اُفتتحت اليوم 14 نوفمبر 2017 المؤتمر العمليّ الدوليّ استراتيجيّة التنمية والأمن في الإسلام “الأسس البنائيّة في القرآن والسنّة مقاربة راهنة” التي يشرف على تنظيمها مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان التابع لجامعة الزيتونة/تونس، بمشاركة ثلّة من الباحثين المختصين من تونس والمغرب والجزائر ومصر، اجتمعوا ليناقشوا مسألة التنمية والأمن من منظور القرآن والسنة. وتمتدّ أشغال هذه الندوة على امتداد ثلاثة أيّام (14-15-16 نوفمبر 2017) بقاعة المحاضرات بمركز الدراسات الإسلاميّة بالقيروان.
وتدور أشغال هذه الندوة حول محورين أساسين هما:
-تشخيص الواقع المعيش من خلال مقاربة المشهد الكوني المعاصر ومن المشهد الإقليمي والمشهد المجتمعي.
-بيان الأسس الاستشرافيّة للتنمية والأمن من خلال الوقوف على التنمية الماديّة واللاماديّة للمجتمع والدولة وكذا الأسس الماديّة لتحقيق الأمن والأسس اللاماديّة لتحقيق السلم الاجتماعي.
وقد دارت أشغال الجلسة العلميّة الأولى برئاسة الأستاذ أحمد بوعود وشارك فيها كلّ من الأستاذ محمد بن سالم بن أحمد التومي (تونس) والأستاذ إلياس قويسم (تونس) والأستاذة بيّة السلطاني (تونس) والأستاذ خالد الطرودي (تونس). وقد اهتموا جميعهم بالمفاهيم والقضايا والإشكاليات.
تقدّم الأستاذ محمد بن سالم بن أحمد التومي بمداخلة بعنوان “قراءة مضادة في مفهوم الأمن في القرآن والسنة: السلفيّة الجهاديّة نموذجا” وفيها قدّم قراءة في مفهوم الأمن من منظور السلفيّة الجهاديّة مبرزما ما يعانيه العرب اليوم من تقاتل وتناحر تحت راية الإسلام مبيّنا مدى فهمهم الخاطئ لما جاء به القرآن والسنّة كما بيّن الباحث تأثير ذلك على النسيج المجتمعي ودوره في نثر الأميّة والجهل والفقر…كما بيّن الباحث خطورة المفهوم الذي يطرحه فقهاء داعش في تحقيق الأمن المجتمعي الذي ينطلق من قراءة سطحيّة للنص القرآني.
وشارك الأستاذ إلياس قويسم بورقة بحثيّة عنونها بـ”إشكاليّة القيم في المتداول المعاصر: نحو استئناف دور القيم الخليفيّة-القرآنيّة” تناول من خلالها القيم المتداول في الواقع المعاصر وما تسبّب من إشكالات في ظلّ عدم تماشيها مع ما أتى به القرآن. وقد أراد الباحث من خلال ورقته بيان مدى اهميّة سؤال الأخلاق والقيم ومدى محوريّته في حضور خطاب الوحي مسندا باللفظ أو مسندا بالمعنى. مبرزا دور ذلك في الإشارة إلى تعاضد المنطوق والمفهوم في توجيه الفهم نحو قيمة الفعل ودرجته أكثر من مجرّد الإنجاز.
وقدّمت الأستاذة بيّة السلطاني مداخلة تحمل عنوان “التنمية في الانموذج التوحيدي “مقوّماتها وعوائقها” تناولت من خلالها مفهوم التنمية (باعتباره مفهوما مستحدثا) ضمن المفاهيم القرآنيّة السياقيّة وقد أرادت الباحثة من خلال ذلك البحث عن مقوّمات التنمية ووسائل تحقيقها من جهة وتنبيها على الأسباب التي تهدّدها وتعيق تفعيلها مثل ما تبيّنه عديد الآيات القرآنيّة. وقد بنت الباحثة ورقتها على قسمين اثنين بحث في أوّلها عن مقوّمات التنمية استقراء لآيات القرآن (الإيمان/ العمل الصالح/ الوسع والاقتدار..) أمّا ثاني أقسام بحثها فقد بحثت فيه عن ممهدات التنمية وعوائق تحقّقها من قبيل الكفر والحجود وأمراض النفس وصرف الهمم إلى المفاسد…
وكان ختام الجلسة بمداخلة الأستاذ خالد الطرودي المعنونة بـ”دلالات الأمن ومقاصده عند المفسرين المعاصرين” سعى من خلالها إلى تقديم دراسة مقارنة لدلالات الأمن ومقاصده عند المفسرين المعاصرين (سيد قطب-ابن عاشور-دروزة) وذلك من حيث الدلالات الاجتماعية والسياسية المذكورة في بعض الآيات القرآنية الداعية إلى تحقيق الأمن وإقرار التمنية. وقد استخدم الباحث في ورقته منهجي المقارنة والاستقراء للوقوف على بعض توجّهات التفسير المقاصدي وربطها بالواقع الإسلامي وبالمنشود طرقا ونقدا وتحليلا.
أمّا الجلسة العلميّة الثانية فكانت برئاسة الأستاذ محمد الشتيوي (تونس) وشارك فيها كلّ من الأستاذ عمر حوتية (الجزائر) والأستاذ محمد عويس عبد الرحيم محمود (مصر) والأستاذ مصطفى داودي (الجزائر).
وقد قرأ الأستاذ عمر حوتية ورقة عنوانها “تشخيص أزمة الأمن الغذائي في العالم الإسلامي والمعالجة الاستراتيجية لها في إطار المنهج الإسلامي” حاول من خلالها تشخيص أزمة الامن الغذائي في العالم الإسلامي في ظلّ تنامي وارداته من السلع الغذائيّة وتدهور نصيب الفرد من الناتج الزراعي. وتراجع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي. وقد توصّل الباحث إلى جملة من النتائج منها:
-إن المفهوم الإسلامي للأمن الغذائي يعكسه تعريف الفقهاء على أنّه “ضمان استمراريّة تدفق المستوى المعتاد من الغذاء الحلال اللازم لاستهلاك المجتمع في أي فترة من الزمن.”
-أنّ تبني المنهج الإسلامي لتسيير الأوضاع الاقتصاديّة والوفاء بالاحتياجات الغذائيّة ضرورة ملحّة للأمن الغذائي.
وساهم الأستاذ محمد عويس عبد الرحيم محمود بمداخلة عنوانها “الاستراتيجيات النبويّة في مواجهة الفقر والبطالة وأثرها على الأمن المجتمعي” وقد قام بحثه على مبحثين اثنين: اهتم في الأوّل بالاستراتيجيات النبويّة في مواجهة الفقر والبطالة وقد جاء في احد عشر مطلبا. امّا في المبحث الثاني فقد ذكر نماذج من نجاحات الصحابة. وقد توصّل الباحث إلى جملة من النتائج أهمّها:
-شمولية المنهج النبوي لجميع خصوصيات الأمّة الإسلاميّة وصلاحياته لكل زمان ومكان ويمكن من خلاله علاج جميع مشكلاتنا المعاصرة
-الفقر والبطالة وجهان لعملة واحدة وهما مشكلتان قديمتان قدم البشريّة. وقد استطاع النبي (ص) تقديم حلول لهاتين المشكلتين تبعا لظروف المجتمع وقدرات أفراده ومواهبهم الشخصيّة.
واختتمت الجلسة بمداخلة الأستاذ مصطفى داودي بمداخلة عنوانها “التأسيس لنهضة تنموية مجتمعيّة شاملة من خلال القرآن” بيّن من خلالها الأسس الجوهريّة التي تقوم عليها التنمية والتي تنطلق من ميزات التسخير كامتيازات لبني البشر في هذه الأرض وما ارتبط بها من بيئة مكانية لحدوث تلك النهضة..كما تناول الباحث من خلال هذه الورقة جملة الأبعاد الكفيلة بالتحكّم في مسار أحداث التنمية المجتمعيّة الشاملة التي جاءت في المنظور القرآني أعمق.
وقد اشفعت الجلسة العلميّة بحلقة نقاش مطوّلة ساهمت في إثراء ما جاء به المحاضرون وإيضاح ما ورد غامضا في الورقات المقدّمة.
اترك رد