د. موفق مجيد ليلو: جامعة الامام جعفر الصادق (ع) ميسان
ملخص البحث
تروم هذه القراءة للشعر الصوفي رصد تجليات الرمز وانماطه، وقد ارتأت ان تكون التائية الكبرى لابن الفارض هي النص موضع الدراسة في ذلك؛ لأنها تمثل قمة النضج للفكر الصوفي، واسمى ما وصلت اليه المنظومة الفكرية لابن عربي، وهي (إلياذة) التصوف الخالدة ونشيد انشاده، وقد فاضت بالرمزية الصوفية، وتوزعت على: الرمز القرآني ويشمل قصص الأنبياء والعبادات والشعائر وخطاب الخالق لمخلوقاته، ورمزية المرأة، ورمزية الطبيعة وتشمل البحر والطير والنور، ورمزية الأعداد والحروف.
مقدمة
يشكِّل الأدب الصوفي بتجلياته المختلفة تراثاً ضخماً، لا يمكن تجاهله، وساحاً فساحاً للبحث والدراسة رغم ما كتب عن التصوف وأعلامه، ولكن هنالك جوانب عديدة لم تنل نصيبها من الدراسة، وإذا كان الفكر الصوفي بتجلياته المكتوبة يمثل نوعاً من الروحانية والترفع عن أدران المحسوس للتحليق في عالم الروح والانعتاق عن قيود الجسد، فإن الشعر الصوفي مثَّل التجلي الأسمى لتلك العاطفة المشبوبة التي اتسمت بها كلمات المتصوفة.
وما يميز النصوص الصوفية اتساع مساحة الرمز فيها، الامر الذي يجعل النص ينفتح على عوالم من التأويل وتتعدد فيه القراءات. ومن بين النصوص التي مثّلت خلاصة الفكر الصوفي، واسمى ما قدمته المنظومة الفكرية لابن عربي، التائية الكبرى لابن الفارض، وهي ملحمة التصوف الخالدة التي فاضت بالرمزية الصوفية، والتي توزعت على: الرمز القرآني ويشمل قصص الأنبياء والعبادات والشعائر وخطاب الخالق لمخلوقاته، ورمزية المرأة ورمزية الطبيعة وتشمل البحر والطير والنور، ورمزية الأعداد والحروف.
ولما كانت الدراسة في التائية الكبرى، فقد ارتأيت ان اعتمد ترقيم الأبيات دون الإشارة إليها في الهامش معتمداً على نسخة الديوان المسماة (جلاء الغامض في شرح ديوان ابن الفارض: للأستاذ أمين الخوري، المطبعة الأدبية، بيروت، ط4،1904م).
بلاغة الرمز/ بلاغة التصوف
الرمز في اصطلاح البلاغيين نوع من أنواع الإشارة، كما هو عند ابن رشيق القيرواني، أو الكناية بحسب لوازمها، كما هو عند السكاكي ومن تابعه، وقسمها السكاكي إلى تعريض، وتلويح، ورمز، وإيماء وإشارة، والمناسب للعرضية: التعريض ولغيرها، إن كثرت الوسائط التلويح، وان قلّت مع خفاء: الرمز، وبلا خفاء: الإيماء والإشارة([1])، ويشير الدكتور محمد أبو موسى إلى أن ذكر الرمز في هذا التقسيم التائه للكناية «أغرى بعض من يتعلقون بهذا العلم بربطه بالرمز الأدبي، وحاول أن يجد للرمزية مسلكاً في أسلوب الكناية، وتلك سذاجة وجهل ضرير بطبيعة الرمزيين»([2]).
اترك رد