”[45] وهذا يُسلِمنا إلى القول: إن الجماعة في الاصطلاح المذكور (أهل السنة والجماعة) تتنزل على معنى الاجتماع على طاعة الأمراء[46] أكثر مما تعني كثرة العدد، بحيث يمكننا أن نجعل مكان لفظ (الجماعة) لفظ (الطاعة) فنقول: (أهل السنة والطاعة)، وإذا كانت الأمة قد خضعت للحكام المتغلبين بعد الخلفاء الراشدين -على كره منها- فمن الخطأ أن نعتبر أهل السنة شيعة للسلطة الحاكمة طوال التاريخ الإسلامي كما ذهب إلى ذلك الشيخ أحمد حسين يعقوب الإمامي،[47] فسيف القهر والظلم الذي كان ينزل على رقاب أئمة أهل البيت لم يكن يستثني الصادعين بالحق من علماء أهل السنة العاملين[48] الذين كانوا لا يراعون في معنى الجماعة معاني الكثرة بقدر ما كانوا يراعون معاني الحق والصواب، وفي هذا المضمار يقول أبو شامة:[49] “حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة فالمراد به لزوم الحق واتباعه وإن كان المتمسك به قليلا والمخالف له كثيرا، لأن الحق هو الذي كانت عليه الجماعة الأولى، من عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه – رضي الله عنهم- ولا ينظر إلى كثرة أهل البدع بعدهم”،[50] وينقل عن التابعي عمرو بن ميمون الأودي عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه- قال: يا عمرو بن ميمون تدري ما الجماعة؟ قلت: لا، قال: إن جمهور الجماعة الذين فارقوا الجماعة، الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك”.[51]

لذلك يمانع الدكتور ماجد عرسان كلاني في إطلاق اسم أهل السنة والجماعة على الفقهاء الذين لم يُجَرِّموا أفعال الحكام الخارجة عن جادة العدل والشريعة، ويرى في إطلاق الاسم عليهم “خطأ ومغالطة تاريخية تحتاج إلى تصويب”،[52] وحُجَّته في ذلك أن أهل السنة والجماعة الأُصلاء قد “انتهوا كتيار فكري واجتماعي بانتهاء أمثال سفيان الثوري،[53] والفضيل بن عياض (ت 187 هـ)،[54] وعبد الله بن المبارك[55] ممن جاهدوا لجعل محور “السنة” في ميدان الأعمال والتطبيقات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وجعل “الشريعة فوق القوة” (…) وأعلنوا أن محور سنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يدور حول زهد الحاكم بالمال والجاه، واستمرار الجهاد لنصرة الرسالة وإقامة العدل”،[56] ويعتقد أن نهاية هؤلاء الأعلام كانت نهاية مُدبَّرة، إذ إن “ممثلي ثقافة العصبيات الأسرية والقبلية بقيادة طلقاء مكة استطاعوا التغلُّب على هذا التيار السني والبطش بقياداته (…) واستطاعوا نقل محور السنة إلى ميدان الأشكال، ومستحبات السنن في الأخلاق الفردية والشهوات والشعائر، مما أدى إلى كبت الحريات وانحسار الفقه الإسلامي إلى ميدان العبادات (…) ولقد نما هذا اللون من الفقه وصار له امتدادات ومذاهب انحدرت في التاريخ الإسلامي تحت اسم (أهل السنة والجماعة)، ومارس مختلف أشكال الآبائية والحجر على التفكير”.[57]

ويورد البعض إشكالا على الاسم يتصل بالمسألة السياسية: فيرون أن حساب أعمال الذين خرجوا عن جادة العدل والشريعة من “السلاطين”- الذين تعاقبوا على حكم المسلمين – على أهل السنة والجماعة مما يزيد هذا الاسم غموضا، ويوقع في الخلط والالتباس، نورد الإشكال أولا ثم نُتبعه بذكر الحل.

الإشــكــال الــســيــاســـي

اقتصر هنا على عرض وجهة نظر ثلاثة من الباحثين الشيعة المعاصرين ممن يدفعون بهذا الإشكال – في سياق مناقشتهم لتسمية (أهل السنة والجماعة)- الأول والثاني إماميان هما: الشيخ مرتضى العسكري، والدكتور حسن عباس حسن، والثالث زيدي وهو الأستاذ زيد بن علي الوزير.

1- يجتنب الشيخ مرتضى العسكري -عميد كلمة أصول الدين ببغداد سابقا- استعمال كلمتي الشيعة وأهل السنة، ويستعيض عنهما باستعمال كلمتي : مدرسة أهل البيت (الشيعة)، ومدرسة الخلفاء (أهل السنة والجماعة)، فما مُسوغات هذا الاستعمال الخاص عنده؟ يُجيب: “في تاريخ الفكر الإسلامي نجد انقساما بعد وفاة النبي – صلى الله عليه وسلم – بين مدرستين متعارضتين: مدرسة السلطة الحاكمة بعد الرسول حتى آخر الخلفاء العثمانيين، ومدرسة أئمة أهل البيت عليهم السلام حتى الإمام الثاني عشر (…) نُسمي المدرسة الأولى بمدرسة الخلفاء، والأخرى بمدرسة أهل البيت”،[58] ثم يضيف: “إنما حددنا مدرسة السلطة الحاكمة بآخر الخلفاء العثمانيين، ومدرسة أهل البيت بالإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت، لأن مدرسة الخلفاء تلتزم بشرعية حكومة الخلفاء بعد النبي – صلى الله عليه وسلم – وتسميتهم بخلفاء النبي، وتلتزم مدرسة أهل البيت بأحقية الأئمة الاثنا عشر في الحكم وتُسميهم أوصياء النبي، ولهذا سمينا الأولى بمدرسة الخلفاء، والثانية بمدرسة أهل البيت”1.

فيراعي مرتضى العسكري في إطلاق التسميتين إشكالا سياسيا تمثل في الزعم بأن أهل السنة يقولون بشرعية كل الأمراء الذين تعاقبوا على حكم المسلمين، وفي اعتقاد الشيعة بأحقية الأئمة الاثني عشر في الحكم بعد الرسول – صلى الله عليه وسلم – ويبدو لي أن التسميتين معا غير دقيقتين لأسباب منها:

أولا: أن إطلاق اسم (الخليفة) على جميع من تولى الإمامة العظمى بعد الخلفاء الراشدين أمر غير مسلم به.[59]،ففي الحديث : “الخلافة ثلاثون سنة وسائرهم ملوك”[60].

ثانيا: إن تسمية (مدرسة الخلفاء) كما يطلقها الشيخ العسكري تختزل كل تاريخ أهل السنة في جانب واحد هو الجانب السياسي، فيوهم المُسَلِّم بتلك التسمية بأن كل ما خلفه أهل السنة من تراث في مجالات الحديث والفقه والأصول والأخلاق واللغة والآداب والفنون ما هو إلا صنيعة من صنائع الحكام.

ثالثا: إن التسليم بشرعية كثير من الحكام الذين تعاقبوا على حكم المسلمين كان بحكم الضرورة القاضية بالحفاظ على الوحدة، واجتناب الفتن، وإزهاق الأرواح.[61]

رابعا: إن في إطلاق تسمية (مدرسة أهل البيت) إقصاء واضحا لفرع كبير من أهل البيت لم يدينوا بإمامة الأئمة الاثني عشر كلهم وهم الشيعة الزيدية، هؤلاء الذين كان لهم رؤية للحكم مخالفة تماما لرؤية الشيعة الاثنا عشرية، ففي الوقت الذي لَزِِم فيه أئمة هذه الأخيرة بيوتهم ومساجدهم وحلقاتهم العلمية، ولم يتعرضوا لمناهضة الحكام الظلمة، دأب زيد بن علي وأولاده ومن اقتفى سبيلهم على القيام على الأمراء الظلمة.[62]

خامسا: إن ولاية أهل البيت والتلقي عنهم ليست حكرا على مذهب دون آخر، ولا يتحمَّل أهل السنة أوزار النواصب المنحرفين عن آل البيت ، بل نجد علماء الجرح والتعديل عندهم يُجرِّحُون بعض رواة الأخبار والأحاديث بتهمة النصب.[63]

ونسأل في الأخير الشيخ العسكري : هل يجوز أن نَحسِب كل أخطاء الحكام في التاريخ الإسلامي على أهل السنة؟ وإذا وجدنا من علماء الشيعة خلال حكم الصفويين لإيران (1501 م- 1925 م)، أو القارجاريين (1795 م- 1979 م) أو آل بهلوي من كان يبرر أخطاء الحكام، ويُحرِّق البخور في بلاطاتهم، فهل من العدل أن نتخذ من ذلك ذريعة للقول: إن علماء الشيعة كلهم يعتبرون شيعة للحكام؟. إذا تحرينا موازين القسط والإنصاف نقول: لا، وإذا طبقنا مقياس الشيخ العسكري نقول: نعم، ومع ذلك تُملي علينا الحاجة إلى الوضوح ضرورة بيان معيار الحكم الإسلامي الصحيح الذي على ضوئه يجب أن يحاسَب أهل السنة والجماعة.

2- ويورد الدكتور حسن عباس الإشكال السياسي على النحو التالي فيقول: “إن كثيرا من الباحثين يعتبرون كل ما قام به الأمويون من أعمال وتصرفات محسوب على أهل السنة والجماعة، لاشتراكهم معهم في الإقرار بخلافة أبي بكر وعمر (…) هذه الحقيقة كانت كابوسا يقض مضاجع هؤلاء الجماعة بين قبول الأمويين محسوبين عليهم، وحكم التاريخ على ما اقترفه الكثيرون منهم من جرائم”،[64] ثم يضيف: “وبذلك فقد تحمل أهل السنة والجماعة المعتدلون الكثير من أوزار الأمويين ومثالبهم، وأخذوا يبنون صياغتهم المنطقية على هذا الأساس وعلى الدفاع عنها، بينما هم براء من كل الاتهامات التي توجه للأمويين”،[65] فينادي الدكتور حسن بوجوب التمييز بين أهل السنة والجماعة المعتدلين وأهل السنة والجماعة الأمويين أو العباسيين.[66]

3- ولا يختلف كثيرا رأي الأستاذ زيد بن علي الوزير في الإشكال المذكور عن الملاحظات التي أبداها حسن عباس، ويقترح “أن نستخرج السنة الأموية من أهل السنة المذهبية”[67] لكي “ننتزع طائفة كبيرة من طائفة صغيرة اغتصبت الاسم، وأسمت نفسها أهل السنة، ودافعت عن الفردية والوراثة وسوء المنقلب في المال والأهل والولد”.[68]

حـل الإشكال: مدرسة الخلفاء الراشدين

إن الحل يجيب عن هذا السؤال/الإشكال: هل كان أهل السنة – فعلا- يبذلون طاعتهم لكل حاكم طيلة التاريخ الإسلامي؟

إن معايير “الرشد” في الحكم كانت في منتهى الوضوح في عقول الصحابة والتابعين والعلماء العاملين من أهل السنة الذين لم يكونوا يدورون في فَلَك المُتغلِّبين من الحكام والسلاطين، وقد استفادوا تلك المعايير من السيرة النبوية العطرة، والتجربة الراشدة في الحكم، ومن ثم يجب تقييد الإطلاق الموجود في تسمية الشيخ العسكري (مدرسة الخلفاء) فنقول (مدرسة الخلفاء الراشدين)، وهذه فيما يلي مصاديق وضوح تلك المعايير، ومبررات هذا التقييد:

1- يروي الإمام البخاري عن موسى بن إسماعيل قال: حدثنا عمرو بن يحيى بن عمرو بن سعيد قال: أخبرني جدي قال: كنت جالسا مع أبي هريرة في مسجد النبي – صلى الله عليه وسلم – بالمدينة ومعنا مروان، قال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق يقول: هلكة أمتي على يدي غلمة من قريش فقال: مروان: لعنة الله عليهم غلمة، فقال أبو هريرة: لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت، فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حين ملكوا الشام، فإذا رآهم غلمانا أحداثا قال: عسى أن يكونوا منهم، قلنا: أنت أعلم”،[69] ويَرِد الحديث عند البخاري أيضا بصيغة أخرى جاء فيها: “هلاك أمتي على يدي أغيلمة سفهاء”،[70] ويذكر الحديث الآخر الذي جاء فيه: “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين”[71] نستخلص أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هو أول من قابل بين صفتي “الرشد” و”السفه” في الحكم.

وروي أن أبا هريرة كان يقول: “حفظت من رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعاءين: فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قُطِع هذا البلعوم”،[72] قال ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ): “وحُمِل العلماء الوعاء الذي لم يبثَّه على الأحاديث التي فيها تبيين أسامي أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضهم ولا يصرح به خوفا على نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية، لأنها كانت سنة ستين من الهجرة، وإنما أراد أبو هريرة بقوله “قطع” أي قطع أهل الجور رأسه إذا سمعوا عَيبه أفعالَهم وتضليلَه لسعيهم”.[73]

ويروي الإمام أحمد عن الصحابي سفينة – رضي الله عنه- قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : “الخلافة في أمتي ثلاثون سنة ثم مُلكا بعد ذلك”،[74] ويروي ابن حبان هذا الحديث عن سفينة مع اختلاف يسير “الخلافة ثلاثون سنة وسائرهم ملوك”،[75] وقد كان سعد بن مالك يستلهم فحوى هذين الحديثين عندما دخل على معاوية بن أبي سفيان فحياه قائلا: “السلام عليك أيها الملك، فغضِب معاوية فقال: ألا قلت السلام عليك يا أمير المؤمنين؟ قال سعد: ذاك إن كنا أمَّرناك، إنما أنت مُنتَز”.[76]

2- وكان سعيد بن المسيب (ت 94 هـ) يسمي سِنِي يزيد بن معاوية بالشؤم،[77] وجاء إليه رجل يحكي له رؤيا رآها فقال: رأيت كأن النبي موسى واقف على ساحل البحر آخذ برجل رجل يدوره كما يدور الغسال الثوب، فدوره ثلاثا ثم دحا به إلى البحر، فقال سعيد: إن صدقت رؤياك مات عبد الملك بن مروان إلى ثلاثة أيام، فلم يمض ثالثه حتى جاء نعيه، فقال لسعيد: من أين قلت هذا؟ قال: لأن موسى أغرق فرعون، ولا أعلم فرعون هذا الوقت إلا عبد الملك”.[78]

ويروي الإمام الذهبي عن المطلب بن السائب قال: “كنت جالسا مع سعيد بن المسيب بالسوق فمر بريد لبني مروان، فقال له سعيد: من رسل نبي مروان أنت؟ قال: نعم، قال: كيف تركت بني مروان؟ قال: بخير، قال: تركتهم يُجيعون الناس ويُشبِعون الكلاب (…) فقلت لسعيد: يغفر الله لك تَشيط بدمِك؟ فقال سعيد: أسكت يا أحمق لا يسلمني الله ما أخذت بحقوقه”.[79]

وقال سليمان بن عبد الملك لأبي حازم الأعرج:[80] “وما تقول فيما ابتلينا به؟ قال: أعفنا من هذا وعن الكلام فيه أصلحك الله، قال سليمان: نصيحة تلقيها، فقال: ما أقول في سلطان استولى عنوة بلا مشورة من المؤمنين، ولا اجتماع من المسلمين؟ فسُفِكت فيه الدماء الحرام، وقطعت به الأرحام، وعطلت الحدود، ونكثت به العهود”.[81]

وقال سفيان الثوري ( 161 هـ): “الخلفاء خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز، وما كان سواهم فهم مُنتزون”.[82]

وكان عبد الله بن عمر بن عبد العزيز شابا متحمسا للحق، يحث أباه على الإسراع بالتغيير، فيقول له عمر – رحمه الله- : “يا بني: إن قومك قد شدوا هذا الأمر عقدة عقدة وعروة عروة، ومتى أردت مُكابَرتهم على انتزاع ما في أيديهم لم آمن أن يَفتِقوا عَلَي فتقا يكثر فيه الدماء”،[83] ولما استكمل عمر صفات الرشد في سيرته وخلافته ولم يبق له إلا القطع مع بيعة القسر والإكراه بأن يردها شورى، لم تُمهله الدسائس والمؤامرات ، فمات – رحمه الله- مسموما شهيدا، تقول الرواية في الكامل لابن الأثير، إن أحد الخوارج يقال له اليشكري جاء إلى عمر فقال له: “أرأيت رجلا ولي قوما وأموالهم فعدل فيهم ثم صيرها بعده إلى رجل غير مأمون، أتراه أدى الحق الذي يلزمه لله عز وجل، أو تراه قد سلم؟ قال عمر: لا، فقال: أفتسلم هذا الأمر إلى يزيد من بعدك وأنت تعرف أنه لا يقوم فيه بالحق، قال: إنما ولاه غيري، والمسلمون أولى بمن يكون منهم فيه بعدي، قال: أترى ذلك من صنع من ولاه حقا، فبكى عمر وقال: أنظراني ثلاثا”،[84] قال ابن الأثير: “فخاف بنو أمية أن يخرج ما بأيديهم من الأموال وأن يخلع يزيدا من ولاية العهد، فوضعوا على عمر من سقاه سما، فلم يلبث بعد ذلك إلا ثلاثا حتى مرض ومات”.[85]

ولما خرج محمد بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب علي أبي جعفر المنصور، استفتى الناس مالكا في الخروج معه وقالوا: “إن في أعناقنا بيعة لأبي جعفر، فقال مالك: إنما بايعتهم مكرهين، وليس على مكره يمين، فأسرع الناس إلى بيعته”.[86] أي إلى بيعة محمد بن عبد الله بن حسن.

3- بعد أن يأتي القاضي أبو بكر الباقلاني (ت 403 هـ) على ذكر شروط الإمامة يقول: “وهذه الشرائط كانت موجودة في خلفاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقال عليه السلام: “الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يصير ملكا” وكانت أيام الخلفاء الأربعة هذا القدر”.[87]

وقال ابن حزم – في سياق تعريضه بالقضاة الذين نصبهم الحكام الظلمة : “أولئك القضاة وقد عرفناهم إنما ولاهم الطغاة العتاة من ملوك بني العباس وبني مروان بالعنايات والتزلف إليهم بعد دروس الخير وانتشار البلاء، وعودة الخلافة ملكا عضوضا، وانبراء على أهل الإسلام، وابتزاز للأمة أمرَها بالغلبة والعسف”،[88] ويصف الإمام الجويني واقع الحال بعد مضي الخلفاء الأربعة فيقول: “أضحى الحق في الإمامة مرفوضا، وصارت الإمامة ملكا عضوضا”.[89]

ويورد ابن تيمية – في معرض رده على ابن مطهر الحلي[90] عندما قال عن أهل السنة: “ثم ساقوا الإمامة في بني أمية وبني العباس”[91] – قاعدة نفيسة فيقول: “فيقال: أهل السنة لا يقولون: إن الواحد من هؤلاء كان هو الذي يجب أن يتولى دون من سواه، ولا يقولون: أنه تجب طاعته في كل ما يأمر به، بل أهل السنة يُخبِرون بالواقع، ويأمرون بالواجب، فيشهدون بما وقع، ويأمرون بما أمر الله ورسوله، فيقولون: هؤلاء هم الذين تولوا وكان لهم سلطان وقدرة يقدرون بها على مقاصد الولاية، ومن المعلوم أن الناس لا يصلحون إلا بولاة”[92] والقدرة على مقاصد الولاية “قد تحصل على وجه يحبه الله ورسوله كسلطان الخلفاء الراشدين، وقد تحصل على وجه فيه معصية، كسلطان الظالمين”،[93] فانظر مقابلته بين سلطان الخلفاء الراشدين- وهم معروفون بعددهم وصفتهم- و سلطان “الخلفاء” الظالمين.

وأرَّخ الحافظ السيوطي لظهور المُلك العضوض بشعر قال فيه:

وكـان أول ذي مـلـك مـعـاويــة

واستحلف الناس لما أن يبايعهم

ثـم الـيـزيـد ابنه أخبث به ولــدا

في النصف من عام ستين الحمام غرا

والــعـهـد قـبـل وفــاة لابـنـه ابــتـكـرا

فـي أربـع بـعـدهــا سـتــون قـد قـُبـِـرا[94]

 

ومن الذين نبَّهوا على الانقلاب الذي حدث على الخلافة الراشدة العلامة المغربي الجليل أبو علي اليوسي – رحمه الله- (ت 1102 هـ) الذي قال: “فلما ذهب الأئمة المقتدى بهم دخل الناس هذا الأمر بالعنف والشهوة، وانقطعت الخلافة، وجاء الملك العضوض، وذهبت السيرة المحمدية إلا قليلا، وجاءت الكسروية والقيصرية، وتصرفوا في هذا المال بالشهوة، وعاملهم الناس بالرغبة والرهبة”.[95]

4- وحديثا قال الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله-: “إن الأمويين والعباسيين والعثمانيين لم يقدموا صورة صادقة للخلافة الإسلامية، وتتفاوت نسبة الدمامة في الصورة التي قدموها تفاوتا يسيرا، وقد عد أئمتنا عمر بن عبد العزيز الخليفة الخامس بعد الراشدين الأربعة، ثم ماذا؟ ملك عضوض يعمل لنفسه ولله معا، وعمله لله هو الغطاء الذي يداري به نهمته إلى الجاه والمال”.[96]

وهكذا ظلت الخلافة الراشدة- وستظل- هي المعيار الذي ينبغي – إضافة إلى المباني العقدية والفقهية الرئيسية- أن ينضبط به اسم”أهل السنة والجماعة”،والمعيار الذي يُسقط كل حاكِم لم يلتزِِم به عن مرتبة الاعتبار الشرعي مهما تَسربَل باسم “أهل السنة والجماعة”،

ولقد تدحرجت إلينا عبر القرون تقاليد اغتصاب الحكم المستبد لاسم”أهل السنة”،وعليه نتساءل اليوم: أي حظ في الاسم لأنظمة تفرِض- ممالأة للعدو- حصارا خانقا على إخوة الدين والإنسانية والعروبة،وتُشكِّل رأس الحربة في إي اصطفاف “سنِّي” تُرِيد أمريكا صناعته على عينها لمواجهة “الخطر الشيعي الإيراني”،وأي حظّ في الاسم أيضا لأنظمة تُصادِر حق شعوبها في اختيار من يَسوسُها ويَحكُمها مستغِلَّة أبشع استغلال أحاديث السمع والطاعة لترسيخ وتكريس بدعة توريث الحكم.وتلك الأنظمة التي تحجَّجت- يوما ما- بالصفة المذهبية الشيعية “لحزب الله” لمعارضة ومعاكسة مقاومته ،هي نفسُها التي عارضت وعاكست مقاومة”حماس” السنية، وتَدثَّرت بسياسة النفاق وتهديم الأنفاق،ولذلك لن يُصدِّق أحد دعوى حمايتها “لأهل السنة”،ولا تستحقُّ شرفَ النُّطقِ باسمهم،كما لن يستحِق شرف النطق باسم الشيعة العقلاء أولئك الذين استقووا بالمحتل الأمريكي لترسيخ الطائفية في العراق،وقادوا حملة تطهير “مذهبي” ضد مخالفيهم بدعوى محاربة “القاعدة” و”التكفيريين” ونسوا وصية:”كونوا لنا زينا ولا تكونوا علينا شينا”.

 

 


[1] – الجوهري، تاج اللغة وصحاح العربية، 4/ 1627.

[2] – أبو البقاء الكفوي، الكليات، ص: 171

[3] – ابن منظور، لسان العرب، 11/30.

[4] – ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، 3/60.

[5] – الجوهري، الصحاح، 5/2138- 2139.

[6] – الزمخشري، أساس البلاغة، ص: 310.

[7] – الجرجاني، التعريفات، ص: 134.

[8] – أبو البقاء الكفوي، الكليات، ص: 497.

[9] – الخليل بن أحمد، معجم العين، 1/ 239- 240

[10] – ابن دريد، جمهرة اللغة، 2/103

[11] – ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، 1/ 479.

[12] – الراغب الأصفهاني، معجم مفردات القرآن، ص: 94- 95.

[13] – أبو القاسم الطبري، شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، 1/ 160.

[14] – ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل، 2/113.

[15] الفصل في الملل والأهواء والنحل

[16] – عبد القاهر البغدادي، الفرق بين الفرق، ص: 313 وما بعدها، وانظر: أبو المظفر الاسفراييني، التبصير في الدين، ص: 153 وما بعدها.

[17] – الإمام البخاري، الجامع الصحيح، 9/166، وفي سنن أبي داوود: كتاب السنة، باب ما جاء في لزوم السنة، وفي جامع الترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، ويف صحيح ابن حبان: باب الاعتصام بالسنة وما يتعلق بها فعلا وأمرا وزجرا.

[18] – علاء الدين الفارسي، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، 1/ 104.ورواه أبو داوود والترمذي

[19] – المصدر نفسه، 1/ 105.

[20] – عبد القاهر البغدادي، الفرق بين الفرق، ص: 17.

[21] – يقول عنه ابن كثير: “معبد بن عبد الله بن عليم، سمع الحديث من ابن عباس وابن عمر ومعاوية وعمران بن حصين وغيرهم، وشهد يوم التحكيم، كان أول من تكلم في القدر (…) وقد كانت لمعبد عبادة وفيه زهادة، وقد وثقه ابن معين وغيره في حديثه” البداية والنهاية” 9/ 36.

[22] – المصدر نفسه، ص: 88- 89.

[23] – ابن خلكان، وفيات الأعيان، 3/284- 285

[24] – انظر: أبو المظفر الاسفراييني، لتبصير في الدين، ص: 85.

[25] – عبد القاهر البغدادي، الفرق بين الفرق، ص: 13.

[26] – الإمام الغزالي، إحياء علوم الدين، 1/ 137، وقارن مع: إمام الحرمين، “الإرشاد، ص: 80 وما بعدها، الباقلاني، الإنصاف ص: 43 وما بعدها، أبو الحسن الأشعري، الإبانة في أصول الديانة، ص: 10 وما بعدها.

[27] – ابن تيمية، منهاج السنة، 1/ 204.

[28] – المصدر نفسه، 3/ 272.

[29] – انظر: إمام الحرمين، غياث الأمم في التياث الظلم، ص: 75

[30] – ابن تيمية، منهاج السنة، 4/ 231.

[31] – الشيخ إبراهيم الأنصاري، الشيخ المفيد ونصرته للإسلام والتشيع، ص: 15.

[32] – والإمام علي لم ينكر سنة الشيخين مادامت موافقة لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه اشترط أن يعمل بحسب جهده واجتهاده وطاقته، بينما لم يشترط عثمان ذلك، انظر تفصيل قصة الشورى والبيعة عند ابن كثير في البداية والنهاية، 7/ 152.

[33] – صحيح البخاري، كتاب الأحكام، باب السمع والطاعة للإمام ما لم يكن معصية، 9/113.

[34] – مسند الإمام أحمد، 4/ 292.

[35] – علي بن بكر الهيثمي، المقصد الأعلى في زوائد أبي يعلى الموصلي، كتاب الفتن، باب في افتراق الأمم، 3/398،

[36] – المصدر نفسه.

[37] – المصدر نفسه، 7/54- 55.

[38] – علاء الدين الفارسي، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، باب طاعة الأئمة، 7/44

[39] – المصدر نفسه، 7/47.

[40] – المصدر نفسه، 7/54.

[41] – انظر: الشاطبي، الاعتصام، 2/ 240 وما بعدها.

[42] – انظر: المصدر نفسه، 2/ 264- 265.

[43] – انظر: قصة الصلح في: أبو بكر بن أبي شيبة، المصنف في الأحاديث والآثار، كتاب الأمراء، 6/190- 191، وانظر أيضا: المسعودي، مروج الذهب، 3/8، ابن عبد البر، الاستيعاب، 1/373.

[44] – صحيح البخاري، باب مناقب الحسن والحسين –رضي الله عنهما- 5/ 100.

[45] – ابن تيمية، منهاج السنة، 1/ 149.

[46] – وقد وجدت نظير هذا المعنى عند النوبختي في فرق الشيعة، ص: 17.

[47] – انظر: أحمد حسين يعقوب، الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية

[48] – انظر: النماذج في المبحث الثاني من هذا الفصل.

[49] – هو عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان شهاب الدين أبو القاسم المقدسي الأصل، الدمشقي الشافعي، المعروف بأبي شامة، ولد سنة 596 هـ وتوفي سنة 665 هـ، انظر هدية العارفين 1/524.

[50] – أبو شامة، كتاب الحوادث والبدع في: ابن القيم، إغاثة اللهفان، 1/ 83- 84،

[51] – المصدر نفسه.

[52] – د.ماجد كلاني،”الأمة المسلمة، ص: 110- 111،

[53] – سفيان بن سعيد الثوري الفقيه، مات سنة 161 هـ، انظر: ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب، 1/ 250.

[54] – قال عنه الذهبي: “كان ثقة نبيلا، عابدا، كثير الحديث، وقيل: كان الفضيل يقبل صلة ابن المبارك، وكان بارا به ولا يقبل جوائز الدولة”، تذكرة الحفاظ، 1/ 246.

[55] – قال عنه: الذهبي: “فخر المجاهدين، قدوة الزاهدين، أبو عبد الرحمن، ولد سنة ثماني عشرة ومائة للهجرةـ، قال عباس بن مصعب: جمع ابن المبارك الحديث والفقه والعربية وأيام الناس والشجاعة والسخاء ومحبة الفرق له، مات سنة 181 هـ، تذكرة الحفاظ، 1/ 274.

[56] – د.ماجد كيلاني، الأمة المسلمة، ص: 110- 111.

[57] – المصدر نفسه، ص: 111.

[58] – مرتضى العسكري، معالم المدرستين 1/105

[59] – المصدر نفسه، ص: 105 (الهامش).

[60] صحيح ابن حبان،”3/226

[61] – انظر: إمام الحرمين، غياث الأمم، ص: 212 وما بعدها.

[62] – انظر: ص: 33- 34.

[63] – انظر: نماذج لرجال رموا بالنصب في مغني الضعفاء للذهبي، 1/ 214.

[64] – د.حسن عباس حسن، الفكر السياسي الشيعي، ص: 161.

-[65] المصدر نفسه، ص: 328.

[66] – انظر: المصدر نفسه، ص: 162.

[67] – زيد بن علي الوزير، محاولة في تصحيح المسار، ص: 153.

[68] – المصدر نفسه، ص: 156.

[69] – صحيح البخاري، باب قول النبي – صلى الله عليه وسلم- هلاك أمتي على يدي أغيلمة من قريش 9/ 85.

[70] – المصدر نفسه.

[71] – علاء الدين الفارسي، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، باب الاعتصام بالسنة، 1/ 104.

[72] – صحيح البخاري، كتاب العلم، باب حفظ العلم، 1/ 68.

[73] – ابن حجر، فتح الباري 1/ 216- 217.

[74] – مسند الإمام أحمد، 8/ 215.

[75] – الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان، كتاب التاريخ، 8/ 226.

[76] – أي توليت الحكم من غير رضا الناس ،تاريخ اليعقوبي، 2/ 217.

[77] – المصدر نفسه، 2/ 253.

[78] – المصدر نفسه، 2/ 281.

[79] – الذهبي، تذكرة الحفاظ، 1/ 54- 55.

[80] – أبو حازم سلمة بن دينار المخزومي، قال عنه الذهبي: “مناقب أبي حازم كثيرة، وكان ثقة، فقيها، ثبتا، كثير العلم، كبير القدر، أرخ جماعة موته في سنة 140 هـ”، تذكرة الحفاظ، 1/134.

[81] – ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، 2/ 155

[82] – ابن الأثير، الكامل 4/ 164.

[83] – السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص: 223- 224، بيروت، دار الفكر.

[84] – ابن الأثير، الكامل، 4/ 156- 157.

[85] – المصدر نفسه.

[86] – المصدر نفسه، 5/3.

[87] – الباقلاني، الإنصاف فيما يجب الاعتقاد به

[88] – ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، 1/ 624- 625.

[89] – الإمام الجويني، غياث الأمم، ص: 124.

[90] – أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلي، من فقهاء الشيعة الإمامية، ولد سنة 648 هـ وتوفي سنة 726 هـ، انظر هدية العارفين 1/ 284.

[91] – ابن مطهر الحلي، منهاج هدية الكرام في معرفة الإمامة، في: ابن تيمية، منهاج السنة 1/ 146.

[92] – ابن تيمية، منهاج السنة، 1/ 146.

[93] – المصدر نفسه، 1/ 142.

[94] – السيوطي، تاريخ الخلفاء، ص:444،مطبعة دار السعادة،مصر،1952

[95] – فاطمة خليل، رسائل أبي علي اليوسي (الرسالة الثالثة) 1/ 249

[96] – محمد الغزالي، دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين، ص: 10

الآراء

اترك رد