تمّ افتتاح اليوم الثاني من فعاليات المؤتمر العلمي الدولي “استراتيجيّة التنمية والأمن في الإسلام” الأسس البنائيّة في القرآن والسنّة مقاربة راهنة” بجلسة علميّة اهتمّت بالتنمية اللامادية في الإسلام وكانت برئاسة الأستاذ فرج بالحاج (تونس) وشارك فيها كلّ من الأساتذة عمر بن صالح بنعمر (تونس) والأستاذ عزوز بن عمر الشوالي (تونس) والأستاذة سوسن الشرف (مصر) والأستاذة عفاف محضي (تونس)
قدّم الأستاذ عمر بن صالح بنعمر ورقة بعنوان “الوسائل الشرعيّة لتحقيق التنمية البشريّة”. دارت إشكاليتها حول الأسئلة التالية:
ما المراد بالوسائل الشرعيّة؟ وما المراد بالتنمية البشريّة؟ وما هي الوسائل التي اتبعها القرآن الكريم والسنة النبويّة لتحقيق التنمية البشريّة؟
وقد توصّل الباحث في دراسته إلى جملة من الأهداف من بينها:
-تمكين القارئ أم المتلقي من معرفة المراد بالوسائل الشرعيّة والمراد بالتنمية البشريّة
-إدراك مدى حرص الشريعة الإسلاميّة على جلب مصالح الناس ودورها في تحقيق التنمية والرفاه للجميع
-تبيّن سمو الشريعة الإسلاميّة ورقتها في التعامل مع الإنسان : تنمية وأمنا
-ضرورة دعوة الغير إلى تفعيل قدراتهم في سبيل تحقيق مصالحهم الذاتيّة والإنتاجيّة وأن يسهم في نشر ثقافة التنمية البشريّة لتحقيق الرقي والازدهار.
وساهم الأستاذ عزوز بن عمر الشوالي بمداخلة وسمها بـ”اقتصاد المعرفة” بناها على جملة من الإشكالات حاول من خلالها البحث في مستويات الرؤية والنظام حول الاقتصاد الزراعي في الخطاب الشرعي الإسلامي وبيانات الرؤية والنظام الاقتصاد الصناعي، كما بحث الباحث في المفهوم والمصطلح (اقتصاد المعرفة) فتوصّل إلى أنّ اقتصاد المعرفة هو الاعتماد على تداول المعرفة وتوظيفها في التنمية الماديّة واللاماديّة للاقتصاد كما أبرز الباحث مدى ارتباط نظريّة الاقتصاد المعرفة في مفهومها العام بمجموعة من المرجعيات والمصطلحات العلميّة باعتبارها موضوعا من موضوعات البحث العلمي المعاصر. واهتمّ عزوز الشوالي أيضا باقتصاد المعرفة في علاقته بالخطاب الشرعي الإسلامي (الرؤية المادية مبرزا البيانات التأسيسيّة لذلك.وقد ختم الباحث ورقته بالوقوف على معادلة الأمن والتنمية والعدالة الاجتماعيّة في المنظور الإسلامي لاقتصاد المعرفة.
وقرأت الأستاذة سوسن الشريف ورقة بعنوان “الأسس التربويّة الاجتماعيّة في الإسلام من منظور علم الاجتماع التربوي “المعروف أنموذجا” وقد استندت الباحثة في مبحثها على مبدأ تزكية النفس كأساس لتنقيتها وتطهيرها من النواقص والعيوب. باعتبار التربية هي الخطوة الأولى لتزكية النفس، معتبرة أنّ منهج “المعروف” هو المنهج المثالي لترجمة الأخلاق واختيار التربية.
وقد سعت الباحثة من خلال ورقتها إلى التأكيد على منهج “المعروف” باعتباره مبدأ وأساسا وطريقة للتعامل بين الناس، وجزء لا يتجزّأ ممّا يكتسبه الفرد من سلوك.
وكان ختام هذه الجلسة العلميّة الأولى بورقة الأستاذة عفاف محضي التي عنونتها بـ”قضيّة النهضة الإسلاميّة في القرآن والسنّة النبويّة من منظور طه عبد الرحمان.”، وسعت من خلالها إلى تقديم لمحة موجزة عن المشروع التجديدي للمفكّر طه عبد الرحمان، وقد اهتمت في ورقتها بالمشروع النهضوي أو الحداثوي الذي اعتبرته الباحثة يتأسّس على محورين أساسيين هما: محورا المراجعة وإعادة التأسيس من جديد من أجل بناء حداثة إسلاميّة تراهن على خصوصياتها وعلى العقل الإسلامي المتحرّر من المرجعيات الغربيّة المتهاوية من اجل بناء وعي ذاتي من عمق الدين الإسلامي وقيمه الأخلاقيّة والتحرّر من أوهام الحداثة والتقدّم الغربي الساعي إلى تدمي الإنسان خُلُلقيا.
أمّا الجلسة العلميّة الثانية فقد اهتمّت بموضوع الأمن الاجتماعي في الإسلام وكانت برئاسة الأستاذ سوسن الشريف(مصر) وشارك فيها كلّ من الأستاذ أحمد بوعود (المغرب) وفرج بالحاج (تونس) ونصر الجويلي (تونس) والأستاذة سنية توميّة (تونس)
قدّم الأستاذ أحمد بوعود ورقة عنوانها “السلم وتجلياته في السنة النبويّة” مبرزا من خلالها ما جاء به الإسلام من رحمة للعالمين ودوره في إخراجهم من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد والعدل. كما اهتم الباحث بما وصل إليه الفهم الخاطئ للإسلام في الوقت المعاصر ممّا جعل البعض يعتبره دين قتال وحرب من خلال الخلط بين مفهومي الجهاد والقتال, وقد بيّن الباحث من خلال ورقته:
-أنّ الرسول (ص) قد أبرم معاهدات مع القبائل المجاورة وكذا مع أتباع اليهوديّة وأتباع النصرانيّة, وذلك بغرض حسن الجوار وتحقيق السلم بين المتعاهدين.
-أنّ الأمن قوام الحياة الإنسانيّة وإنّ الناس اليوم لا همّ لهم سورى البحث عن الأمن والأمان في عالم يعرف أنواعا من الصراع.
-تتجلّى خصائص الأمة الجديدة التي رباها النبي (ص) بالمدينة في العدل والحلم والحفاظ على وحدته والدفاع عن أنفسهم في حالة الهجوم عليهم.
وساهم الأستاذ فرج بالحاج بمداخلة عنوانها “الإسلام بين استراتيجيّة أمن النفس البشريّة وشبهة التعطّش للدم” سعى من خلالها لمعرفة الأسباب الكامنة وراء طرح مثل هذه الندوات في اللحظة الراهنة. كما أراد الباحث من خلال ورقته إبراز الخاطئ للدين من قبل جماعات إسلاميّة ودور ذلك في تشويه الدين. وقد سعى الباحث إلى تصحيح المفاهيم والدفاع عن الحق وتفنيد مزاعم المستشرقين وادعاءات الملحدين. وبيان حقيقة محمد صلى الله عليه وسلّم وحقيقة دينه البريء من شبهة التعطّش للدم والذي لا قصد له إلاّ كفالة الأمن والسلام والأخوّة الإنسانيّة وتحقيق الاستقرار الضروري للعيش والتنمية الماديّة واللاماديّة.
وقرأ الأستاذ نصر الجويلي ورقة موسومة بـ”إشكالية الفهم لآيات القتال في القرآن الكريم “سورة التوبة أنموذجا””، مبرزا ما تثيره آيات القتال في سورة التوبة من جدل وإشكالا في فهم القتال من منظور الفقهاء والمفسرين أوّلا ومن الجماعات الإسلاميّة التي تتبنّى الفكر الجهادي في البلاد العربيّة والإسلاميّة ثانيا. كما يرجع الباحث اختلاف القراءات لهذه الآية راجع إلى تأرجح الفهم في كونها ناسخة لغيرها من آيات القرآن الأخرى الداعية إلى الصبر والرأفة والرحمة أم غير ناسخة.
كما تطرق الباحث إلى القراءة التأسيسيّة لآيات القتال للتنظير للعنف وحسب هذه القراءة التي تتبناها الحركات الجهاديّة التي تنظّر للعنف لم يعد القتال دفاعا عن الدين والنفس والوطن فقط بل أصبح حربا على العالم بأسره باسم محاربة الكفر.
وبيّن الباحث أنّ الجهاد في الإسلام ليس غاية وإنّما هو استثناء وله مقاصد تتمثّل في دفع الظلم والعدوان وتحرير الإنسان وإقامة العدل والمساواة..
وشاركت الأستاذة سنية تومية بمداخلة عنونتها بـ”التشديد في عقوبات الحفاظ على الأنفس والأعراض والممتلكات “الحرابة-القتل-الرجم:نماذج إجرائيّة.” توصّلت من خلالها إلى النتائج التالية:
-الحدود تنطوي على رحمة وأمن وعدل لا تشدّد ولا غلظة فيها والمجتمع كله أهم من الفرد والمصلحة الجماعيّة أبقى من المصلحة الفرديّة
-جزء كبير من القوانين الوضعيّة الرادعة في العالم للجرائم هي من صميم الشريعة الإسلاميّة السمحاء,
-الشريعة الإسلامية أردع من القوانين الوضعيّة
-ضرورة تهيئة المجتمع قبل تطبيق الحدود.
اترك رد